المفتي دريان يدعو إلى منع السلاح المتفلت بعد اشتباكات «الطريق الجديدة»

المفتي دريان خلال استقباله الوزير فهمي أمس (الوكالة الوطنية)
المفتي دريان خلال استقباله الوزير فهمي أمس (الوكالة الوطنية)
TT

المفتي دريان يدعو إلى منع السلاح المتفلت بعد اشتباكات «الطريق الجديدة»

المفتي دريان خلال استقباله الوزير فهمي أمس (الوكالة الوطنية)
المفتي دريان خلال استقباله الوزير فهمي أمس (الوكالة الوطنية)

أكد مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ عبد اللطيف دريان، أمس، أن «الوطن لا يمكن أن يبقى بالتفلت الأمني والسلاح المتفلت المنتشر في المناطق كافة»، وذلك بعد ساعات على اندلاع اشتباكات في منطقة «الطريق الجديدة»، أسفرت عن مقتل شخص وإصابة اثنين بجروح.
وأفاد الجيش اللبناني، أمس، بوقوع إشكال مسلح بمنطقة «الطريق الجديدة» في بيروت بين مجموعة من الشبان، استخدمت خلاله أسلحة رشاشة وقذائف «آر بي جي»، ما أدى إلى سقوط قتيل وجريحين نقلا إلى المستشفى.
وقالت قيادة الجيش في بيان صادر عن مديرية التوجيه، إنه «على الفور اتخذت وحدات الجيش إجراءات وتدابير أمنية لضبط الوضع وتوقيف المتسببين بالإشكال ومطلقي النار».
وأطلع وزير الداخلية والبلديات في حكومة تصريف الأعمال العميد محمد فهمي، المفتي دريان على الأوضاع الأمنية، خصوصاً ما حصل أمس في «الطريق الجديدة» من اشتباكات فردية.
وأكد الوزير فهمي بعد اللقاء في دار الفتوى، أن «ظاهرة الشغب المسلَّح التي تحصل بين الحين والآخر في بعض المناطق اللبنانية؛ ومنها ما جرى في (الطريق الجديدة) هو أمر مرفوض، وتقوم القوى الأمنية بمعالجته فوراً ضمن الإمكانات المتاحة لها، وتعمل على حفظ أمن وسلامة الناس وردع كل من تسول له نفسه القيام بأعمال مخلة بالأمن».
وشدد الوزير فهمي على أن «الناس ضاقت ذرعاً بوقوع الضحايا والجرحى من المدنيين الأبرياء في الأحياء الداخلية لبيروت وخارجها ثمناً لخصومة الأفراد الذين يستترون خلف السلاح»، مؤكداً أن «الجيش اللبناني وقوى الأمن الداخلي يقومان بواجبهما للحد من هذه الممارسات وتوقيف مسببيها لبسط الأمن في الداخل اللبناني ومنع أي شكل من أشكال العنف الذي يؤدي إلى خراب وقتل وزعزعة الأمن والاستقرار».
من جهته؛ أبدى المفتي دريان أسفه لما حصل من «اقتتال الإخوة في (الطريق الجديدة)»، داعياً المواطنين إلى «الوعي والحكمة وعدم الانجرار وراء الفتن، وأي خلاف لا يحل بالسلاح؛ بل بالحوار والكلمة الطيبة التي تهدئ النفوس وتريح القلوب وتوصل إلى بر الأمان».
وقال: «كفانا اقتتالاً بين بعضنا البعض، بل وحدة وترسيخ وتعاون وتعاضد وتضامن، لأن الوطن لا يمكن أن يبقى بالتفلت الأمني والسلاح المتفلت المنتشر في المناطق كافة، وكلنا أمل أن يعود أبناؤنا إلى رشدهم ويعودوا إلى شيمهم وقيمهم ومبادئهم التي تجمع ولا تفرق وتوحد ولا تشتت».
وأثارت الاشتباكات ردود فعل سياسية، وعلق رئيس الحكومة الأسبق سعد الحريري قائلاً إن «(الطريق الجديدة) وأهلها الأحباء لن يسمحوا للطارئين بإخراجها من كنف الشرعية والقانون». وأضاف أن «ترويع المواطنين الآمنين واستخدام الأسلحة الحربية في إشكالات فردية لن يقبل بهما أحد، ونحن سنبقى إلى جانب أهلنا في (الطريق الجديدة) وكل بيروت أبناء مدرسة رفيق الحريري المتمسكة بالدولة والشرعية والقانون».
ورأت عضو كتلة «المستقبل» النائب رولا الطبش أن «تكرار مشاهد العنف وسقوط الضحايا، بين قتلى وجرحى، في بيروت باشتباكات بين أهل المنطقة الواحدة، إنما يعود للسلاح المتفلت ولغياب الإرادة الحقيقية في ضبط الأوضاع، وكأن المطلوب أن تبقى المنطقة أرضاً خصبة للاقتتال واستنزاف الذات».
وقالت الطبش في بيان إن «هذه الظاهرة في بيروت، أي السلاح المتفلت، هي ردة فعل متوقعة على مشاهدات مماثلة في مناطق أخرى، خارج بيروت، يحظى فيها السلاح بحماية ما، لاعتبارات (شرعية) وتبريرات (فائض القوة)». وأضافت: «لا يمكن، كما في كل مرة، الطلب من الأهالي في بيروت ضبط النفس وعدم الانجرار في المواجهات، بظل عوامل عدم استقرار، بل عوامل استفزاز تحيط بهم». وقالت إن «إلصاق التهم بالتبعية السياسية لهذه الجهة أو تلك، كخلفية للاشتباكات في بيروت، إنما هو للتعامي عن الحقيقة ولتضليل الرأي العام».



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.