أطراف خارجية تصعّد تدخلها في الحرب الليبية

مجلس الأمن يستعد لمناقشة انتهاكات حظر الأسلحة قبل منتصف الشهر

تقرير أممي يتهم جهات عديدة بعدم التزام حظر إرسال السلاح والمرتزقة إلى ليبيا (أ.ف.ب)
تقرير أممي يتهم جهات عديدة بعدم التزام حظر إرسال السلاح والمرتزقة إلى ليبيا (أ.ف.ب)
TT

أطراف خارجية تصعّد تدخلها في الحرب الليبية

تقرير أممي يتهم جهات عديدة بعدم التزام حظر إرسال السلاح والمرتزقة إلى ليبيا (أ.ف.ب)
تقرير أممي يتهم جهات عديدة بعدم التزام حظر إرسال السلاح والمرتزقة إلى ليبيا (أ.ف.ب)

جدّدت الأمم المتحدة التعبير عن «القلق البالغ» من استمرار الانتهاكات الجسيمة للقرارات الدولية في شأن ليبيا، بعدما كشف خبراء تابعون للجنة العقوبات المفروضة على هذا البلد أن دولاً وجهات غير حكومية واصلت إرسال شحنات محظورة إلى الأطراف المتحاربة، ومنها ما يصل إلى 338 رحلة شحن عسكرية أُرسلت غالبيتها من قاعدة حميميم العسكرية في سوريا إلى مجموعة «فاغنر» بين نوفمبر (تشرين الثاني) 2019 ويوليو (تموز) 2020، وسفن وطائرات شحن من كل من تركيا وقطر ودول أخرى.
ورداً على سؤال من «الشرق الأوسط»، قال الناطق باسم الأمم المتحدة ستيفان دوجاريك، إن هذه التقارير عن الانتهاكات «تشكّل خرقاً خطيراً» لسيادة ليبيا، مشيراً إلى ما أوردته القائمة بأعمال بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا (أنسميل) ستيفاني ويليامز، عن وجود «مرتزقة أجانب على نطاق واسع» في البلاد، قائلة لأعضاء مجلس الأمن إنه في يوليو وحده «هبطت نحو 70 طائرة في مطارات الشرق دعماً» لقوات «الجيش الوطني الليبي» بقيادة المشير خليفة حفتر «في حين أُرسلت 30 طائرة إلى مطارات في غرب ليبيا» دعماً لـ«حكومة الوفاق الوطني» برئاسة فايز السراج. وأسفت لأن كل هذه النشاطات «تشكّل خرقاً خطيراً لسيادة ليبيا، وانتهاكاً صارخاً لحظر التسليح الذي فرضته الأمم المتحدة» على هذا البلد عام 2011.
وتوقع دبلوماسي غربي أن يناقش أعضاء مجلس الأمن تقرير الخبراء هذا قبل التمديد المتوقع لمهمة «أنسميل» في 14 سبتمبر (أيلول) الجاري.
ويورد التقرير الذي وُزِّع على أعضاء مجلس الأمن أمس (الجمعة)، وعاينت «الشرق الأوسط» أجزاء منه، تفاصيل رحلات جوية سريّة متزايدة بصورة لافتة تنتهك الحظر الدولي على ليبيا، مما يُظهر أن الانتهاكات الصارخة، خصوصاً من دول شاركت في مؤتمر برلين مطلع السنة الجارية، حين تعهدت باحترام حظر الأسلحة، ليتبين لاحقاً أنها تواصل الانتهاكات بلا هوادة. وأرسلت روسيا وحدها 338 رحلة إمداد عسكرية في تسعة أشهر لمضاعفة عدد المرتزقة الروس والسوريين إلى أكثر من خمسة آلاف مقاتل، وفقاً لأحدث التقديرات الأميركية. وبدأ التصعيد الأخير في يناير (كانون الثاني) الماضي، حين تدخلت تركيا في الحرب، وأرسلت طائرات مسيّرة وأنظمة دفاع جوي وآلاف المرتزقة السوريين لدعم حكومة طرابلس المحاصرة.
ويتهم التقرير تركيا بارتكاب انتهاكات واسعة النطاق للحظر. ففي أوائل يونيو (حزيران)، منعت السفن الحربية التركية ثلاث محاولات قامت بها سفن حربية تابعة للاتحاد الأوروبي لاعتراض سفينة شحن تركية متجهة إلى ليبيا. وزعمت تركيا أن سفينة الشحن هذه كانت تحمل «مساعدات إنسانية». وسجل المحققون أيضاً وصول إمدادات عسكرية تركية أخرى إلى غرب ليبيا على متن طائرات ركاب مدنية أتت من غرب تركيا. ولاحظوا أنه «يكاد يكون من المستحيل حجز مقعد في أيٍّ من هذه الرحلات الجوية»، لأنها «ليست للمسافرين الذين يدفعون أجرة».
