باحث أميركي: استرضاء المجتمع الدولي إيران يزيدها عدوانية

صورة وزعتها وزارة الدفاع الإيرانية لإطلاق صاروخ في مكان لم يتم الكشف عنه الشهر الماضي (أ.ب)
صورة وزعتها وزارة الدفاع الإيرانية لإطلاق صاروخ في مكان لم يتم الكشف عنه الشهر الماضي (أ.ب)
TT

باحث أميركي: استرضاء المجتمع الدولي إيران يزيدها عدوانية

صورة وزعتها وزارة الدفاع الإيرانية لإطلاق صاروخ في مكان لم يتم الكشف عنه الشهر الماضي (أ.ب)
صورة وزعتها وزارة الدفاع الإيرانية لإطلاق صاروخ في مكان لم يتم الكشف عنه الشهر الماضي (أ.ب)

رداً على موقف الولايات المتحدة المتشدد تجاه إيران، ومطالبتها بإعادة فرض جميع العقوبات الدولية على طهران بدعوى انتهاكها للاتفاق الذي أبرمته مع القوى العالمية في عام 2015. تواصل إيران تهديداتها لواشنطن، في الوقت الذي يسعى فيه المجتمع الدولي إلى التهدئة والحيلولة دون حدوث تصعيد.
لكن الباحث والمحلل السياسي الأميركي الدكتور مجيد رفيع زادة يرى في تقرير نشره معهد جيتستون الأميركي للأبحاث أن أولئك الذين يطالبون باتباع سياسة استرضاء تجاه حكام إيران كوسيلة لتغيير تصرفات النظام الإيراني، لا يدركون أنه كلما زاد ما يقدمه المجتمع الدولي لحكام إيران، أصبحت طهران أكثر عدوانية وجرأة. وعلى سبيل المثال، فإنه بعد يوم واحد من تصويت مجلس الأمن الدولي على رفع الحظر على الأسلحة المفروض على إيران، كشف حكام طهران عن صاروخ باليستي تردد أنه يمكن أن يصل إلى الولايات المتحدة، وفق ما نقلته وكالة الأنباء الألمانية.
وقال رفيع زادة، رئيس المجلس الأميركي الدولي الخاص بالشرق الأوسط، إن صحيفة «أفكار نيوز» الإيرانية المملوكة للدولة نشرت تقريراً باللغة الفارسية بعنوان «الأراضي الأميركية في مرمى القنابل الإيرانية الآن»، وتفاخر هذا التقرير بالأضرار التي يمكن أن يلحقها النظام الإيراني بالولايات المتحدة.
وجاء في التقرير أنه «بإرسال قمر صناعي عسكري إلى الفضاء، أظهرت إيران الآن أنها تستطيع استهداف كل الأراضي؛ وكان البرلمان الإيراني قد حذر (الولايات المتحدة) في وقت سابق من أنه من المحتمل أن يسفر أي هجوم نووي كهرومغناطيسي على الولايات المتحدة عن مقتل 90 في المائة من الأميركيين».
كما هدد التقرير الاتحاد الأوروبي الذي صوت لصالح رفع حظر الأسلحة المفروض على إيران قائلاً: «إن نفس نوع تكنولوجيا الصواريخ الباليستية التي استخدمت لإطلاق القمر الصناعي يمكن أن تحمل أسلحة نووية، أو كيماوية أو حتى بيولوجية لمحو إسرائيل من على الخريطة، وضرب قواعد الولايات المتحدة وحلفائها في المنطقة والمنشآت الأميركية، واستهداف الناتو حتى في أقصى غرب أوروبا».
يذكر أنه عندما حاولت إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب إعادة فرض العقوبات الدولية على إيران بعد أن رفضت الأمم المتحدة مد أجل حظر الأسلحة، بعثت 13 دولة من الدول الـ15 أعضاء مجلس الأمن الدولي رسائل أعربت فيها عن معارضتها للطلب الأميركي. وكان من بين الدول المعارضة حلفاء وشركاء قدامى للولايات المتحدة من بينها فرنسا، وألمانيا، والمملكة المتحدة، وبلجيكا.
وقال رفيع زادة إن هذه ليست المرة الأولى التي أصبح فيها النظام الإيراني أكثر عدوانية بعد اتباع المجتمع الدولي لسياسات استرضاء تجاه حكام إيران. وأشار إلى أنه يتعين أن نتذكر أنه لدى التوصل إلى خطة العمل الشاملة المشتركة، المعروفة بالاتفاق النووي الإيراني أوضح الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما أنه «واثق» من أن رفع العقوبات والاتفاق النووي «سوف يلبيان احتياجات الأمن القومي للولايات المتحدة ولحلفائنا». كما ورد في تمهيد الاتفاق أن جميع الدول الموقعة عليه «تتوقع أن يساهم التنفيذ الكامل لهذا الاتفاق بصورة إيجابية في تحقيق السلام والأمن الإقليميين والدوليين».
وتساءل رفيع زادة قائلاً: «رغم ذلك، ماذا كانت النتيجة؟» وأضاف أن المجتمع الدولي شهد إطلاق الحوثيين اليمنيين الصواريخ على الأهداف المدنية، ونشر «حزب الله» جنوداً له في سوريا وزيادة في هجمات «حماس» على جنوب إسرائيل، وذلك بدعم من إيران. ومع تدفق مليارات الدولارات من الإيرادات إلى جيوب المرشد الإيراني على خامنئي والحرس الثوري الإيراني، لم يتغير سلوك إيران إلى الأفضل، بل أصبحت أكثر قوة وجرأة و«أسوأ دولة راعية للإرهاب»، حسب وصف وزارة الخارجية الأميركية.
وأوضح رفيع زاده أنه كلما كان يزيد عطاء المجتمع الدولي لإيران، كانت تزيد من تجارب إطلاق صواريخها الباليستية، القادرة على حمل رؤوس نووية، وهو ما يمثل انتهاكاً واضحاً لقرار مجلس الأمن رقم 2231. وأضاف أنه بعد كل محاولة استرضاء لحكام إيران، كان النظام يكثف من القمع وانتهاكات حقوق الإنسان في الداخل. وذكرت منظمة هيومان رايتس ووتش أنه بعد الاتفاق النووي ورفع العقوبات، صعدت إيران من اعتقال وإعدام نشطاء حقوق الإنسان والنشطاء السياسيين. وأصبحت إيران «أكثر الدول إعداماً للنساء وصاحبة أكبر عدد من حالات الإعدام في العالم»، ووفقاً لما ذكرته منظمة العفو الدولية أصبحت إيران صاحبة المرتبة الأولى في إعدام القصر.
واختتم رفيع زادة تقريره بقوله إن سياسات التوافق والاسترضاء تعني الضعف بالنسبة لحكام إيران، وإنه كلما كثر عطاء المجتمع الدولي لحكام إيران، كلما بدا أن النظام يشعر أن لديه القدرة على مواصلة سلوكه الشرير.



