فيلم نجوى نجار «عيون الحرامية».. قصة فلسطينية

النظر في معنى المقاومة

نجوى النجار
نجوى النجار
TT

فيلم نجوى نجار «عيون الحرامية».. قصة فلسطينية

نجوى النجار
نجوى النجار

تناقلت الصحف في جميع أنحاء العالم خلال شهر مارس (آذار) 2002 خبر هذا القناص الوحيد. انطلق الرصاص من بقعة مجهولة على تلال وادي الحرامية في الضفة الغربية، مما أسفر عن مقتل 10 إسرائيليين يعملون في إحدى نقاط التفتيش. تسببت دقة تصويبه والسرية التي تمت بها هذه المهمة في إرباك القوات الإسرائيلية التي كانت تجري تحقيقات في هذا الأمر. وبحلول عام 2004، تم التعرف على ثائر حماد البالغ من العمر 22 عاما وعلى بندقيته العتيقة. ووصف البعض، خصوصا القائد في حركة فتح مروان البرغوثي، تصرفه بأنه عمل بطولي. وحكم على حماد بالسجن لمدة 11 عاما.
يبدأ، من هذه النقطة، ثاني أفلام المخرجة نجوى نجار بعنوان «عيون الحرامية». وأعلن الشهر الماضي أن هذا الفيلم سيتم ترشيحه للمشاركة في سباق جوائز الأوسكار عام 2015 ضمن فئة الأفلام الأجنبية كفيلم من فلسطين. وتم عرضه في أوائل الشهر الحالي في افتتاح مهرجان الفيلم الفلسطيني في لندن أمام جمهور كامل العدد. وقالت نجار في جلسة نقاش بعد عرض الفيلم في مركز «باربيكان»، إن الفيلم رحلة بحث عن الأمل. وكان هدف المخرجة من الفيلم الذي تم عرضه بعيد شن الهجوم على غزة خلال الصيف الماضي، هو النظر في معنى المقاومة اليوم، وهو ما أشارت إليه خلال مقابلة مع صحيفة «الشرق الأوسط» حيث تقول: «كنت أريد مواصلة التحقيق في كيفية تحقيق العدالة والكرامة والديمقراطية وتقرير المصير، التي يطالب بها الفلسطينيون منذ عقود، بينما يتم القضاء على الأمل في تحقيق سلام قائم على هذه المبادئ».
يحكي فيلم «عيون الحرامية» قصة رجل، يقوم بدوره الممثل المصري خالد أبو النجا، له ماضٍ سرّي. هذا الرجل خرج لتوّه من السجن، ليبدأ رحلة البحث عن ابنته. وفي النهاية يكتشف أن خيّاطة عزباء قد تبنتها، وتقوم بدورها في الفيلم المطربة الجزائرية المشهورة سعاد ماسي في أول أدوارها التمثيلية.
وتقول نجار: «ليس الفوز هو بالضرورة أهم شيء بالنسبة لي في سباق جوائز الأوسكار. ولكن ما يهمني أكثر من ذلك هو عرض قصة فلسطينية في هذا السباق، وخصوصا في الولايات المتحدة»، في إشارة إلى المواقف الأميركية السلبية تجاه فلسطين. تدور أحداث الفيلم حول المقاومة وحول ما يحدث حين تغيب كل الخيارات، تقول: «إذا نجحنا في توصيل فكرة أن الوضع الراهن الذي خنق الفلسطينيين على مدى السنوات الـ64 الماضية ينبغي أن يتغير، فقد حقق ترشيح فيلمنا لسباق جوائز الأوسكار نجاحا بالفعل».
