المسرح القومي المصري يرتدي حلة جديدة بعد 6 سنوات من الترميم

وسط رقصات التنورة وتكريم الفنانين والعرض المسرحي «وبحلم يا مصر»

المسرح القومي بعد الترميم
المسرح القومي بعد الترميم
TT

المسرح القومي المصري يرتدي حلة جديدة بعد 6 سنوات من الترميم

المسرح القومي بعد الترميم
المسرح القومي بعد الترميم

بعد 6 سنوات من الحريق الهائل الذي التهم معظم محتوياته، ارتدى المسرح القومي بوسط القاهرة حلة جديدة بعد الانتهاء من أعمال تطويره وترميمه. وافتتح رئيس الوزراء إبراهيم محلب يرافقه وزير الثقافة جابر عصفور ورئيس البيت الفني للمسرح فتوح أحمد وجموع من الفنانين، أعمال التطوير بالمسرح في عرس فني وثقافي. وقالت مصادر في وزارة الثقافة إن «المسرح القومي هو الواجهة الثقافية والمعمارية للمسرح المصري، شأنه شأن المسارح القومية بدول العالم المختلفة، حيث يقدم أعمالا تعتبر انعكاسا لأصالة المسرح المصري تأليفا وتمثيلا وإخراجا».
وتسبب حريق كبير اندلع في سبتمبر (أيلول) عام 2008 بصالة العرض بالمسرح الذي يقع في ميدان العتبة الشهير وسط العاصمة المصرية، في أضرار بالغة دفعت وزارة الثقافة إلى اتخاذ قرار بإجراء مشروع ترميم وتطوير شامل، وقالت المصادر في وزارة الثقافة إن «أعمال الترميم استغرقت 6 سنوات وشملت تجديد خشبة المسرح وصالته وقبته وقاعاته المختلفة والواجهات، إضافة إلى دعم المسرح بالتقنيات والمعدات الحديثة وبلغت التكلفة نحو 104 ملايين جنيه».
ووسط عروض التنورة المستمدة من التراث وحضور فني ورسمي رفيع المستوى، كرم رئيس الوزراء عددا من الممثلين والممثلات منهم أشرف عبد الغفور وحسن يوسف وحسين فهمي ورشوان توفيق وسميحة أيوب وسهير المرشدي وعبد الرحمن أبو زهرة وعزت العلايلي وفردوس عبد الحميد ومحمد وفيق ومحمود يس ونبيل الحلفاوي ونور الشريف ويحيى الفخراني، إضافة للمخرج سمير العصفوري. كما عرضت مسرحية «وبحلم يا مصر»، تأليف نعمان عاشور وبطولة علي الحجار، ومروة ناجي، وإخراج عصام السيد.
وترتكز الأعمال الفنية التي يقدمها المسرح القومي على أعمال المؤلفين المصريين التي تمثل نقاط الازدهار والتحولات الهامة فنيا وفكريا، والأعمال ذات الطابع الكلاسيكي المصري والأجنبي التي تتطلب نوعية من الكفاءة في الأداء التمثيلي والإخراجي الكبير، وتقديم الأعمال المصرية والعربية ذات الطابع الحديث والمعاصر لكبار المؤلفين.
من جانبه، قال وزير الثقافة في كلمته بالحفل، إننا «عندما نضيء أنوار المسرح القومي نضيء معها أنوار العقول»، مضيفا: «أرجو أن يزدهر هذا المسرح وأن تفرحوا بعودتكم إليه أنتم أبناء هذا المسرح ورواده ومبدعيه.. أما أنا فأنا فرح جدا بأن هذا المسرح الذي جئت إليه يوما وأنا طالب قد استعاد شبابه ونضارته، وعاد إلى المثقفين والفنانين ليكون منارة للحرية والديمقراطية». وتأسس المسرح الذي يعد أقدم مسارح الشرق الأوسط وأفريقيا بمرسوم من الخديوي إسماعيل في 1869. وقديما كان يسمى باسم «مسرح وتياترو الأزبكية» بحديقة الأزبكية، فكان مكان الحديقة بركة الأزبكية المنسوبة للأمير أزبك اليوسفي المملوكي، الذي أنشأ قصره على ضفافها وتبعه الكثير من الأمراء في بناء قصورهم الفاخرة والزاهرة مستمتعين بالمنظر الجذاب للبحيرة وما يحيطها من خضرة.
