عالم باثولوجيا: الحياة الطبيعية لن تعود قبل نهاية 2021

جورج جبوري قال لـ«الشرق الأوسط» إن تدخلات ترمب في ملف «كورونا» مُضرة

عالم الباثولوجيا الدكتور جورج جبوري (موقع جامعة ألاباما)
عالم الباثولوجيا الدكتور جورج جبوري (موقع جامعة ألاباما)
TT

عالم باثولوجيا: الحياة الطبيعية لن تعود قبل نهاية 2021

عالم الباثولوجيا الدكتور جورج جبوري (موقع جامعة ألاباما)
عالم الباثولوجيا الدكتور جورج جبوري (موقع جامعة ألاباما)

وجه العالم جورج جبوري نيتو، رئيس قسم الباثولوجي والطب المخبري بجامعة ألاباما في برمنغهام بالولايات المتحدة الأميركية، انتقادا حادا لطريقة الرئيس دونالد ترمب في إدارة ملف جائحة فيروس «كورونا» المستجد. وقال الطبيب الأميركي من أصول سورية، والذي يقود فريقا من 90 طبيبا وباحثا يعمل «جزء مهم منهم» على إجراء تحاليل خاصة بالفيروس في الولاية وجامعاتها، إن أميركا استثمرت مليارات الدولارات في بناء مؤسسات طبية محترمة تعمل بشكل موضوعي ومتوازن، ولكن «تدخلات ترمب في عمل هذه المؤسسات أضرت كثيرا بقدرتها على إدارة أزمة جائحة (كورونا) على نحو جيد».
وأضاف في حوار خاص مع «الشرق الأوسط»: «عندما تكون الوفيات في أميركا بسبب الفيروس تمثل 25 في المائة من إجمالي وفيات العالم، بينما عدد السكان في أميركا لا يمثل 25 في المائة من عدد سكان العالم، فهذه وصمة عار».
وبضحكة عالية لا تخلو من السخرية، استقبل نيتو اتهام ترمب لمن وصفها بـ«الدولة العميقة» بـ«عرقلة الوصول السريع للأدوية واللقاحات الخاصة بالفيروس للتأثير على موقفه في الانتخابات الرئاسية القادمة»، وقال نيتو: «هذا الاتهام ليس له أي دليل على أرض الواقع، فهذه المؤسسات هو الذي يعين مديريها، فكيف سيعملون ضده، بل بالعكس هناك اتهامات لهذه المؤسسات بأنها تستجيب لضغوط الرئيس الأميركي على نحو غير علمي سيضر بمصداقيتها، ويقوض ثقة الناس فيها، فهو يتدخل في إدارة الأزمة، رافضا أن (يعطي الخبز لخبازه) كما يقول المثل».
وكان خبراء قد اتهموا «هيئة الغذاء والدواء الأميركية» أخيرا بالاستجابة لضغوط الرئيس الأميركي بسبب موافقتها على الترخيص المؤقت باستخدام بلازما المتعافين من فيروس (كورونا المستجد) في علاج الحالات الخطيرة، وهو ما يتعارض مع موقفها السابق من البلازما، حيث رأت قبل أيام من هذه الموافقة أن «نتائج الدراسات غير مشجعة على اعتمادها كطريقة علاج».
وقال نيتو: «ما حدث مع البلازما، سبق وحدث مع دواء (هيدروكسي كلوروكوين)، حيث أبدى ترمب حماسا مغايرا لما توصلت له نتائج الدراسات على الدواء والتي أظهرت أعراضه الجانبية القاتلة».
واستدرك: «لو ترك (ترمب) المؤسسات تعمل من دون تدخلاته، لكان الوضع أفضل بكثير، والحقيقة أنه لولا وجود الدكتور أنتوني فاوتشي، كبير خبراء الفيروسات في الولايات المتحدة، في الفريق الطبي الخاص بإدارة الأزمة بالبيت الأبيض، لكان الوضع أكثر سوءا». ومع انتقاداته للرئيس الأميركي لم ينف نيتو محاولات «تسييس قضية لقاحات كورونا» عن رؤساء آخرين بخلافه، ويعتبر أن «التدخلات السياسية تبدو واضحة أيضا في سرعة اعتماد لقاحين بالصين وروسيا، رغم عدم إجراء أهم مرحلة من مراحل التجارب السريرية، وهي (المرحلة الثالثة)».
