بنكرياس صناعي مطوّر لعلاج السكري لدى الأطفال

يضخ الإنسولين أوتوماتيكياً

مضخة إنسولين تقليدية للأطفال المصابين بالسكري
مضخة إنسولين تقليدية للأطفال المصابين بالسكري
TT

بنكرياس صناعي مطوّر لعلاج السكري لدى الأطفال

مضخة إنسولين تقليدية للأطفال المصابين بالسكري
مضخة إنسولين تقليدية للأطفال المصابين بالسكري

أحدث دراسة تناولت مدى كفاءة البنكرياس الصناعي (artificial pancreas) لعلاج الأطفال مرضى السكري من «النوع الأول (type 1 diabetes)»، ونشرت في نهاية شهر أغسطس (آب) الماضي في «مجلة نيو إنغلاند الطبية (New England Journal of Medicine)»، أشارت إلى إمكانية أن تكون هذه الطريقة في العلاج الطريقة المثالية.
وبالطبع تعدّ هذه النتائج مبشرة بالنسبة للآباء والأطباء؛ حيث يعدّ مرض السكري من أشهر الأمراض المزمنة التي يعاني منها الأطفال. ومنذ عقود عدة والعلاج الرئيسي لهذا النوع هو الحقن بالإنسولين؛ نظراً لعدم قدرة الجسم على إفرازه بالشكل الكافي أو عدم إفرازه من الأساس؛ سواء لأسباب جينية، وأورام معينة تدمر الجزء المسؤول عن إفرازه في البنكرياس.
- بنكرياس صناعي «ذكي»
ورغم أن فكرة الجهاز بديلاً للبنكرياس ظهرت منذ أعوام قليلة، فإن التحكم في الجهاز من خلال نظم الذكاء الصناعي هو الأمر الجديد.
ويسمى الجهاز «artificial pancreas Control - IQ system» وهو قادر على علاج أطفال أصغر عمراً بداية من عمر السادسة. وتعتمد فكرة الجهاز على المعالجة الوقتية لمستويات السكر من خلال قياس معدلات الغلوكوز باستمرار في الدم، ويقوم بتوصيل الإنسولين بشكل أوتوماتيكي، خلافاً للأنواع القديمة، في حالة الاحتياج إليه عندما ترتفع مستويات السكر في الدم، وذلك عن طريق مضخة آلية تستبدل تلك التي تعتمد على التشغيل اليدوي بعد رصد مستويات الغلوكوز، أو الحقن بالإنسولين، أو المضخات التي يتم التحكم فيها من خلال شخص آخر سواء المريض أو مقدم الخدمة الطبية.
وقد أجريت تجربة الجهاز على 101 من الأطفال الذين يعانون من النوع الأول من المرض؛ تتراوح أعمارهم بين السادسة والثالثة عشرة في 4 من المراكز المختصة بعلاج السكري في الولايات المتحدة. وجرى تقسيم الأطفال إلى مجموعتين: الأولى استخدمت البنكرياس الصناعي الذي يعتمد على ضخ الإنسولين بشكل آلي، والمجموعة الأخرى استخدمت جهازاً لقياس معدل الغلوكوز في الدم باستمرار ولكن مع مضخة إنسولين منفصلة. وجرت متابعتهم بشكل أسبوعي لمدة 4 أشهر كاملة.
وأظهرت النتيجة أن المجموعة الأولى التي استخدمت البنكرياس الصناعي تحسنت لديها مستويات الغلوكوز بنسبة 7 في المائة أثناء النهار وارتفعت النسبة لتصل إلى 26 في المائة أثناء الليل؛ وهو الأمر الذي يعدّ شديد الأهمية؛ حيث إن السيطرة على مستويات السكر في الدم (من دون ارتفاع أو انخفاض كبير مفاجئ) تكون بمثابة الحماية للمريض من الهبوط المفاجئ للغلوكوز (hypoglycemia) والذي يمكن أن يؤدي إلى حدوث تشنجات أو دخول المريض في غيبوبة؛ وربما ينتهي بالوفاة إذا لم يتم علاجه بشكل سريع.