وفي عصر الدولة العثمانية كثرت أماكن عرض خيال الظل على ضفاف البحيرة، وكانت من الأماكن المميزة التي ينشدها المصريون ليلا، وبعدها أنشأ الفرنسيون عام 1799 إدارتهم خارج القاهرة على ضفاف البركة بعد ثوره القاهرة، وتبع ذلك إنشاء الكثير من المسارح منها مسرح لنابليون ومسرح «الجمهورية والفن».
وفي عام 1870 أمر الخديوي إسماعيل، بتحويل بركة الأزبكية إلى حديقة على غرار حديقة لوكسمبورغ بباريس، حتى إنه استورد نفس أنواع وأعداد الأشجار الموجودة بالحديقة الباريسية، وأسند المهمة إلى مسيو لشفياري مفتش المزارع الخديوية والأميرية، وتم افتتاحها رسميا عام 1872 على مقربة من حديقة الأزبكية، وفي عام 1917 أسست شركة ترقية التمثيل العربي (جوق عبد الله عكاشة وإخوته وشركاهم)، وقامت الشركة بتأجير مسرح الأزبكية لمدة 50 عاما بإيجار سنوي وقدره 12 جنيها بموجب عقد يسمح للفرقة بتجديد بناء المسرح.
وقد شيد تياترو حديقة الأزبكية في نفس موقع تياترو الأزبكية القديم من حديقة الأزبكية جنوب شرقي الحديقة وهو الجزء الذي يطل على ميدان العتبة، وتم افتتاحه رسميا للجمهور الأول من يناير (كانون الثاني) عام 1920. فيما قام بتصميم المسرح وتنفيذه المهندس فيروتشي الإيطالي الجنسية، الذي كان يشغل منصب مدير عام المباني السلطانية في ذلك الوقت، وقد صمم المسرح من الداخل على نمط التصميم المعماري الذي كان سائدا في ذلك العصر من ناحية الصالة البيضاوية على هيئة حدوة فرس، وشكل التصميم نموذج مصغر لتصميم مسرح الأوبرا الملكية المصرية. وفي عام 1935 أسست وزارة المعارف الفرقة القومية برئاسة الشاعر خليل مطران، وقد سمي المسرح على اسم الفرقة عام 1958.
ويصف الفنان أشرف عبد الغفور عودة المسرح القومي إلى أداء رسالته الفنية، بأنه رسالة توجه إلى العالم أجمع بأن مصر تستعيد مكانتها الثقافية والفنية التي تستحقها بعد أن استعادت هيبتها كدولة وريادتها في محيطها الإقليمي والعالمي بفضل قدرة شعبها العظيم في الحفاظ على وطنه ووحدته. وأضاف أن عودة المسرح القومي إلى الأضواء، كانت حلما للمثقفين على مستوى الوطن العربي كله، وكان لا بد أن يعود مرة أخرى، كخطوة لإعادة الثقافة مرة أخرى إلى دورها وتأثيرها في محيطها المحلي والإقليمي.
وقد مر على مبنى المسرح القومي عدد من مراحل التطوير بدأت في عام 1940 عندما قررت الفرقة القومية أن تشغله، وفيها تم تعديل خشبة المسرح وتغيير الأثاث بالصالة بالكامل، وفرش الأرضية بالسجاد وإصلاح المداخل وبعدها هناك نقطتان هامتان في مسار حياته المعمارية، الأولى هي التجديدات التي تمت عليه في سنة 1960، والتي تمت بعد إنشاء مسرح القاهرة للعرائس 1959 وشملتها تعديلات جوهرية في مبنى المسرح، والثانية في عام 1983 تمت تجديدات للمسرح والتي وصلتنا صورتها المعمارية حاليا.. وتلك المرة شملت تجديدات في شكل المسرح خارجيا وتعديلات داخلية في المسقط الأفقي.



