قطاع الغذاء السعودي يتخطى تحديات «كورونا» برؤية توسع جديدة

خبراء لـ «الشرق الأوسط» : الشركات أمام فرصة تشجيع حكومي في الصناعات الزراعية باستثمارات نوعية

القطاع الغذائي أولوية في تشجيع الاستثمار الزراعي ضمن «رؤية السعودية 2030» (الشرق الأوسط)
القطاع الغذائي أولوية في تشجيع الاستثمار الزراعي ضمن «رؤية السعودية 2030» (الشرق الأوسط)
TT

قطاع الغذاء السعودي يتخطى تحديات «كورونا» برؤية توسع جديدة

القطاع الغذائي أولوية في تشجيع الاستثمار الزراعي ضمن «رؤية السعودية 2030» (الشرق الأوسط)
القطاع الغذائي أولوية في تشجيع الاستثمار الزراعي ضمن «رؤية السعودية 2030» (الشرق الأوسط)

كشف خبراء في قطاع الغذاء بالسعودية عن ملامح واضحة توضح تخطي نشاط الأغذية في البلاد تبعات «كورونا» وتحدياتها برؤية نمو وتوسع جديدة الفترة المقبلة تعزز التوجه السعودي لتوفير برامج التمويل للقطاع الزراعي والغذائي، ما أفرز توسعا في مشاريع جديدة وأخرى قائمة، في وقت قدّر فيه مختصون أن يشهد القطاع نموا بنسبة 6 في المائة مطلع العام 2021.
وتنفيذا لـ«رؤية المملكة 2030»، سيسهم القطاع بنسبة 12 في المائة في الناتج المحلي، وتعزيز التوجه نحو التصدير إلى الأسواق العالمية بتنافسية عالية منتصف العام المقبل.
وفي هذا السياق أكد رئيس اللجنة الوطنية للتغذية والإعاشة بغرفة مكة المكرمة شاكر الحارثي لـ«الشرق الأوسط» وجود توجه سعودي لنقل تكنولوجيا الزراعة على أحدث طراز، لتسد الحاجة في المياه وتوجيه الإنتاج الزراعي للصناعة المحلية بهدف تحقيق الأمن الغذائي والاكتفاء الذاتي.
ولفت الحارثي إلى أن وجود 4 مناطق سعودية قطعت شوطا لتحقيق الأمن الغذائي والاكتفاء الذاتي منها القصيم وجازان وتبوك والجوف، لافتا إلى أن جائحة «كورونا» رغم آثارها السلبية فإن لها جانبا إيجابيا تمثل في التوجه للاهتمام بالقطاع الزراعي لتحقيق الاكتفاء الذاتي وتقليل الواردات الغذائية من الخارج من خلال توفير المنتج الوطني بجودة عالية، فضلا عن تنويع المصدر الغذائي.
وشدد رئيس اللجنة الوطنية لتغذية والإعاشة بغرفة مكة المكرمة، على ضرورة أن يتحفز القطاع الخاص للاستفادة من البرامج الحكومية التي تطلقها وزارات الزراعة والصناعة والصندوق الزراعي، في ظل التوجه لتأهيل الكادر البشري الوطني للمساهمة في بناء أرضية صلبة للتطور التقني والارتقاء بمستوى الجودة.
من ناحيته، قال ماجد الخميس رئيس لجنة الزراعة والغذاء بالغرفة التجارية الصناعية بالرياض لـ«الشرق الأوسط» إنه رغم أن جائحة «كورونا» خفضت عملية استيراد المواد الغذائية فإنه انعكس إيجابا على المشروعات الغذائية المحلية، حيث تم التوسع فيها وزيادة الإنتاج على صعيد الأغذية النباتية والحيوانية والبحرية، مشيرا إلى نمو الطلب على إقامة مشاريع غذائية جديدة وأخرى قائمة.
من جانب آخر، أوضح المحلل الاقتصادي فضل بن سعد البوعينين، لـ«الشرق الأوسط»، أن هناك حقيقتين كشفت عنهما جائحة «كورونا» فيما يتعلق بالقطاع الغذائي؛ الأولى الحاجة الماسة لتحقيق الأمن الغذائي لمواجهة مخاطر انقطاع سلاسل الإمداد لأي ظروف طارئة، كما حدث في جائحة كورونا؛ بينما تتركز الثاني في أن القطاع الغذائي من أكثر القطاعات نموا وحاجة لمزيد من الاستثمارات النوعية؛ ما يؤكد ذلك أنه القطاع الوحيد الذي حقق نموا خلال جائحة «كورونا».
