رفض عربي لتدخلات تركيا وإيران... ولا توافق حول مشروع القرار الفلسطيني

السفير حسام زكي (الشرق الأوسط)
السفير حسام زكي (الشرق الأوسط)
TT

رفض عربي لتدخلات تركيا وإيران... ولا توافق حول مشروع القرار الفلسطيني

السفير حسام زكي (الشرق الأوسط)
السفير حسام زكي (الشرق الأوسط)

اختتم مجلس الجامعة العربية دورته العادية الـ154 على مستوى وزراء الخارجية برئاسة فلسطين؛ حيث تم الاتفاق على رفض تدخلات تركيا وإيران في الشؤون العربية، بينما لم يتم التوافق بشأن مشروع قرار بشأن التطبيع بين الإمارات وإسرائيل الذي دعا الفلسطينيون إلى رفضه.
جاء ذلك في مؤتمر صحافي عقده السفير حسام زكي، الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية بمقر الجامعة، عقب اختتام الاجتماع. وتحفظت قطر وليبيا على البند الخاص بالتدخل التركي، كما نأت لبنان بنفسها إزاء تدخل إيران، وفق ما ذكرته وكالة الأنباء الألمانية.
وقال زكي: «إن الاجتماع شهد حواراً جاداً وشاملاً أخذ بعض الوقت، ولكن لم يؤدِّ إلى توافق حول مشروع القرار الذي كان مطروحاً من الجانب الفلسطيني».
وطالب وزير الخارجية الفلسطيني رياض المالكي، رئيس الدورة الحالية لمجلس الجامعة على المستوى الوزاري، نظراءه العرب بـ«موقف رافض لهذا الخطوة، وإلا سيعتبر اجتماعنا هذا مباركة للخطوة أو تواطؤاً معها، أو غطاء لها، وهذا ما لن تقبله دولة فلسطين».
وأوضخ زكي أنه «حدثت تعديلات من الجانب الفلسطيني على المشروع المقدم من جانبه، ثم تعديلات مقابلة (...) الجانب الفلسطيني فضَّل ألا يخرج مشروع القرار دون تضمين المفاهيم التي كان يتحدث عنها».
وأكد على أن «بقية القرارات الخاصة بفلسطين لم يحدث بها أي تغيير في المفاهيم الأساسية الثابتة (...) مثل رفض ما تسمى (خطة السلام الأميركية) ورفض الاعتراف بنقل السفارة الأميركية للقدس، وحقوق اللاجئين الفلسطينيين».
من جانبه، أكد وزير الخارجية المصري سامح شكري أن مصر «لن تقف مكتوفة الأيدي في مواجهة أطماع تركية تتبدى في شمال العراق وسوريا وليبيا بشكل خاص»، مشيراً إلى أن مصر اتخذت موقفاً حينما أعلنت خط سرت الجفرة خطاً أحمر لن تقبل أن تتجاوزه القوات المتصارعة أياً كانت هويتها.
وأضاف شكري: «وفي سوريا، ما زالت التدخلات الخارجية تلعب دوراً هداماً، بهدف الإضرار بالأمن القومي العربي. فالتدخلات التركية السافرة التي يمكن وصفها بحالة الاحتلال مستمرة في سوريا. ونؤكد هنا مجدداً أنه لا بديل لاستئناف العملية السياسية بها، وصولاً للتسوية السلمية الشاملة، تنفيذاً لقرارات مجلس الأمن ذات الصلة».
وتابع: «تعيد مصر التأكيد على ارتباط أمن الخليج وأمن البحر الأحمر ارتباطاً مباشراً بالأمن القومي المصري، وعلى إدانتها الشديدة لكافة الهجمات التي تتعرض لها المملكة العربية السعودية الشقيقة وتضامنها معها، وكذلك على ضرورة تنفيذ كافة قرارات مجلس الأمن ذات الصلة، وعلى رأسها قرار مجلس الأمن رقم 2216».