«لجنة لإدارة غزة» وتحذير ترمب... هل يسرّعان «اتفاق الهدنة»؟

فلسطينيون يجلسون وسط الأنقاض في موقع غارة إسرائيلية على منزل بالنصيرات وسط قطاع غزة (رويترز)
فلسطينيون يجلسون وسط الأنقاض في موقع غارة إسرائيلية على منزل بالنصيرات وسط قطاع غزة (رويترز)
TT

«لجنة لإدارة غزة» وتحذير ترمب... هل يسرّعان «اتفاق الهدنة»؟

فلسطينيون يجلسون وسط الأنقاض في موقع غارة إسرائيلية على منزل بالنصيرات وسط قطاع غزة (رويترز)
فلسطينيون يجلسون وسط الأنقاض في موقع غارة إسرائيلية على منزل بالنصيرات وسط قطاع غزة (رويترز)

تطورات جديدة يشهدها حراك التوصل لاتفاق هدنة في قطاع غزة، مع حديث عن اتفاق «مبدئي» بين حركتي «فتح» و«حماس» بشأن تشكيل لجنة لإدارة القطاع عقب اجتماعات بالقاهرة، وتحذيرات غير مسبوقة من الرئيس الأميركي دونالد ترمب تضع مهلة تمتد إلى نحو 50 يوماً لإبرام صفقة للرهائن «وإلا سيدفع الشرق الأوسط ثمناً باهظاً»، وتأكيد مصر على استمرارها في العمل «بلا هوادة» لوقف دائم لإطلاق النار.

