أعلنت وزارة الخارجية الأميركية، مساء الأربعاء، أن إدارة الرئيس دونالد ترمب قررت تعليق بعض المساعدات لإثيوبيا بسبب «عدم إحراز تقدم» في محادثات البلاد مع مصر والسودان بشأن مشروع سد النهضة الذي تقيمه على النيل الأزرق وعدم الاستجابة لمطالب كل من مصر والسودان بالتوصل إلى اتفاق ملزم بشأن قواعد ملء السد وفترات الجفاف والفيضان.
ويعد إقدام إدارة ترمب على هذه الخطوة إجراء فريداً في سياسته الخارجية تجاه أفريقيا حيث تحتل القضايا الأفريقية اهتماماً كبيراً في ملف السياسة الخارجية، إلا أن تصاعد الخلافات وعدم قدرة الأطراف الثلاثة على التوصل إلى اتفاق أدى إلى مخاوف من صراع عسكري في القارة الأفريقية، ومن انتشار جفاف شديد في اثنين من أكبر الدول الأفريقية قوة، من حيث عدد السكان، وهما مصر والسودان.
وصرّح مصدر بالخارجية الأميركية أن وقف المساعدات لإثيوبيا هو وقف مؤقت، وأنه أرسل رسالة حول القلق الأميركي بشأن قرار إثيوبيا الأحادي الجانب بالبدء في ملء السد قبل الاتفاق، واتخاذ التدابير اللازمة لسلامة السد. وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية: «لقد أعربت الولايات المتحدة في السابق مراراً وتكراراً عن قلقها من أن البدء في ملء سد النهضة قبل تنفيذ جميع تدابير سلامة السدود الضرورية قد خلق مخاطر جسيمة على سكان دول المصب».
وأضاف: «بالإضافة إلى ذلك، فإن الامتلاء أثناء المفاوضات يقوض ثقة الأطراف الأخرى في المفاوضات»، لكنه نفى أن يؤثر القرار على العلاقة القوية بين الولايات المتحدة وإثيوبيا كحليف إقليمي رئيسي.
كان سفير إثيوبيا لدى الولايات المتحدة، فيتسوم أريغا، قد غرّد الأسبوع الماضي عبر حسابه على «تويتر» مؤكداً استكمال ملء السد، وقال: «ستخرج إثيوبيا من الظلام»، وتحاول إثيوبيا الترويح لدى الدوائر الأميركية أن السد الذي تبلغ تكلفته 4.6 مليار دولار سيكون محرك التنمية في الدولة الفقيرة في إنتاج الطاقة الكهرومائية وبيعها، وسيؤدي إلى انتشال ملايين الإثيوبيين من براثن الفقر. وشهد خزان السد الذي تبلغ مساحته 74 مليار متر مكعب أول تعبئة له في يوليو (تموز)، وهو ما احتفلت به الحكومة الإثيوبية، وعزت ذلك إلى هطول الأمطار الغزيرة، بينما سارع السودان ومصر المذهولان للحصول على توضيح، وعبّرا عن شكوكهما.
وقد جاء القرار بعد نقاشات في الكونغرس الأسبوع الماضي، ومطالب من أعضاء بمجلس الشويخ الأميركي، يطالبون الإدارة الأميركية باتخاذ إجراءات مناسبة حول انتهاكات لحقوق الإنسان في إثيوبيا، وملاحقة المعارضة، ومنهم المعارض الإثيوبي جوار محمد، والناشطة الإثيوبية ميشا تشيري.
وكانت مجلة فورين بوليس قد نشرت تقريراً قبل أسبوع يشير إلى موافقة وزير الخارجية الأميركية مايك بومبيو على خطة وقف بعض المساعدات لإثيوبيا. وأشارت المجلة أن بعض المسؤولون في الكونغرس يحاولون خفض المبلغ النهائي المقتطع إلى أقل من 130 مليون دولار (رغم عدم قيام «الخارجية الأميركية» بتحديد قيمة المساعدات الأميركية لإثيوبيا التي سيتم وقفها)، والتي تتضمن المساعدة الأمنية ومكافحة الإرهاب والتعليم والتدريب العسكري وبرامج مكافحة الاتجار بالبشر وتمويل المساعدة الإنمائية الأوسع. لكنها لا تشمل المساعدات الغذائية أو البرامج الصحية التي تهدف إلى التصدي لفيروس «كوفيد - 19» وفيروس نقص المناعة البشرية، الإيدز.
وقد فشلت المحادثات بين الدول الثلاث لأكثر من 10 سنوات؛ حيث طالبت مصر والسودان إثيوبيا بعدم البدء في ملء السد حتى تتوصل الدولتان إلى اتفاق ملزم قانوناً يتناول كيفية إدارة تدفقات المياه أثناء فترات الجفاف أو مواسم الأمطار الجافة، وأنشأتا آلية لحل الخلافات المتعلقة بالسد. واستضافت وزارة الخزنة الأميركية عدة جولات من المفاوضات بين الأطراف الثلاثة، انتهت بالفشل وبرفض الجانب الإثيوبي التوقيع على الاتفاق المبدئي الذي تم التوصل إليه، واتهمت إثيوبيا الإدارة الأميركية بالتحيز إلى الجانب المصري في النزاع، بينما أكد مسؤولو الإدارة لجميع الأطراف أن واشنطن هي وسيط محايد في المفاوضات.
وقدّمت مصر عرضاً مفصلاً لمجلس الأمن التابع للأمم المتحدة حول السد وتأزم المفاوضات، نتيجة تعنت الجانب الإثيوبي، وتدخل الاتحاد الأفريقي كوسيط لمحاولة رأب الصدع ودفع الأطراف للتوصل إلى اتفاق، لكن في يوليو الماضي، بعد موسم أمطار غير معتاد، أعلنت إثيوبيا أنها أنهت المرحلة الأولى لملء السد الذي تبلغ مساحته 74 مليار متر مكعب، ما أثار رد فعل عنيف من القاهرة والخرطوم.
وقد قدمت الولايات المتحدة لإثيوبيا في السابق ما مجموعه 824.3 مليون دولار من المساعدات، منها 497.3 مليون دولار مساعدات إنسانية، وفقاً لبيانات وزارة الخارجية.
«الخارجية الأميركية» تؤكد قطع المساعدات عن إثيوبيا بسبب الخلاف حول سد النهضة مع مصر
«الخارجية الأميركية» تؤكد قطع المساعدات عن إثيوبيا بسبب الخلاف حول سد النهضة مع مصر
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة