عرب و عجم

عرب و عجم
TT

عرب و عجم

عرب و عجم

> الدكتور يوسف العثيمين الأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي، التقى بمكتبه في جدة سفير غامبيا لدى السعودية والمندوب الدائم لدى المنظمة، عمر جبريل صلاح. وتناول اللقاء التطورات الأخيرة التي تهم القضية المرفوعة ضد ميانمار في محكمة العدل الدولية لتحقيق العدالة لـ«الروهينغيا»، كما أكد اللقاء أهمية تعزيز الحوار وعلاقات التعاون بين «التعاون الإسلامي» وغامبيا في شتى المجالات.
> محمد مختار جمعة، وزير الأوقاف المصري، استقبل أول من أمس، سفير كازاخستان بالقاهرة أرمان إساغالييف، وأشاد السفير بدور الجامعة المصرية للثقافة الإسلامية التابعة لوزارة الأوقاف المصرية بدولة كازاخستان، مؤكداً أنها الأولى في الدراسات الدينية بكازاخستان، ويتوافد إليها الطلاب من آسيا وأفريقيا، كما أشاد بإصدارات الأوقاف ومؤلفات الوزير في تجديد الخطاب الديني. من جانبه أهدى الوزير درع الوزارة وكتاب «فقه النوازل» إلى السفير، تقديراً لدوره في دعم أعمال الجامعة.
> أحمد نايف الدليمي، السفير العراقي في مصر ومندوبها الدائم لدى جامعة الدول العربية، شهد أول من أمس، مراسم إرسال مصر طائرة عسكرية تحمل مساعدات ومستلزمات طبية وقائية عاجلة إلى بغداد، وقال الدليمي إن ذلك جاء تعبيراً عن تضامن مصر مع حكومة وشعب العراق، في دعم الجهود لمكافحة جائحة فيروس «كورونا»، التي تعاني منها جميع دول العالم. تشمل الشحنة (14) طناً من الأدوية والمستلزمات الطبية التي تضم الأقنعة الطبية والملابس الواقية وكواشف الاختبار.
> عاصم الجزار، وزير الإسكان المصري، تفقد أول من أمس، المشروعات المختلفة بالعاصمة الإدارية الجديدة، واطّلع على سير العمل بمشروع الحدائق المركزية بالعاصمة الإدارية الجديدة «كابيتال بارك»، والتقى الوزير شركات المقاولات المُنفذة للمشروع، لمتابعة خطة التنفيذ التفصيلية، والوقوف على المستجدات بالمشروع، حيث وجّه استشاري المشروع بإعداد تقرير عن أداء كل شركة، ومدى التزامها بالجدول الزمني المحدد للتنفيذ، مؤكداً أنه سيتم استبعاد الشركات المُتقاعسة عن التنفيذ، وسحب الأعمال المُسندة لها.
> بشيميسلاف نيسيووفسكي، سفير جمهورية بولندا في لبنان، زار أول من أمس، مستشفى رفيق الحريري الجامعي في بيروت، لتقديم هبة بولندية تتضمن مستلزمات ومعدات طبية، تضامناً وتعاطفاً مع الشعب اللبناني، ولكون المستشفى الأول في طليعة المعركة بمكافحة فيروس «كورونا المستجد». وأكدت السفارة أن «بولندا ومنذ سنوات عديدة، تنفذ مشاريع إنسانية وتنموية في لبنان. ومنذ عام 2012 ولبنان وجهة ذات أولوية في تلقي المساعدات الإنسانية البولندية».
> الدكتور محمد عتيق الفلاحي، الأمين العام لهيئة الهلال الأحمر الإماراتي، تفقد أول من أمس، برفقة وفد من الهيئة الذي يزور جزر القمر حالياً، سير العمل في عدد من مشاريع الهيئة التنموية، الجاري تنفيذها لدعم قطاعي الصحة والتعليم وتعزيز قدراتهما، ضمن مبادرات الهيئة المستمرة في مجالات التنمية والإعمار على الساحة القمرية، وتعزيزاً لجهود الإمارات لتأهيل البنى التحتية وتوفير الخدمات وتحسين الحياة والشرائح المحتاجة في جزر القمر.
> المهندس عصام بن عبد الله خلف، وزير الأشغال وشؤون البلديات والتخطيط العمراني البحريني، بحث في اتصال مرئي مع النائبة سوسن كمال ممثل الدائرة الثانية في محافظة العاصمة، الاحتياجات الخدمية المختلفة للدائرة. وأشاد الوزير خلف بالدور الكبير الذي يلعبه أعضاء السلطة التشريعية في خدمة الوطن والمواطنين، مؤكداً أهمية التعاون المستمر بين السلطتين التشريعية والتنفيذية من أجل الصالح العام.
> الدكتور محمد مبارك بن دينه، الرئيس التنفيذي للمجلس الأعلى للبيئة بالبحرين، شارك أول من أمس، في الاجتماع الوزاري الافتراضي بشأن التعافي المستدام والمرن من جائحة «كورونا»، والذي عقدته وزارة البيئة اليابانية، بمشاركة أممية ومسؤولي البيئة في 88 دولة. وأكد حرص البحرين على الالتزام الدائم بالاتفاقيات الدولية الداعية لمواجهة التحديات البيئية.
> محمد أمين عبد الله الكارب، سفير جمهورية السودان لدى الإمارات، أشاد أول من أمس، بدور دولة الإمارات الكبير والمهم في التوصل إلى «اتفاق جوبا للسلام» بين الحكومة الانتقالية السودانية وعدد من الحركات المسلحة الأسبوع الماضي، وقال إن الإمارات أسهمت في جلب تلك الحركات المختلفة إلى طاولة المفاوضات، الأمر الذي أسفر عن توقيع هذا الاتفاق التاريخي، إضافة إلى متابعتها مسار المفاوضات عن كثب منذ بدايته وقدمت الدعم من أجل انضمام مزيد من الأطراف إلى طاولة المفاوضات.