واستطرد «يمكن القول إن نمو القطاع الإيجابي يعكس متانة أنشطة الصناعة والزراعة في مجالات الأغذية وأهميته وإمكانية تطويره من خلال التوطين الذي يفترض أن يكون الهدف الرئيسي للجهات المعنية».
ووفق البوعينين، تبين الإحصاءات الرسمية أن حجم القطاع يناهز 221 مليار ريال (58.9 مليار دولار)، فيما تشير توقعات بنموه لما يقرب من 6 في المائة في عام 2021، ومع تلك المؤشرات الإيجابية إلا أنني أعتقد أن بعض الاستثمارات النوعية قد تسهم في تحقيقه المزيد من النمو وبشكل يفرق عن التوقعات خاصة أن حجم الإنفاق في القطاع كبير جدا ويحفز المستثمرين للتوسع في الاستثمارات الغذائية.
وزاد البوعينين «الدور الحكومي في التوجيه ووضع رؤية خاصة بالقطاع أمر مطلوب لضمان تحقيق الأهداف الاستثمارية والاستراتيجية في آن واحد»، مضيفا «ربما هناك حاجة إلى مراجعة الاستراتيجية الخاصة بالأمن الغذائي خاصة ما يتعلق بالزراعة والمنتجات الرئيسية؛ والصناعات الغذائية عموما».
ولفت إلى أن السعودية تتمتع بمزايا تنافسية عديدة في مجال الصناعات الغذائية أكثر وضوحا إلا أنها تحتاج إلى استثمار حقيقي للمقومات المتاحة، خاصة تطوير الصناعات المرتبطة بما يسهم في التصدير الخارجي.
وتابع البوعينين «وجود البيئة المناسبة للصناعة الغذائية كتوفير رؤوس الأموال والدعم الحكومي ووسائل النقل، والبنية التحتية، والكفاءات الوطنية، مع وجود 27 مطاراً جوياً، وعشرة موانئ يعزز إمكانية تطوير الصناعات الغذائية وتحقيق هدف الأمن الغذائي أولا ثم تعزيز الاستثمارات».
من جهته، قدّر الدكتور عبد الرحمن باعشن رئيس مركز الشروق للدراسات الاقتصادية لـ«الشرق الأوسط» حجم سوق المأكولات والمشروبات في السوق السعودية بنحو 168.8 مليار ريال (45 مليار دولار)، متوقعا مزيدا من الاستثمار في هذا القطاع بالسعودية ليغذي ما يقدر بـ85 في المائة من الأسواق الخليجية المجاورة، في ظل توقعات أن يشهد الربع الأول من العام المقبل تدفقات من الاستثمارات الأجنبية في القطاع بالسعودية.
وأفاد باعشن بأن قطاع الغذاء السعودي تجاوز تحديات «كورونا»، متوقعا بلوغ قيمة الواردات الغذائية 35 مليار دولار مطلع العام المقبل، متوقعا في حديث لـ«الشرق الأوسط» أن تشهد الأعوام الثلاثة المقبلة مزيدا من تدفقات الاستثمارات في القطاع الغذائي لمقابلة النمو في الاستهلاك والإنفاق بنسبة تقارب الـ6 في المائة بعد انتهاء جائحة «كورونا» مع عودة متوقعة لكافة الأنشطة التجارية المختلفة ذات الصلة وزيادة حركة الحجيج والمعتمرين والزائرين بعد عودة الحياة لطبيعتها.
ولفت إلى أن «رؤية السعودية 2030» تولي قطاع الصناعات الغذائية اهتماما كبيرا، من خلال توفير البيئة الاستثمارية والتطويرية المناسبة وفق أفضل المعايير العالمية، متوقعا أن يتوسع القطاع خلال الفترة المقبلة ما يعزز سياسة التنويع الاقتصادي وزيادة الصادر السعودي في الأسواق العالمية، وبالتالي زيادة مساهمة القطاع في الدخل والناتج الإجمالي المحلي بأكثر من 12 في المائة.


مقالات ذات صلة

السعودية تسطر التاريخ باعتماد معاهدة الرياض لقانون التصاميم

الاقتصاد جانب من المؤتمر الدبلوماسي لمعاهدة قانون التصاميم في الرياض (الشرق الأوسط)

السعودية تسطر التاريخ باعتماد معاهدة الرياض لقانون التصاميم

سطرت السعودية التاريخ بعد أن جمعت البلدان الأعضاء في المنظمة العالمية للملكية الفكرية المكونة من 193 دولة، للاتفاق على معاهدة الرياض لقانون التصاميم.

بندر مسلم (الرياض)
الاقتصاد العوهلي متحدثاً للحضور في منتدى المحتوى المحلي (الشرق الأوسط)

نسبة توطين الإنفاق العسكري بالسعودية تصل إلى 19.35 %

كشف محافظ الهيئة العامة للصناعات العسكرية المهندس أحمد العوهلي عن وصول نسبة توطين الإنفاق العسكري إلى 19.35 في المائة.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد مركز الملك عبد الله المالي في الرياض (الشرق الأوسط)

التراخيص الاستثمارية في السعودية ترتفع 73.7%

حققت التراخيص الاستثمارية المصدرة في الربع الثالث من العام الحالي ارتفاعاً بنسبة 73.7 في المائة، لتصل إلى 3.810 تراخيص.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد نائب رئيس هيئة الأركان العامة وقائد القوات البحرية الملكية السعودية مع باتريس بيرا خلال الملتقى البحري السعودي الدولي 2024 (الشرق الأوسط)

«مجموعة نافال» تتعاون مع الشركات السعودية لتوطين صناعة السفن البحرية

أكد نائب رئيس المبيعات في الشرق الأوسط والمدير الإقليمي لـ«مجموعة نافال» في السعودية باتريس بيرا، أن شركته تنتهج استراتيجية لتطوير القدرات الوطنية في المملكة.

بندر مسلم (الظهران)
الاقتصاد جانب من الاجتماع الاستراتيجي لـ«موانئ» (واس)

«موانئ» السعودية تلتقي كبرى شركات سفن التغذية لتعزيز الربط العالمي

اجتمعت الهيئة السعودية العامة للموانئ (موانئ) مع كبرى شركات سفن التغذية العالمية، بهدف تعزيز الربط العالمي، وزيادة التنافسية على المستويين الإقليمي والدولي.

«الشرق الأوسط» (دبي)

عضو في «المركزي الأوروبي»: المصرف سيراقب من كثب خطر عدم بلوغ هدف التضخم

أعلام الاتحاد الأوروبي ترفرف خارج مقر البنك المركزي الأوروبي في فرنكفورت (رويترز)
أعلام الاتحاد الأوروبي ترفرف خارج مقر البنك المركزي الأوروبي في فرنكفورت (رويترز)
TT

عضو في «المركزي الأوروبي»: المصرف سيراقب من كثب خطر عدم بلوغ هدف التضخم

أعلام الاتحاد الأوروبي ترفرف خارج مقر البنك المركزي الأوروبي في فرنكفورت (رويترز)
أعلام الاتحاد الأوروبي ترفرف خارج مقر البنك المركزي الأوروبي في فرنكفورت (رويترز)

قال رئيس البنك المركزي الفرنسي، فرنسوا فيليروي دي غالهاو يوم الجمعة، إن «المركزي الأوروبي» لم يتأخر في خفض أسعار الفائدة، لكنه يحتاج إلى مراقبة خطر عدم تحقيق هدفه للتضخم من كثب، وهو ما قد يؤدي إلى تثبيط النمو بشكل غير ضروري.