وتهتم المرحلة الأولى باختبار مُعامل الأمان في اللقاح، وتقيس المرحلة الثانية الاستجابة المناعية، أما المرحلة الثالثة فتركز على نسبة الحماية التي يمنحها اللقاح. ويقول نيتو: «الروس يبررون موقفهم بأنه إن لم يفد، فلن يضر، على اعتبار أنهم تأكدوا من عامل الأمان، ولكن خطورة هذا القول أنك ستعطي لقاحا لشخص يظن أنه صار محميا من الإصابة، مما يؤثر على تصرفاته والتزامه بالإجراءات الاحترازية، وهذا يعرضه لخطر الإصابة، لذلك فإن هذا الإجراء أقل ما يوصف به بأنه (غير علمي وخطر كبير)».
وأطلق نيتو الأوصاف ذاتها على التوجه الذي طالب به بعض العلماء لتسريع عملية إنتاج اللقاح، ضمن ما يعرف بـ(تجارب التحدي)، والتي يطالب من خلالها البعض بإعطاء الفيروس للمتطوعين بعد تلقيحهم بدلا من انتظار تعرضهم للفيروس بشكل طبيعي.
ويقول: «هذا المقترح يستند إلى أن الفئات التي ستشارك في تلك التجارب من الشباب بالفئة العمرية الصغيرة، والتي لا يكون الفيروس بالنسبة لها مميتا، وهذا مردود عليه بأن الفئة الأساسية المستهدفة بالحماية من خلال اللقاحات هي كبار السن من ذوي المناعة الضعيفة، فإذا كان اللقاح سيظهر فاعلية مع صغار السن، فليس بالضرورة أنه يكون فعالا مع كبار السن».
ويستطرد: «الأمر الآخر هو أن الهدف من اللقاحات ليس فقط الحماية من الوفاة، ولكن أيضا الحماية من الإصابة، لأن بعض الدراسات أثبتت أن بعض الشباب ممن نجوا من الوفاة بعد الإصابة، حدثت لهم تأثيرات صحية خطيرة امتدت معهم لفترات وكان بعضها مميتا، مثل حدوث مشاكل في عضلة القلب، لذلك فإنه ليس من الحكمة المخاطرة بصحتهم، وهم وقود التنمية في أي مجتمع».
الرفض لإجراءات «التسريع» وكذلك الرفض لما فعلته روسيا والصين، يعني أن اللقاحات الموثوق في اتباعها للمنهج العلمي السليم، والمرشحة لأن تحوز على ثقة العالم، أبرزها لقاحا «جامعة أكسفورد بالتعاون مع شركة أسترازينيكا»، ولقاح شركة «موديرنا» الأميركية.
ويقول: «هذان اللقاحان يحظيان بدعم وتمويل أميركي، وقد يبدأ استخدامهما في تلقيح الفئات الأكثر خطورة من الأطباء وغيرهم من العاملين بالصفوف الأمامية لمواجهة الفيروس في شهر نوفمبر أو ديسمبر القادم، ولكن تغطية قطاع عريض من السكان في أميركا لن يحدث قبل منتصف العام القادم، أما تغطية عدد كبير من سكان العالم بما يسمح بعودة الحياة الطبيعية مرة أخرى، فلن يحدث ذلك قبل نهاية عام 2021 وفق أقصى التقديرات المتفائلة».
ويضيف: «سكان العالم نحو 9 مليارات نسمة، وحتى تحدث مناعة القطيع التي تسمح بعودة الحياة الطبيعية يجب تطعيم نصفهم على الأقل، وهذا يحتاج لأكثر من لقاح، وليس من خلال لقاحي أكسفورد وموديرنا فقط». وعن مدة الحماية التي ستمنحها هذه اللقاحات، يقول: «هذا أمر يحتاج لوقت لمعرفته، ولكن المؤكد أنه كما تمنح الإصابة بالفيروس فترة مناعة تم إثباتها تمتد من 4 إلى 6 شهور بالنسبة للمتعافين منه، فإن الأمر ذاته سينطبق على اللقاح كحد أدنى للمناعة التي يمنحها، ونحتاج لوقت لمعرفة هل ستمتد المناعة إلى عام كامل، أم ستكون هناك حاجة إلى جرعتين في العام».
ويضيف: «هذا يعني أن اللقاح سيكون مثل لقاح الإنفلونزا الموسمي، ولكن السؤال الآن هل يعطى مرتين في العام أم مرة واحدة».


