«رسم مصر»... التاريخ بالفرشاة والألوان

قناة عبر «يوتيوب» وتعتمد على جولات في المواقع الأثرية

جانب من جولات طلاب الفنون في المناطق الأثرية (الشرق الأوسط)
جانب من جولات طلاب الفنون في المناطق الأثرية (الشرق الأوسط)
TT

«رسم مصر»... التاريخ بالفرشاة والألوان

جانب من جولات طلاب الفنون في المناطق الأثرية (الشرق الأوسط)
جانب من جولات طلاب الفنون في المناطق الأثرية (الشرق الأوسط)

إذا كانت لوحات الرحالة المستشرقين في القرن 19 عكست تفاصيل الشرق، اجتماعياً وثقافياً ومعمارياً، بما رسخ أهمية الفنون، وروّج بقوة لدورها في التعريف والتوثيق للتاريخ، ونقل القيم الجمالية والفنية، فإنّه وبنفس الأسلوب –لكن بشكل عصري- جاء انطلاق منصة «رسم مصر»، كقناة على موقع «يوتيوب»، لكي تحكي تاريخ مصر بالفرشاة والألوان.
القناة، التي دُشّنت حديثاً، وبشكل تطوّعي من جانب مجموعة من طلبة الفنون في مصر، تهدف إلى الاهتمام بفنون مصر وتاريخها، وتوفر لمشاهدها توليفة من مادة تاريخية وعلمية للتعرف على الحضارة المصرية، عبر التعريف بالقيم الجمالية والعناصر الزخرفية لآثارها ومعالمها، وسرد روايات من التاريخ الموازي عن شوارعها وأشخاصها، إلى جانب الغوص في تفاصيل حواديت التراث.
وعن القناة، يقول مؤسسها، الدكتور محمد حمدي، أستاذ الرسم والتصوير في كلية التربية الفنية بجامعة حلوان، لـ«الشرق الأوسط»: «من خلال عملي مع الطلاب والخروج بهم إلى الأماكن التاريخية والتراثية على الطبيعة ضمن مقررات الرسم والتصوير، وجدتُ أنّ لديهم شغفاً كبيراً بمعرفة تاريخ وطنهم، توافق مع شغفي أيضاً بتاريخ مصر خصوصاً تاريخ الفنون، لذا لم يقتصر هذا النشاط على الرسم فقط بل توسع لرواية حكاية الأثر، وسيرة الأشخاص الذين ارتبطوا به، ثم يأتي الرسم والتوثيق لهذه الأثر من الناحية الفنية والمعمارية».
ويتابع: «لاحظتُ أن هناك إقبالاً كبيراً من الطلاب على الرسم الحي في هذه المناطق التاريخية، لذا راودتني فكرة إيجاد نشاط يجمع هؤلاء الطلبة سواء جمعية أو نادياً يحقق لهم هذا الشغف، ويربط بين تعريفهم بالتاريخ وتلبية ميولهم الفنية، حتى تبلورت الفكرة بأن تكون في شكل قناة على موقع (يوتيوب)، فهي مناسِبة للتعريف بالفن والتاريخ، كما أنها وسيلة أقرب للشباب، حيث تقدم القديم بشكل حديث مرتبط بالتكنولوجيا ويحقق المتعة لهم، ومع عرض الفكرة للطلاب رحبوا للغاية، وتطوع كثيرون منهم للمشاركة».
تحمل القناة «رسم مصر»، وهو الاسم الذي اختاره أستاذ الرسم والتصوير وطلابه استلهاماً من موسوعة «وصف مصر»، التي أنجزها الفرنسيون خلال الحملة الفرنسية على مصر (1798 - 1801)، التي رسموا فيها ووثقوا كل ما في مصر، كما أنه الاسم الأكثر ملاءمة لتحقيق هدف رسم مصر بالفرشة والألوان. وتماشياً مع ذلك، تم تصميم شعار القناة بالخط الكوفي، على هيئة ختم سلاطين الدولة المملوكية، بما يعكس هوية بصرية لا تنفصل عن هدف القناة.
تقسّم الأدوار بين مجموعة عمل القناة بشكل تطوعي، وهو ما يلفت له حمدي قائلاً: «ما بين التصوير وإعداد المواد الأرشيفية والترويج للقناة على مواقع التواصل الاجتماعي وغيرها، يقوم كل منّا بدور اجتهادي حتى نجعل القناة تعمل بشكل احترافي، بل إن صديقاً لي هو المهندس نادر الشيخ يدعمنا بمهمة المونتاج والإخراج تطوعاً وحباً في تاريخ مصر والفنون».
تعتاد المجموعة على النزول إلى المناطق التاريخية صبيحة الجمعة من كل أسبوع، حيث يقوم مؤسس القناة باختيار المكان وكتابة سيناريو الحلقة، ثم يبدأ الطلاب رسم أعمالهم الفنية، كلٌّ من منظوره الفني، وتبعاً لذلك يتنوع محتوى القناة ما بين تصوير الجولة نفسها، والمعلومات حول مكان الجولة، وهو ما يُبث بشكل أسبوعي، كما تضم القناة أفلاماً قصيرة تتضمن معلومة تاريخية تذاع على مدار أيام الأسبوع، كما لا يغفل المحتوى كواليس الجولات وقيام الطلاب بالرسم، كما يتم أحياناً استخدام خاصية البث المباشر على صفحة القناة على موقع «فيسبوك»، ليصل النشاط لعدد آخر من المهتمين الذين لم ينضموا للجولات.
وحسب حمدي فإن القناة رغم عمرها القصير للغاية، فإنها تجد صدى كبيراً في الشارع، موضحاً: «ينضم لجولاتنا أشخاص لا نعرفهم، وبالتالي لا تقصر الجولات على طلاب الفنون، بل توسعت لتشمل الخريجين والمحبين للفنون والعمارة».
وعن توثيق التاريخ بالصورة، يقول أستاذ الرسم والتصوير: «هناك أشياء كثيرة لم نتعرف عليها إلا عن طريق اللوحات بعد أن تعرضت للانقراض، وعرفناه فقط من لوحات المستشرقين، لذا فأحد أهدافنا محاولة رسم ما هو عُرضة للتهدم بسبب عوامل الزمن مثل المباني القديمة، ويأتي ذلك كنوع من التوثيق الفني لها، لكنه يمثل لنا هدفاً تالياً للهدف الأساسي، وهو ربط الطلاب بتاريخ مصر وما فيه من قيم جمالية وفنية وثقافية».
يحلم مؤسس القناة بأن تجد «رسم مصر» دعما معنوياً، وأن يتوسع جمهورها، خصوصاً من الشباب، لا سيما مع قضاء قطاع كبير منهم وقتاً طويلاً على شبكة الإنترنت والتعرض لمحتوى لا يحمل قيماً، وكذلك لا يُخفي حلمه بتطور القناة وتحول مضمونها إلى شاشات التلفاز، ليتحقق حجم الإفادة بشكل أكبر وتحقيق هدف ربط الشباب بتاريخه.



