قلعة «مارد» شمال السعودية... تستعيد وهجها ومناعتها

مرّت عليها سبع ملِكات عربيات وتمرّدت أمام الملكة زنوبيا

الحصن المنيع بعد ترميمه
الحصن المنيع بعد ترميمه
TT

قلعة «مارد» شمال السعودية... تستعيد وهجها ومناعتها

الحصن المنيع بعد ترميمه
الحصن المنيع بعد ترميمه

تعد قلعة «مارد» في منطقة الجوف شمال السعودية أهم قلاع الجزيرة العربية التاريخية وتطل هذه القلعة على واحدة من أقدم المستوطنات البشرية وهي «دومة الجندل» التي كانت عاصمة لممالك وحضارات عربية قديمة.
وقد تم مؤخراً إعادة ترميم القلعة وأحيطت بها أماكن ترفيهية تجذب الزوار والسياح.
وظهرت المنطقة على مسرح التاريخ المدوّن في العهد الآشوري، وتحدثت المصادر التاريخية عن أن عدداً من الملكات العربية حكمنَ الدول التي قامت فيها، وكانت دومة الجندل عاصمة لها. وحددت المصادر 7 منهن، مشيرة إلى الملكة «سمسي»، ووُضعت على مستوى واحد مع فرعون مصر وآن آمار السبئي، مما يعطي دلالة على المركز الرفيع الذي تمتعت به ملكات دومة الجندل بقلعتها «مارد» المنيعة. القلعة مثّلت سداً منيعاً في وجه المستعمرين، ولعل أبرز من رصد ذلك هو الأمير الراحل عبد الرحمن بن أحمد السديري، أمير منطقة الجوف، تاسع أمير للمنطقة في الفترة من 1943 حتى عام 1990، حيث نجح في جمع تاريخ المنطقة من خلال كتاب حمل اسم «الجوف وادي النفاخ».
ظهرت المنطقة على مسرح تاريخ المدن في العهد الآشوري، وهناك نصوص مكتوبة ومفصلة تتحدث عنها تعود إلى القرنين الثامن والسابع قبل الميلاد. وتقدم هذه النصوص صورة العلاقات السياسية بين هذه المنطقة والأجزاء الأخرى من العالم القديم. وتشير المصادر الآشورية إلى دومة الجندل بـ(أدوماتو)، أو (أدومو)، كما تشير إلى وقوعها ضمن ممتلكات قبيلة قيدار العربية، كما تبدأ الإشارة إلى دومة الجندل في القرن الثالث الميلادي في عهد الملكة العربية الشهيرة (زنوبيا)، ويبدو أن هذه الملكة غزت دومة الجندل، لكن قلعة المدينة كانت حصينة بحيث لم تتمكن من اقتحامها فارتدّت خائبة، وقالت قولها الشهير: «تمرد مارد وعزّ الأبلق»، ومارد هذا هو قصر مارد في دومة الجندل، والأبلق قصر مشهور في تيماء. كما ظهرت المدينة مرة أخرى في السجل التاريخي في القرن الخامس الميلادي عندما سيطر عليها الملك العربي امرؤ القيس، وتبع ذلك ظهور مملكة الأكيدر.
وقد ذكر امرؤ القيس في معلقته الشهيرة كلاً من تيماء ودومة الجندل عندما وصف سيلاً أثار الوعول وبث فيها الذعر ودفعها إلى الهرب، تطلب النجاة كل مطلب. والوعول المذعورة الهاربة كالشجر المنكبّ على ذقنه، وسيلة توسّل بها الشاعر لتمثيل عِظم السيل:
فأضحى يسحُّ الماء حول كُتيفة
