مجزرة طالبان والعلاقات الأميركية ـ الكوبية تتناصفان تغطية الصحافة البريطانية

هجوم حركة طالبان يوم الثلاثاء الماضي على مدرسة في باكستان يدرس فيها أبناء جنود، الذي أسفر عن سقوط 141 قتيلا بينهم 132 طالبا، حصل، مع اتفاق استئناف العلاقات الدبلوماسية بين الولايات المتحدة الأميركية وكوبا وإعلان نهاية الحصار المفروض على الدولة الشيوعية لأكثر من 50 عاما، على أكبر تغطية في الصحافة البريطانية المكتوبة.
وأفردت صحيفة «الغارديان» عددا من الصفحات إضافة إلى الغلاف والمانشيت الرئيس لهجوم طالبان مع صور مروعة للضحايا. وبدأت تغطيتها من دون عنوان واكتفت باقتباس من شهود عيان على المجزرة، وبينت من خلال تقريرها الميداني أن الهجوم الذي انتهى بعد معارك استمرت 7 ساعات مع مقتل 6 مهاجمين، أشاع هلعا في البلاد وبين المراقبين بعد أن روى ناجون كيف انتقل المسلحون من صف إلى آخر يقتلون عشوائيا أولادا لم تتعد أعمارهم 12 سنة. كما أوردت الصحيفة في تغطيتها إعلان حركة طالبان باكستان مسؤوليتها عن الهجوم لإظهار أنها لا تزال قادرة على ضرب قلب المؤسسات رغم إضعافها جراء هجمات الجيش الباكستاني. وكان في المدرسة نحو 500 تلميذ تتراوح أعمارهم بين 10 و20 عاما.
وأوردت الصحيفة مقتبسات من محمد خراساني المتحدث باسم طالبان قال فيها: «إن مقاتلات الجيش تقصف ساحاتنا العامة ونساءنا وأطفالنا، كما جرى اعتقال الآلاف من المقاتلين وأفراد عائلاتهم وأقربائهم. لقد طلبنا تكرارا أن يوقفوا هذا الأمر»، مضيفا: «في مواجهة تصلب الجيش اضطررنا لشن هذا الهجوم بعدما تحققنا من أن أولاد عدة مسؤولين كبار في الجيش يتلقون تعليمهم في هذه المدرسة».
كما أبرزت الصحيفة الإدانات الدولية لكل من الأمم المتحدة والهند والدول العظمى الغربية من واشنطن إلى باريس، وآثار الصدمة لدى الحكومة والجيش الباكستاني الذي أكد تصميمه على القضاء على طالبان باكستان التي أسفرت هجماتها عن مقتل أكثر من 7 آلاف شخص في البلاد منذ 2007 خصوصا في شمال غربي باكستان وبيشاور.
وكتبت صحيفة «الديلي تلغراف» هي الأخرى تحت عنوان «132 طفلا تذبحهم طالبان في مدرسة». أما صحيفة «الإندبندنت» فنشرت على صفحتها الأولى صورة مروعة للضحايا تحت عنوان «باسم الله». ونشرت هي الأخرى على عدد من الصفحات الداخلية تغطية ميدانية للحدث.
أما الحدث الثاني الذي نال هو الآخر حصة الأسد في التغطية فكان اتفاق الولايات المتحدة وكوبا بعد أكثر من 5 عقود من القطيعة، على خطة لإعادة فتح السفارتين في عاصمة كل منهما في أقرب وقت ممكن، حسبما أعلن رئيسا البلدين يوم الأربعاء الماضي.
ونشرت صحيفة «التايمز» على صفحتها الأولى صورة أرشيفية وتاريخية لقادة الثورة الكوبية بعد انتصارها بعد عام 1959، وتظهر الصورة القائد الأممي الشيوعي تشي غيفارا مع الرئيس الكوبي السابق فيديل كاسترو تعود لعام 1960، وتحت عنوان «تخرج من الباردة»، أي نهاية الحرب الباردة ونهاية العزلة التي فرضتها الولايات المتحدة على الجزيرة الشيوعية القريبة من شواطئ الولايات المتحدة، كتبت الصحيفة تقول بأن الرئيس باراك أوباما قد مزق بقايا الستارة الحديدية، التي فصلت المعسكرين الشرقي والغربي خلال الحرب الباردة، مع قبوله إخراج كوبا الشيوعية من عزلتها، بعد أكثر من 50 عاما على أزمة الصواريخ بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفياتي، التي كادت تقود إلى حرب نووية بين القوتين العظميين.
وأوردت الصحيفة خطاب الرئيس الأميركي باراك أوباما الذي قال فيه إن الوقت قد حان للولايات المتحدة كي تتبنى نهجا مختلفا إزاء كوبا بعد عقود من العزلة التي أخفقت في إحداث تغيير سياسي في الجزيرة الشيوعية. وأضاف أوباما: «لم تنجح العزلة. حان الوقت لاتباع نهج جديد». وقال أوباما إن هذه السياسة لا تخدم مصلحة الولايات المتحدة أو كوبا، داعيا إلى المزيد من المشاركة بين الدولتين.
كما أوردت خطاب الرئيس الكوبي راؤول كاسترو، الذي ألقي بالتزامن مع خطاب نظيره الأميركي. وأوردت الصحيفة مقتبسات من خطاب كاسترو الذي قال فيه: «لقد تمكنا من إحراز تقدم نحو حل الكثير من القضايا التي تهم البلدين.. هذا القرار من قبل الرئيس أوباما يستحق الاحترام والتقدير من شعبنا».
