قصة عراقي بترت الحرب ساقيه... وتسببت «كورونا» في جوع أطفاله

العراقي محمد ستار (رويترز)
العراقي محمد ستار (رويترز)
TT

قصة عراقي بترت الحرب ساقيه... وتسببت «كورونا» في جوع أطفاله

العراقي محمد ستار (رويترز)
العراقي محمد ستار (رويترز)

عندما فُرضت إجراءات العزل العام في مدينة الموصل العراقية في شهر مارس (آذار)، وجد محمد ستار، الذي فقد ساقيه حين تعرض منزله للقصف في 2017، نفسه غير قادر على رؤية أصدقائه القدامى الذين كان يعتمد هو وأسرته على ما يقدمونه لهم من دعم.
ورغم تخفيف إجراءات العزل العام قبل أسبوعين، ما زالت الأزمة الاقتصادية الناجمة عن جائحة فيروس «كورونا» تجعل أصدقاء ستار غير قادرين على مساعدته بنفس القدر السابق.
ويقول الرجل البالغ من العمر 39 عاماً، إن أقصى أحلامه هو الحصول على تعويض من الحكومة كالذي وُعد مئات المدنيين في الموصل بالحصول عليه بعد إصابتهم أثناء حملة القوات العراقية والأميركية لتحرير المدينة من مسلحي تنظيم «داعش». لكنه ما زال ينتظر على الرغم من مرور ثلاث سنوات على ما جرى له.
وكان ستار يعمل حمّالاً في سوق باب السراي بالموصل، يدفع على عربة خشبية بضاعة التجار في الشوارع الضيقة بالمدينة القديمة. وحالياً لم يعد بيته السابق، حيث قُتلت أمه وشقيقته في القصف، إلا كومة من الأنقاض.
ويوضح ستار لوكالة «رويترز» للأنباء أن كل متاعه وذكرياته ذهبت أدراج الرياح.
وقال: «ذكرياتنا راحت وتوفي أحباؤنا... لقد فقدت ساقي... كنت أشتغل وأروح وآجي، الآن لا حول ولا قوة إلا بالله... أنا الآن معاق، على كرسي متحرك، أعتمد فقط على الله تعالى والجمعيات الخيرية».
وأضاف: «منذ تحرير المدينة من داعش وحتى الآن أعول على الله والصالحين... كنت أعمل في سوق السراي... أصدقائي تجار صغار يبيعون ويشترون في السوق ويعطيني كل منهم 5000 دينار عراقي (4.19 دولار) شهرياً».
ومنذ تخفيف إجراءات العزل العام يذهب ستار للسوق، حيث كان يعمل، فيعطيه أصدقاؤه القدامى طعاماً ولوازم أخرى وبعض المال.
وأضاف ستار أنه لم يكن قادراً على إطعام أطفاله أثناء القيود التي كانت مفروضة للحد من تفشي فيروس «كورونا». ويعيش الشاب مبتور الساقين مع ثلاثة من أبنائه، بينما يعيش ابن رابع له مع أقارب يتولون أمره.
وقالت مروة صلاح سالم، رئيسة فريق «فجر الحدباء» التطوعي الذي يساعد ضحايا الحرب، إن الأمر يستغرق وقتاً طويلاً بالنسبة لمستحقي التعويضات.
وأضافت «تم مؤخراً دفع تعويضات للمحتاجين لكن عملية منحها صعبة للغاية... كل عملية تستغرق سنتين أو ثلاث سنوات... وبعضهم لم يحصل على تعويضات حتى الآن».
وقال رئيس لجنة التعويضات في محافظة نينوى، القاضي عكلة الجحيشي: «يجب على المريض إحضار تقرير طبي لنا لإثبات حالته، وإلا فإننا مضطرون إلى طلب بيان مكتوب من الطبيب... في بعض الأحيان نحتاج أيضاً إلى تسجيل شهادة رئيس المنطقة... وبالتالي فإن جمع هذه المعلومات سيساعدنا في التحقق من الحالة... في حال لم يكن لدى المريض ملف، فعندما نطلب منه إحضار تقرير طبي أو خطاب من الطبيب أشعر أن المريض يتضايق، إما لأن الطبيب قد يكون ميتاً أو قد انضم إلى داعش أو غير مدرك من محل إقامته».
وحين حاول ستار التقدم بطلب تمكن من تقديم شهادات من بعض الوكالات، لكن طُلب منه بعد ذلك إحضار شهادة طبيب.
وقال: «عندما أبدأ في إجراء عملية التعويضات يطلبون مني إحضار موافقة الأمن الوطني والاستخبارات والمسح الميداني وغيرها من الموافقات... وبعد أن فعلت كل هذه الموافقات طلب مني القاضي أن أحضر شهادة الطبيب... كيف يمكنني إحضار الطبيب الذي بتر ساقي وهو أميركي؟».
وأضاف: «نحن الفقراء تأثرنا كثيراً بفيروس كورونا... لم أستطع حتى تحمل تكلفة الإفطار... إذا كنت أرغب في شراء كيلو من الدقيق فلا يمكنني تحمل ثمنه... وإذا طلب مني أحد أطفالي ربع دينار (0.21 دولار) أقسم بالله لا أستطيع أن أعطيه... ليس لدي مُعيل وليس لدي شيء... لقد أثر فيروس كورونا علينا كثيراً. ولكن الآن الحمد لله تعالى، بدأ أهل الخير والتجار يساعدونني».
وقالت مروة صلاح سالم، رئيسة فريق «فجر الحدباء» التطوعي: «أدى تفشي فيروس كورونا إلى تفاقم الوضع أكثر... رفض العديد من المنظمات القدوم إلى الموصل وتقديم المساعدة... توقف أداء العديد من المنظمات الإنسانية وحتى المؤسسات الخيرية والأشخاص الطيبين توقفوا عن تقديم المساعدة بسبب الوباء والوضع الاقتصادي المتدهور الذي يمر به بلدنا والعالم».
وقال القاضي الجحيشي إنه إذا لم يتسن للضحية الحصول على تقرير طبي ولم يستطع الوصول إلى الطبيب الذي عالجه يمكنه الحصول على تقرير طبي من هيئة الطب الشرعي في الموصل وإحضار شهود من الحي ورئيس البلدية.


