تونس تختار السبسي أول رئيس منتخب ديمقراطيا للجمهورية الثانية

محتجون غاضبون يحرقون مقر «نداء تونس» واحتجاجات في مسقط رأس الغنوشي > ترحيب دولي وعربي.. والرئيس الجديد: سأكون رئيسا للجميع

فتاة ترفع صور السبسي لدى احتفال المواطنين بفوزه في الانتخابات الرئاسية أمس في تونس (أ.ف.ب)
فتاة ترفع صور السبسي لدى احتفال المواطنين بفوزه في الانتخابات الرئاسية أمس في تونس (أ.ف.ب)
TT

تونس تختار السبسي أول رئيس منتخب ديمقراطيا للجمهورية الثانية

فتاة ترفع صور السبسي لدى احتفال المواطنين بفوزه في الانتخابات الرئاسية أمس في تونس (أ.ف.ب)
فتاة ترفع صور السبسي لدى احتفال المواطنين بفوزه في الانتخابات الرئاسية أمس في تونس (أ.ف.ب)

أعلنت الهيئة العليا المستقلة للانتخابات في تونس، أن رئيس الوزراء الأسبق، الباجي قائد السبسي، فاز في الانتخابات الرئاسية التي جرت، أول من أمس، بأغلبية 55.68 في المائة من الأصوات. وهنأ الرئيس المنتهية ولايته، محمد المنصف المرزوقي، السبسي بالفوز، لكن رئيس حملته قال إنه سيقدم طعونا في نتائج الدور الثاني من الانتخابات الرئاسية مثلما كان الحال في الدور الأول.
وأعلن رئيس هيئة الانتخابات، شفيق صرصار، للصحافيين، أن «قائد السبسي حصل على أكثر من 1.7 مليون صوت في الدورة الثانية مقابل أكثر من 1.3 مليون (44.32 في المائة من الأصوات) لخصمه المنصف المرزوقي. وبلغت نسبة المشاركة في الاقتراع 60.1 في المائة من الناخبين المسجلين».
وكان حزب نداء تونس أعلن فوز مؤسسه ورئيسه الباجي قائد السبسي بالدورة الثانية للانتخابات الرئاسية. وبذلك يكون حزب قائد السبسي حقق ثاني انتصار له في أقل من شهرين بعدما فاز بالانتخابات التشريعية التي أجريت يوم 26 أكتوبر (تشرين الأول).
وأسس قائد السبسي حزب نداء تونس في 2012 بهدف «خلق التوازن» (وفق تعبيره) مع حركة النهضة ذات التوجه الإسلامي، التي فازت بانتخابات المجلس الوطني التأسيسي في 23 أكتوبر2011 وحكمت تونس حتى مطلع 2014. ويضم هذا الحزب يساريين ونقابيين وأيضا منتمين سابقين لحزب «التجمع» الحاكم في عهد الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي (1987 -2011).
وهنّأ الرئيس التونسي المنتهية ولايته، محمد المنصف المرزوقي (69 سنة)، خصمه السبسي. وكتب عدنان منصر، مدير الحملة الانتخابية للمرزوقي، على صفحته الرسمية في «فيسبوك»: «الدكتور المنصف المرزوقي يهنئ الباجي قائد السبسي بفوزه بالانتخابات الرئاسية». وأصبح قائد السبسي أول رئيس منتخب بشكل حر وديمقراطي في تاريخ تونس منذ استقلالها عن فرنسا سنة 1956.
ورد قائد السبسي، بحسب ما أفاد حزبه، بأن «مستقبل تونس يكمن في التوافق، وتونس بحاجة لجميع أبنائها دون إقصاء أو تمييز» وشكر منافسه على بادرته «التي تضع لبنات ديمقراطية مستقرة»، وتعهد السبسي في كلمته أن يكون رئيسا لكل التونسيين.
ويصبح السياسي المخضرم الباجي قائد السبسي أول رئيس منتخب بشكل حر وديمقراطي في تاريخ تونس، وأول رئيس لجمهوريتها الثانية. وأصبح قائد السبسي أول رئيس منتخب ديمقراطيا، وأول رئيس للجمهورية الثانية في تونس، وخامس رئيس في تاريخ تونس المستقلة بعد رئيسين في عهد الجمهورية الأولى (1957 - 2011)، هما: الحبيب بورقيبة، وزين العابدين بن علي، ورئيسين في المرحلة الانتقالية (2011 - 2014)، هما: فؤاد المبزع، ومنصف المرزوقي.
