رؤساء الحكومات السابقون مع حكومة لبنانية جديدة تشبه رئيسها

لقطع الطريق على تكرار تجربة دياب

TT

رؤساء الحكومات السابقون مع حكومة لبنانية جديدة تشبه رئيسها

دافعت مصادر مقربة من رؤساء الحكومات السابقين عن موقفهم تشكيل حكومة من اختصاصيين ومهنيين لأن مهمتها تنفيذية بامتياز وتبقى محصورة في تبنّيها للورقة الإصلاحية وإدراجها في صلب البيان الوزاري لانتفاء الحاجة إلى تمديد الوقت لإنجازه تمهيداً لطلب نيل الثقة من البرلمان، وأكدت لـ«الشرق الأوسط» أن اختيار هذه العيّنة من الوزراء لا يعني أنهم لا يتمتعون برؤية سياسية شرط ألا تكون لهم انتماءات حزبية أكانت مباشرة أو مقنّعة.
ولفتت المصادر المقرّبة إلى أن قرار رؤساء الحكومات السابقين بعزوفهم عن الترشُّح لتولي رئاسة الحكومة وتأييدهم لترشيح سفير لبنان لدى ألمانيا مصطفى أديب، لتولّي هذا المنصب يعود إلى أنهم يتطلعون لتشكيل حكومة تشبه رئيسها، لقطع الطريق أمام تكرار التجربة التي أسقطت حكومة الرئيس حسان دياب، وكان للقوى الداعمة له دور في إسقاطها.
ورأت أن رؤساء الحكومة السابقين اتخذوا قرارهم لجهة تأمين كل الشروط لإنجاح تجربة المجيء بحكومة لا تخضع لسيطرة الأحزاب، وقالت إنهم سيشكّلون رافعة لتعطيل الألغام التي تعترض المهمة الإنقاذية لهذه الحكومة المدعومة بلا تردد من الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، وبالتالي فإن فشل رئيسها ينسحب عليهم مباشرة، وهذا يُملي عليهم التمسك بالمواصفات للعبور بها إلى بر الأمان وعدم إخضاعها إلى الابتزاز من هذا الطرف أو ذاك أو السماح للبعض بالتعاطي معها كأنه سجّل انتصاراً على خصومه.
وقالت المصادر نفسها إن ما لا يريده رؤساء الحكومات لأنفسهم لن يسمحوا للآخرين بأن يتجاوزوا الخطوط الحمر وصولاً إلى السيطرة عليها، كما حصل مع تشكيل حكومة دياب. ورأت أن ماكرون قام بمهمة استثنائية كانت وراء تبنّي الجميع للورقة الإصلاحية التي يراد منها تحرير مقررات مؤتمر «سيدر» لمساعدة لبنان على النهوض من أزماته المالية والاقتصادية والإعداد للوصول إلى تفاهم مع صندوق النقد الدولي لدعم الخطة المالية لتعافي لبنان ووقف انهياره وانتشاله من قعر الهاوية. وأضافت أن الورقة الإصلاحية تأخذ بعين الاعتبار مكافحة الفساد وإعادة التدقيق في الحسابات المالية لمصرف لبنان والدولة، وتحقيق الإصلاح في القضاء لأن من دونه من غير الجائز إصلاح الإدارة وتطهيرها من كل أشكال الفساد، وقالت إن ماكرون يُدرج مراجعة نظام الكهرباء وإصلاحه كبند أساسي في الورقة الإصلاحية، وإلا لما اضطر إلى الإشارة إلى الفساد الموجود في قطاع الكهرباء، وهذا ما يشكل تحدّياً لرئيس الجمهورية ميشال عون الذي يصر على تجاهله في معرض إصراره على التصدي للفساد ومكافحته.
ورأت أنْ لا لزوم لتطعيم الحكومة بسياسيين ما دامت خريطة الطريق لإنجاحها كمعبر إجباري لتصحيح علاقات لبنان الدولية والعربية، وقالت إن تصويب هذه العلاقات يشترط منع هذا الفريق أو ذاك من السيطرة على الحكومة، وخصوصاً تحالف «حزب الله» و«التيار الوطني الحر» الذي كان وراء تدمير علاقات لبنان بعدد من الدول العربية.
وكشفت أن عون أبدى كل استعداد إيجابي للتعاون مع الحكومة، وهذا ما أبلغه إلى ماكرون، وسألت: هل يسري استعداده على جبران باسيل الذي لن يجد له مكاناً في الحكومة العتيدة لتعويم نفسه وبات يتعذّر عليه الحصول كسواه على جوائز ولو من باب الترضية؟ وأكدت أن ماكرون منح الأطراف المعنية بتشكيل الحكومة فترة سماح غير قابلة للتمديد ومشروطة بأن تنجز أوراق اعتمادها كأساس للتصالح مع المجتمع الدولي، ويمكن أن تكون بمثابة مؤشر لتصويب العلاقات اللبنانية العربية في ضوء تريُّث دول أساسية في تحديد موقفها وربما إلى ما بعد ولادة الحكومة.
وأكدت أن ماكرون كان وراء ترحيل النقاط الخلافية عن جدول أعمال الحكومة تقديراً منه بأن إقحامها فيها سيؤدي إلى تعطيلها حتماً وربما إلى تأخير ولادتها، وقالت إنه أصر على حصره بالأمور ذات الصلة لوقف انهيارها نظراً لعدم وجود تباين حولها. ورداً على سؤال أوضحت المصادر أن ماكرون لم يبادر إلى تحديد مواعيد لعقد مؤتمر دولي لدعم لبنان ولعودته في ديسمبر (كانون الأول) المقبل إلى بيروت وأيضاً لإمهاله الحكومة شهرين لإنهاء استعداداتها على قاعدة الاستجابة لدفتر الشروط الدولية للإفراج عن المساعدات المالية للبنان لو أنه يفتقر إلى ضوء أخضر أميركي وأراد القيام بمغامرة إنقاذية غير محسوبة النتائج. فالرئيس الفرنسي -حسب المصادر- استطاع تأمين شبكة أمان دولية لتحركه ونصف شبكة أمان عربية، وإلا لماذا لوّح بفرض عقوبات على من يعيق خطة الإنقاذ مهدّداً باللجوء إلى المجتمع الدولي؟ لذلك فإن انتهاء المشاورات النيابية التي أجراها أمس، الرئيس أديب مع الكتل النيابية يفتح الباب أمام البحث عن التأليف بأقصى سرعة ممكنة لأنه لا مجال لترف الوقت وهدر الفرصة الأخيرة للالتفات دولياً لمساعدة لبنان، فهل تبصر ولادتها النور في أقل من أسبوعين كما تعهدت القيادات السياسية أمام ماكرون، على أن تُشكَّل من 14 وزيراً يشكلون فريقاً منسجماً بغياب أي تمثيل حزبي وعلى قاعدة أنْ لا امتيازات لهذا الفريق أو ذاك للاحتفاظ بحقائب معيّنة كأنها وكالة حصرية لهم، في إشارة إلى مطالبة الأكثرية بعدم إعادة وزارة الطاقة إلى «التيار الوطني»؟
ويبقى السؤال: هل تتجاوب الأطراف مع وعودها الإعلامية؟ أم أنها ستصر على أن تتمثل في الحكومة ولو بوزراء دولة؟ وهذا ما يدفع برئيسها إلى التقدُّم إلى البرلمان بتشكيلة وزارية كأمر واقع، ما يؤدي إلى حشره، وسيكون لكل حادث حديث في ضوء رد فعل النواب لأنه لا يريد تشكيل حكومة كيفما كان.