مقالات ذات صلة

«الصحة العالمية»: انتشار أمراض الجهاز التنفسي في الصين وأماكن أخرى متوقع

آسيا أحد أفراد الطاقم الطبي يعتني بمريض مصاب بفيروس كورونا المستجد في قسم كوفيد-19 في مستشفى في بيرغامو في 3 أبريل 2020 (أ.ف.ب)

«الصحة العالمية»: انتشار أمراض الجهاز التنفسي في الصين وأماكن أخرى متوقع

قالت منظمة الصحة العالمية إن زيادة حالات الإصابة بأمراض الجهاز التنفسي الشائعة في الصين وأماكن أخرى متوقعة

«الشرق الأوسط» (لندن )
صحتك جائحة «كورونا» لن تكون الأخيرة (رويترز)

بعد «كوفيد»... هل العالم مستعد لجائحة أخرى؟

تساءلت صحيفة «غارديان» البريطانية عن جاهزية دول العالم للتصدي لجائحة جديدة بعد التعرض لجائحة «كوفيد» منذ سنوات.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك ما نعرفه عن «الميتانيوفيروس البشري» المنتشر في الصين

ما نعرفه عن «الميتانيوفيروس البشري» المنتشر في الصين

فيروس مدروس جيداً لا يثير تهديدات عالمية إلا إذا حدثت طفرات فيه

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
صحتك فيروس رئوي قد يتسبب بجائحة عالمية play-circle 01:29

فيروس رئوي قد يتسبب بجائحة عالمية

فيروس تنفسي معروف ازداد انتشاراً

د. هاني رمزي عوض (القاهرة)
الولايات المتحدة​ أحد الأرانب البرية (أرشيفية- أ.ف.ب)

الولايات المتحدة تسجل ارتفاعاً في حالات «حُمَّى الأرانب» خلال العقد الماضي

ارتفعت أعداد حالات الإصابة بـ«حُمَّى الأرانب»، في الولايات المتحدة على مدار العقد الماضي.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

واشنطن تضرب منشأتين حوثيتين لتخزين الأسلحة تحت الأرض

واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
TT

واشنطن تضرب منشأتين حوثيتين لتخزين الأسلحة تحت الأرض

واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)

بعد يوم من تبني الحوثيين المدعومين من إيران مهاجمة أهداف عسكرية إسرائيلية وحاملة طائرات أميركية شمال البحر الأحمر، أعلن الجيش الأميركي، الأربعاء، استهداف منشأتين لتخزين الأسلحة تابعتين للجماعة في ريف صنعاء الجنوبي وفي محافظة عمران المجاورة شمالاً.

وإذ أقرت وسائل الإعلام الحوثية بتلقي 6 غارات في صنعاء وعمران، فإن الجماعة تشن منذ أكثر من 14 شهراً هجمات ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، وهجمات أخرى باتجاه إسرائيل، تحت مزاعم مناصرة الفلسطينيين في غزة، فيما تشن واشنطن ضربات مقابلة للحد من قدرات الجماعة.

وأوضحت «القيادة العسكرية المركزية الأميركية»، في بيان، الأربعاء، أن قواتها نفذت ضربات دقيقة متعددة ضد منشأتين تحت الأرض لتخزين الأسلحة التقليدية المتقدمة تابعتين للحوثيين المدعومين من إيران.