ويكشف التقرير أن قطر عادت إلى الحرب، إذ هبطت في ليبيا خمس رحلات شحن على الأقل للقوات الجوية القطرية في مايو (أيار) ويونيو. وكذلك زار وزير الدفاع القطري طرابلس مع نظيره التركي في عرض تضامن واضح.
ويتهم التقرير دولاً أخرى بإرسال شحنات عسكرية إلى ليبيا، ومنها عبر شركات طيران مسجلة في كازاخستان. وكانت هذه الطائرات قد أوقف تشغيل أجهزة الإرسال والاستقبال الخاصة بها -وهي أجهزة تتبع تحدد مواقعها- عند دخولها المجالين الجويين المصري أو الليبي. وقال المحققون إن بعض قوائم الرحلات كانت تحتوي على أوصاف غامضة بشكل مريب لشحنتها، مدّعيةً أنها تحمل أغذية مجمدة أو بدْلات رجالية أو شحنة من 800 سخان للمياه.
ويفيد الملخص التنفيذي للتقرير بأن «النزاع العسكري الذي أشعلته حملة خليفة حفتر في أبريل (نيسان) 2019 على طرابلس يتواصل بلا هوادة، مع تعثر الجهود الدولية للتوسط في وقف مستمر لإطلاق النار»، مضيفاً أن «القوات التابعة لحفتر من الجيش الوطني الليبي وحكومة الوفاق الوطني تتلقى دعماً متزايداً من جهات حكومية وغير حكومية، مما يزيد من خطر الانتقال إلى نزاع مسلح دولي». ويلاحظ أنه «في يناير 2020، سيطر الجيش الوطني الليبي على محطات وحقول النفط المهمة مما أدى إلى حظر نفطي فعلي». وإذ يشير إلى «استعادة حكومة الوفاق الوطني السيطرة على المدن الساحلية الغربية في أبريل 2020، ودفع قوات الجيش الوطني الليبي بعيداً عن ضواحي طرابلس بحلول أوائل يونيو 2020»، يوضح أن «خطوط المعركة انتقلت إلى منطقة سرت والجفرة بحلول يوليو 2020».
وحدد الخبراء في الملخص هذا «أعمالاً متعددة تهدد السلام أو الاستقرار أو الأمن في ليبيا وهي قيد التحقيق»، مشيرين إلى أن «تصعيد الأعمال العدائية منذ الهجوم المضاد لحكومة الوفاق الوطني في أبريل 2020 أدى إلى زيادة الهجمات على مؤسسات ومنشآت الدولة». وقالوا إن «المدنيين في ليبيا، وبينهم المهاجرون وطالبو اللجوء، لا يزالون يعانون انتهاكات واسعة النطاق للقانون الإنساني الدولي والقانون الدولي لحقوق الإنسان وانتهاكات حقوق الإنسان»، مؤكدين أن «الجماعات الإرهابية المدرجة على لوائح مجلس الأمن لا تزال ناشطة في ليبيا ولا تزال أعمال العنف التي ترتكبها تؤثر على استقرار وأمن البلاد». وكشفوا أن «حظر الأسلحة لا يزال غير فعال على الإطلاق»، مضيفين أنه «في حالات الدول الأعضاء التي تقدم الدعم المباشر لأطراف النزاع، تكون الانتهاكات واسعة وواضحة وتتجاهل تماماً تدابير الجزاءات». ورأوا أن «هذه الانتهاكات من الدول الأعضاء تعني أنها تحافظ على السيطرة على سلسلة التوريد بأكملها، مما يعقّد عملية الكشف أو التعطيل أو الحظر». وحدد الفريق «محاولة واحدة فقط لتصدير النفط الخام بشكل غير مشروع»، علماً بأنه «بسبب الديناميكيات المحلية وأسعار الوقود المنخفضة، انخفض التصدير غير المشروع للمنتجات النفطية المكررة. ولم يتم سوى استيراد واحد غير مشروع لهذه المنتجات».



مصر والكويت لتعميق التعاون وزيادة التنسيق الإقليمي

وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)
TT

مصر والكويت لتعميق التعاون وزيادة التنسيق الإقليمي

وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)

أكدت مصر خلال زيارة وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي للكويت، على دعم القاهرة الكامل للأمن الخليجي بوصفه جزءاً لا يتجزأ من الأمن القومي المصري، وسط لقاءات ومباحثات تناولت مجالات التعاون، لا سيما الأمني والعسكري لمواجهة التحديات الأمنية المختلفة.

تلك الزيارة، بحسب خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، تأتي تأكيداً على مساعي مصر والكويت لتعميق التعاون وزيادة التنسيق الإقليمي بوتيرة أكبر ونشاط أوسع، خصوصاً في ضوء علاقات البلدين التاريخية، وكذلك حجم الاستثمارات بين البلدين الكبيرة، مشددين على أهمية التنسيق بين بلدين مهمين في المنطقة.

واستهل عبد العاطي زيارته إلى الكويت بلقاء ولي العهد الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح، الأحد، مؤكداً «عمق العلاقات التاريخية والروابط الأخوية التي تجمع البلدين الشقيقين، وتوافر الإرادة السياسية لدى قيادتي البلدين من أجل تطوير العلاقات لآفاق أرحب»، مبدياً «الحرص على تعزيز التعاون والتنسيق مع دولة الكويت وزيادة وتيرته»، وفق بيان صحافي لـ«الخارجية المصرية».

وأبدى الوزير المصري «تطلُّع مصر لتعزيز التعاون الاقتصادي والتجاري والاستثماري بين البلدين، أخذاً في الحسبان ما اتخذته الحكومة المصرية من خطوات طموحة لجذب الاستثمارات، وتنفيذ خطة الإصلاح الاقتصادي»، مشدداً على «دعم مصر الكامل للأمن الخليجي، بوصفه جزءاً لا يتجزأ من الأمن القومي المصري».

وفي مايو (أيار) الماضي، قال سفير الكويت بالقاهرة، غانم صقر الغانم، في مقابلة مع «القاهرة الإخبارية» إن الاستثمارات الكويتية في مصر متشعبة بعدة مجالات، وتبلغ أكثر من 15 مليار دولار، بينها 10 مليارات دولار للقطاع الخاص.

كما اجتمع عبد العاطي مع الشيخ فهد يوسف سعود الصباح، رئيس الوزراء بالإنابة ووزير الداخلية ووزير الدفاع الكويتي، مؤكداً «الحرص على الارتقاء بعلاقات التعاون إلى آفاق أرحب، بما يحقق طموحات ومصالح الشعبين الشقيقين»، وفق بيان ثانٍ لـ«الخارجية المصرية».

وزير الخارجية المصري يجتمع مع رئيس الوزراء بالإنابة ووزير الداخلية ووزير الدفاع الكويتي الشيخ فهد يوسف سعود الصباح (الخارجية المصرية)

فرص استثمارية

عرض الوزير المصري «الفرص الاستثمارية العديدة التي تذخر بها مصر في شتى القطاعات، والتي يمكن للشركات الكويتية الاستفادة منها، فضلاً عن الاتفاق على تبادل الوفود الاقتصادية، وتشجيع زيادة الاستثمارات الكويتية في مصر»، مبدياً «ترحيب مصر ببحث مجالات التعاون الأمني والعسكري لمواجهة التحديات الأمنية المختلفة».