الحوثيون يتبنّون هجمات بالمسيّرات ضد أهداف إسرائيلية

صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
TT

الحوثيون يتبنّون هجمات بالمسيّرات ضد أهداف إسرائيلية

صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)

تبنت الجماعة الحوثية المدعومة من إيران هجمات جديدة بالطائرات المسيّرة ضد أهداف إسرائيلية، الجمعة، إلى جانب تبنّى هجمات بالاشتراك مع فصائل عراقية موالية لطهران، دون أن يعلق الجيش الإسرائيلي على الفور بخصوص آثار هذه العمليات.

وتشن الجماعة المدعومة من إيران منذ أكثر من عام هجمات ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، فضلاً عن إطلاق الصواريخ والمسيّرات باتجاه إسرائيل تحت مزاعم نصرة الفلسطينيين في غزة.

صاروخ أطلقه الحوثيون باتجاه إسرائيل من نوع «فلسطين 2» (إعلام حوثي)

وخلال حشد حوثي في ميدان السبعين بصنعاء، الجمعة، ادعى المتحدث العسكري باسم الجماعة يحيى سريع أن قوات جماعته نفذت عمليتين عسكريتين استهدفت الأولى هدفاً عسكرياً في عسقلان، فيما استهدفت الثانية هدفاً في تل أبيب.

وزعم المتحدث الحوثي أن العمليتين تم تنفيذهما بطائرتين مسيّرتين تمكنتا من تجاوز المنظومات الاعتراضية والوصول إلى هدفيهما.

إلى ذلك، قال سريع إن قوات جماعته نفذت بالاشتراك مع ما وصفها بـ«المقاومة الإسلامية في العراق» عمليةً عسكريةً ضد أهداف حيوية جنوب إسرائيل، وذلك بعدد من الطائرات المسيّرة، زاعماً أن العملية حققت أهدافها بنجاح.