تلك التطورات التي صاحبها إعلان «حماس» عن مقتل وفقْد 33 أسيراً لديها، يشي بحسب خبراء تحدثوا إلى «الشرق الأوسط»، بأن «هناك اتفاقاً يكون قريباً، وأن كل طرف يستعد لمشهد اليوم التالي من الحرب ويمارس حالياً أقصى الضغوط لنيل مكاسب ولو إعلامية»، متوقعين أن «تساعد المهلة الانفعالية التي وضعها ترمب، فريق الرئيس الأميركي الحالي جون بايدن للتوصل لاتفاق في أقرب وقت ممكن».

وكشف مصدر فلسطيني مطلع في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، الثلاثاء، عن أن «حركتي (فتح) و(حماس) اتفقتا بشكل مبدئي عقب سلسلة اجتماعات بالقاهرة، على تشكيل لجنة تحمل اسم الإسناد المجتمعي ستكون معنية بإدارة قطاع غزة في اليوم التالي لانتهاء الحرب».

فلسطيني يسير بجوار الأنقاض وهو يحمل كيساً من الدقيق في خان يونس جنوب غزة (رويترز)

وتشير معلومات المصدر الفلسطيني إلى أن الجولة الثالثة بين الحركتين بالقاهرة بعد جولتين أخريين في أكتوبر (تشرين الأول) ونوفمبر (تشرين الثاني) الماضيين، «نجحت في التوصل لاتفاق مبدئي على تشكيل تلك اللجنة ولا يعني عدم التوقيع عليها فشلها»، مضيفاً: «الكرة الآن في ملعب الرئيس الفلسطيني محمود عباس، لمنح موافقة مبدئية على مسودتها المتفق عليها على أن يعود الأمر للقاهرة مرة ثانية ويعرض في اجتماع للفصائل، سيليها بعد التشاور صدور مرسوم نهائي بأعضاء اللجنة ومهامها تفصيلاً».

وستشكل اللجنة «حسب الاتفاق المبدئي من تكنوقراط دون تبعية لـ(حماس) أو (فتح)، وستُدمج كل القطاعات الحكومية بالقطاع داخل نظامها الإداري بدءاً من الشرطة والوزارات وغيرهما وصولاً لتسلم معبر رفح من الجانب الفلسطيني وإدارته»، وفق المصدر ذاته.

ويوضح مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق، السفير رخا أحمد حسن، أن لجنة الإسناد المجتمعي فكرة مصرية تقوم على عناصر مستقلة تدير غزة لقطع أي ذرائع إسرائيلية تعارض عودة «حماس» لإدارة القطاع، لافتاً إلى أن المعلومات الأولية التي لم تؤكدها القاهرة بشأن حدوث اتفاق بين الحركتين، وأنهما لن يكونا بالإدارة أو الواجهة، ستعزز الموقف الفلسطيني في مسار اليوم التالي من الحرب والتوصل لاتفاق هدنة قريب.

ويرى المحلل السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، أن تلك الفكرة المصرية يمكن وصفها بأنها خارج الصندوق ومتميزة، معتقداً أنها «تسير بشكل إيجابي، لمواجهة أزمة إصرار رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو على عدم بقاء (حماس) بالسلطة».

ويعتقد أن «الموافقة تأتي في توقيت مهم وقد تساعد في التوصل لهدنة قريبة وتسهل مهام تسلم معبر رفح من الجانب الفلسطيني»، لافتاً إلى أن موقف «حماس» يؤكد أن الأمور تسير بشكل إيجابي، وأن الحركة تفهمت استحالة بقائها بالحكم في غزة، وأنها تريد فقط حفظ ماء الوجه وبالتالي قبولها الاتفاق بعد جولات من التفاهمات منطقي وسيدخل حيز التنفيذ.

وجاء التوصل لاتفاق مبدئي بشان إدارة غزة، غداة تهديد الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، الاثنين، بأنه «سيتم دفع ثمن باهظ في الشرق الأوسط» إذا لم يتم إطلاق سراح الرهائن المحتجزين في غزة قبل أن يقسم اليمين رئيساً في 20 يناير (كانون الثاني) 2025.

وعبر منصته «تروث سوشال»، قال ترمب: «إذا لم يتم إطلاق سراح الرهائن قبل 20 يناير 2025، وهو التاريخ الذي أتولى فيه بفخر منصبي رئيساً للولايات المتحدة، فسيكون هناك جحيم سيدفع في الشرق الأوسط ثمنه الباهظ، وأولئك المسؤولون الذين ارتكبوا هذه الفظائع ضد الإنسانية»، وفق «سي إن إن» الأميركية.