100 عامٍ من عاصي الرحباني

عاصي الرحباني وفيروز (تويتر)
عاصي الرحباني وفيروز (تويتر)
TT

100 عامٍ من عاصي الرحباني

عاصي الرحباني وفيروز (تويتر)
عاصي الرحباني وفيروز (تويتر)

في الرابع من شهر الخِصب وبراعم اللوز والورد، وُلد عاصي الرحباني. كانت البلادُ فكرةً فَتيّة لم تبلغ بعد عامها الثالث. وكانت أنطلياس، مسقط الرأس، قريةً لبنانيةً ساحليّة تتعطّر بزهر الليمون، وتَطربُ لارتطام الموج بصخور شاطئها.
لو قُدّر له أن يبلغ عامه المائة اليوم، لأَبصر عاصي التحوّلات التي أصابت البلاد وقُراها. تلاشت الأحلام، لكنّ «الرحباني الكبير» ثابتٌ كحقيقةٍ مُطلَقة وعَصي على الغياب؛ مقيمٌ في الأمس، متجذّر في الحاضر وممتدّةٌ جذوره إلى كل الآتي من الزمان.


عاصي الرحباني خلال جلسة تمرين ويبدو شقيقه الياس على البيانو (أرشيف Rahbani Productions)

«مهما قلنا عن عاصي قليل، ومهما فعلت الدولة لتكريمه قليل، وهذا يشمل كذلك منصور وفيروز»، يقول المؤلّف والمنتج الموسيقي أسامة الرحباني لـ«الشرق الأوسط» بمناسبة مئويّة عمّه. أما الصحافي والباحث محمود الزيباوي، الذي تعمّق كثيراً في إرث الرحابنة، فيرى أن التكريم الحقيقي يكون بتأليف لجنة تصنّف ما لم يُنشر من لوحاته الغنائية الموجودة في إذاعتَي دمشق ولبنان، وتعمل على نشره.
يقرّ أسامة الرحباني بتقصير العائلة تجاه «الريبرتوار الرحباني الضخم الذي يحتاج إلى تضافر جهود من أجل جَمعه»، متأسفاً على «الأعمال الكثيرة التي راحت في إذاعة الشرق الأدنى». غير أنّ ما انتشر من أغانٍ ومسرحيات وأفلام، على مدى أربعة عقود من عمل الثلاثي الرحباني عاصي ومنصور وفيروز، أصبح ذخيرةً للقرون المقبلة، وليس للقرن الرحباني الأول فحسب.