وتوعد المتحدث الحوثي بالاستمرار في تنفيذ الهجمات ضد إسرائيل حتى توقف الحرب على غزة ورفع الحصار عنها.

19 صاروخاً ومسيّرة

في أحدث خطبة لزعيم الجماعة عبد الملك الحوثي، الخميس، قال إن جماعته أطلقت باتجاه إسرائيل خلال أسبوع 19 صاروخاً باليستياً ومجنحاً وطائرة مسيّرة، زاعماً أنها استهدفت تل أبيب وأسدود وعسقلان.

كما ادعى الحوثي استهداف خمس سفن أميركية في خليج عدن، منها: بارجتان حربيتان، وهدد بالاستمرار في الهجمات، وقال إن جماعته نجحت في تدريب وتعبئة أكثر من 600 ألف شخص للقتال خلال أكثر من عام.

من آثار مسيّرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في جنوب تل أبيب الاثنين الماضي (أ.ف.ب)

وتبنّى الحوثيون على امتداد أكثر من عام إطلاق مئات الصواريخ والطائرات المسيّرة باتجاه إسرائيل، لكن لم يكن لها أي تأثير هجومي، باستثناء مسيّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.

واستدعت هذه الهجمات من إسرائيل الرد في 20 يوليو الماضي، مستهدفة مستودعات للوقود في ميناء الحديدة، وهو ما أدى إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة نحو 80 آخرين.

وتكرّرت الضربات الإسرائيلية في 29 سبتمبر (أيلول) الماضي، ضد مستودعات للوقود في كل من الحديدة ورأس عيسى. كما استهدفت محطتي توليد كهرباء في الحديدة، بالإضافة إلى مطار المدينة الخارج عن الخدمة منذ سنوات. وأسفرت هذه الغارات عن مقتل 4 أشخاص، وإصابة نحو 30 شخصاً، وفق ما أقر به الحوثيون.

أحدث الهجمات

أعلن الجيش الإسرائيلي، الاثنين الماضي، أن طائرة مسيّرة، يعتقد أنها انطلقت من اليمن، أصابت مبنى في جنوب تل أبيب، وفق ما نقلته وسائل إعلام غربية.

وقالت القناة «13» الإسرائيلية: «ضربت طائرة مسيّرة الطابق الـ15 من مبنى سكني في يفنه، ولحق دمار كبير بشقتين»، مشيرة إلى وصول قوات كبيرة إلى المكان.

وأفاد الجيش الإسرائيلي بورود «تقارير عن سقوط هدف جوي مشبوه في منطقة مدينة يفنه. ولم يتم تفعيل أي تحذير». وقالت نجمة داود الحمراء إنه لم تقع إصابات.

وأشارت قوات الإطفاء والإنقاذ، التي وصلت إلى مكان الحادث، إلى وقوع أضرار جسيمة في شقتين. كما نقل موقع «0404» الإسرائيلي اليوم عن متحدث باسم الجيش الإسرائيلي قوله: «يبدو أن الطائرة المسيّرة التي أصابت مبنى في يفنه قد انطلقت من اليمن»، مشيراً إلى أنه يجري التحقيق في الحادث.

مدمرة أميركية في البحر الأحمر تطلق صاروخاً ضد أهداف حوثية (رويترز)

وعلى صعيد الهجمات البحرية، كانت القيادة المركزية الأميركية أعلنت في بيان، الثلاثاء، الماضي، أنّ سفينتين عسكريّتين أميركيّتين صدّتا هجوماً شنّه الحوثيون بواسطة طائرات من دون طيّار وصاروخ كروز، وذلك في أثناء حراستهما ثلاث سفن تجارية في خليج عدن.

وقال البيان إن «المدمّرتين أحبطتا هجمات شُنّت بطائرات من دون طيار وبصاروخ كروز مضاد للسفن، لتضمنا بذلك سلامتهما وأفرادهما، وكذلك سلامة السفن المدنية وأطقمها».

وأوضح البيان أنّ «المدمرتين كانتا ترافقان ثلاث سفن تجارية تابعة للولايات المتحدة»، مشيراً إلى عدم وقوع إصابات أو إلحاق أضرار بأيّ سفن.

يشار إلى أن الهجمات الحوثية في البحر الأحمر أدت منذ 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023 إلى غرق سفينتين وقرصنة ثالثة، كما أدت إلى مقتل 3 بحارة وإصابة آخرين في هجوم ضد سفينة ليبيرية.

وفي حين تبنى زعيم الحوثيين مهاجمة أكثر من 211 سفينة منذ بدء التصعيد، كانت الولايات المتحدة ومعها بريطانيا في أربع مرات على الأقل، نفذت منذ 12 يناير (كانون الثاني) الماضي أكثر من 800 غارة على أهداف للجماعة أملاً في الحد من قدرتها على تنفيذ الهجمات البحرية.