ألد خصوم نتنياهو يقدّمون له هدية

خلافات شديدة في حزب المعارضة الرئيسي بإسرائيل

لبيد يائير الثاني إلى اليمين في لافتة لحملة الانتخابات الإسرائيلية الأخيرة (أ.ب)
لبيد يائير الثاني إلى اليمين في لافتة لحملة الانتخابات الإسرائيلية الأخيرة (أ.ب)
TT

ألد خصوم نتنياهو يقدّمون له هدية

لبيد يائير الثاني إلى اليمين في لافتة لحملة الانتخابات الإسرائيلية الأخيرة (أ.ب)
لبيد يائير الثاني إلى اليمين في لافتة لحملة الانتخابات الإسرائيلية الأخيرة (أ.ب)

في أول خلاف من نوعه، يشهد حزب المعارضة الرئيسي في إسرائيل «يش عتيد» (يوجد مستقبل) خلافات حادة بين أهم زعيمين له، رئيسه يائير لبيد وحليفه وأقرب المقربين منه، عوفر شلح. وما أن كشف هذا الخلاف، حتى انتظم مؤيدو كل طرف في معسكر، وخرجت مجموعة من المحايدين تطالبهما بالتفاهم السريع، قبل أن يتغلغل الخلاف في صفوف مؤيدي الحزب المتزايدين، فيتعمق التشرذم.
وقد دفع هذا التطور رئيس تحرير صحيفة «هآرتس»، التي تحسب على اليسار، إلى مهاجمة قوى اليسار التي لا تدرك بعد كنه الحلبة السياسية في إسرائيل، وتغرق في خلافات فيما بينها تؤدي إلى إبعادها عن حلبة النصر. وبدا أن الانقسام في «يش عتيد» يعتبر أكبر هدية لرئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، الذي رغم ملفات الفساد ضده وإخفاقاته في مكافحة كورونا والأزمة الاقتصادية، ورغم تراجع شعبيته واستمرار مظاهرات الألوف ضده لعشرة أسابيع متواصلة، ما زالت الاستطلاعات تشير إلى أن الجمهور لا يرى رئيس حكومة أفضل منه.
وكان عوفر شلح، قد أعلن تمرده على قرار رئيس حزبه وصديقه الحميم منذ 30 سنة، يائير لبيد، تمديد فترة رئاسته للحزب من دون انتخاب، حتى سنة 2025. وقال إنه قرر أن ينافس لبيد على رئاسة الحزب في أول فرصة خلال الشهور الستة القادمة. وقد صدم شلح جمهور حزبه بهذا القرار، وحاول تفسير ذلك قائلا: «أنا أؤمن بحزب «يش عتيد» وأنه من الناحية الفكرية والسياسية يقدم أفضل بديل عن سياسة نتنياهو. ولكن حزبنا لا يرتقي إلى المستوى الذي يستحقه من الناحية الجماهيرية، وأنا أعتقد بأن ذلك يعود لسببين، الأول هو رئيس الحزب والثاني هو أن الحزب غير ديمقراطي ولا توجد فيه انتخابات داخلية. وفي عالم السياسة مثل هذا الوضع يعالج بإحداث تغيير بالصدمات».
وكشف شلح أنه أبلغ لبيد بقراره وطلب منه أن يوافق على التراجع عن إعلانه حول تمديد فترته، ويوافق على إجراء «برايمريز مفتوح» لانتخاب رئيس ومرشحون للنيابة، يشارك فيها أعضاء الحزب وكل من يريد من المواطنين. وقال: «منذ ذلك الوقت وأنا أنتظر ردا مقنعا من لبيد، لكنه صمت. وبعد صمته لـ72 ساعة، قررت أن أشرك الجمهور في حدسي.