«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
TT

«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما

في مسعى لتمكين جيل جديد من المحترفين، وإتاحة الفرصة لرسم مسارهم المهني ببراعة واحترافية؛ وعبر إحدى أكبر وأبرز أسواق ومنصات السينما في العالم، عقدت «معامل البحر الأحمر» التابعة لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» شراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»، للمشاركة في إطلاق الدورة الافتتاحية لبرنامج «صنّاع كان»، وتمكين عدد من المواهب السعودية في قطاع السينما، للاستفادة من فرصة ذهبية تتيحها المدينة الفرنسية ضمن مهرجانها الممتد من 16 إلى 27 مايو (أيار) الحالي.
في هذا السياق، اعتبر الرئيس التنفيذي لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» محمد التركي، أنّ الشراكة الثنائية تدخل في إطار «مواصلة دعم جيل من رواة القصص وتدريب المواهب السعودية في قطاع الفن السابع، ومدّ جسور للعلاقة المتينة بينهم وبين مجتمع الخبراء والكفاءات النوعية حول العالم»، معبّراً عن بهجته بتدشين هذه الشراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»؛ التي تعد من أكبر وأبرز أسواق السينما العالمية.
وأكّد التركي أنّ برنامج «صنّاع كان» يساهم في تحقيق أهداف «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» ودعم جيل جديد من المواهب السعودية والاحتفاء بقدراتها وتسويقها خارجياً، وتعزيز وجود القطاع السينمائي السعودي ومساعيه في تسريع وإنضاج عملية التطوّر التي يضطلع بها صنّاع الأفلام في المملكة، مضيفاً: «فخور بحضور ثلاثة من صنّاع الأفلام السعوديين ضمن قائمة الاختيار في هذا البرنامج الذي يمثّل فرصة مثالية لهم للنمو والتعاون مع صانعي الأفلام وخبراء الصناعة من أنحاء العالم».
وفي البرنامج الذي يقام طوال ثلاثة أيام ضمن «سوق الأفلام»، وقع اختيار «صنّاع كان» على ثمانية مشاركين من العالم من بين أكثر من 250 طلباً من 65 دولة، فيما حصل ثلاثة مشاركين من صنّاع الأفلام في السعودية على فرصة الانخراط بهذا التجمّع الدولي، وجرى اختيارهم من بين محترفين شباب في صناعة السينما؛ بالإضافة إلى طلاب أو متدرّبين تقلّ أعمارهم عن 30 عاماً.
ووقع اختيار «معامل البحر الأحمر»، بوصفها منصة تستهدف دعم صانعي الأفلام في تحقيق رؤاهم وإتمام مشروعاتهم من المراحل الأولية وصولاً للإنتاج.
علي رغد باجبع وشهد أبو نامي ومروان الشافعي، من المواهب السعودية والعربية المقيمة في المملكة، لتحقيق الهدف من الشراكة وتمكين جيل جديد من المحترفين الباحثين عن تدريب شخصي يساعد في تنظيم مسارهم المهني، بدءاً من مرحلة مبكرة، مع تعزيز فرصهم في التواصل وتطوير مهاراتهم المهنية والتركيز خصوصاً على مرحلة البيع الدولي.
ويتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما عبر تعزيز التعاون الدولي وربط المشاركين بخبراء الصناعة المخضرمين ودفعهم إلى تحقيق الازدهار في عالم الصناعة السينمائية. وسيُتاح للمشاركين التفاعل الحي مع أصحاب التخصصّات المختلفة، من بيع الأفلام وإطلاقها وتوزيعها، علما بأن ذلك يشمل كل مراحل صناعة الفيلم، من الكتابة والتطوير إلى الإنتاج فالعرض النهائي للجمهور. كما يتناول البرنامج مختلف القضايا المؤثرة في الصناعة، بينها التنوع وصناعة الرأي العام والدعاية والاستدامة.
وبالتزامن مع «مهرجان كان»، يلتئم جميع المشاركين ضمن جلسة ثانية من «صنّاع كان» كجزء من برنامج «معامل البحر الأحمر» عبر الدورة الثالثة من «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» في جدة، ضمن الفترة من 30 نوفمبر (تشرين الثاني) حتى 9 ديسمبر (كانون الأول) المقبلين في المدينة المذكورة، وستركز الدورة المنتظرة على مرحلة البيع الدولي، مع الاهتمام بشكل خاص بمنطقة الشرق الأوسط.