وسيتولى حزب نداء تونس الذي يرأسه قائد السبسي ويتعين عليه، بموجب الدستور، التخلي عن رئاسته بعد أن أصبح رئيسا لتونس، تشكيل حكومة جديدة باعتباره الحزب الأول في البرلمان (86 مقعدا من 217) لكنه يحتاج إلى ائتلاف حكم، لأنه لا يملك الأغلبية في مجلس الشعب الذي يملك حزب النهضة الإسلامي الكتلة الثانية فيه (69 مقعدا).
وقام محتجون غاضبون من فوز السبسي بإحراق مقر حزب نداء تونس في مدينة تطاوين بجنوب البلاد. وبدأ الشبان الغاصبون بإحراق عجلات مطاطية ثم توجهوا لمقر «نداء تونس» وأتلفوا محتوياته وأضرموا النار فيه. وفي وقت سابق عادت الاحتجاجات والمناوشات إلى مدينة الحامة (500 كلم جنوب العاصمة) بعد الإعلان عن فوز الباجي. وأطلقت الشرطة قنابل الغاز لتفريق مئات المحتجين. كما أحرق المحتجون مقرين للشرطة في المدينة.
ومدينة الحامة، هي مسقط رأس راشد الغنوشي، رئيس حركة النهضة، التي تناصر الرئيس المنتهية ولايته المنصف المرزوقي، وهي مدينة معروفة بقياداتها النقابية على غرار محمد علي الحامي، رائد الحركة النقابية التونسية في بداية القرن الماضي، والطاهر الحداد مناصر حرية المرأة، كما أنها قدمت دعما كبيرا للمنصف المرزوقي أثناء حملته الانتخابية.
وأخضعت قوات الأمن والجيش عدة منشآت تجارية ومجموعة من الفروع البنكية لحراسة مشددة تحسبا لاندلاع عمليات نهب وسرقة، وفق مصادر أمنية، فإن بعض الأمنيين تعرضوا لإصابات خفيفة وجرى نقل أحدهم إلى مستشفى قوات الأمن الوطني بالمرسى (الضاحية الشمالية للعاصمة التونسية)، كما سجلت بعض الإصابات الخفيفة في صفوف المحتجين. كما أصدرت مجموعة من الأحزاب والمنظمات بالمنطقة بيانات تندد بأعمال العنف وتدعو إلى التهدئة وإلى إطلاق سراح الموقوفين. ودعا المرزوقي إلى الهدوء و«الحفاظ على السلم الاجتماعي» بحسب بيان على صفحته بـ«فيسبوك» معتبرا أن نجاح الانتخابات وانتهاء المرحلة الانتقالية يعتبر بحد ذاته «كسبا كبيرا لكل التونسيين».
خارجيا، هنأ الرئيسان: الأميركي باراك أوباما، والمصري عبد الفتاح السيسي، والاتحاد الأوروبي، الباجي قائد السبسي بفوزه في الانتخابات الرئاسية التونسية. وقال أوباما إن واشنطن «تتطلع إلى العمل بشكل وثيق» مع الرئيس التونسي الجديد. وقالت وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي، فديريكا موغريني في بيان، إن «الاتحاد الأوروبي مصمم على العمل مع السلطات التونسية الجديدة وكل مكونات المجتمع للمساهمة في تعزيز المكتسبات الديمقراطية التي نص عليها الدستور الجديد، وكذلك لمرافقة تطبيق الإصلاحات الضرورية للانتقال الاقتصادي والاجتماعي لصالح كل أبناء تونس». ومنذ استقلالها عن فرنسا سنة 1956 وحتى ثورة 2011؛ أي طوال فترة الجمهورية الأولى، حكم تونس رئيسان، هما: الحبيب بورقيبة (1987/ 1956)، وزين العابدين بن علي (2011/ 1987) الذي غادر الحكم 14 يناير (كانون الثاني) 2011.



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.