يكبُّ على الأذقان دوح الكنهبل
ومر على القنّان من نفيانه
فأنزل منها العصم من كل منزل
وتيماء لم يترك بها جذع نخلة
ولا أطما إلا مشيدا بجندل
وكان اسم الجوف يطلق على مدينة دومة الجندل إلى وقت قريب حين تمت تسمية المنطقة بكاملها بهذا الاسم واستعادت دومة الجندل اسمها التاريخي القديم الذي كان يستخدم مرادفاً لاسم الجوف، وتقول المصادر إن مدينة دومة الجندل القديمة وقلعة «مارد» يرجع تاريخهما إلى أكثر من ألفي عام. ورد ذكرها في مدونات من العصر الآشوري وهناك نصوص مكتوبة ومفصّلة تتحدث عن الجوف وتعود إلى القرنين الثامن والسابع قبل الميلاد، محددةً اسم مدينة دومة الجندل بوصفها مقراً لعدد من الملكات العربيات مثل «تلخونو» و«تبؤة» و«تارابوا» و«زبيبة» و«سمسي». أما قصر «مارد» فهو عبارة عن قلعة مسوّرة تنتصب على مرتفع يطل على مدينة دومة الجندل القديمة وأُعيد بناء بعض أجزائها إلا أن القسم الأكبر منها ظل على حالته منذ إنشائها في قديم الزمان. وفي كتابه «في شمال غربي الجزيرة العربية» قال علّامة الجزيرة العربية الراحل الشيخ حمد الجاسر، عن حصن «مارد»: «لقد تجولت بكل ما يحيط بالحصن من بنايات فشاهدت أن هذا الحصن يقع على جبل أو تل صخري، بمعنى أصح يطل على الجوف من الجهة الغربية ممتداً نحو الشرق، حيث تقع شرقه وشماله أرض منخفضة تنتشر فيها بساتين البلد وبعض قصوره القديمة وتقع بجوار الحصن، والحصن يسيطر على الأمكنة الواقعة حول الجوف».
وزار الكابتن بتلر ورفيقه الكابتن أيلمر الجوف عام 1908م وكانت المنطقة تحت حكم ابن رشيد وكان أميرها فيصل بن رشيد الذي كان قد وصل في أثناء الزيارة إلى دومة الجندل ونزل في قلعتها، وبعد أن حصل بتلر على إذن بالسفر من سكاكا إلى دومة الجندل توجها إليها وزارا أميرها وهنا يصف بتلر الزيارة: «بوصولنا إلى الجوف توجهنا إلى القلعة التي يسكنها الأمير وهي قلعة كبيرة مبنية من الحجارة والطين، طولها نحو تسعين ذراعاً وعرضها خمسون، وترتفع جدرانها إلى ما يقرب من أربعين قدماً مع وجود أبراج عند كل زاوية يرتفع البرج منها إلى ستين قدماً تقريباً ولا توجد نوافذ للقلعة، وهي حصن دفاعي منيع، وتوجهنا إلى قاعة للاستقبال حيث تناولنا القهوة ثم خرجنا إلى ساحة شاهدنا فيها المدفعين البريطانيين الصنع اللذين ذكرتهما الليدي آن بلانت، ومن هناك صعدنا السلم المؤدي إلى مجلس فيصل بن رشيد لمقابلته... ووجدنا ابن رشيد يجلس في غرفة ذات سقف منخفض يعتمد على أعمدة خشبية، وكان السجاد يغطي أرضية الغرفة حيث جلس حراسه ورجاله، أما ابن رشيد نفسه فكان يجلس بالقرب من الموقد في الطرف القصيّ من الغرفة، وعند دخولنا نهض الأمير وتقدم لاستقبالنا».