من جهته، حاول لبيد أن يرد ببرودة أعصاب وحكمة. فأعلن بأن عوفر شلح هو صديقه منذ كانا معا في الصحافة، ويعرف أنه إنسان قدير ويستطيع أن يقود الحزب. وتعهد لبيد بأن يبقى في الحزب تحت قيادة شلح، في حال انتخابه رئيسا. ولكنه تحفظ من طريقته. وقال، أمس الخميس، إنه مقتنع بضرورة إحداث تغيير في الحزب ليصبح أكثر ديمقراطية. ولكنه يخشى من البرايمريز، «فهذه طريقة غير دمقراطية. يمكن لخصومنا أن يرسلوا آلاف المصوتين فيقرروا لنا من تكون قيادتنا. وعادة يفوز بالبرايمريز من يدفع مالا أكثر. لهذا، تريثت في جوابي على شلح وأتخبط في إيجاد الطريقة المثلى لنصبح أكثر ديمقراطية، وفي الوقت نفسه نحافظ على الحزب، فهذا إنجاز تاريخي لقوى الوسط في إسرائيل لا يجوز لنا تحطيمه».
المعروف أن حزب «يش عتيد» سوية مع حليفه حزب «تيلم» بقيادة موشيه يعلون، ممثل في الكنيست (البرلمان الإسرائيلي) بـ16 نائبا. والاستطلاعات التي أجريت في الأسابيع الأخيرة تعطيه زيادة 3 – 4 نواب. وهذا لا يكفي ليصبح حزب السلطة البديلة. وحسب مصادر سياسية مقربة منه، فإن شلح يضع خطة استراتيجية شاملة لرفع مكانته. وضمن هذه الخطة ضم عدد من الشخصيات السياسية والاجتماعية إلى هذا الحزب حتى الانتخابات القادمة. ومن بين الشخصيات التي ترددت أسماؤها، أمس، يوجد غادي آيزنكوت، رئيس أركان الجيش السابق، ورون خولدائي، رئيس بلدية تل أبيب يافا، والجنرال عاموس يدلين، رئيس معهد أبحاث الأمن القومي حاليا، والذي كان قد ترأس في الماضي شعبة الاستخبارات العسكرية، وتسيبي لفني، وزيرة الخارجية الأسبق، وغيرهم. فهؤلاء هم مجموعة من الشخصيات التي تفتش عن سبيل للمساهمة في إحداث تغيير في الحكم والتخلص من نتنياهو، الذي يرون فيه «مدمرا للقيم الديمقراطية ولسلطة القضاء وللمصالح الاستراتيجية لإسرائيل». لكنهم لا يقتربون من «يش عتيد»، لأنه حزب غير ديمقراطي ولا يجدون لهم مكانا فيه.
وقد طرح شلح مقترحه ليجعل الحزب جذابا لشخصيات كهذه. كما أن لديه شخصيات أخرى ذات شعبية يمكن تجنيدها، لكنه لا يكشف عن أسماء في الوقت الحاضر، لأن قسما منهم ما زال في وظائف حكومية. ومن بين الشخصيات شاؤول مريدور، رئيس قسم الميزانيات في وزارة المالية، الذي استقال في مطلع هذا الأسبوع بعد انفجار خلافات له مع وزير المالية، يسرائيل كاتس، وموشيه بار سمنطوف، الذي اشتهر في بداية مكافحة كورونا وزرع الثقة بين الناس.
ويرى شلح أن تطويرا لحزب «يش عتيد»، سيجعله «بارقة أمل متجددة عند الناس تخلصهم من الإحباط الذي نشأ لديهم من بيني غانتس الذي انتخبوه لكي يسقط نتنياهو، فوجدوه يتوج نتنياهو ويعمل تحت قيادته».



