المشيشي يبدأ رسم «خريطة طريق» عمل الحكومة التونسية الجديدة

TT

المشيشي يبدأ رسم «خريطة طريق» عمل الحكومة التونسية الجديدة

بعد نيله ثقة البرلمان وأداء اليمين الدستورية، شرع هشام المشيشي، رئيس الحكومة التونسية الجديدة، في تحديد أولويات عمل حكومته التي قال إنها «ستكون حكومة إنجاز»؛ حيث أجرى أمس سلسلة من الاجتماعات والمحادثات الأولية تروم إرساء آليات جديدة للتنسيق مع المنظمات الوطنية والأحزاب السياسية، بعد أن تجاوز مأزق تشكيل «حكومة كفاءات مستقلة» عن الأحزاب الممثلة في البرلمان.
وعقد رئيس الحكومة الجديدة لقاءات مع نور الدين الطبوبي، الأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل (نقابة العمال)، وأيضاً مع سمير ماجول، رئيس الاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية (مجمع رجال الأعمال)، كما استقبل نبيل القروي رئيس حزب «قلب تونس» المثير للجدل، وهو ما خلف تساؤلات كثيرة حول مدى القطيعة التي قد تطبع علاقة رئيس الحكومة برئيس الجمهورية الذي انتقد بشدة حزبي «حركة النهضة» و«قلب تونس»؛ لأنهما قلبا موازين التصويت لفائدة الحكومة بعد أن راهنت جل الأطراف، ومن بينها الرئيس قيس سعيد، على إسقاطها خلال الجلسة البرلمانية المخصصة لنيل الثقة.
وفي هذا الشأن، قال حسان العيادي المحلل السياسي التونسي، إن رئيس الحكومة «على الرغم من إعلان عزمه التعاون مع رئيس الدولة ورئيس البرلمان، ومع الأحزاب، لتجاوز الأزمات الاقتصادية والاجتماعية، فإن استقباله لرئيس حزب (قلب تونس) للمرة الثانية خلال 24 ساعة، قد ينذر بقطيعة جديدة مع الرئيس سعيد الذي لم يستسغ خروج رئيس الحكومة عن طوعه، وهدد الأحزاب السياسية بكشف المستور»، على حد تعبيره.
وفي مقابل تكتم رئاسة الحكومة على تفاصيل لقاء المشيشي والقروي، أكدت قناة «نسمة» الخاصة، المملوكة للقروي، أن اللقاء تطرق إلى الأزمات التي تواجهها تونس؛ خصوصاً على المستوى الاقتصادي، وتحديداً المتعلقة بالمالية العمومية، و«سبل التنسيق بين الحكومة والحزام البرلماني الداعم لها لتسهيل عمل الوزارات، والنظر في القوانين المستعجلة حتى تنكب الحكومة على حلحلة الإشكاليات المهمة، مثل مقاومة الفقر والبطالة ودفع التنمية»، وفق ما صرح به نبيل القروي صاحب القناة.
وفي تعليقه على هذا التصريح، توقع العيادي أن يكون «عنصر إرباك إضافي للعلاقة المتوترة بين رئيس الحكومة ورئيس الجمهورية، إذ إن اللقاء له أكثر من معنى، وقابل لعدة تأويلات وفق الجهة التي ستتلقفه، فرئيس حزب (قلب تونس) قدم اللقاء، وبشكل غير مباشر، على أنه إقرار بشكل صريح بأن حزبه (حزب حاكم)، وتتم استشارته في كل الملفات».
من جهة أخرى، استنجد الرئيس سعيد بمجلس الأمن القومي الذي يترأسه، ليتمكن من حلحلة ملف «اعتصام الكامور» (جنوب شرق) الذي تحاول الحكومة إيجاد حل له منذ سنة 2017؛ لكن دون جدوى.
وكانت ثلاث شركات نفطية، من بينها الفرع التونسي للعملاق الإيطالي «إيني»، قد وجهت في 20 من أغسطس (آب) الماضي، رسالة إلى رئيس الجمهورية، عبرت فيها عن احتجاجها لتواصل غلق المضخة التي تنقل البترول من الجنوب في اتجاه مدينة الصخيرة (وسط شرق). وحذرت من إمكانية عدم قدرتها على مجابهة وضعية الإغلاق التي يمكن أن تؤدي إلى تخليها عن التزاماتها، ووضع آلاف العمال في حالة بطالة.
وأعادت هذه الشركات المراسلة ذاتها في الثاني من سبتمبر (أيلول) الحالي؛ حيث اشتكت من تواصل تعطل نقل المحروقات جنوب البلاد، والعجز عن تصديرها منذ منتصف يوليو (تموز) الماضي بسبب أزمة الكامور، واندلاع الاحتجاجات الاجتماعية، وعرقلة نقل المحروقات.
وكان حسن بالضياف، المستشار الاقتصادي لرئيس الجمهورية، قد أكد في تصريح إعلامي أن رئاسة الجمهورية «تعي خطورة إغلاق مواقع إنتاج البترول بالكامور (ولاية تطاوين)»، موضحاً أن لها رؤية ستناقشها مع الحكومة الجديدة لحل الملف». وقال إن الملف يعد من بين الملفات ذات الأولوية التي ستتم دراستها مع رئاسة الحكومة والأطراف المعنية.
ويرى مراقبون أنه في حال تدخل الرئيس في هذا الملف ونجاحه في فض الخلاف، فإن ذلك قد يعيد المبادرة إلى سعيد الذي قد يسير على المنوال نفسه في التعاطي مع ملف تعطل إنتاج الفوسفات في مناطق الإنتاج جنوب غربي البلاد، ويعيد التوازن إلى العلاقة التي تربط بين رأسي السلطة التنفيذية.



تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
TT

تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

سلطت أحدث التقارير الحقوقية في اليمن الضوءَ على آلاف الانتهاكات التي ارتكبتها الجماعة الحوثية ضد المدنيين في 3 محافظات، هي العاصمة المختطفة صنعاء، والجوف، والحديدة، بما شملته تلك الانتهاكات من أعمال القمع والقتل والخطف والتجنيد والإخضاع القسري للتعبئة.

وفي هذا السياق، رصد مكتب حقوق الإنسان في صنعاء (حكومي) ارتكاب جماعة الحوثيين نحو 2500 انتهاك ضد المدنيين في صنعاء، خلال عامين.

بقايا منازل فجرها الحوثيون في اليمن انتقاماً من ملاكها (إكس)

وتنوّعت الانتهاكات التي طالت المدنيين في صنعاء بين القتل والاعتداء الجسدي والاختطافات والإخفاء القسري والتعذيب ونهب الممتلكات العامة والخاصة وتجنيد الأطفال والانتهاكات ضد المرأة والتهجير القسري وممارسات التطييف والتعسف الوظيفي والاعتداء على المؤسسات القضائية وانتهاك الحريات العامة والخاصة ونهب الرواتب والتضييق على الناس في سُبل العيش.

وناشد التقرير كل الهيئات والمنظمات الفاعلة المعنية بحقوق الإنسان باتخاذ مواقف حازمة، والضغط على الجماعة الحوثية لإيقاف انتهاكاتها ضد اليمنيين في صنعاء وكل المناطق تحت سيطرتها، والإفراج الفوري عن المخفيين قسراً.

11500 انتهاك

على صعيد الانتهاكات الحوثية المتكررة ضد السكان في محافظة الجوف اليمنية، وثق مكتب حقوق الإنسان في المحافظة (حكومي) ارتكاب الجماعة 11500 حالة انتهاك سُجلت خلال عام ضد سكان المحافظة، شمل بعضها 16 حالة قتل، و12 إصابة.

ورصد التقرير 7 حالات نهب حوثي لممتلكات خاصة وتجارية، و17 حالة اعتقال، و20 حالة اعتداء على أراضٍ ومنازل، و80 حالة تجنيد للقاصرين، أعمار بعضهم أقل من 15 عاماً.

عناصر حوثيون يستقلون سيارة عسكرية في صنعاء (أ.ف.ب)

وتطرق المكتب الحقوقي إلى وجود انتهاكات حوثية أخرى، تشمل حرمان الطلبة من التعليم، وتعطيل المراكز الصحية وحرمان الموظفين من حقوقهم وسرقة المساعدات الإغاثية والتلاعب بالاحتياجات الأساسية للمواطنين، وحالات تهجير ونزوح قسري، إلى جانب ارتكاب الجماعة اعتداءات متكررة ضد المناوئين لها، وأبناء القبائل بمناطق عدة في الجوف.

ودعا التقرير جميع الهيئات والمنظمات المحلية والدولية المعنية بحقوق الإنسان إلى إدانة هذه الممارسات بحق المدنيين.

وطالب المكتب الحقوقي في تقريره بضرورة تحمُّل تلك الجهات مسؤولياتها في مناصرة مثل هذه القضايا لدى المحافل الدولية، مثل مجلس حقوق الإنسان العالمي، وهيئات حقوق الإنسان المختلفة، وحشد الجهود الكفيلة باتخاذ موقف حاسم تجاه جماعة الحوثي التي تواصل انتهاكاتها بمختلف المناطق الخاضعة لسيطرتها.

انتهاكات في الحديدة

ولم يكن المدنيون في مديرية الدريهمي بمحافظة الحديدة الساحلية بمنأى عن الاستهداف الحوثي، فقد كشف مكتب حقوق الإنسان التابع للحكومة الشرعية عن تكثيف الجماعة ارتكاب مئات الانتهاكات ضد المدنيين، شمل بعضها التجنيد القسري وزراعة الألغام، والتعبئة الطائفية، والخطف، والتعذيب.

ووثق المكتب الحقوقي 609 حالات تجنيد لمراهقين دون سن 18 عاماً في الدريهمي خلال عام، مضافاً إليها عملية تجنيد آخرين من مختلف الأعمار، قبل أن تقوم الجماعة بإخضاعهم على دفعات لدورات عسكرية وتعبئة طائفية، بغية زرع أفكار تخدم أجنداتها، مستغلة بذلك ظروفهم المادية والمعيشية المتدهورة.

الجماعة الحوثية تتعمد إرهاب السكان لإخضاعهم بالقوة (إ.ب.أ)

وأشار المكتب الحكومي إلى قيام الجماعة بزراعة ألغام فردية وبحرية وعبوات خداعية على امتداد الشريط الساحلي بالمديرية، وفي مزارع المواطنين، ومراعي الأغنام، وحتى داخل البحر. لافتاً إلى تسبب الألغام العشوائية في إنهاء حياة كثير من المدنيين وممتلكاتهم، مع تداعيات طويلة الأمد ستظل تؤثر على اليمن لعقود.

وكشف التقرير عن خطف الجماعة الحوثية عدداً من السكان، وانتزاعها اعترافات منهم تحت التعذيب، بهدف نشر الخوف والرعب في أوساطهم.

ودعا مكتب حقوق الإنسان في مديرية الدريهمي المجتمع الدولي إلى التدخل العاجل لإيقاف الانتهاكات التي أنهكت المديرية وسكانها، مؤكداً استمراره في متابعة وتوثيق جميع الجرائم التي تواصل ارتكابها الجماعة.