ورحب نتنياهو في فيديو قصير باللغة الإنجليزية خلال اجتماع حكومي ونشره مكتبه الثلاثاء بموقف ترمب، وقال إنه «موقف قوي ويضيف قوة أخرى إلى جهودنا المستمرة للإفراج عن جميع الرهائن».

وبحسب «سي إن إن»، «تم احتجاز أكثر من 250 شخصاً رهائن، في 7 أكتوبر 2023، وتم إنقاذ عدد قليل من الرهائن منذ ذلك الحين وفي نوفمبر 2023 تم إطلاق سراح أكثر من 100 شخص جزءاً من صفقة قصيرة الأمد لوقف إطلاق النار».

وتعتقد السلطات الإسرائيلية أن «نحو 101 رهينة لا يزالون محتجزين في غزة، ويُعتقد أن ما لا يقل عن 34 من الرهائن الذين تم احتجازهم في 7 أكتوبر لقوا حتفهم»، وفق المصدر ذاته.

وتتفق تلك التقديرات الأميركية بشأن مقتل الرهائن، مع ما أعلنته «حماس» الاثنين، عبر مقطع فيديو مصور نشرته الحركة يكشف عن أن «33 أسيراً إسرائيلياً قُتلوا وفُقدت آثار بعضهم مع استمرار العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة»، مخاطباً ذوي الرهائن بالقول: «مقتل بعض الأسرى وفقدان بعضهم كان بسبب المجرم نتنياهو وجيشه الفاشي وباستمرار حربكم المجنونة قد تفقدون أسراكم إلى الأبد، افعلوا ما يجب عليكم فعله قبل فوات الأوان».

ويرى السفير رخا، أن تصريحات ترمب «انفعالية»، نتيجة «متابعته فيديو لأسير أميركي - إسرائيلي صدر قبل أيام، وتأتي في ظل جهد دولي يسعى لمحاولة وقف إطلاق النار في غزة وفتح المعابر»، لافتاً إلى أنها قد تشكّل ضغطاً على نتنياهو للقبول بالاتفاق، خصوصاً وأنه يعلم أنه قد تتم التضحية به في أي مرحلة مستقبلية حال استمر بالمراوغة.

وباعتقاد الرقب، فإن «تهديد ترمب للمنطقة من باب الضغط على المفاوضات التي تتم حالياً وقد تصل لاتفاق قريب، وهذا أسلوب يكشف عن أن الرئيس القادم سيسكب وقوداً مع كل أزمات المنطقة لحلها»، لافتاً إلى أن تجاوب نتنياهو معه متوقع.

تلك المفاوضات كشف عنها وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي في تصريحات بمؤتمر صحافي، الاثنين، قائلاً إن «مصر ستستمر في العمل بلا هوادة من أجل تحقيق وقف دائم لإطلاق النار، وإطلاق سراح جميع الرهائن والمحتجزين»، مؤكداً أنه «بخلاف استضافة حركتي (فتح) و(حماس) لبحث التوصل لتفاهمات بشأن إدارة غزة، فالجهد المصري لم يتوقف للحظة في الاتصالات للتوصل إلى صفقة، وهناك رؤى مطروحة بشأن الرهائن والأسرى».

وكشف عبد العاطي، عن أن «هناك أفكاراً مصرية تتحدث القاهرة بشأنها مع الأشقاء العرب حول وقف إطلاق النار، وما يُسمى بـ(اليوم التالي)»، مشدداً على «العمل من أجل فتح معبر رفح من الجانب الفلسطيني» الذي احتلته إسرائيل في مايو (أيار) الماضي، وكثيراً ما عبّر نتنياهو عن رفضه الانسحاب منه مع محور فيلادلفيا أيضاً طيلة الأشهر الماضية.

ويعتقد السفير رخا، أن الجهود المصرية قد تكلل بنجاح في هذه المرة خصوصاً وهناك احتمال كبير أن يتم اتفاق الهدنة قبل وصول ترمب للسلطة. وبرأي الرقب، فإن «القاهرة تبذل جهوداً كبيراً في إنهاء ملفات عالقة سواء بدعم تشكيل اللجنة أو التوصل لاتفاق هدنة، والكرة الآن في ملعب نتنياهو لحسم التوصل لاتفاق كما يرغب ترمب قبل وصوله، وأيضاً في ملعب أبو مازن لاعتماد مسودة الاتفاق بعد مشاورات الفصائل وتسويقه عربياً ودولياً لضمان نجاحه».