100 ماموث وحيوانات من حقبة ما قبل التاريخ تحت مطار قيد الإنشاء في المكسيك

بعض عظام الماموث المكتشفة في موقع المطار الجديد بالمكسيك (أ.ف.ب)
بعض عظام الماموث المكتشفة في موقع المطار الجديد بالمكسيك (أ.ف.ب)
TT

100 ماموث وحيوانات من حقبة ما قبل التاريخ تحت مطار قيد الإنشاء في المكسيك

بعض عظام الماموث المكتشفة في موقع المطار الجديد بالمكسيك (أ.ف.ب)
بعض عظام الماموث المكتشفة في موقع المطار الجديد بالمكسيك (أ.ف.ب)

يبدو أن حفر الدعائم الأساسية لإنشاء مطار في المكسيك قد يُخفي مفاجآت أحياناً، كان آخرها اكتشاف عظام لنحو مائة ماموث وأنواع أخرى من الحيوانات من حقبة ما قبل التاريخ في موقع مطار العاصمة الجديد.
ويعود تاريخ هذه الحيوانات إلى حقبة غابرة، يتراوح بين عشرة آلاف وخمسة وعشرين ألف سنة. وهي تقبع في أرض اختارتها السلطات المكسيكية لتقيم فيها المطار الجديد المنتظر في العاصمة الفيدرالية مكسيكو.

وحصلت الاكتشافات الأولى في أكتوبر (تشرين الأول) 2019، عند قاعدة تابعة لسلاح الجو المكسيكي في زومبانغو في ضاحية مكسيكو، حيث موقع المطار الدولي المستقبلي.
وعُثر على اثنين من هذه النماذج في مخزن الوقود المستقبلي، على ما يوضح خيسوس كانتورال، رئيس فريق إنقاذ الآثار والحفريات في الموقع، لوكالة الصحافة الفرنسية.
وهو يشير إلى أن أحد هذه الحيوانات لا يزال محفوظاً بحالته الأصلية ولا ينقصه سوى ناب.
وينشط اثنا عشر عاملاً واختصاصياً لنبش عظام أحد حيواني الماموث مع الحرص على عدم انهيار كومة التراب التي وُجدت فيها بقايا حيوان الماموث الآخر.

وأدى هذا الاكتشاف غير المتوقع إلى إبطاء أعمال إنشاء المطار، وهو من المشاريع الأساسية التي يرعاها الرئيس أندريس مانويل لوبيز أوبرادور، الذي تعهد سابقاً بتدشينه في مارس (آذار) 2022.
مع ذلك، تواصل عشرات الشاحنات والحفارات أعمالها في تربة الموقع الذي ينشط فيه آلاف العمال متجاهلين العظام المنتشرة في المكان.
غير أن السلطات تؤكد في المقابل أنها تراقب بدقة المكان للتأكد من الحفاظ على البقايا المكتشفة.
ويقول كانتورال: «نبقي على مراقبة دائمة، وقد سجلنا حتى الساعة 194 نقطة اكتشاف... عثرنا على أكثر من مائة حيوان من الماموث والجمال والخيول والبيسون والسمك والطيور والظباء».
ويعزو باحثون العدد الكبير من بقايا الحيوانات من حقبة ما قبل التاريخ في الموقع إلى الوجود القديم في المنطقة لبحيرة خالتوكان الغنية بالمياه والطعام المخصص للحيوانات.

ويوضح عالم الآثار أراسيلي يانييز، المسؤول عن المنطقة التي عُثر فيها على حيواني الماموث: «هنا، كان ثمة الكثير من الموارد الطبيعية التي تكفي لأجيال عدة».
ويشير الاختصاصي إلى أن الأرضية أصبحت موحلة في الشتاء، ما أدى إلى تعثر عشرات الحيوانات الضخمة من بينها الماموث ونفوقها جوعاً، ما أتاح العثور على بعض النماذج التي لا تزال محفوظة بالكامل تقريباً.
وفي بلدية تولتيبيك المجاورة، ثمة متحف صغير مخصص لبقايا الماموث المكتشفة. وقد نُبشت في نوفمبر (تشرين الثاني) الفائت بقايا 14 حيواناً آخر من هذه الفصيلة من حقبة ما قبل التاريخ.
وبدأت الحكومة إنشاء المطار الجديد على قاعدة سانتا لوسيا العسكرية سنة 2019 بعدما ألغت مشروعاً قيد الإنشاء في منطقة تيكسوكو، كان قد أطلقه الرئيس إنريكي بينيا نييتو (2012 - 2018)، بسبب شبهات فساد وهدر.
وأوكلت إدارة لوبيز أوبرادور إلى الجيش المكسيكي المشروع الجديد.
ويوضح خيسوس كانتورال: «إلى هذه الأعمال سيضاف إنشاء متحف آخر مخصص لبقايا الماموث وحيوانات أخرى عُثر عليها في المنطقة».