كما بحث الوزير المصري في لقاء مع وزيرة المالية ووزيرة الدولة للشؤون الاقتصادية والاستثمار، نوره الفصام، الفرص الاستثمارية المتاحة في مصر بشتى القطاعات، وسط تأكيد على حرص الجانب المصري على تعزيز الاستثمارات الكويتية في مصر وإمكانية تعزيز نشاط الشركات المصرية لدعم عملية التنمية في الكويت.

ووفق خبير شؤون الخليج في «مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» بالقاهرة، الدكتور محمد عز العرب، فإن الزيارة تحمل أبعاداً عديدة، أبرزها الحرص المصري على تطوير العلاقات المصرية العربية، ومنها العلاقات مع الكويت لأسباب ترتبط بالتوافقات المشتركة بين البلدين والتعاون ليس على المستوى السياسي فحسب، بل على المستوى الأمني أيضاً.

التنسيق المشترك

البعد الثاني في الزيارة مرتبط بالاستثمارات الكويتية التي تستحوذ على مكانة متميزة وسط استثمارات خليجية في مصر، وفق عز العرب، الذي لفت إلى أن الزيارة تحمل بعداً ثالثاً هاماً مرتبطاً بالتنسيق المشترك في القضايا الإقليمية والدولية خاصة وهناك إدراك مشترك على أولوية خفض التصعيد والتعاون الثنائي بوصفه صمام أمان للمنطقة.

تحديات المنطقة

يرى الكاتب والمحلل السياسي الكويتي، طارق بروسلي، أن زيارة عبد العاطي «خطوة مهمة في إطار العلاقات التاريخية الوطيدة بين البلدين، وتعكس عمق التفاهم والاحترام المتبادل بين قيادتي البلدين والشعبين الشقيقين».

وتحمل الزيارة قدراً كبيراً من الأهمية، وفق المحلل السياسي الكويتي ورئيس «المنتدى الخليجي للأمن والسلام» فهد الشليمي، خصوصاً وهي تأتي قبيل أيام من القمة الخليجية بالكويت، مطلع الشهر المقبل، وما سيتلوها من ترأس الكويت مجلس التعاون الخليجي على مدار عام، فضلاً عن تحديات كبيرة تشهدها المنطقة، لا سيما في قطاع غزة وحربها المستمرة منذ أكتوبر (تشرين الأول) 2023.

وأفادت وكالة الأنباء الكويتية الرسمية، الأحد، بأن أمير البلاد الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح تلقى رسالة شفهية من الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي تتعلق بالعلاقات الأخوية المتميزة بين البلدين والشعبين الشقيقين وآخر المستجدات الإقليمية والدولية، خلال استقبال ولي العهد لوزير الخارجية المصري.

كما نوهت بأن عبد العاطي التقى رئيس الوزراء بالإنابة، و«جرى خلال اللقاء استعراض العلاقات الثنائية وسبل تعزيز التعاون بين البلدين إضافة إلى بحث آخر المستجدات على الساحتين الإقليمية والدولية».

تطوير العمل الدبلوماسي

وتهدف الزيارة، وفق بروسلي، إلى «تعميق التعاون في عدة مجالات والتنسيق المشترك في المواقف على الصعيدين الإقليمي والدولي، لا سيما في قضايا فلسطين وسوريا ولبنان واليمن»، مرجحاً أن تسهم المباحثات المصرية الكويتية في «زيادة فرص التعاون الاقتصادي والتجاري وتعزيز الاستثمارات وزيادة التنسيق الأمني ومواجهة التحديات الأمنية المشتركة».

ويعتقد بروسلي أن الزيارة «ستكون فرصة لبحث تطوير العمل الدبلوماسي، ودعم البرامج التعليمية المتبادلة بين البلدين والخروج بمذكرات تفاهم تكون سبباً في تحقيق التكامل الإقليمي، وتعزيز التعاون في ظل التحديات المشتركة بالمنطقة».

بينما يؤكد الشليمي أن الزيارة لها أهمية أيضاً على مستوى التعاون الاقتصادي والتجاري، خصوصاً على مستوى تعزيز الاستثمارات، إضافة إلى أهمية التنسيق بين وقت وآخر بين البلدين، في ظل حجم المصالح المشتركة الكبيرة التي تستدعي التعاون المستمر.