تتردد أصداء هذه النظرة حول ما يمكن أن تكون عليه الثورة في المشاعر الشاملة المتضمنة في اختيار نجار لأبطال الفيلم، فلا يعود اختيار الممثل المصري خالد أبو النجا ليلعب الدور الرئيسي إلى كونه اسما سينمائيا مشهورا فحسب، بل لكونه من النشطاء في حركة التحول السياسي المصري خلال السنوات القليلة الماضية. قالت المخرجة: «لم أكن أرغب في شخص (يمثل) دور ثائر، ولكن كنت أرغب في ثائر يقوم بالدور. اعتقدت أن أدوار خالد باعتباره ناشطا في مجال حقوق الإنسان والطفل وسفيرا للنوايا الحسنة لدى منظمة (اليونيسيف) ستساعده على شحن دور أب له ماضٍ سرّي خطير ويبحث عن ابنته بالعواطف والمشاعر المطلوبة».
كان لانتهاء تصوير الفيلم خلال الهجمات الشرسة التي تم شنها خلال فصل الصيف الماضي على قطاع غزة تأثير كبير على قصته، لكن التأثير الشخصي الأكثر وقعا هو فقد نجار لوالدها خلال تلك الفترة. وقالت متحدثة عن والدها: «لقد كان رجلا لم يفرض علي كيف أعيش، ولكنه دلني على الطريق فقط. كان ثائرا من نواحٍ كثيرة، ولكنه لم يفرض أبدا أي وجهات نظر قديمة أو تقليدية على الأسرة أو على أسلوب تربيتنا كفتيات أو فتيان». وكانت شخصية والد نجار مصدر إلهام قويا لكتابة نص فيلمها، حيث أوضحت قائلة: «كانت الفكرة التي تجول بخاطري هي: ما الذي سيفعله هو (أو أي أب آخر في الموقف نفسه) لحماية أطفاله، ولضمان حياة كريمة لهم في مكان يحاول إهدار كرامتها؟».
بعد الجمع بين هذه الأسئلة الشخصية والقصص التاريخية التي شعرت نجار بأن العالم يتجاهلها، تحولت إلى قصة القناص الوحيد. وقالت: «أردت من فيلم (عيون الحرامية) أن يكشف عن جزء من الدمار وعبثية العنف الذي يحيط بنا من خلال قصة واحدة». ولكي تسردها بشكل يعالج النقاط التي تجول بخاطرها، قامت المخرجة بالجمع بين العناصر التي تؤدي إلى نسج القصة الفلسطينية التي تريد أن تحكيها. وأوضحت قائلة: «اعتقدت أن دراما العلاقة بين الأب والابنة وقصة الحب والتأمل في ماضي وحاضر فلسطين يمكن أن يقدم سردا متعدد الأوجه عن أشخاص لهم معتقدات راسخة يواجهون عدم اليقين الأخلاقي للزمن».
كان الدمار الذي شعرت به نجار خلال الصيف الماضي أحس به كثير من الناس في جميع أنحاء العالم. لم يكن بحثها عن الأمل فريدا من نوعه، وكانت أسئلتها حول المقاومة ومعناها وقيمتها باعثة على الأسى. كان سرد قصة من ماضي المقاومة الفلسطينية من طرق مناقشة الوضع الراهن، وكذلك ما يخبئه المستقبل. وقالت: «أثارت القصة الحقيقية التي حدثت في عام 2002 في ذروة الانتفاضة الفلسطينية، وهي قصة رجل فلسطيني وحيد قام بما يطلق عليه البعض (إرهابا)، بينما يسميه آخرون (دفاعا عن النفس)، اهتمامي. وكذلك أثارت تساؤلات حول المقاومة والبقاء على قيد الحياة عندما يكون الناس تحت النيران». كانت هذه الطريقة في التفكر في الأشياء تذكرها بتوجه أبيها الإيجابي في أوقات اليأس. «ربما كان سينصحني بالبحث عن شيء إيجابي وسط كل هذا اليأس، لذلك توجهت إلى السينما بحثا عن الأمل».