بارود «النار بالنار» موهبة صاعدة لفتت المشاهد

عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
TT

بارود «النار بالنار» موهبة صاعدة لفتت المشاهد

عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)

منذ الحلقة الأولى لمسلسل «النار بالنار» لفت تيم عزيز المشاهد في دور (بارود). فهو عرف كيف يتقمص شخصية بائع اليانصيب (اللوتو) بكل أبعادها. فألّف لها قالباً خاصاً، بدأ مع قَصة شعره ولغة جسده وصولاً إلى أدائه المرفق بمصطلحات حفظها متابع العمل تلقائياً.
البعض قال إن دخول تيم عزيز معترك التمثيل هو نتيجة واسطة قوية تلقاها من مخرج العمل والده محمد عبد العزيز، إلا أن هذا الأخير رفض بداية مشاركة ابنه في العمل وحتى دخوله هذا المجال. ولكن المخرج المساعد له حسام النصر سلامة هو من يقف وراء ذلك بالفعل. ويقول تيم عزيز لـ«الشرق الأوسط»: «حتى أنا لم أحبذ الفكرة بداية. لم يخطر ببالي يوماً أن أصبح ممثلاً. توترت كثيراً في البداية وكان همي أن أثبت موهبتي. وفي اليوم الخامس من التصوير بدأت ألمس تطوري».
يحدثك باختصار ابن الـ15 سنة ويرد على السؤال بجواب أقصر منه. فهو يشعر أن الإبحار في الكلام قد يربكه ويدخله في مواقف هو بغنى عنها. على بروفايل حسابه الإلكتروني «واتساب» دوّن عبارة «اخسر الجميع واربح نفسك»، ويؤكد أن على كل شخص الاهتمام بما عنده، فلا يضيع وقته بما قد لا يعود ربحاً عليه معنوياً وفي علاقاته بالناس. لا ينكر أنه بداية، شعر بضعف في أدائه ولكن «مو مهم، لأني عرفت كيف أطور نفسي».
مما دفعه للقيام بهذه التجربة كما يذكر لـ«الشرق الأوسط» هو مشاركة نجوم في الدراما أمثال عابد فهد وكاريس بشار وجورج خباز. «كنت أعرفهم فقط عبر أعمالهم المعروضة على الشاشات. فغرّني الالتقاء بهم والتعاون معهم، وبقيت أفكر في الموضوع نحو أسبوع، وبعدها قلت نعم لأن الدور لم يكن سهلاً».
بنى تيم عزيز خطوط شخصيته (بارود) التي لعبها في «النار بالنار» بدقة، فتعرف إلى باعة اليناصيب بالشارع وراقب تصرفاتهم وطريقة لبسهم وأسلوب كلامهم الشوارعي. «بنيت الشخصية طبعاً وفق النص المكتوب ولونتها بمصطلحات كـ(خالو) و(حظي لوتو). حتى اخترت قصة الشعر، التي تناسب شخصيتي، ورسمتها على الورق وقلت للحلاق هكذا أريدها».
واثق من نفسه يقول تيم عزيز إنه يتمنى يوماً ما أن يصبح ممثلاً ونجماً بمستوى تيم حسن. ولكنه في الوقت نفسه لا يخفي إعجابه الكبير بالممثل المصري محمد رمضان. «لا أفوت مشاهدة أي عمل له فعنده أسلوبه الخاص بالتمثيل وبدأ في عمر صغير مثلي. لم أتابع عمله الرمضاني (جعفر العمدة)، ولكني من دون شك سأشاهد فيلمه السينمائي (هارلي)».