الحناء تراث عربي مشترك بقوائم «اليونيسكو» 

الحنة ترمز إلى دورة حياة الفرد منذ ولادته وحتى وفاته (الفنان العماني سالم سلطان عامر الحجري)
الحنة ترمز إلى دورة حياة الفرد منذ ولادته وحتى وفاته (الفنان العماني سالم سلطان عامر الحجري)
TT

الحناء تراث عربي مشترك بقوائم «اليونيسكو» 

الحنة ترمز إلى دورة حياة الفرد منذ ولادته وحتى وفاته (الفنان العماني سالم سلطان عامر الحجري)
الحنة ترمز إلى دورة حياة الفرد منذ ولادته وحتى وفاته (الفنان العماني سالم سلطان عامر الحجري)

في إنجاز عربي جديد يطمح إلى صون التراث وحفظ الهوية، أعلنت منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونيسكو)، الأربعاء، عن تسجيل عنصر «الحناء: الطقوس، الممارسات الجمالية والاجتماعية» ضمن قوائم التراث الثقافي غير المادي لـ«اليونيسكو» على أنه تراث مشترك بين 16 دول عربية.

ويأتي الملف التراثي نتيجة تعاون مشترك بين وزارتي الثقافة والخارجية المصريتين وسائر الدول العربية التي تعد الحناء من العناصر الثقافية الشعبية المرتبطة بمظاهر الفرح فيها، كما تمثل تقليداً رئيساً لمظاهر احتفالية في هذه المجتمعات وهي: السودان، مصر، المملكة العربية السعودية، الإمارات العربية المتحدة، العراق، الأردن، الكويت، فلسطين، تونس، الجزائر، البحرين، المغرب، موريتانيا، سلطنة عمان، اليمن، وقطر.

وتعقد اللجنة الحكومية الدولية لصون التراث الثقافي غير المادي اجتماعاً يستمر منذ الاثنين الماضي وحتى الخميس 5 ديسمبر (كانون الأول) الجاري، في أسونسيون عاصمة باراغواي، للبت في إدراج 66 عنصراً جديداً رُشحَت على أنها تقاليد مجتمعية، وفق «اليونيسكو».

وذكّرت المنظمة بأن الحنّة (أو الحناء): «نبتة يتم تجفيف أوراقها وطحنها ثم تحويلها إلى عجينة تُستخدم في دق الوشوم وتحديداً تلك التي تتلقاها المدعوات في حفلات الزفاف، وتُستعمل أيضاً لصبغ الشعر أو جلب الحظ للأطفال».

الحنة تراث ينتقل بين الأجيال (الفنان العماني سالم سلطان عامر الحجري)

وعللت «اليونيسكو» إدراج الحنّة في قائمة التراث الثقافي غير المادي بأنها «ترمز إلى دورة حياة الفرد، منذ ولادته وحتى وفاته، وهي حاضرة خلال المراحل الرئيسة من حياته، وترافق طقوس استخدام الحنّة أشكال تعبير شفهية مثل الأغنيات والحكايات».

من جهته أعرب الدكتور أحمد فؤاد هنو، وزير الثقافة المصري، عن اعتزازه بهذا الإنجاز، مشيراً إلى أن تسجيل الحناء يُعد العنصر التاسع الذي تضيفه مصر إلى قوائم التراث الثقافي غير المادي منذ توقيعها على اتفاقية 2003، بحسب بيان للوزارة.