بارود «النار بالنار» موهبة صاعدة لفتت المشاهد

عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
TT

بارود «النار بالنار» موهبة صاعدة لفتت المشاهد

عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)

منذ الحلقة الأولى لمسلسل «النار بالنار» لفت تيم عزيز المشاهد في دور (بارود). فهو عرف كيف يتقمص شخصية بائع اليانصيب (اللوتو) بكل أبعادها. فألّف لها قالباً خاصاً، بدأ مع قَصة شعره ولغة جسده وصولاً إلى أدائه المرفق بمصطلحات حفظها متابع العمل تلقائياً.
البعض قال إن دخول تيم عزيز معترك التمثيل هو نتيجة واسطة قوية تلقاها من مخرج العمل والده محمد عبد العزيز، إلا أن هذا الأخير رفض بداية مشاركة ابنه في العمل وحتى دخوله هذا المجال. ولكن المخرج المساعد له حسام النصر سلامة هو من يقف وراء ذلك بالفعل. ويقول تيم عزيز لـ«الشرق الأوسط»: «حتى أنا لم أحبذ الفكرة بداية. لم يخطر ببالي يوماً أن أصبح ممثلاً. توترت كثيراً في البداية وكان همي أن أثبت موهبتي. وفي اليوم الخامس من التصوير بدأت ألمس تطوري».
يحدثك باختصار ابن الـ15 سنة ويرد على السؤال بجواب أقصر منه. فهو يشعر أن الإبحار في الكلام قد يربكه ويدخله في مواقف هو بغنى عنها. على بروفايل حسابه الإلكتروني «واتساب» دوّن عبارة «اخسر الجميع واربح نفسك»، ويؤكد أن على كل شخص الاهتمام بما عنده، فلا يضيع وقته بما قد لا يعود ربحاً عليه معنوياً وفي علاقاته بالناس. لا ينكر أنه بداية، شعر بضعف في أدائه ولكن «مو مهم، لأني عرفت كيف أطور نفسي».
مما دفعه للقيام بهذه التجربة كما يذكر لـ«الشرق الأوسط» هو مشاركة نجوم في الدراما أمثال عابد فهد وكاريس بشار وجورج خباز. «كنت أعرفهم فقط عبر أعمالهم المعروضة على الشاشات. فغرّني الالتقاء بهم والتعاون معهم، وبقيت أفكر في الموضوع نحو أسبوع، وبعدها قلت نعم لأن الدور لم يكن سهلاً».
بنى تيم عزيز خطوط شخصيته (بارود) التي لعبها في «النار بالنار» بدقة، فتعرف إلى باعة اليناصيب بالشارع وراقب تصرفاتهم وطريقة لبسهم وأسلوب كلامهم الشوارعي. «بنيت الشخصية طبعاً وفق النص المكتوب ولونتها بمصطلحات كـ(خالو) و(حظي لوتو). حتى اخترت قصة الشعر، التي تناسب شخصيتي، ورسمتها على الورق وقلت للحلاق هكذا أريدها».
واثق من نفسه يقول تيم عزيز إنه يتمنى يوماً ما أن يصبح ممثلاً ونجماً بمستوى تيم حسن. ولكنه في الوقت نفسه لا يخفي إعجابه الكبير بالممثل المصري محمد رمضان. «لا أفوت مشاهدة أي عمل له فعنده أسلوبه الخاص بالتمثيل وبدأ في عمر صغير مثلي. لم أتابع عمله الرمضاني (جعفر العمدة)، ولكني من دون شك سأشاهد فيلمه السينمائي (هارلي)».
لم يتوقع تيم عزيز أن يحقق كل هذه الشهرة منذ إطلالته التمثيلية الأولى. «توقعت أن أطبع عين المشاهد في مكان ما، ولكن ليس إلى هذا الحد. فالناس باتت تناديني باسم بارود وتردد المصطلحات التي اخترعتها للمسلسل».
بالنسبة له التجربة كانت رائعة، ودفعته لاختيار تخصصه الجامعي المستقبلي في التمثيل والإخراج. «لقد غيرت حياتي وطبيعة تفكيري، صرت أعرف ماذا أريد وأركّز على هدف أضعه نصب عيني. هذه التجربة أغنتني ونظمت حياتي، كنت محتاراً وضائعاً أي اختصاص سأدرسه مستقبلاً».
يرى تيم في مشهد الولادة، الذي قام به مع شريكته في العمل فيكتوريا عون (رؤى) وكأنه يحصل في الواقع. «لقد نسيت كل ما يدور من حولي وعشت اللحظة كأنها حقيقية. تأثرت وبكيت فكانت من أصعب المشاهد التي أديتها. وقد قمنا به على مدى يومين فبعد نحو 14 مشهداً سابقاً مثلناه في الرابعة صباحاً صورنا المشهد هذا، في التاسعة من صباح اليوم التالي».
أما في المشهد الذي يقتل فيه عمران (عابد فهد) فترك أيضاً أثره عنده، ولكن هذه المرة من ناحية الملاحظات التي زوده بها فهد نفسه. «لقد ساعدني كثيراً في كيفية تلقف المشهد وتقديمه على أفضل ما يرام. وكذلك الأمر بالنسبة لكاريس بشار فهي طبعتني بحرفيتها. كانت تسهّل علي الموضوع وتقول لي (انظر إلى عيني). وفي المشهد الذي يلي مقتلها عندما أرمي الأوراق النقدية في الشارع كي يأخذها المارة تأثرت كثيراً، وكنت أشعر كأنها في مقام والدتي لاهتمامها بي لآخر حد»
ورغم الشهرة التي حصدها، فإن تيم يؤكد أن شيئاً لم يتبدل في حياته «ما زلت كما أنا وكما يعرفني الجميع، بعض أصدقائي اعتقد أني سأتغير في علاقتي بهم، لا أعرف لماذا؟ فالإنسان ومهما بلغ من نجاحات لن يتغير، إذا كان معدنه صلباً، ويملك الثبات الداخلي. فحالات الغرور قد تصيب الممثل هذا صحيح، ولكنها لن تحصل إلا في حال رغب فيها».
يشكر تيم والده المخرج محمد عبد العزيز لأنه وضع كل ثقته به، رغم أنه لم يكن راغباً في دخوله هذه التجربة. ويعلق: «استفدت كثيراً من ملاحظاته حتى أني لم ألجأ إلا نادراً لإعادة مشهد ما. لقد أحببت هذه المهنة ولم أجدها صعبة في حال عرفنا كيف نعيش الدور. والمطلوب أن نعطيها الجهد الكبير والبحث الجدّي، كي نحوّل ما كتب على الورق إلى حقيقة».
ويشير صاحب شخصية بارود إلى أنه لم ينتقد نفسه إلا في مشاهد قليلة شعر أنه بالغ في إبراز مشاعره. «كان ذلك في بداية المسلسل، ولكن الناس أثنت عليها وأعجبت بها. وبعدما عشت الدور حقيقة في سيارة (فولسفاكن) قديمة أبيع اليانصيب في الشارع، استمتعت بالدور أكثر فأكثر، وصار جزءاً مني».
تيم عزيز، الذي يمثل نبض الشباب في الدراما اليوم، يقول إن ما ينقصها هو تناول موضوعات تحاكي المراهقين بعمره. «قد نجدها في أفلام أجنبية، ولكنها تغيب تماماً عن أعمالنا الدرامية العربية».