«تحالف» أزمة الاقتصاد والشتاء يربك استعدادات أهالي درعا للعام الدراسي

سوق للكتب في درعا جنوب سوريا (الشرق الأوسط)
سوق للكتب في درعا جنوب سوريا (الشرق الأوسط)
TT

«تحالف» أزمة الاقتصاد والشتاء يربك استعدادات أهالي درعا للعام الدراسي

سوق للكتب في درعا جنوب سوريا (الشرق الأوسط)
سوق للكتب في درعا جنوب سوريا (الشرق الأوسط)

مع اقتراب الإعلان عن بداية العام الدراسي الجديد في سوريا، بدأت عائلات في جنوب سوريا تعمل على توفير المستلزمات المدرسية لأولادها، وبدأت الأسواق تعرض المنتجات المدرسية كالقرطاسية والزي المدرسي والحقائب وغيرها، وسط معاناة الكثير في تلبية هذه المستلزمات، نتيجة الارتفاع أسعارها 3 أضعاف سعرها عن العام الماضي، وتدهور الوضع الاقتصادي في البلاد».
وقال أحد سكان درعا لـ«الشرق الأوسط» إن عائلات كثيرة وخاصة الذين لديهم أكثر من ولد واحد في سن الدراسة، ستكون عاجزة عن توفير مستلزمات أبنائها المدرسية، بسبب ارتفاع أسعارها في الأسواق، حيث وصل سعر الزي المدرسي الواحد لأكثر من 20 ألف ليرة سورية، والحقائب وأدوات القرطاسية ارتفعت أسعارها أضعافا عن العام الماضي، والحقائب المدرسية أيضاً أسعارها مرتفعة ويصل سعرها لأكثر من 10 آلاف ليرة، أي أن كل طالب يحتاج إلى 50 ألف ليرة سورية قابلة للزيادة لتوفير مستلزمات المدرسة لكل طالب (الدولار الأميركي يساوي حوالى الفي ليرة)، ما يجعل القيم على الأسرة أمام صعوبات وتحديات في توفير هذه المستلزمات لأبنائه الطلاب وخاصة عند ذوي الدخل المحدود كالموظفين وأصحاب الأعمال الحرة اليومية، ما يدفعها إلى الاقتراض، أو شراء المستلزمات عن طريق التقسيط، أو الاعتماد على اللوازم المدرسية القديمة المتوفرة سابقاً لدى الأولاد كاللباس أو القرطاسية، يعود ذلك لتدهور الأوضاع الاقتصادية بشكل عام وتدني دخل الفرد واليد العاملة، والغلاء الذي انتشر بالأسواق على كافة مجالات الحياة.
وأضاف أن تزامن قدوم العام الدراسي الجديد مع التحضير للمؤن الغذائية الشتوية وتحضير مستلزمات التدفئة للشتاء سواء من الحطب أو مادة الديزل (المازوت)، سيربك كثيراً من العائلات ذات الدخل المحدود ويوقع رب العائلة في أزمات مالية لا تساعده الظروف الاقتصادية على تجاوزها بسهولة.
وقال أحد الموجهين التربويين من محافظة درعا لـ«الشرق الأوسط» ما زال التعليم في درعا والقنيطرة يواجه الكثير من التحديات «كغياب اللوازم اللوجستية الحديثة في المدارس، ونقص المدارس مقارنة مع زيادة عدد السكان في المنطقة وخاصة في الأرياف، مما يولد ضغطاً كبيراً في أعداد الطلاب بالمدرسة الواحدة، ويؤدي إلى زيادة أعداد الطلاب في الصف الواحد أيضاً، كما تعتبر ظاهرة التسرب من المشكلات التي يعاني منها القطاع التعليمي في الجنوب أيضاً، حيث أدت سنوات الحرب السابقة التي مر بها الجنوب السوري إلى تخلف الكثير من الطلاب عن الذهاب إلى مدارسهم بسبب نزوح العائلات المستمر من منطقة إلى أخرى بحثاً عن الأمان، كما ساهم سوء الأوضاع الاقتصادية بتفاقم المشكلة، إذ أن العديد من العائلات لديها أكثر من ولد في سن الدراسة ومنعته الحالة المادية من الدراسة، وانخرط في سوق العمل لتلبية احتياجات العائلة، لا سيما مع الغلاء الكبير في كافة مستلزمات الحياة، أيضاً هناك عائلات فقدت رب أسرتها ومعيلها المادي فأجبر الأولاد على ترك المدرسة للعمل لتوفير احتياجاتهم الحياتية، وأن المشكلة الأن في نقص المراكز التعليمية لاستيعاب الأعداد الكبيرة للطلاب المنقطعين عن مدارسهم سابقاً وأرادوا العودة إلى التعليم، مما سيولد ضغطاً كبيراً في أعداد الطلاب بالمدرسة الواحدة، واكتظاظ الصفوف الدراسية، حيث يتواجد في بعض المدارس ضمن الصف الواحد ما يقارب ٥٠ طالباً.
وشرح من المشكلات التي تواجه التعليم في مناطق جنوب سوريا نقص الكوادر العلمية ذات الخبرة، بسبب فصل عدد كبير من الموظفين الأساتذة وهم المطلوبون إلى الخدمة الإلزامية والاحتياطية، ليحل محلهم معلمون من دون خبرات تدريسية، حيث يتم تعيينهم بنظام الوكالات التي تعتمد على الحاصلين على الشهادة الثانوية أو الخريجين حديثاً من الجامعات.
وأضاف أن الإجراءات التي فرضتها جائحة انتشار فيروس كوفيد-19 من خلال التدابير الوقائية الاحترازية مثل الإبعاد الاجتماعي والعزل الذاتي، وإغلاق المدارس الابتدائية، والثانوية، والجامعات، على نطاق واسع، وضعف الثقافة التعليمية عن بعد (أونلاين) عند الكثير من الكوادر التعليمية والطلاب وحتى العائلات، كان عقبة أمام استمرار العملية التعليمية، وخاصة أمام الطلاب من العائلات المحرومة، أو المحدودة الدخل، أو التي لا تووفر لديها وسائل اتصال إنترنت حديثة، مما أثر سلباً على تعلم الطلاب في السنة الماضية، وسيكون أمام الكادر التدريسي ضغوط إضافية لتعويض نقص الطلاب عما خسروه من معلومات خلال فترة إغلاق المدارس الماضية.
الحكومة السورية ممثلة بوزارة التربية قررت قبل فترة وجيزة تأجيل فتح المدارس في سوريا الذي كان مقرر في 1 من شهر سبتمبر ( أيلول) إلى 15 سبتمبر بناء على تطلعات الفريق الحكومي المختص للتصدي لفايروس كورونا، وسط تصريحات متضاربة بين وزير التربية في سوريا وعميد كلية الطب البشري في جامعة دمشق، حيث قال عميد كلية الطب البشري بجامعة دمشق نبوغ العوا في تصريحات صحفية إنه اقترح تأجيل افتتاح المدارس للمرحلة الابتدائية لمدة 15 يوما إضافية، بينما كان رد وزير التربية بأن عميد كلية الطب البشري لم يغلق المشافي ولا الجامعة المشرف عليها، واعتبر العميد العوا أن كلام الوزير في إغلاق المشافي لا يعادل تأخير فتح المدارس، وليس على قدر الاقتراح، مؤكداً أن الأطفال بعمر بين 4 إلى 12 عاما هم أكثر نقلا لفيروس كورونا المستجد، ولا تظهر عليهم الأعراض بسرعة، ولا قدرة لدى جميع المدارس السورية على «الالتزام بالتعقيم واستخدام الصابون والمياه»، معتبرا أن ذلك من شأنه عدم ضمان الوقاية الصحية الكاملة لطلاب المرحلة الابتدائية.
كما طرحت الحكومة قروضاً بقيمة ٥٠ ألف ليرة سورية، لمساعدة عائلات الموظفين لشراء اللوازم المدرسية كافة من صالات «السوق السورية للتجارة»، مع تعميم من وزارة التربية لمدراء المدارس بعدم إجبار الطالب على الزي المدرسي، لتخفيف على العائلات غير القادرة على شرائه، بحسب تعبيرهم.