> وفي المجمل؛ كانت نسبة بقاء الغلوكوز في المعدلات الطبيعية في المجموعة الثانية (التي اعتمدت على المضخة المنفصلة) أكبر بنسبة بلغت 11 في المائة. وعند ترجمة هذه النسبة إلى ساعات كانت نحو 2.6 ساعة يومياً.
- أمان وفعالية
وكانت التجارب المبكرة التي أجريت على هذا الجهاز أثبتت أنه آمن وفعال للأطفال بداية من عمر الرابعة عشرة فما فوق. لكن هذه التجربة تشير بوضوح إلى كفاءة الجهاز في علاج الأطفال الأصغر عمراً، خصوصاً فيما يتعلق بفترة الليل، وهي الفترة الأهم؛ حيث إن الطفل يكون نائماً ولا تظهر عليه أي أعراض أو مؤشرات تدل على انخفاض مستوى السكر.
ومعلوم أن جميع مرضى السكري من الأطفال والبالغين يجب عليهم الاحتفاظ بحلويات أو مشروبات تحتوي على نسبة كبيرة من السكر ليتم تناولها سريعاً في حال الشعور بالدوار أو عدم التركيز.
ومن المعروف أن البنكرياس الصناعي يعمل بطريقة أقرب ما تكون لعمل البنكرياس الحقيقي الذي يقوم بإفراز هرمون الإنسولين المهم جداً للتحكم في مستويات الغلوكوز في الدم وإدخاله لخلايا الجسم حتى تتم الاستفادة منه بوصفه مصدراً أساسياً للطاقة.
والغلوكوز بالنسبة للجسم بمثابة الوقود بالنسبة للسيارة. وتخزن الكميات الزائدة من الغلوكوز في الكبد لحين الاحتياج إليها. والجهاز شريحة استشعار صغيرة (sensor) يتم زرعها تحت الجلد، وتقوم بقياس مستوى الغلوكوز في الدم طوال الوقت، ومضخة إنسولين (يمكن ارتداؤها تحت الملابس) وتقوم بتوصيل الإنسولين للجسم عن طريق قطعة صغيرة (patch) لاصقة، ويتم التحكم فيها بناء على هذه المستويات؛ سواء عن طريق المريض والآباء ومقدمي الخدمة الطبية.
والجديد في هذه التجربة هو آلية التحكم في المضخة من تلقاء نفسها في استجابة لتغير مستويات السكر. وقد تمت الموافقة من قبل «إدارة الغذاء والدواء الأميركية (FDA)» على الجهاز بشكله السابق في عام 2016 لاستخدامه مع البالغين والأطفال أكبر من 14 عاماً. وبناء على نتائج التجربة الجديدة يمكن للأطفال الأصغر الاستفادة منه.
وأوضح الباحثون أن البنكرياس الصناعي يعدّ مستقبل العلاج للنوع الأول خاصة، وأن العلاج الحالي بالإنسولين لا يقوم بالحفاظ على معدلات الغلوكوز بشكل مثالي وطبيعي في الدم باستمرار إلا بنسبة نحو 20 في المائة، وهو ما يعني وجود طفل واحد فقط من بين كل 5 يتمتع بمستويات طبيعية خاصة. وللأطفال في هذه الفئة العمرية عادات غذائية مختلفة عن البالغين؛ بمعنى أنهم يمكن أن يتناولوا عدداً من الوجبات أكثر، كما أن التحكم في الكربوهيدرات والنشويات في الطعام يكون أقل بطبيعة الحال، فضلاً عن ممارسة قدر أكبر من النشاط البدني في الدراسة أو التوقف عن هذا النشاط في الإجازات، وهو الأمر الذي يحتاج إلى تغيير الجرعات باستمرار لتواكب الزيادة والنقص في معدلات الغلوكوز حتى يحمي الأطفال من مضاعفات المرض.
- استشاري طب الأطفال


