أوروبا تخيّر تركيا بين الحوار والعقوبات

العلم التركي (إلى اليمين) إلى جانب علم الاتحاد الأوروبي في إسطنبول (أرشيفية - رويترز)
العلم التركي (إلى اليمين) إلى جانب علم الاتحاد الأوروبي في إسطنبول (أرشيفية - رويترز)
TT

أوروبا تخيّر تركيا بين الحوار والعقوبات

العلم التركي (إلى اليمين) إلى جانب علم الاتحاد الأوروبي في إسطنبول (أرشيفية - رويترز)
العلم التركي (إلى اليمين) إلى جانب علم الاتحاد الأوروبي في إسطنبول (أرشيفية - رويترز)

بينما تواصل التراشق بالتصريحات بين أنقرة وكل من باريس وأثينا في ظل التوتر في شرق البحر المتوسط، توقع الاتحاد الأوروبي من تركيا التوصل إلى اتفاق دائم ينهي هذا التوتر، لافتاً في الوقت ذاته إلى أنه يتحرك نحو فرض عقوبات عليها.
وقال المتحدث باسم المفوضية الأوروبية للشؤون الخارجية بيتر ستانو، إن الممثل الأعلى للشؤون الأمنية والسياسة الأمنية للاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل، أبلغ وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو، في اتصال هاتفي اليوم (الاثنين)، بأن الاتحاد الأوروبي يتوقع من تركيا التوصل لاتفاق دائم ينهي التوتر في شرق البحر المتوسط، لافتاً إلى أن المفاوضات بين بروكسل وأنقرة مستمرة لخفض التصعيد في المنطقة.
وأضاف ستانو: «أؤكد أن الممثل الأعلى للشؤون الخارجية جوزيب بوريل، قد تحدث مع وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو (قبل ساعات). وهذا جزء من عملية المفاوضات المستمرة بين الطرفين»، مشيراً إلى أن بوريل أطلع جاويش أوغلو، خلال الاتصال الهاتفي، على استنتاجات وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي بعد اجتماعهم، الخميس والجمعة، لمناقشة تطورات الوضع في البحر المتوسط.
وتابع: «أوضح بوريل للوزير التركي كيف ترى بروكسل طريقة خفض التوتر والخيارات الممكن فرضها كعقوبات ضد استمرار عمليات الحفر التركية في البحر المتوسط، في حال فشل المفاوضات».
ولفت ستانو إلى أن وزراء خارجية الدول الأعضاء، أعربوا عن رغبتهم في عودة العلاقات الأوروبية التركية على المسار الصحيح، من خلال «إيقاف الأفعال أحادية الجانب، وإنهاء البيانات والتصريحات التحريضية بين تركيا واليونان، والمضي قدماً في حوار بناء بين جميع الأطراف، باعتباره الحل الأوحد لضمان خفض التصعيد والتوصل إلى حل دائم واستقرار المنطقة».
وأطلقت تركيا، السبت، تدريبات عسكرية شرقي البحر المتوسط تستمر حتى 11 سبتمبر (أيلول) الجاري، وذلك وسط توترات قائمة بين تركيا واليونان وقبرص، حول الحدود البحرية وحقوق التنقيب عن الغاز. وقال ستانو: «تم إبلاغ جاويش أوغلو بوضوح أنه إذا لم يؤت الحوار ثماره، فإن الاتحاد الأوروبي تحرك بالفعل نحو العقوبات».
وجاء التحذير الأوروبي، بينما تواصل التراشق بالتصريحات بين كل من أنقرة وباريس وأثينا. وأكدت الخارجية التركية، في بيان ليل الأحد - الاثنين، أنه «لا خطوط حمراء في منطقة شرق المتوسط سوى الحقوق النابعة من القانون الدولي لتركيا والقبارصة الأتراك»؛ وذلك في رد من المتحدث باسم الوزارة، حامي أكصوي، على تصريحات الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الذي قال، الجمعة، إن بلاده تطبق «سياسة خطوط حمراء» ضد تركيا في شرق المتوسط.