تقرير أممي: تدهور الأراضي الزراعية سيفقد اليمن 90 مليار دولار

اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
TT

تقرير أممي: تدهور الأراضي الزراعية سيفقد اليمن 90 مليار دولار

اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)

وضع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي سيناريو متشائماً لتأثير تدهور الأراضي الزراعية في اليمن إذا ما استمر الصراع الحالي، وقال إن البلد سيفقد نحو 90 مليار دولار خلال الـ16 عاماً المقبلة، لكنه وفي حال تحقيق السلام توقع العودة إلى ما كان قبل الحرب خلال مدة لا تزيد على عشرة أعوام.

وفي بيان وزعه مكتب البرنامج الأممي في اليمن، ذكر أن هذا البلد واحد من أكثر البلدان «عُرضة لتغير المناخ على وجه الأرض»، ولديه أعلى معدلات سوء التغذية في العالم بين النساء والأطفال. ولهذا فإنه، وفي حال استمر سيناريو تدهور الأراضي، سيفقد بحلول عام 2040 نحو 90 مليار دولار من الناتج المحلي الإجمالي التراكمي، وسيعاني 2.6 مليون شخص آخر من نقص التغذية.

اليمن من أكثر البلدان عرضة لتغير المناخ على وجه الأرض (إعلام محلي)

وتوقع التقرير الخاص بتأثير تدهور الأراضي الزراعية في اليمن أن تعود البلاد إلى مستويات ما قبل الصراع من التنمية البشرية في غضون عشر سنوات فقط، إذا ما تم إنهاء الصراع، وتحسين الحكم وتنفيذ تدابير التنمية البشرية المستهدفة.