مقالات ذات صلة

متحور جديد لـ«كورونا» في مصر؟... نفي رسمي و«تخوف سوشيالي»

شمال افريقيا «الصحة» المصرية تنفي رصد أمراض فيروسية أو متحورات مستحدثة (أرشيفية - مديرية الصحة والسكان بالقليوبية)

متحور جديد لـ«كورونا» في مصر؟... نفي رسمي و«تخوف سوشيالي»

نفت وزارة الصحة المصرية رصد أي أمراض بكتيرية أو فيروسية أو متحورات مستحدثة مجهولة من فيروس «كورونا».

محمد عجم (القاهرة)
الولايات المتحدة​ أظهر المسح الجديد تراجعاً في عدد الأطفال الصغار المسجلين في الدور التعليمية ما قبل سن الالتحاق بالمدارس في أميركا من جراء إغلاق الكثير من المدارس في ذروة جائحة كورونا (متداولة)

مسح جديد يرصد تأثير جائحة «كورونا» على أسلوب حياة الأميركيين

أظهر مسح أميركي تراجع عدد الأجداد الذين يعيشون مع أحفادهم ويعتنون بهم، وانخفاض عدد الأطفال الصغار الذين يذهبون إلى الدور التعليمية في أميركا.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
شمال افريقيا الزحام من أسباب انتشار العدوى (تصوير: عبد الفتاح فرج)

مصر: تطمينات رسمية بشأن انتشار متحور جديد لـ«كورونا»

نفى الدكتور محمد عوض تاج الدين مستشار الرئيس المصري لشؤون الصحة والوقاية وجود أي دليل على انتشار متحور جديد من فيروس «كورونا» في مصر الآن.

أحمد حسن بلح (القاهرة)
العالم رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)

الاتجار بالبشر يرتفع بشكل حاد عالمياً...وأكثر من ثُلث الضحايا أطفال

ذكر تقرير للأمم المتحدة -نُشر اليوم (الأربعاء)- أن الاتجار بالبشر ارتفع بشكل حاد، بسبب الصراعات والكوارث الناجمة عن المناخ والأزمات العالمية.

«الشرق الأوسط» (فيينا)

اتهام لرجل عرض علم «حزب الله» خلال مظاهرة مؤيدة لفلسطين

عناصر من «كتائب حزب الله» العراقية خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (أرشيفية - الشرق الأوسط)
عناصر من «كتائب حزب الله» العراقية خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (أرشيفية - الشرق الأوسط)
TT

اتهام لرجل عرض علم «حزب الله» خلال مظاهرة مؤيدة لفلسطين

عناصر من «كتائب حزب الله» العراقية خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (أرشيفية - الشرق الأوسط)
عناصر من «كتائب حزب الله» العراقية خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (أرشيفية - الشرق الأوسط)

وجهت الشرطة الفيدرالية الأسترالية اتهاماً لرجل يبلغ من العمر 36 عاماً بعرض رمز منظمة مصنفة «إرهابية» علناً، وذلك خلال مظاهرة في منطقة الأعمال المركزية بمدينة ملبورن في سبتمبر (أيلول) الماضي.

الرجل، المقيم في منطقة فيرنتري غولي، سيمثل أمام محكمة ملبورن الابتدائية في 6 مارس (آذار) المقبل؛ حيث يواجه عقوبة قد تصل إلى 12 شهراً من السجن إذا ثبتت إدانته، وفقاً لصحيفة «الغارديان».

جاءت المظاهرة ضمن فعاليات يوم وطني للعمل من أجل قطاع غزة، الذي نظمته شبكة الدعوة الفلسطينية الأسترالية في 29 سبتمبر الماضي، وشهد تنظيم مسيرات مماثلة في مختلف أنحاء البلاد احتجاجاً على التصعيد المتزايد للعنف في الشرق الأوسط.

وأطلقت الشرطة الفيدرالية الأسترالية بولاية فيكتوريا عملية تحقيق تحت اسم «أردفارنا»، عقب احتجاج ملبورن؛ حيث تلقت 9 شكاوى تتعلق بعرض رموز محظورة خلال المظاهرة.

ووفقاً للشرطة، تم التحقيق مع 13 شخصاً آخرين، مع توقع توجيه اتهامات إضافية قريباً. وصرح نيك ريد، قائد مكافحة الإرهاب، بأن أكثر من 1100 ساعة قُضيت في التحقيق، شملت مراجعة أدلة من كاميرات المراقبة وكاميرات الشرطة المحمولة، إضافة إلى مصادرة هواتف محمولة وقطعة ملابس تحتوي على رمز المنظمة المحظورة.

تأتي هذه الإجراءات بعد قرار الحكومة الفيدرالية الأسترالية في ديسمبر (كانون الأول) 2021 بتصنيف «حزب الله» منظمة إرهابية، ومع التشريعات الفيدرالية الجديدة التي دخلت حيز التنفيذ في يناير (كانون الثاني) 2024، التي تحظر عرض رموز النازيين وبعض المنظمات.

وقالت نائبة مفوض الأمن القومي، كريسي باريت، إن الادعاء يحتاج إلى إثبات أن الرمز المعروض مرتبط بمنظمة إرهابية وأنه قد يحرض على العنف أو الترهيب.

المظاهرة، التي استمرت في معظمها سلمية، جاءت بعد إعلان مقتل قائد «حزب الله» حسن نصر الله في غارة جوية إسرائيلية، وهو ما اعتبره العديد تصعيداً كبيراً في الصراع المستمر في الشرق الأوسط.

وفي وقت لاحق، نُظمت مظاهرات أخرى في سيدني وملبورن وبريزبين، وسط تحذيرات للمتظاهرين بعدم عرض رموز محظورة.