كما أكد شكري أن القضية الفلسطينية لا تزال هي قضية العرب المركزية، رغم أنها ما زالت بعيدة عن التسوية المنشودة. وقال: «حتى ينال الشعب الفلسطيني الشقيق كامل حقوقه المشروعة ويتجاوز رواسب الماضي، فلا بد من إنجاز حل مستدام وعادل للقضية الفلسطينية، وفق قرارات مجلس الأمن ذات الصلة، ومبدأ حل الدولتين، ومبادرة السلام العربية. ولكي يتسنى تحقيق ذلك فلا بد من توفر الإرادة السياسية عند مختلف الفاعلين والأطراف».
وشدد على ضرورة التوقف تماماً عن أي خطوات أحادية من شأنها تقويض فرص إقامة دولة فلسطينية كاملة السيادة، على حدود الرابع من يونيو (حزيران) 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، بما فيها أي مساعٍ لضم أراضٍ فلسطينية، هي وفقاً للقانون الدولي حق يتعين أن يسترده الفلسطينيون ليقيموا عليها دولتهم المستقلة. وأشار إلى أن إعلان تعليق الضم يعد خطوة مؤقتة يتعين تثبيتها للحيلولة دون طرح هذه المسألة مرة أخرى، لافتاً إلى أن إلغاء الضم نهائياً من شأنه الحفاظ على مناخ يحتاج الجميع إليه للمضي قدماً في محاولة استشراف أفق للحل.
وأكد وزير خارجية سلطنة عمان، رئيس الدورة السابقة للقمة العربية، بدر البوسعيدي، خلال الفعاليات، تمسك بلاده بمبادرة السلام العربية، كإطار مرجعي لتحقيق السلام المنشود، وفق قرارات الشرعية الدولية، ومجلس الأمن، ذات الصلة.
وأضاف أنه يمكن تحقيق سلام شامل وعادل ودائم بين الدول العربية وإسرائيل، وفق حل الدولتين المبني على مبدأ الأرض مقابل السلام، وإنهاء الاحتلال الإسرائيلي لدولة فلسطين.
وشدد على أن سلطنة عمان تواصل دعمها الثابت للتطلعات المشروعة للشعب الفلسطيني، وحقه في تقرير المصير وإقامة دولته الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية. وأضاف: «عانت منطقة الشرق الأوسط من عدم الاستقرار، والصراع، وأريقت جراء ذلك دماء كثيرة، وأهدرت موارد ضخمة، وضاعت فرص عديدة جداً، ما يتطلب حواراً بيننا لإيجاد حل للقضايا التي تؤرقنا. ونحن مدينون بهذا للشعوب العربية والأجيال المقبلة».
وبشأن السودان، أكد المجلس على التضامن الكامل مع حكومة وشعب السودان الشقيق، بهدف مواجهة تداعيات كارثة الفيضانات التي اجتاحت عدداً من الولايات السودانية، وتسببت في خسائر مادية وبشرية كبيرة، مشدداً على ضرورة توفير الإغاثات العاجلة.
وأكد مجلس جامعة الدول العربية على المستوى الوزاري، التضامن الكامل مع الجمهورية اللبنانية في مواجهة كارثة تفجير مرفأ بيروت، مشدداً على مواصلة دعم لبنان ومساعدته على مواجهة تداعيات هذه الكارثة، والدعوة إلى ضرورة كشف ملابسات هذا التفجير ومحاسبة المسؤولين عنه.