ووفق البيان، فقد استخدم الحوثيون هذه المنشآت لشن هجمات ضد سفن تجارية وسفن حربية تابعة للبحرية الأميركية في جنوب البحر الأحمر وخليج عدن. ولم تقع إصابات أو أضرار في صفوف القوات الأميركية أو معداتها.

وتأتي هذه الضربات، وفقاً للبيان الأميركي، في إطار جهود «القيادة المركزية» الرامية إلى تقليص محاولات الحوثيين المدعومين من إيران تهديد الشركاء الإقليميين والسفن العسكرية والتجارية في المنطقة.

في غضون ذلك، اعترفت الجماعة الحوثية، عبر وسائل إعلامها، بتلقي غارتين استهدفتا منطقة جربان بمديرية سنحان في الضاحية الجنوبية لصنعاء، وبتلقي 4 غارات ضربت مديرية حرف سفيان شمال محافظة عمران، وكلا الموقعين يضم معسكرات ومخازن أسلحة محصنة منذ ما قبل انقلاب الحوثيين.

وفي حين لم تشر الجماعة الحوثية إلى آثار هذه الضربات على الفور، فإنها تعدّ الثانية منذ مطلع السنة الجديدة، بعد ضربات كانت استهدفت السبت الماضي موقعاً شرق صعدة حيث المعقل الرئيسي للجماعة.

5 عمليات

كانت الجماعة الحوثية تبنت، مساء الاثنين الماضي، تنفيذ 5 عمليات عسكرية وصفتها بـ«النوعية» تجاه إسرائيل وحاملة طائرات أميركية، باستخدام صواريخ مجنّحة وطائرات مسيّرة، وذلك بعد ساعات من وصول المبعوث الأممي هانس غروندبرغ إلى صنعاء حيث العاصمة اليمنية الخاضعة للجماعة.

وفي حين لم يورد الجيشان الأميركي والإسرائيلي أي تفاصيل بخصوص هذه الهجمات المزعومة، فإن يحيى سريع، المتحدث العسكري باسم الحوثيين، قال إن قوات جماعته نفذت «5 عمليات عسكرية نوعية» استهدفت حاملة الطائرات الأميركية «هاري ترومان» وتل أبيب وعسقلان.

الحوثيون زعموا مهاجمة حاملة الطائرات الأميركية «هاري ترومان» بالصواريخ والمسيّرات (الجيش الأميركي)

وادعى المتحدث الحوثي أن جماعته استهدفت حاملة الطائرات الأميركية «يو إس إس هاري ترومان» بصاروخين مجنّحين و4 طائرات مسيّرة شمال البحرِ الأحمر، زاعماً أن الهجوم استبق تحضير الجيش الأميركي لشن هجوم على مناطق سيطرة الجماعة.

إلى ذلك، زعم القيادي الحوثي سريع أن جماعته قصفت هدفين عسكريين إسرائيليين في تل أبيب؛ في المرة الأولى بطائرتين مسيّرتين وفي المرة الثانية بطائرة واحدة، كما قصفت هدفاً حيوياً في عسقلانَ بطائرة مسيّرة رابعة.

تصعيد متواصل

وكانت الجماعة الحوثية تبنت، الأحد الماضي، إطلاق صاروخ باليستي فرط صوتي، زعمت أنها استهدفت به محطة كهرباء إسرائيلية، الأحد، وذلك بعد ساعات من تلقيها 3 غارات وصفتها بالأميركية والبريطانية على موقع شرق مدينة صعدة؛ حيث معقلها الرئيسي شمال اليمن.

ويشن الحوثيون هجماتهم ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن وباتجاه إسرائيل، ابتداء من 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، تحت مزاعم مناصرة الفلسطينيين في غزة.

مقاتلة أميركية تقلع من على متن حاملة الطائرات «هاري رومان»... (الجيش الأميركي)

وأقر زعيمهم عبد الملك الحوثي في آخِر خُطبه الأسبوعية، الخميس الماضي، باستقبال 931 غارة جوية وقصفاً بحرياً، خلال عام من التدخل الأميركي، وقال إن ذلك أدى إلى مقتل 106 أشخاص، وإصابة 314 آخرين.

كما ردت إسرائيل على مئات الهجمات الحوثية بـ4 موجات من الضربات الانتقامية حتى الآن، وهدد قادتها السياسيون والعسكريون الجماعة بمصير مُشابه لحركة «حماس» و«حزب الله» اللبناني، مع الوعيد باستهداف البنية التحتية في مناطق سيطرة الجماعة.

ومع توقع أن تُواصل الجماعة الحوثية هجماتها، لا يستبعد المراقبون أن تُوسِّع إسرائيل ردها الانتقامي، على الرغم من أن الهجمات ضدها لم يكن لها أي تأثير هجومي ملموس، باستثناء مُسيَّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.