وخفّض البنك المركزي الأوروبي معدلات الفائدة ثلاث مرات هذا العام بالفعل، ويتوقع المستثمرون مزيداً من التيسير النقدي في كل اجتماع حتى يونيو (حزيران) المقبل، وهو ما قد يؤدي إلى خفض سعر الفائدة على الودائع، الذي يبلغ حالياً 3.25 في المائة، إلى 2 في المائة على الأقل وربما أقل، وفق «رويترز».

ومع ذلك، تدعم البيانات الاقتصادية الضعيفة، كما يتضح من تقرير مسح الأعمال المخيّب للآمال الذي نُشر يوم الجمعة، الرأي القائل إن البنك المركزي الأوروبي قد يحتاج إلى تسريع إجراءات التيسير النقدي، وقد يضطر إلى اتخاذ تدابير إضافية لدعم الاقتصاد.

وقال دي غالهاو في فرنكفورت: «نحن لسنا متأخرين في المسار اليوم. الاقتصاد الأوروبي يسير نحو هبوط ناعم».

واعترف بوجود مخاطر على التوقعات المستقبلية، مشيراً إلى أنه يجب على صانعي السياسات التأكد من أن أسعار الفائدة لا تبقى مرتفعة لمدة طويلة، مما قد يضرّ بالنمو الاقتصادي.

وأضاف قائلاً: «سوف نراقب بعناية توازن المخاطر، بما في ذلك احتمال عدم بلوغ هدف التضخم لدينا، وكذلك تأثير ذلك في الحفاظ على النشاط الاقتصادي بمستويات منخفضة بشكل غير ضروري».

وكانت التوقعات تشير إلى خفض للفائدة بمقدار 25 نقطة أساس في 12 ديسمبر (كانون الأول) بوصفه أمراً شبه مؤكد، لكن بعد نشر أرقام مؤشر مديري المشتريات الجديدة يوم الجمعة، أصبح هناك احتمال بنسبة 50 في المائة لخيار خفض أكبر يبلغ 50 نقطة أساس، نتيجة لتزايد المخاوف من ركود اقتصادي.

ومع ذلك، يشير صانعو السياسات إلى أن المسوحات الاقتصادية قد تكون قد قدّمت صورة أكثر تشاؤماً عن وضع الاقتصاد مقارنة بالبيانات الفعلية التي كانت أكثر تفاؤلاً.

ورغم التباطؤ في التضخم الذي وصل إلى أدنى مستوى له بنسبة 1.7 في المائة هذا الخريف، فإنه يُتوقع أن يتجاوز 2 في المائة هذا الشهر، مما يجعل من الصعب اتخاذ قرار بخفض أكبر في الفائدة.

ومع ذلك، شدّد دي غالهاو على أن التضخم في طريقه للعودة إلى الهدف المتمثل في 2 في المائة، وأنه من المتوقع أن يتحقّق بشكل مستدام قبل الموعد الذي حدّده البنك المركزي الأوروبي في نهاية 2025.

وقال: «نحن واثقون للغاية بأننا سنصل إلى هدفنا البالغ 2 في المائة بشكل مستدام». وأضاف: «من المرجح أن نحقّق هذا الهدف في وقت أقرب من المتوقع في 2025، مقارنة بتوقعاتنا في سبتمبر (أيلول) الماضي».