مقالات ذات صلة

هل يشغل الشرع مقعد سوريا في الجامعة العربية؟

تحليل إخباري مقرّ جامعة الدول العربية في القاهرة (الشرق الأوسط) play-circle 02:28

هل يشغل الشرع مقعد سوريا في الجامعة العربية؟

تزامناً مع الاستعداد لزيارة وفد من جامعة الدول العربية إلى دمشق، أثيرت تساؤلات بشأن ما إذا كان قائد الإدارة السورية الجديدة أحمد الشرع سيشغل مقعد بلاده بالجامعة

فتحية الدخاخني (القاهرة)
خاص مقر جامعة الدول العربية في القاهرة (الشرق الأوسط)

خاص الجامعة العربية لـ«زيارة استكشافية» لسوريا الجديدة

وسط تحركات دبلوماسية متواصلة و«انفتاح» عربي على سوريا الجديدة، تتجه جامعة الدول العربية نحو إيفاد مبعوث خاص إلى دمشق بهدف «استكشاف الأوضاع وعقد لقاءات».

فتحية الدخاخني (القاهرة)
الخليج شعار الدورة الأولى لمجلس وزراء الأمن السيبراني العرب (واس)

«مجلس وزراء الأمن السيبراني العرب» يعقد اجتماعه الأول في الرياض... الاثنين

تستضيف السعودية، ممثلة بالهيئة الوطنية للأمن السيبراني، الاثنين، الاجتماع الأول لمجلس وزراء الأمن السيبراني العرب، بحضور المسؤولين المعنيين بمجال الأمن…

«الشرق الأوسط» (الرياض)
المشرق العربي الجامعة العربية تُحذر من تدهور سريع للوضع الإنساني في قطاع غزة (أرشيفية - أ.ف.ب)

الجامعة العربية تُحذر من تفاقم «المجاعة المروعة» في غزة

حذرت جامعة الدول العربية، الأحد، من تفاقم «المجاعة المروعة» و«الكارثة الإنسانية» في قطاع غزة، جراء العدوان الإسرائيلي.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
المشرق العربي إردوغان متحدثاً عن التطورات في سوريا في إسطنبول الجمعة (إعلام تركي)

إردوغان: دمشق هدف فصائل المعارضة ونأمل استكمال مسيرتها دون مشكلات

قال الرئيس التركي رجب طيب إردوغان إن إدلب وحماة وحمص أصبحت بيد فصائل المعارضة السورية، وإن هدف المعارضة بالطبع هو دمشق.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)

الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)

كثّفت الجماعة الحوثية استهدافها مدرسي الجامعات والأكاديميين المقيمين في مناطق سيطرتها بحملات جديدة، وألزمتهم بحضور دورات تعبوية وزيارات أضرحة القتلى من قادتها، والمشاركة في وقفات تنظمها ضد الغرب وإسرائيل، بالتزامن مع الكشف عن انتهاكات خطيرة طالتهم خلال فترة الانقلاب والحرب، ومساعٍ حثيثة لكثير منهم إلى الهجرة.

وذكرت مصادر أكاديمية في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن مدرسي الجامعات العامة والخاصة والموظفين في تلك الجامعات يخضعون خلال الأسابيع الماضية لممارسات متنوعة؛ يُجبرون خلالها على المشاركة في أنشطة خاصة بالجماعة على حساب مهامهم الأكاديمية والتدريس، وتحت مبرر مواجهة ما تسميه «العدوان الغربي والإسرائيلي»، ومناصرة فلسطينيي غزة.

وتُلوّح الجماعة بمعاقبة مَن يتهرّب أو يتخلّف من الأكاديميين في الجامعات العمومية، عن المشاركة في تلك الفعاليات بالفصل من وظائفهم، وإيقاف مستحقاتهم المالية، في حين يتم تهديد الجامعات الخاصة بإجراءات عقابية مختلفة، منها الغرامات والإغلاق، في حال عدم مشاركة مدرسيها وموظفيها في تلك الفعاليات.

أكاديميون في جامعة صنعاء يشاركون في تدريبات عسكرية أخضعهم لها الحوثيون (إعلام حوثي)

وتأتي هذه الإجراءات متزامنة مع إجراءات شبيهة يتعرّض لها الطلاب الذين يجبرون على حضور دورات تدريبية قتالية، والمشاركة في عروض عسكرية ضمن مساعي الجماعة لاستغلال الحرب الإسرائيلية على غزة لتجنيد مقاتلين تابعين لها.

انتهاكات مروّعة

وكان تقرير حقوقي قد كشف عن «انتهاكات خطيرة» طالت عشرات الأكاديميين والمعلمين اليمنيين خلال الأعوام العشرة الماضية.

وأوضح التقرير الذي أصدرته «بوابة التقاضي الاستراتيجي»، التابعة للمجلس العربي، بالتعاون مع الهيئة الوطنية للأسرى والمختطفين، قبل أسبوع تقريباً، وغطّي الفترة من مايو (أيار) 2015، وحتى أغسطس (آب) الماضي، أن 1304 وقائع انتهاك طالت الأكاديميين والمعلمين في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية التي اتهمها باختطافهم وتعقبهم، ضمن ما سمّاها بـ«سياسة تستهدف القضاء على الفئات المؤثرة في المجتمع اليمني وتعطيل العملية التعليمية».

أنشطة الجماعة الحوثية في الجامعات طغت على الأنشطة الأكاديمية والعلمية (إكس)

ووثّق التقرير حالتي وفاة تحت التعذيب في سجون الجماعة، وأكثر من 20 حالة إخفاء قسري، منوهاً بأن من بين المستهدفين وزراء ومستشارين حكوميين ونقابيين ورؤساء جامعات، ومرجعيات علمية وثقافية ذات تأثير كبير في المجتمع اليمني.

وتضمن التقرير تحليلاً قانونياً لمجموعة من الوثائق، بما في ذلك تفاصيل جلسات التحقيق ووقائع التعذيب.

ووفق تصنيف التقرير للانتهاكات، فإن الجماعة الحوثية نفّذت 1046 حالة اختطاف بحق مؤثرين، وعرضت 124 منهم للتعذيب، وأخضعت اثنين من الأكاديميين و26 من المعلمين لمحاكمات سياسية.