لم يتوقع تيم عزيز أن يحقق كل هذه الشهرة منذ إطلالته التمثيلية الأولى. «توقعت أن أطبع عين المشاهد في مكان ما، ولكن ليس إلى هذا الحد. فالناس باتت تناديني باسم بارود وتردد المصطلحات التي اخترعتها للمسلسل».
بالنسبة له التجربة كانت رائعة، ودفعته لاختيار تخصصه الجامعي المستقبلي في التمثيل والإخراج. «لقد غيرت حياتي وطبيعة تفكيري، صرت أعرف ماذا أريد وأركّز على هدف أضعه نصب عيني. هذه التجربة أغنتني ونظمت حياتي، كنت محتاراً وضائعاً أي اختصاص سأدرسه مستقبلاً».
يرى تيم في مشهد الولادة، الذي قام به مع شريكته في العمل فيكتوريا عون (رؤى) وكأنه يحصل في الواقع. «لقد نسيت كل ما يدور من حولي وعشت اللحظة كأنها حقيقية. تأثرت وبكيت فكانت من أصعب المشاهد التي أديتها. وقد قمنا به على مدى يومين فبعد نحو 14 مشهداً سابقاً مثلناه في الرابعة صباحاً صورنا المشهد هذا، في التاسعة من صباح اليوم التالي».
أما في المشهد الذي يقتل فيه عمران (عابد فهد) فترك أيضاً أثره عنده، ولكن هذه المرة من ناحية الملاحظات التي زوده بها فهد نفسه. «لقد ساعدني كثيراً في كيفية تلقف المشهد وتقديمه على أفضل ما يرام. وكذلك الأمر بالنسبة لكاريس بشار فهي طبعتني بحرفيتها. كانت تسهّل علي الموضوع وتقول لي (انظر إلى عيني). وفي المشهد الذي يلي مقتلها عندما أرمي الأوراق النقدية في الشارع كي يأخذها المارة تأثرت كثيراً، وكنت أشعر كأنها في مقام والدتي لاهتمامها بي لآخر حد»
ورغم الشهرة التي حصدها، فإن تيم يؤكد أن شيئاً لم يتبدل في حياته «ما زلت كما أنا وكما يعرفني الجميع، بعض أصدقائي اعتقد أني سأتغير في علاقتي بهم، لا أعرف لماذا؟ فالإنسان ومهما بلغ من نجاحات لن يتغير، إذا كان معدنه صلباً، ويملك الثبات الداخلي. فحالات الغرور قد تصيب الممثل هذا صحيح، ولكنها لن تحصل إلا في حال رغب فيها».
يشكر تيم والده المخرج محمد عبد العزيز لأنه وضع كل ثقته به، رغم أنه لم يكن راغباً في دخوله هذه التجربة. ويعلق: «استفدت كثيراً من ملاحظاته حتى أني لم ألجأ إلا نادراً لإعادة مشهد ما. لقد أحببت هذه المهنة ولم أجدها صعبة في حال عرفنا كيف نعيش الدور. والمطلوب أن نعطيها الجهد الكبير والبحث الجدّي، كي نحوّل ما كتب على الورق إلى حقيقة».
ويشير صاحب شخصية بارود إلى أنه لم ينتقد نفسه إلا في مشاهد قليلة شعر أنه بالغ في إبراز مشاعره. «كان ذلك في بداية المسلسل، ولكن الناس أثنت عليها وأعجبت بها. وبعدما عشت الدور حقيقة في سيارة (فولسفاكن) قديمة أبيع اليانصيب في الشارع، استمتعت بالدور أكثر فأكثر، وصار جزءاً مني».
تيم عزيز، الذي يمثل نبض الشباب في الدراما اليوم، يقول إن ما ينقصها هو تناول موضوعات تحاكي المراهقين بعمره. «قد نجدها في أفلام أجنبية، ولكنها تغيب تماماً عن أعمالنا الدرامية العربية».