مخاوف أوروبية من تزامن موجة «كورونا» الثانية مع ذروة الإنفلونزا

«الموسمية» تصيب سنوياً أكثر من 30 مليون شخص في بلدان الاتحاد

أشخاص ينتظرون دورهم  في الفحص من فيروس «كورونا» في أحد شوارع باريس أمس (رويترز)
أشخاص ينتظرون دورهم في الفحص من فيروس «كورونا» في أحد شوارع باريس أمس (رويترز)
TT

مخاوف أوروبية من تزامن موجة «كورونا» الثانية مع ذروة الإنفلونزا

أشخاص ينتظرون دورهم  في الفحص من فيروس «كورونا» في أحد شوارع باريس أمس (رويترز)
أشخاص ينتظرون دورهم في الفحص من فيروس «كورونا» في أحد شوارع باريس أمس (رويترز)

بعد صدمة تعليق التجارب السريرية في المرحلة الثالثة من تطوير «لقاح أكسفورد»، الذي قالت شركة «استرازينيكا» المنتجة له إنه «أمر مألوف»، وأعربت عن أملها في أن يكون اللقاح جاهزاً قبل نهاية هذه السنة، تزداد المخاوف الأوروبية من تزامن ذروة الموجة الثانية من الوباء مع الموجة الموسمية للإنفلونزا والصعوبات التي يمكن أن تنشأ عن ذلك، بالنسبة للمنظومات الصحية التي تبلغ عادة أعلى مستويات انشغالها خلال هذه الفترة.
وينبّه المركز الأوروبي لمكافحة الأوبئة إلى أن هذه هي المرة الأولى التي تواجه فيها أوروبا انتشاراً متزامناً لفيروسَيْن يضربان الجهاز التنفسي بنسبة عالية من الخطورة، ويذكّر بأن الإنفلونزا تصيب سنويّاً ما يزيد على 30 مليون شخص في بلدان الاتحاد الأوروبي ويذهب ضحيتها أكثر من 350 الفاً.
ويقول بعض الخبراء إن الخشية الأكبر هي مِن تزامن ذروة الموجة الثانية من «كوفيد - 19»، مع ذروة انتشار فيروس الإنفلونزا الذي تبدأ دورة سريانه عادة في النصف الثاني من ديسمبر (كانون الأول)، وتدوم ثمانية أسابيع، ويحذّرون من «الامتحان النهائي الذي ينتظرنا هذا الشتاء بعد فترة التدريب التي نعيشها حالياً».
الأوساط العلمية والصحية عموماً في بلدان الاتحاد الأوروبي ترى أن ليس ثمّة ما يدعو إلى الهلع من هذا الاستحقاق المحتمل، لا سيّما أن الأنظمة الصحية قد ازدادت معرفتها بفيروس «كورونا المستجدّ»، وسبل التخفيف من خطورته، إضافة إلى أنها متمرّسة في معالجة فيروس الإنفلونزا، الذي يُعالَج بلقاحات فاعلة. لكنها تنبّه إلى أن المستشفيات الأوروبية تصل إلى أقصى درجات الازدحام عادة في ذروة موسم الإنفلونزا، ما قد يؤدي إلى تفاقم الوضع وتكرار سيناريو الربيع الماضي إذا كانت أقسام الطوارئ مكتظة بإصابات «كوفيد - 19». لذا، ينصح الخبراء بالحد قدر الإمكان من الحركة والتنقلات في المناطق الأكثر تفشيّاً لفيروس «كورونا»، خلال فترة الذروة لانتشار الإنفلونزا اعتباراً من مطالع يناير (كانون الثاني).
ومن الألغاز التي ما زالت مستعصية على الأوساط العلمية، التفاعل بين «كوفيد - 19» وفيروس الإنفلونزا، والمعلومات الضئيلة المتوفرة عنه حتى الآن تشير إلى إمكانية إصابة الشخص نفسه بالفيروسَين معاَ في آن، كما تبيّن من بعض الحالات في أوروبا مؤخراً، وإن كانت محدودة جداً حتى الآن ربما لأن مرحلة انتشار فيروس الإنفلونزا لم تبدأ بعد. لكن ما يثير قلق الأوساط الطبية هو الإصابات المتعاقبة، حيث إن الفيروسَين يصيبان الجهاز التنفسّي، وبالتالي فإن جهاز المناعة يضعف بعد الإصابة الأولى، وتزداد احتمالات الإصابة بالفيروس الثاني وخطورتها.
ويقول خبراء «منظمة الصحة العالمية» إن أوجه التفاعل والتأثير بين فيروس الإنفلونزا و«كوفيد - 19» ما زالت مجهولة حتى الآن، علماً بأن الاعتقاد السائد في ضوء المعطيات المتوفرة هو لعدم وجود تفاعل بين الاثنين. لكن رغم ذلك تنصح المنظمة الدولية بتحاشي أي من الإصابتين، والتصرّف كشخص مصاب بلا عوارض ظاهرة، أي التقيّد في كل وقت بتدابير الوقاية والنظافة.
ورغم أن التشخيص النهائي لا يتمّ إلا عن طريق الفحص المخبري، الأمر الذي سيشكّل عبئاً غير مسبوق على القدرات التحليلية في المراكز الصحية، فإن المشكلة الأساسية تكمن، كما تبيّن إبّان الموجة الأولى من الوباء، في توفير المواد الكيميائية الكافية لإجراء الفحوصات من جهة، وفي التمييز بين الإصابات بـ«كوفيد - 19» وتلك الناجمة عن الإنفلونزا. ومن المقرر أن يجتمع فريق اللقاحات الأوروبي مطلع الأسبوع المقبل، حيث ينتظر أن يصدر توصية بتوسيع دائرة معايير التلقيح ضد الإنفلونزا هذا العام باعتباره «سلاحاً أساسياً في مكافحة (كوفيد - 19) واحتوائه»، كما يقول باسي بنتينين، رئيس الفريق التابع للمركز الأوروبي لمكافحة الأوبئة. ويضيف أن «بعض الدول تنصح بتلقيح الذين تجاوزوا الخامسة والستين، والبعض الآخر يوصي أيضاً بتلقيح الأطفال الذين، بعكس ما يحصل مع «كوفيد - 19»، هم الناقل الرئيسي لفيروس الإنفلونزا كل عام، وبالتالي فإن تلقيحهم يؤدي إلى مناعة القطيع، ويحول دون عدوى المسنّين والفئات الأكثر تعرّضاً».
ويشدّد خبراء منظمة الصحة على أهميّة الدقّة في التشخيص للتمييز بين إصابات «كوفيد - 19» والإنفلونزا، لا سيما أن العقار الوحيد الذي تبيّنت فاعليته لمعالجة المرضى بفيروس «كورونا المستجد» هو «دكساميتازون»، الذي يحدّ بنسبة الثلث من الوفيّات بين المصابين بحالات خطرة بفضل مواصفاته التي تخفّف من حدّة الالتهابات، وتحول دون ردود الفعل المفرطة لجهاز المناعة عند بعض المصابين.
وتتوقع الأوساط الصحية أن تكون موجة الإنفلونزا ضعيفة هذا الموسم، بعد البيانات الواردة من بلدان النصف الجنوبي للكرة الأرضية التي أوشك فصل الشتاء فيها على نهاياته، وحيث كان انتشار فيروس الإنفلونزا متدنيّاً مقارنة بالسنوات السابقة، خاصة في نيوزيلندا وأستراليا، حيث لم يتجاوز 10 في المائة من الانتشار في العام الماضي. ويعزو الخبراء ذلك إلى فيروس الإنفلونزا، على غرار «كوفيد - 19»، ينتشر عن طريق التواصل القريب، وبالتالي فإن تدابير العزل والوقاية التي فرضتها الدول منذ مطلع هذا العام شكّلت حاجزاً أمام انتشاره، ويتوقعون أن يحصل الشيء نفسه في بلدان النصف الشمالي من الكرة الأرضية، مع حلول موسم الشتاء.