وأكدت الدكتورة نهلة إمام رئيسة الوفد المصري أن الحناء ليست مجرد عنصر جمالي، بل تمثل طقساً اجتماعياً عريقاً في المجتمعات العربية؛ حيث تُستخدم في الحياة اليومية والمناسبات المختلفة، كما أشارت إلى «ارتباط استخدام الحناء بتقاليد شفهية، مثل الأهازيج والأمثال الشعبية، وممارسات اجتماعية تشمل زراعتها واستخدامها في الحرف اليدوية والعلاجية».

وسلط الملف الذي قُدم لـ«اليونيسكو» بهدف توثيقها الضوء على أهمية الحناء بأنها عنصر ثقافي يعكس الروح التقليدية في المجتمعات المشاركة، وكونها رمزاً للفرح والتقاليد المرتبطة بالمناسبات الاحتفالية وفق الدكتور مصطفى جاد، خبير التراث الثقافي اللامادي بـ«اليونيسكو»، الذي قال لـ«الشرق الأوسط»: «تمثل الحناء واحدة من أهم عناصر تراثنا الشعبي، فهي مرتبطة بمعظم مفردات التراث الشعبي المصري والعربي الأخرى؛ وهي وثيقة الارتباط بالنواحي الجمالية والتزيينية، وأغاني الحناء، فضلاً عن الأمثال والمعتقدات الشعبية، والاستخدامات والممارسات الخاصة بالمعتقدات الشعبية، وتستخدم الحناء في الكثير من طقوسنا اليومية، المتعلقة بالمناسبات السعيدة مثل الزواج والأعياد بشكل عام».

الحنة تراث عربي مشترك (بكسيلز)

وأكد جاد أن التعاون العربي تجاه توثيق العناصر التراثية يعزز من إدراج هذه العناصر على قوائم «اليونيسكو» للتراث اللامادي؛ مشيراً إلى أنها ليست المرة الأولى ولن تكون الأخيرة، وقال: «تثمن (اليونيسكو) عناصر التراث الشعبي المشتركة بين الدول، وقد سبق تسجيل عناصر النخلة، والخط العربي، والنقش على المعادن المشتركة بين مصر وعدة دول عربية؛ مما يؤكد الهوية العربية المشتركة».

وأضاف: «نحن في انتظار إعلان إدراج عنصر آخر مشترك بين مصر والسعودية على القوائم التمثيلية للتراث الثقافي غير المادي بـ(اليونيسكو) اليوم أو غداً، وهو آلة السمسمية الشعبية المعروفة».

وكانت بداية الحناء في مصر القديمة ومنها انتشرت في مختلف الثقافات، خصوصاً في الهند ودول الشرق الأوسط، حتى صارت ليلة الحناء بمثابة حفل «توديع العزوبية» في هذه الثقافات، وفق عالم المصريات الدكتور حسين عبد البصير، مؤكداً لـ«الشرق الأوسط» أن «الأدلة الأثرية والتحاليل العلمية وثقت دور الحنة باعتبارها مادة أساسية ذات أهمية كبيرة في الحياة اليومية للمصريين القدماء»، وتابع: «بخلاف استخدامها في الأغراض التجميلية مثل صبغ الشعر، فقد تمت الاستعانة بها في الطقوس الجنائزية؛ إذ يعتقد استخدامها في التحنيط، كما كانت جزءاً من الممارسات الروحية لتحضير المومياوات للحياة الآخرة، فضلاً عن صبغ الأقمشة والجلود».

ارتبطت الحناء بالمناسبات والأعياد (بكسيلز)

الفنان العُماني سالم سلطان عامر الحجري واحد من المصورين العرب الذين وثقوا بعدستهم استخدام الحنة في الحياة اليومية، وسجّل حرص الجدات على توريثها للأجيال الجديدة من الفتيات الصغيرات، يقول الحجري لـ«الشرق الأوسط»: «الحنة في سلطنة عمان هي رمز للفرحة، ومن أهم استخداماتها تزيين النساء والأطفال بها في عيد الفطر، حيث عرفت النساء العربيات منذ القدم دق ورق الحناء وغربلته ونخله بقطعة من القماش وتجهيزه، مع إضافة اللومي اليابس (الليمون الجاف)، لمنحها خضاب اللون الأحمر القاتم، وذلك قبل العيد بعدة أيام، ثم يقمن بعجن الحناء المضاف له اللومي الجاف بالماء، ويتركنه لفترة من الوقت، وقبل النوم يستخدمن الحناء لتخضيب اليدين والرجلين للنساء والفتيات».