وبينت الصحيفة أول ثمار هذا الاتفاق، وهي الإفراج عن الأشخاص المحتجزين لدى كوبا بتهم التجسس لصالح الولايات المتحدة، وكذلك التوقعات بأن مليارات من الدولارات ستصل إلى الجزيرة من خلال السياحة والعقود التجارية وإقبال الأميركيين على تدخين السيجار الكوبي الفاخر.
وخلال الأسبوع الماضي، انشغل الإعلام الأميركي بأنواع مختلفة من الإرهاب. منها إرهاب إلكتروني متمثل في عرقلة إصدار فيلم في هوليوود عن كوريا الشمالية، وإرهاب في أستراليا متمثل في هجوم فردي قام به مهاجر إيراني.
في بداية الأسبوع، احتجز إيراني، هو هارون مؤنس، رهائن في مقهى حلويات «لنت» في سيدني، في أستراليا. وفي الحال، انتقلت كاميرات التلفزيونات الأميركية إلى هناك، وبدأت متابعات مباشرة. خاصة تلفزيون «سي إن إن».
وبلغت التغطية قمة إثارتها عندما هجمت الشرطة المسلحة على المكان، وقتلت الإيراني، و3 من الرهائن. ونشرت صحيفة «نيويورك تايمز» أن أستراليا ربما لن تقدر على وقف مثل هذا الإرهاب الأجنبي، وذلك بسبب استمرار هجرات قانونية وغير قانونية من الدول المجاورة.
وفي موضوع إرهابي آخر، نشرت نفس الصحيفة خبر القبض على 10 من أعضاء منظمة «لاهافا»، وهي منظمة إسرائيلية يمينية تعارض دمج العرب واليهود، واتهمت بأنها كانت وراء حرق مدرسة عربية يهودية.
وكان هناك خبر إدانة جندي أميركي في الفلبين بتهمة يراها كثير من الفلبينيين أنها نوع من أنواع «الإرهاب» وكان الجندي هرب إلى الولايات المتحدة في أعقاب ارتكابه جريمة قتل فلبينية تحولت جنسيا، هي جنيفر لاودي. وعندما رفضت الحكومة الأميركية تسليم الجندي، زادت انتقادات الفلبينيين بأن الأميركيين يمارسون معايير متناقضة.
وفي منتصف الأسبوع، عمت أخبار الإرهاب والقلاقل.
نقل الإعلام الأميركي قرار الاتحاد الأوروبي بفرض مزيد من العقوبات على روسيا. خاصة في شبه جزيرة القرم، التي كانت تابعة لأوكرانيا، والتي احتلتها روسيا. وحسب القرار، تمنع أي استثمارات أوروبية هناك. ويشمل هذا حظر السياحة، والتي تعتمد عليها منطقة بلاجات البحر الأسود في المنطقة.
وكان هناك اهتمام كبير بحادث هجوم طالبان على مدرسة في بيشاور في باكستان، والذي قتل فيه 141، بما في ذلك 132 طفلا.
ثم انشغل الإعلام الأميركي بهجوم إرهابي جديد على الولايات المتحدة، متمثلا في هجوم «هاكرز» (قراصنة الإنترنت) على شركة «سوني» لإنتاج الأفلام السينمائية والمسلسلات التلفزيونية. حدث ذلك قبيل بداية عرض فيلم «إنترفيو» (مقابلة) عن اغتيال كيم جونغ إيل، رئيس كوريا الشمالية. وأعلنت «سوني» وقف عرض الفيلم لأن القراصنة هددوا بشن هجمات مثل هجمات 11 سبتمبر (أيلول) عام 2001.
ومع نهاية الأسبوع، شن الرئيس باراك أوباما هجوما عنيفا على كوريا الشمالية، ودافع عن شركة «سوني»، وانتقد رضوخ الشركة للتهديدات الإرهابية.
لكن، يظل موضوع الإرهاب التكنولوجي خطرا جديدا يقلق الأميركيين، ويثير اهتمامات الإعلام الأميركي، والذي صار ينشر تقارير ودراسات كثيرة عنه. ونشرت دورية «فورين بوليسي» تقريرا جاء فيه: «في عالم الغد، يمكن أن تسود عصابات الإنترنت، تهدد الشركات والحكومات، وتفرض نظاما فوضويا لم يشهد العالم مثله منذ القرون الوسطى».
ومع نهاية الأسبوع، نقل تلفزيون «سي إن إن» تقريرا من أستراليا عن، أيضا، «عالم الغد الفوضوي»، وعن ربما عدم مقدرة أستراليا، ممثلة للحضارة الغربية في جنوب شرقي آسيا، على أن تصمد أمام «غزوات» الشعوب المجاورة. وذلك على ضوء الهجوم الإرهابي الذي قام به المهاجر الإيراني. ولأن حكومة أستراليا بدأت تحقق في كيفية دخول الرجل أستراليا، وحصوله على إقامة، وإعانات حكومية. وقال التقرير: «إرهاب، أو غير إرهاب، يبدو أن أستراليا ستكون مهددة بغزوات الشعوب المجاورة». وفي التقرير إشارة إلى زيادة هجرات الآسيويين، مثل: الفيتناميين، والفلبينيين، والكوريين، وخصوصا الصينيين.
وشذ خبران رئيسيان في الإعلام الأميركي عن أخبار الإرهاب والقلاقل:
أولا: قرار جيب بوش، ابن الرئيس جورج بوش، وشقيق الرئيس جورج دبليو بوش، وحاكم ولاية فلوريدا السابق بأنه سيبحث إمكانية ترشيحه لرئاسة الجمهورية باسم الحزب الجمهوري.
ثانيا: قرار الرئيس باراك أوباما ببداية رفع مقاطعة 50 عاما على كوبا.