«ملوك الشمس» يستقبلون زوار متحف التشيك القومي

معرض مؤقت يضم 90 قطعة أثرية من «أبو صير» المصرية

مجموعة تماثيل «أوشابتي» في المعرض
مجموعة تماثيل «أوشابتي» في المعرض
TT

«ملوك الشمس» يستقبلون زوار متحف التشيك القومي

مجموعة تماثيل «أوشابتي» في المعرض
مجموعة تماثيل «أوشابتي» في المعرض

توافد سكان العاصمة التشيكية، براغ، أمس الاثنين، على المتحف القومي التشيكي، لمشاهدة كنوز مصر الفرعونية التي تعرض هناك للمرة الأولى، في معرض يحمل اسم «ملوك الشمس»، احتفالاً بمرور 60 عاماً على عمل البعثة التشيكية الأثرية في مصر.
وافتتح الدكتور خالد العناني، وزير السياحة والآثار المصري، وأندريه بابيش، رئيس الوزراء التشيكي، مساء أول من أمس، المعرض، في حفل حضره نحو 500 من أهم شخصيات المجتمع التشيكي ورجال الأعمال والدولة.
ويضم المعرض، الذي يستمر حتى شهر فبراير (شباط) من العام المقبل، 90 قطعة أثرية من نتاج حفائر البعثة التشيكية في منطقة أبو صير الأثرية، من بينها رأسا تمثال للملك رع-نفر-إف، ومجموعة من التماثيل من الدولة القديمة منها تمثال لكاتب، وتماثيل لكبار رجال الدولة والموظفين ومجموعة من الأواني الكانوبية، إضافة إلى عشرة تماثيل أوشابتي من الفيانس.
ووجه بابيش «الشكر للحكومة المصرية على التعاون لإقامة المعرض في ظل الظروف الحالية لأزمة فيروس كورونا المستجد»، مشيراً إلى أن «هذا هو المعرض الأول للآثار المصرية في براغ، وهو أكبر المعارض الخاصة بالدولة القديمة».
وأوضح العناني أن «تجهيز المعرض استغرق نحو 5 سنوات، وهو يقدم للمواطن التشيكي لمحة صغيرة عن الحضارة المصرية، مما يشجعه على زيارة مصر لمشاهدة المزيد والاستمتاع بالشواطئ المصرية الخلابة».
ويقدم المعرض لمحة عن حياة الأسرة الخامسة في مصر الفرعونية، الفترة من 2435 - 2306 قبل الميلاد، وملوكها المعروفين بـ«ملوك الشمس»، الذين بنوا أهراماتهم ومعابدهم في منطقة أبو صير الأثرية، جنوب محافظة الجيزة، (غرب القاهرة)، على بعد 4.5 كيلو متر شمال منطقة سقارة الأثرية، من بينهم الملك ساحورع، ونفر-إير-كا-رع، ونفر-إف-رع، وني-أورس-رع، ولأن أهرامات الأسرة الخامسة بنيت من الطوب اللبن، فقد تهدمت مع مرور الزمن، وتوصف المنطقة بأنها «منطقة الأهرامات المنسية».
وقال الدكتور ميروسلاف بارتا، نائب رئيس جامعة «تشارلز بالتشيك»، إن «المعرض فرصة للعودة إلى وقت عصر بناة الأهرامات، من خلال عرض القطع الأثرية التي اكتشفتها البعثة التشيكية بمنطقة أبو صير»، واصفاً المعرض بـ«الحلم الذي أصبح حقيقة».
وأكد العناني أن «القطع الأثرية التي يضمها المعرض، لم تغادر مصر من قبل، ومن المقرر عرضها في المتحف المصري الكبير بعد عودتها من براغ»، متوقعاً أن يزور المعرض في براغ 300 ألف زائر، معرباً عن إعجابه باستخدام تقنية الفيديو والهولوغرام لشرح القطع الأثرية.
وخلال المعرض، يمكن للزائر مشاهدة فيلم عن الملك ساحورع، ومعبده الجنائزي، وفيديو آخر عن معبد الملك ني-أورس-رع.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».