مقالات ذات صلة

«الصحة العالمية»: انتشار أمراض الجهاز التنفسي في الصين وأماكن أخرى متوقع

آسيا أحد أفراد الطاقم الطبي يعتني بمريض مصاب بفيروس كورونا المستجد في قسم كوفيد-19 في مستشفى في بيرغامو في 3 أبريل 2020 (أ.ف.ب)

«الصحة العالمية»: انتشار أمراض الجهاز التنفسي في الصين وأماكن أخرى متوقع

قالت منظمة الصحة العالمية إن زيادة حالات الإصابة بأمراض الجهاز التنفسي الشائعة في الصين وأماكن أخرى متوقعة

«الشرق الأوسط» (لندن )
صحتك تمارين النهوض بالرأس من التمارين المنزلية المعروفة لتقوية عضلات البطن

لماذا قد تُغير ممارسة التمارين الرياضية لساعتين في الأسبوع حياتك؟

نصح أستاذ أمراض قلب بجامعة ليدز البريطانية بممارسة التمارين الرياضية، حتى لو لفترات قصيرة، حيث أكدت الأبحاث أنه حتى الفترات الصغيرة لها تأثيرات قوية على الصحة

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك دراسة: عادات العمل قد تصيبك بالأرق

دراسة: عادات العمل قد تصيبك بالأرق

خلصت دراسة إلى أن عادات العمل قد تهدد نوم العاملين، حيث وجدت أن الأشخاص الذين تتطلب وظائفهم الجلوس لفترات طويلة يواجهون خطراً أعلى للإصابة بأعراض الأرق

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
صحتك رجل يحضّر فنجانين من القهوة بمقهى في كولومبيا (أرشيفية - إ.ب.أ)

ما أفضل وقت لتناول القهوة لحياة أطول؟... دراسة تجيب

أشارت دراسة جديدة إلى أن تحديد توقيت تناول القهوة يومياً قد يؤثر بشكل كبير على فوائدها الصحية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك جائحة «كورونا» لن تكون الأخيرة (رويترز)

بعد «كوفيد»... هل العالم مستعد لجائحة أخرى؟

تساءلت صحيفة «غارديان» البريطانية عن جاهزية دول العالم للتصدي لجائحة جديدة بعد التعرض لجائحة «كوفيد» منذ سنوات.

«الشرق الأوسط» (لندن)

دراسة: التوتر النفسي يزيد من حساسية الجلد

التوتر النفسي يحد من قدرة الخلايا المناعية المتخصصة  (أرشيفية)
التوتر النفسي يحد من قدرة الخلايا المناعية المتخصصة (أرشيفية)
TT

دراسة: التوتر النفسي يزيد من حساسية الجلد

التوتر النفسي يحد من قدرة الخلايا المناعية المتخصصة  (أرشيفية)
التوتر النفسي يحد من قدرة الخلايا المناعية المتخصصة (أرشيفية)

اكتشف باحثون أدلة جديدة تساعد في فهم كيف يمكن للتوتر والضغط النفسي أن يزيدا من حساسية الجلد. ووجد الباحثون في دراسة منشورة بدورية (جورنال أوف أليرجي آند كلينيكال إيميونولوجي) أن التوتر يعمل على تعطيل الوظائف المناعية والتدخل في استجابة الجسم للالتهاب.

الدراسة التي أجريت على الفئران أظهرت أن التوتر النفسي يحد من قدرة الخلايا المناعية المتخصصة التي تسمى الخلايا البلعمية المضادة للالتهابات على إزالة الخلايا الميتة في موقع الحساسية. وقال الباحثون إن تراكم الخلايا الميتة في الأنسجة يزيد من تسلل الخلايا المناعية المسماة الخلايا الحمضية، مما يرفع مستوى الاستجابة التحسسية، ومن ثم يؤدي إلى زيادة الشعور بالحساسية.

ذاكرة الضغط النفسي

وقال الدكتور سويشيرو يوشيكاوا، كبير الباحثين في الدراسة والاستاذ بكلية الطب بجامعة جونتيندو في اليابان، في بيان «هذه أول دراسة في العالم تثبت أن التوتر... يعطل وظيفة الخلايا البلعمية، والتي تساعد عادة في كبح ردود الفعل التحسسية، وبالتالي زيادة الاستجابة التحسسية». كما وجد الباحثون أن تأثير الضغط النفسي على الخلايا المناعية يبدو طويل الأمد ويمكن أن يؤثر على الخلايا البلعمية التي ينتجها الجهاز المناعي في وقت لاحق.

وقال يوشيكاوا «هذه الظاهرة، التي يشار إليها باسم 'ذاكرة الضغط النفسي'، تعني أن الضغط والتوتر الشديدين يتركان بصمة باقية على الخلايا المناعية، مما يؤثر على وظيفتها ويساهم في تطور المرض». وأشار الباحثون إلى أن تجنب الضغط النفسي تماما سيكون الحل الأمثل لمنع خلل وظائف الخلايا المناعية. ونظرا لأن هذا ليس ممكنا دائما، فإن فهم الآليات الجزيئية وراء «ذاكرة الضغط النفسي» قد يمهد الطريق لسبل علاج لحساسية الجلد.