مقالات ذات صلة

متحور جديد لـ«كورونا» في مصر؟... نفي رسمي و«تخوف سوشيالي»

شمال افريقيا «الصحة» المصرية تنفي رصد أمراض فيروسية أو متحورات مستحدثة (أرشيفية - مديرية الصحة والسكان بالقليوبية)

متحور جديد لـ«كورونا» في مصر؟... نفي رسمي و«تخوف سوشيالي»

نفت وزارة الصحة المصرية رصد أي أمراض بكتيرية أو فيروسية أو متحورات مستحدثة مجهولة من فيروس «كورونا».

محمد عجم (القاهرة)
الولايات المتحدة​ أظهر المسح الجديد تراجعاً في عدد الأطفال الصغار المسجلين في الدور التعليمية ما قبل سن الالتحاق بالمدارس في أميركا من جراء إغلاق الكثير من المدارس في ذروة جائحة كورونا (متداولة)

مسح جديد يرصد تأثير جائحة «كورونا» على أسلوب حياة الأميركيين

أظهر مسح أميركي تراجع عدد الأجداد الذين يعيشون مع أحفادهم ويعتنون بهم، وانخفاض عدد الأطفال الصغار الذين يذهبون إلى الدور التعليمية في أميركا.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
شمال افريقيا الزحام من أسباب انتشار العدوى (تصوير: عبد الفتاح فرج)

مصر: تطمينات رسمية بشأن انتشار متحور جديد لـ«كورونا»

نفى الدكتور محمد عوض تاج الدين مستشار الرئيس المصري لشؤون الصحة والوقاية وجود أي دليل على انتشار متحور جديد من فيروس «كورونا» في مصر الآن.