وفي إطار هذا السيناريو، يذكر البرنامج الأممي أنه، بحلول عام 2060 سيتم انتشال 33 مليون شخص من براثن الفقر، ولن يعاني 16 مليون شخص من سوء التغذية، وسيتم إنتاج أكثر من 500 مليار دولار من الناتج الاقتصادي التراكمي الإضافي.

تحذير من الجوع

من خلال هذا التحليل الجديد، يرى البرنامج الأممي أن تغير المناخ، والأراضي، والأمن الغذائي، والسلام كلها مرتبطة. وحذّر من ترك هذه الأمور، وقال إن تدهور الأراضي الزائد بسبب الصراع في اليمن سيؤثر سلباً على الزراعة وسبل العيش، مما يؤدي إلى الجوع الجماعي، وتقويض جهود التعافي.

وقالت زينة علي أحمد، الممثلة المقيمة لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي في اليمن، إنه يجب العمل لاستعادة إمكانات اليمن الزراعية، ومعالجة عجز التنمية البشرية.

تقلبات الطقس تؤثر على الإنسان والنباتات والثروة الحيوانية في اليمن (إعلام محلي)

بدورها، ذكرت منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (فاو) أن النصف الثاني من شهر ديسمبر (كانون الأول) الحالي يُنذر بظروف جافة في اليمن مع هطول أمطار ضئيلة في المناطق الساحلية على طول البحر الأحمر وخليج عدن، كما ستتقلب درجات الحرارة، مع ليالٍ باردة مع احتمالية الصقيع في المرتفعات، في حين ستشهد المناطق المنخفضة والساحلية أياماً أكثر دفئاً وليالي أكثر برودة.

ونبهت المنظمة إلى أن أنماط الطقس هذه قد تؤدي إلى تفاقم ندرة المياه، وتضع ضغوطاً إضافية على المحاصيل والمراعي، وتشكل تحديات لسبل العيش الزراعية، وطالبت الأرصاد الجوية الزراعية بضرورة إصدار التحذيرات في الوقت المناسب للتخفيف من المخاطر المرتبطة بالصقيع.

ووفق نشرة الإنذار المبكر والأرصاد الجوية الزراعية التابعة للمنظمة، فإن استمرار الظروف الجافة قد يؤدي إلى تفاقم ندرة المياه، وزيادة خطر فترات الجفاف المطولة في المناطق التي تعتمد على الزراعة.

ومن المتوقع أيضاً - بحسب النشرة - أن تتلقى المناطق الساحلية والمناطق الداخلية المنخفضة في المناطق الشرقية وجزر سقطرى القليل جداً من الأمطار خلال هذه الفترة.

تقلبات متنوعة

وبشأن تقلبات درجات الحرارة وخطر الصقيع، توقعت النشرة أن يشهد اليمن تقلبات متنوعة في درجات الحرارة بسبب تضاريسه المتنوعة، ففي المناطق المرتفعة، تكون درجات الحرارة أثناء النهار معتدلة، تتراوح بين 18 و24 درجة مئوية، بينما قد تنخفض درجات الحرارة ليلاً بشكل حاد إلى ما بين 0 و6 درجات مئوية.

وتوقعت النشرة الأممية حدوث الصقيع في مناطق معينة، خاصة في جبل النبي شعيب (صنعاء)، ومنطقة الأشمور (عمران)، وعنس، والحدا، ومدينة ذمار (شرق ووسط ذمار)، والمناطق الجبلية في وسط البيضاء. بالإضافة إلى ذلك، من المتوقع حدوث صقيع صحراوي في المناطق الصحراوية الوسطى، بما في ذلك محافظات الجوف وحضرموت وشبوة.

بالسلام يمكن لليمن أن يعود إلى ما كان عليه قبل الحرب (إعلام محلي)

ونبهت النشرة إلى أن هذه الظروف قد تؤثر على صحة الإنسان والنباتات والثروة الحيوانية، وسبل العيش المحلية في المرتفعات، وتوقعت أن تؤدي الظروف الجافة المستمرة في البلاد إلى استنزاف رطوبة التربة بشكل أكبر، مما يزيد من إجهاد الغطاء النباتي، ويقلل من توفر الأعلاف، خاصة في المناطق القاحلة وشبه القاحلة.

وذكرت أن إنتاجية محاصيل الحبوب أيضاً ستعاني في المناطق التي تعتمد على الرطوبة المتبقية من انخفاض الغلة بسبب قلة هطول الأمطار، وانخفاض درجات الحرارة، بالإضافة إلى ذلك، تتطلب المناطق الزراعية البيئية الساحلية التي تزرع محاصيل، مثل الطماطم والبصل، الري المنتظم بسبب معدلات التبخر العالية، وهطول الأمطار المحدودة.

وفيما يخص الثروة الحيوانية، حذّرت النشرة من تأثيرات سلبية لليالي الباردة في المرتفعات، ومحدودية المراعي في المناطق القاحلة، على صحة الثروة الحيوانية وإنتاجيتها، مما يستلزم التغذية التكميلية والتدخلات الصحية.