إسرائيل تعترض صاروخاً حوثياً عشية «هدنة غزة»

عنصر حوثي يحمل مجسم صاروخ وهمي خلال تجمع في جامعة صنعاء (أ.ف.ب)
عنصر حوثي يحمل مجسم صاروخ وهمي خلال تجمع في جامعة صنعاء (أ.ف.ب)
TT

إسرائيل تعترض صاروخاً حوثياً عشية «هدنة غزة»

عنصر حوثي يحمل مجسم صاروخ وهمي خلال تجمع في جامعة صنعاء (أ.ف.ب)
عنصر حوثي يحمل مجسم صاروخ وهمي خلال تجمع في جامعة صنعاء (أ.ف.ب)

اعترضت إسرائيل صاروخين باليستيين أطلقتهما الجماعة الحوثية في سياق مزاعمها مناصرة الفلسطينيين في غزة، السبت، قبل يوم واحد من بدء سريان الهدنة بين تل أبيب وحركة «حماس» التي ادّعت الجماعة أنها تنسق معها لمواصلة الهجمات في أثناء مراحل تنفيذ الاتفاق في حال حدوث خروق إسرائيلية.

ومنذ نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، تشن الجماعة المدعومة من إيران هجمات ضد السفن في البحرين الأحمر والعربي، وتطلق الصواريخ والمسيرات باتجاه إسرائيل، وتهاجم السفن الحربية الأميركية، ضمن مزاعمها لنصرة الفلسطينيين.

وقال المتحدث العسكري باسم الجماعة الحوثية، يحيى سريع، في بيان متلفز، عصر السبت، بتوقيت صنعاء، إن جماعته نفذت عملية عسكرية نوعية استهدفت وزارة الدفاع الإسرائيلية في تل أبيب بصاروخ باليستي من نوع «ذو الفقار»، وإن الصاروخ وصل إلى هدفه «بدقة عالية وفشلت المنظومات الاعتراضية في التصدي له»، وهي مزاعم لم يؤكدها الجيش الإسرائيلي.

وأضاف المتحدث الحوثي أن قوات جماعته تنسق مع «حماس» للتعامل العسكري المناسب مع أي خروق أو تصعيد عسكري إسرائيلي.

من جهته، أفاد الجيش الإسرائيلي باعتراض الصاروخ الحوثي، ونقلت «وكالة الصحافة الفرنسية» أن صافرات الإنذار والانفجارات سُمعت فوق القدس قرابة الساعة 10.20 (الساعة 08.20 ت غ). وقبيل ذلك دوّت صافرات الإنذار في وسط إسرائيل رداً على إطلاق مقذوف من اليمن.

وبعد نحو ست ساعات، تحدث الجيش الإسرائيلي عن اعتراض صاروخ آخر قبل دخوله الأجواء، قال إنه أُطلق من اليمن، في حين لم يتبنّ الحوثيون إطلاقه على الفور.

ومع توقع بدء الهدنة وتنفيذ الاتفاق بين إسرائيل و«حماس»، من غير المعروف إن كان الحوثيون سيتوقفون عن مهاجمة السفن المرتبطة بإسرائيل والولايات المتحدة وبريطانيا في البحر الأحمر، وخليج عدن؛ إذ لم تحدد الجماعة موقفاً واضحاً كما هو الحال بخصوص شن الهجمات باتجاه إسرائيل، والتي رهنت استمرارها بالخروق التي تحدث للاتفاق.

1255 صاروخاً ومسيّرة

زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي استعرض، الخميس، في خطبته الأسبوعية إنجازات جماعته و«حزب الله» اللبناني والفصائل العراقية خلال الـ15 شهراً من الحرب في غزة.

وقال الحوثي إنه بعد بدء سريان اتفاق الهدنة، الأحد المقبل، في غزة ستبقى جماعته في حال «مواكبة ورصد لمجريات الوضع ومراحل تنفيذ الاتفاق»، مهدداً باستمرار الهجمات في حال عودة إسرائيل إلى التصعيد العسكري.

جزء من حطام صاروخ حوثي وقع فوق سقف منزل في إسرائيل (أ.ف.ب)

وتوعّد زعيم الجماعة المدعومة من إيران بالاستمرار في تطوير القدرات العسكرية، وقال إن جماعته منذ بدء تصعيدها أطلقت 1255 صاروخاً وطائرة مسيرة، بالإضافة إلى العمليات البحرية، والزوارق الحربية.