«يوم 13» يطارد «هارلي» في سباق إيرادات «الفطر السينمائي» بمصر

أحمد داود في لقطة من الفيلم
أحمد داود في لقطة من الفيلم
TT

«يوم 13» يطارد «هارلي» في سباق إيرادات «الفطر السينمائي» بمصر

أحمد داود في لقطة من الفيلم
أحمد داود في لقطة من الفيلم

حقق فيلم الرعب والإثارة «يوم 13» مفاجأة خلال الأيام الماضية في شباك التذاكر بمصر، حيث حصد أعلى إيراد يومي متفوقاً على فيلم «هارلي» لمحمد رمضان، الذي لا يزال محتفظاً بالمركز الأول في مجمل إيرادات أفلام موسم عيد الفطر محققاً ما يزيد على 30 مليون جنيه مصري حتى الآن (نحو مليون دولار أميركي)، بينما يطارده في سباق الإيرادات «يوم 13» الذي حقق إجمالي إيرادات تجاوزت 20 مليون جنيه حتى الآن.
ويعد «يوم 13» أول فيلم عربي بتقنية ثلاثية الأبعاد، وتدور أحداثه في إطار من الرعب والإثارة من خلال عز الدين (يؤدي دوره الفنان أحمد داود) الذي يعود من كندا بعد سنوات طويلة باحثاً عن أهله، ويفاجأ بعد عودته بالسمعة السيئة لقصر العائلة المهجور الذي تسكنه الأشباح، ومع إقامته في القصر يكتشف مغامرة غير متوقعة. الفيلم من تأليف وإخراج وائل عبد الله، وإنتاج وتوزيع شركته وشقيقه لؤي عبد الله «أوسكار»، ويؤدي بطولته إلى جانب أحمد داود كل من دينا الشربيني، وشريف منير، وأروى جودة، كما يضم عدداً من نجوم الشرف من بينهم محمود عبد المغني، وفرح، وأحمد زاهر، ومحمود حافظ، وجومانا مراد، ووضع موسيقاه هشام خرما.
وقال مخرج الفيلم وائل عبد الله في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إنه ليس متفاجئاً بالإيرادات التي حققها الفيلم، ولكنه كان متخوفاً من الموسم نفسه ألا يكون جيداً، قائلاً إن «إقبال الجمهور حطم مقولة إن جمهور العيد لا يقبل إلا على الأفلام الكوميدية، وإنه يسعى للتنوع ولوجود أفلام أخرى غير كوميدية، وإن الفيصل في ذلك جودة الفيلم، مؤكداً أن الفيلم احتل المركز الأول في الإيرادات اليومية منذ انتهاء أسبوع العيد».
وكشف عبد الله أن الفيلم استغرق عامين، خلاف فترات التوقف بسبب جائحة كورونا، وأنه تضمن أعمال غرافيك كبيرة، ثم بعد ذلك بدأ العمل على التقنية ثلاثية الأبعاد التي استغرق العمل عليها عشرة أشهر كاملة، مؤكداً أنه درس طويلاً هذه التقنية وأدرك عيوبها ومميزاتها، وسعى لتلافي الأخطاء التي ظهرت في أفلام أجنبية والاستفادة من تجارب سابقة فيها.
وواصل المخرج أنه كان يراهن على تقديم الفيلم بهذه التقنية، لا سيما أن أحداً في السينما العربية لم يقدم عليها رغم ظهورها بالسينما العالمية قبل أكثر من عشرين عاماً، موضحاً أسباب ذلك، ومن بينها ارتفاع تكلفتها والوقت الذي تتطلبه، لذا رأى أنه لن يقدم على هذه الخطوة سوى أحد صناع السينما إنتاجياً وتوزيعياً، مشيراً إلى أن «ميزانية الفيلم وصلت إلى 50 مليون جنيه، وأنه حقق حتى الآن إيرادات وصلت إلى 20 مليون جنيه».
ورغم عدم جاهزية بعض السينمات في مصر لاستقبال الأفلام ثلاثية الأبعاد، فقد قام المخرج بعمل نسخ «2 دي» لبعض دور العرض غير المجهزة، مؤكداً أن استقبال الجمهور في القاهرة وبعض المحافظات للفيلم لم يختلف، منوهاً إلى أن ذلك سيشجع كثيراً على تقديم أفلام بتقنية ثلاثية الأبعاد في السينما العربية.