«فوتي احفظي، قومي سجّلي»
«كان بركاناً يغلي بالعمل... يكتب بسرعة ولا يتوقف عند هاجس صناعة ما هو أجمل، بل يترك السرد يمشي كي لا ينقطع الدفق»، هكذا يتذكّر أسامة عمّه عاصي. وفي بال الزيباوي كذلك، «عاصي هو تجسيدٌ للشغف وللإنسان المهووس بعمله». لم يكن مستغرباً أن يرنّ الهاتف عند أحد أصدقائه الساعة الثالثة فجراً، ليخرج صوت عاصي من السمّاعة قارئاً له ما كتب أو آخذاً رأيه في لحنٍ أنهاه للتوّ.
ووفق ما سمعه الزيباوي، فإن «بعض تمارين السيدة فيروز وتسجيلاتها كان من الممكن أن يمتدّ لـ40 ساعة متواصلة. يعيد التسجيل إذا لم يعجبه تفصيل، وهذا كان يرهقها»، رغم أنه الزوج وأب الأولاد الأربعة، إلا أن «عاصي بقي الأستاذ الذي تزوّج تلميذته»، على حدّ وصف الزيباوي. ومن أكثر الجمل التي تتذكّرها التلميذة عن أستاذها: «فوتي احفظي، قومي سَجّلي». أضنى الأمر فيروز وغالباً ما اعترفت به في الحوارات معها قبل أن تُطلقَ تنهيدةً صامتة: «كان ديكتاتوراً ومتطلّباً وقاسياً ومش سهل الرِضا أبداً... كان صعب كتير بالفن. لمّا يقرر شي يمشي فيه، ما يهمّه مواقفي».


عاصي وفيروز (تويتر)
نعم، كان عاصي الرحباني ديكتاتوراً في الفن وفق كل مَن عاصروه وعملوا معه. «كل العباقرة ديكتاتوريين، وهذا ضروري في الفن»، يقول أسامة الرحباني. ثم إن تلك القسوة لم تأتِ من عدم، فعاصي ومنصور ابنا الوَعر والحرمان.
أثقلت كتفَي عاصي منذ الصغر همومٌ أكبر من سنّه، فتحمّلَ وأخوه مسؤولية العائلة بعد وفاة الوالد. كان السند المعنوي والمادّي لأهل بيته. كمعطفٍ ردّ البردَ عنهم، كما في تلك الليلة العاصفة التي استقل فيها دراجة هوائية وقادها تحت حبال المطر من أنطلياس إلى الدورة، بحثاً عن منصور الذي تأخّر بالعودة من الوظيفة في بيروت. يروي أسامة الرحباني أنها «كانت لحظة مؤثرة جداً بين الأخوين، أبصرا خلالها وضعهما المادي المُذري... لم ينسيا ذلك المشهد أبداً، ومن مواقفَ كتلك استمدّا قوّتهما».
وكما في الصِبا كذلك في الطفولة، عندما كانت تمطر فتدخل المياه إلى المدرسة، كان يظنّ منصور أن الطوفان المذكور في الكتاب المقدّس قد بدأ. يُصاب بالهلَع ويصرخ مطالباً المدرّسين بالذهاب إلى أخيه، فيلاقيه عاصي ويحتضنه مهدّئاً من رَوعه.

«سهرة حبّ»... بالدَين
تعاقبت مواسم العزّ على سنوات عاصي الرحباني. فبعد بدايةٍ متعثّرة وحربٍ شرسة ضد أسلوبه الموسيقي الثائر على القديم، سلك دروب المجد. متسلّحاً بخياله المطرّز بحكايا جدّته غيتا و«عنتريّات» الوالد حنّا عاصي، اخترع قصصاً خفتت بفعلِ سحرِها الأصواتُ المُعترضة. أما لحناً، فابتدعَ نغمات غير مطابقة للنظريات السائدة، و«أوجد تركيبة جديدة لتوزيع الموسيقى العربية»، على ما يشرح أسامة الرحباني.