أحمد حسن بلح (القاهرة)
العالم رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)

الاتجار بالبشر يرتفع بشكل حاد عالمياً...وأكثر من ثُلث الضحايا أطفال

ذكر تقرير للأمم المتحدة -نُشر اليوم (الأربعاء)- أن الاتجار بالبشر ارتفع بشكل حاد، بسبب الصراعات والكوارث الناجمة عن المناخ والأزمات العالمية.

«الشرق الأوسط» (فيينا)

«كايسيد»: نستثمر في مستقبل أكثر سلاماً

الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)
الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)
TT

«كايسيد»: نستثمر في مستقبل أكثر سلاماً

الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)
الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)

أكد الدكتور زهير الحارثي، أمين عام مركز الملك عبد الله العالمي للحوار «كايسيد»، أن برامجهم النوعية تستثمر في مستقبل أكثر سلاماً بجمعها شخصيات دينية وثقافية لتعزيز الحوار والتفاهم وسط عالم يعاني من الانقسامات.

واحتفى المركز بتخريج دفعة جديدة من برنامج «الزمالة» من مختلف المجموعات الدولية والعربية والأفريقية في مدينة لشبونة البرتغالية، بحضور جمع من السفراء والممثلين الدبلوماسيين المعتمدين لدى جمهورية البرتغال.

وعدّ الحارثي، البرنامج، «منصة فريدة تجمع قادة من خلفيات دينية وثقافية متنوعة لتعزيز الحوار والتفاهم، وهو ليس مجرد رحلة تدريبية، بل هو استثمار في مستقبل أكثر سلاماً»، مبيناً أن منسوبيه «يمثلون الأمل في عالم يعاني من الانقسامات، ويثبتون أن الحوار يمكن أن يكون الوسيلة الأقوى لتجاوز التحديات، وتعزيز التفاهم بين المجتمعات».

جانب من حفل تخريج دفعة 2024 من برنامج «الزمالة الدولية» في لشبونة (كايسيد)

وجدَّد التزام «كايسيد» بدعم خريجيه لضمان استدامة تأثيرهم الإيجابي، مشيراً إلى أن «البرنامج يُزوّد القادة الشباب من مختلف دول العالم بالمعارف والمهارات التي يحتاجونها لبناء مجتمعات أكثر شموليةً وتسامحاً».

وأضاف الحارثي: «تخريج دفعة 2024 ليس نهاية الرحلة، بل بداية جديدة لخريجين عازمين على إحداث تغيير ملموس في مجتمعاتهم والعالم»، منوهاً بأن «الحوار ليس مجرد وسيلة للتواصل، بل هو أساس لبناء مستقبل أكثر وحدة وسلاماً، وخريجونا هم سفراء التغيير، وسنواصل دعمهم لتحقيق رؤيتهم».

بدورها، قالت ويندي فيليبس، إحدى خريجات البرنامج من كندا، «(كايسيد) لم يمنحني فقط منصة للتعلم، بل فتح أمامي آفاقاً جديدة للعمل من أجل بناء عالم أكثر عدلاً وسلاماً»، مضيفة: «لقد أصبحت مستعدة لمواجهة التحديات بدعم من شبكة متميزة من القادة».

الدكتور زهير الحارثي يتوسط خريجي «برنامج الزمالة الدولية» (كايسيد)

وحظي البرنامج، الذي يُمثل رؤية «كايسيد» لبناء جسور الحوار بين أتباع الأديان والثقافات، وتعزيز التفاهم بين الشعوب؛ إشادة من الحضور الدولي للحفل، الذين أكدوا أن الحوار هو الوسيلة المُثلى لتحقيق مستقبل أفضل للمجتمعات وأكثر شمولية.

يشار إلى أن تدريب خريجي «برنامج الزمالة الدولية» امتد عاماً كاملاً على ثلاث مراحل، شملت سان خوسيه الكوستاريكية، التي ركزت على تعزيز مبادئ الحوار عبر زيارات ميدانية لأماكن دينية متعددة، ثم ساو باولو البرازيلية وبانكوك التايلاندية، إذ تدربوا على «كيفية تصميم برامج حوار مستدامة وتطبيقها»، فيما اختُتمت بلشبونة، إذ طوّروا فيها استراتيجيات لضمان استدامة مشاريعهم وتأثيرها الإيجابي.