وأقر الحوثي بمقتل 106 أشخاص وإصابة 328 آخرين في مناطق سيطرة جماعته، جراء الضربات الغربية والإسرائيلية، منذ بدء التصعيد.

وفي وقت سابق من يوم الجمعة، أعلن المتحدث الحوثي خلال حشد في أكبر ميادين صنعاء، تنفيذ ثلاث عمليات ضد إسرائيل، وعملية رابعة ضد حاملة الطائرات «يو إس إس ترومان» شمال البحر الأحمر، دون حديث إسرائيلي عن هذه المزاعم.

وادعى المتحدث سريع أن قوات جماعته قصفت أهدافاً حيوية إسرائيلية في إيلات بـ4 صواريخ مجنحة، كما قصفت بـ3 مسيرات أهدافاً في تل أبيب، وبمسيرة واحدة هدفاً حيوياً في منطقة عسقلان، مدعياً أن العمليات الثلاث حقّقت أهدافها.

كما زعم أن جماعته استهدفت حاملة الطائرات الأميركية «ترومان» شمال البحر الأحمر، بعدد من الطائرات المسيرة، وهو الاستهداف السابع منذ قدومها إلى البحر الأحمر.

5 ضربات انتقامية

تلقت الجماعة الحوثية، في 10 يناير (كانون الثاني) 2025، أعنف الضربات الإسرائيلية للمرة الخامسة، بالتزامن مع ضربات أميركية - بريطانية استهدفت مواقع عسكرية في صنعاء وعمران ومحطة كهرباء جنوب صنعاء وميناءين في الحديدة على البحر الأحمر غرباً.

وجاءت الضربات الإسرائيلية الانتقامية على الرغم من التأثير المحدود للمئات من الهجمات الحوثية، حيث قتل شخص واحد فقط في تل أبيب جراء انفجار مسيّرة في شقته يوم 19 يوليو (تموز) 2024.

مطار صنعاء الخاضع للحوثيين تعرض لضربة إسرائيلية انتقامية (أ.ف.ب)

وإلى جانب حالات الذعر المتكررة بسبب صفارات الإنذار وحوادث التدافع في أثناء الهروب للملاجئ، تضررت مدرسة إسرائيلية بشكل كبير، جراء انفجار رأس صاروخ حوثي، في 19 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، كما أصيب نحو 20 شخصاً جراء صاروخ آخر انفجر في الـ21 من الشهر نفسه.

واستدعت الهجمات الحوثية أول رد من إسرائيل، في 20 يوليو الماضي، مستهدفة مستودعات للوقود في ميناء الحديدة، ما أدى إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة نحو 80 آخرين.

وفي 29 سبتمبر (أيلول) الماضي، قصفت إسرائيل مستودعات للوقود في كل من الحديدة وميناء رأس عيسى، كما استهدفت محطتَي توليد كهرباء في الحديدة، إضافة إلى مطار المدينة الخارج عن الخدمة منذ سنوات، وأسفرت هذه الغارات عن مقتل 4 أشخاص، وإصابة نحو 30 شخصاً.

دخان يتصاعد في صنعاء الخاضعة للحوثيين إثر ضربات غربية وإسرائيلية (أ.ف.ب)

وتكررت الضربات، في 19 ديسمبر الماضي؛ إذ شنّ الطيران الإسرائيلي نحو 14 غارة على مواني الحديدة الثلاثة، الخاضعة للحوثيين غرب اليمن، وعلى محطتين لتوليد الكهرباء في صنعاء، ما أدى إلى مقتل 9 أشخاص، وإصابة 3 آخرين.

وفي المرة الرابعة من الضربات الانتقامية في 26 ديسمبر 2024، استهدفت تل أبيب، لأول مرة، مطار صنعاء، وضربت في المدينة محطة كهرباء للمرة الثانية، كما استهدفت محطة كهرباء في الحديدة وميناء رأس عيسى النفطي، وهي الضربات التي أدت إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة أكثر من 40، وفق ما اعترفت به السلطات الصحية الخاضعة للجماعة.