صورة تجمع عاصي ومنصور الرحباني وفيروز بالموسيقار محمد عبد الوهاب وفريد الأطرش، بحضور بديعة مصابني وفيلمون وهبي ونجيب حنكش (أرشيف Rahbani Productions)
كان عاصي مستعداً للخسارة المادية من أجل الربح الفني. يحكي محمود الزيباوي أنه، ولشدّة مثاليته، «سجّل مسرحية (سهرة حب) مرتَين ولم تعجبه النتيجة، فاقترض مبلغاً من المال ليسجّلها مرة ثالثة». ويضيف أن «أساطير كثيرة نُسجت حول الرحابنة، لكن الأسطورة الحقيقية الوحيدة هي جمال عملهم».
ما كانت لتكتمل أسطورة عاصي، لولا صوت تلك الصبية التي دخلت قفصَه الذهبي نهاد حدّاد، وطارت منه «فيروز».
«أدهشته»، يؤكّد الزيباوي؛ ويستطرد: «لكنّ أحداً منهما لم يعرف كيف يميّز بين نهاد حداد وفيروز»... «هي طبعاً المُلهِمة»، يقول أسامة الرحباني؛ «لمح فيها الشخصية التي لطالما أراد رسمَها، ورأى امرأةً تتجاوب مع تلك الشخصية»، ويضيف أن «عاصي دفع بصوت فيروز إلى الأعلى، فهو في الفن كان عنيفاً ويؤمن بالعصَب. كان يكره الارتخاء الموسيقي ويربط النجاح بالطبع الفني القوي، وهذا موجود عند فيروز».


زفاف عاصي الرحباني ونهاد حداد (فيروز) عام 1955 (تويتر)

دماغٌ بحجم وطن
من عزّ المجد، سرقت جلطة دماغيّة عاصي الرحباني عام 1972. «أكثر ما يثير الحزن أن عاصي مرض وهو في ذروة عطائه وإبداعه، وقد زادت الحرب اللبنانية من مرضه وصعّبت العمل كثيراً»، وفق الزيباوي. لم يكن القلق من الغد الغامض غريباً عليه. فهو ومنذ أودى انفجارٌ في إحدى الكسّارات بحياة زوج خالته يوسف الزيناتي، الذي كان يعتبره صياداً خارقاً واستوحى منه شخصيات لمسرحه، سكنته الأسئلة الحائرة حول الموت وما بعدَه.
الدماغ الذي وصفه الطبيب الفرنسي المعالج بأنه من أكبر ما رأى، عاد ليضيء كقمرٍ ليالي الحصّادين والعاشقين والوطن المشلّع. نهض عاصي ورجع إلى البزُق الذي ورثه عن والده، وإلى نُبله وكرمه الذي يسرد أسامة الرحباني عنهما الكثير.
بعد المرض، لانت قسوة عاصي في العمل وتَضاعفَ كرَمُه المعهود. يقول أسامة الرحباني إن «أقصى لحظات فرحه كانت لحظة العطاء». أعطى من ماله ومن فِكرِه، وعُرف بيدِه الموضوعة دائماً في جيبِه استعداداً لتوزيع النقود على المحتاجين في الشارع. أما داخل البيت، فتجسّد الكرَم عاداتٍ لطيفة وطريفة، كأن يشتري 20 كنزة متشابهة ويوزّعها على رجال العائلة وشبّانها.
خلال سنواته الأخيرة ومع احتدام الحرب، زاد قلق عاصي الرحباني على أفراد العائلة. ما كان يوفّر مزحة أو حكاية ليهدّئ بها خوف الأطفال، كما في ذلك اليوم من صيف 1975 الذي استُهدفت فيه بلدة بكفيا، مصيَف العائلة. يذكر أسامة الرحباني كيف دخل عاصي إلى الغرفة التي تجمّع فيها أولاد العائلة مرتعدين، فبدأ يقلّد الممثلين الأميركيين وهم يُطلقون النار في الأفلام الإيطالية، ليُنسيَهم ما في الخارج من أزيز رصاص حقيقي. وسط الدمار، بنى لهم وطناً من خيالٍ جميل، تماماً كما فعل وما زال يفعل في عامِه المائة، مع اللبنانيين.


عاصي الرحباني (غيتي)