وتشمل الانتهاكات التي رصدها التقرير، الاعتقال التعسفي والإخفاء القسري والتعذيب الجسدي والنفسي والمحاكمات الصورية وأحكام الإعدام.

عشرات الأكاديميين لجأوا إلى طلب الهجرة بسبب سياسات الإقصاء الحوثية وقطع الرواتب (إكس)

وسبق أن كشف تقرير تحليلي لأوضاع الأكاديميين اليمنيين عن زيادة في طلبات العلماء والباحثين الجامعيين للهجرة خارج البلاد، بعد تدهور الظروف المعيشية، واستمرار توقف رواتبهم، والانتهاكات التي تطال الحرية الأكاديمية.

وطبقاً للتقرير الصادر عن معهد التعليم الدولي، ارتفعت أعداد الطلبات المقدمة من باحثين وأكاديميين يمنيين لصندوق إنقاذ العلماء، في حين تجري محاولات لاستكشاف الطرق التي يمكن لقطاع التعليم الدولي من خلالها مساعدة وتغيير حياة من تبقى منهم في البلاد إلى الأفضل.

إقبال على الهجرة

يؤكد المعهد الدولي أن اليمن كان مصدر غالبية الطلبات التي تلقّاها صندوق إنقاذ العلماء في السنوات الخمس الماضية، وتم دعم أكثر من ثلثي العلماء اليمنيين داخل المنطقة العربية وفي الدول المجاورة، بمنحة قدرها 25 ألف دولار لتسهيل وظائف مؤقتة.

قادة حوثيون يتجولون في جامعة صنعاء (إعلام حوثي)

لكن تحديات التنقل المتعلقة بالتأشيرات وتكلفة المعيشة والاختلافات اللغوية الأكاديمية والثقافية تحد من منح الفرص للأكاديميين اليمنيين في أميركا الشمالية وأوروبا، مقابل توفر هذه الفرص في مصر والأردن وشمال العراق، وهو ما يفضله كثير منهم؛ لأن ذلك يسمح لهم بالبقاء قريباً من عائلاتهم وأقاربهم.

وخلص التقرير إلى أن العمل الأكاديمي والبحثي داخل البلاد «يواجه عراقيل سياسية وتقييداً للحريات ونقصاً في الوصول إلى الإنترنت، ما يجعلهم يعيشون فيما يُشبه العزلة».

وأبدى أكاديمي في جامعة صنعاء رغبته في البحث عن منافذ أخرى قائمة ومستمرة، خصوصاً مع انقطاع الرواتب وضآلة ما يتلقاه الأستاذ الجامعي من مبالغ، منها أجور ساعات تدريس محاضرات لا تفي بالاحتياجات الأساسية، فضلاً عن ارتفاع الإيجارات.

إجبار الأكاديميين اليمنيين على المشاركة في الأنشطة الحوثية تسبب في تراجع العملية التعليمية (إكس)

وقال الأكاديمي الذي طلب من «الشرق الأوسط» التحفظ على بياناته خوفاً على سلامته، إن الهجرة ليست غاية بقدر ما هي بحث عن وظيفة أكاديمية بديلة للوضع المأساوي المعاش.

ويقدر الأكاديمي أن تأثير هذه الأوضاع أدّى إلى تدهور العملية التعليمية في الجامعات اليمنية بنسبة تتجاوز نصف الأداء في بعض الأقسام العلمية، وثلثه في أقسام أخرى، ما أتاح المجال لإحلال كوادر غير مؤهلة تأهيلاً عالياً، وتتبع الجماعة الحوثية التي لم تتوقف مساعيها الحثيثة للهيمنة على الجامعات ومصادرة قرارها، وصياغة محتوى مناهجها وفقاً لرؤية أحادية، خصوصاً في العلوم الاجتماعية والإنسانية.

وفي حين فقدت جامعة صنعاء -على سبيل المثال- دورها التنويري في المجتمع، ومكانتها بصفتها مؤسسة تعليمية، تُشجع على النقد والتفكير العقلاني، تحسّر الأكاديمي اليمني لغياب مساعي المنظمات الدولية في تبني حلول لأعضاء هيئة التدريس، سواء في استيعابهم في مجالات أو مشروعات علمية، متمنياً ألا يكون تخصيص المساعدات لمواجهة المتطلبات الحياتية للأكاديميين غير مشروط أو مجاني، وبما لا يمس كرامتهم.