وقال أكصوي إن «من يظنون أنهم رسموا خطوطاً حمراء أمام قضية تركيا في شرق المتوسط لن يواجهوا إلا موقفاً حازماً من بلادنا... إذا كانت هناك خطوط حمراء في المنطقة، فهي حقوق تركيا والقبارصة الأتراك النابعة من القانون الدولي».
وجدد وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان، موقف بلاده من التحركات التركية في شرق المتوسط، قائلاً إن «موقف تركيا الذي ينتهك المجال البحري لدولة عضو في الاتحاد الأوروبي غير مقبول تماماً... ويجب أن تتصرف أوروبا بشكل جماعي لمواجهة السياسة العدوانية لتركيا».
وقال لودريان، في كلمة ألقاها بجوار وزير خارجية ألمانيا هايكو ماس خلال اجتماع مع سفراء فرنسا في دول أوروبا، إن تركيا انتهكت في شرق البحر المتوسط، الجرف القاري لبلد عضو في الاتحاد الأوروبي (اليونان)، وإن فرنسا لن تقبل ذلك.
وأضاف أن الاتحاد الأوروبي مستعد للحوار، وإذا كانت الإدانة الشديدة والعقوبات ضرورية ضد تركيا، لفعل الاتحاد ذلك... «لقد حشدنا جميع السبل الدبلوماسية لتهيئة الظروف لحوار بناء أكثر مع أنقرة... فألمانيا وفرنسا متفقتان حول هذا الشأن».
من جانبه، قال وزير الخارجية الألماني هايكو ماس، إن تركيا تنتهج سياسة «زعزعة الاستقرار» في ليبيا وشرق المتوسط، وإن دول الاتحاد الأوروبي ستحمي سيادة اليونان وقبرص العضوين في الاتحاد، مضيفاً: «لا يمكننا الخروج من هذا الوضع الحرج إلا بالحوار».
وأعرب ماس عن دعمه لمسار الحوار بين الممثل الأعلى للاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية، جوزيب بوريل، ووزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو.
وسيناقش الاتحاد الأوروبي في قمة للدول الأعضاء، تعقد في 24 سبتمبر، قائمة بالعقوبات والإجراءات الرادعة التي يمكن أن تتخذ بحق أنقرة.
في السياق ذاته، قالت تركيا إنها أكدت تركيا أنها لن تسمح لليونان بتحقيق هدفها في «الاستفزاز»، المتمثل بإرسال جنود إلى جزيرة تقع قبالة السواحل التركية مباشرة. وقال المتحدث باسم الخارجية التركية، في بيان مساء الأحد تعليقاً على أنباء إرسال اليونان جنود إلى جزيرة ميس (كاستيلوريزو) التي تبعد أقل من كيلومترين عن السواحل التركية في البحر المتوسط، إن «اتفاقية باريس للسلام المبرمة عام 1947 تنص على نزع السلاح في الجزيرة، وإن صحت الأنباء المتداولة في هذا الشأن، فهذا مؤشر جديد على تجاهل اليونان للقانون وعلى نيتها الحقيقية في شرق المتوسط». وأكد رفض تركيا للمحاولات غير الشرعية لتغيير وضع الجزيرة.
في المقابل، قال وزير الخارجية اليوناني نيكوس ديندياس إن أثينا ستواصل دعوة تركيا إلى التوقف عن إثارة «الجدل المحزن» في منطقة شرق البحر المتوسط من أجل أمن جميع الشعوب.
وأكد ديندياس، في تصريحات أمس، أن اليونان مستعدة دائماً للحوار مع تركيا من أجل حل النزاع القائم، وهو «ليس سوى ترسيم حدود الجرف القاري، وبالتالي، المنطقة الاقتصادية الخالصة».
وشدد على ضرورة إجراء حوار في إطار الشروط البديهية التي يفرضها القانون الدولي، أي أن يجري بدون تهديد ولا استفزاز ولا ابتزاز، وبدون تهديد بالحرب.



«كايسيد»: نستثمر في مستقبل أكثر سلاماً

الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)
الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)
TT

«كايسيد»: نستثمر في مستقبل أكثر سلاماً

الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)
الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)

أكد الدكتور زهير الحارثي، أمين عام مركز الملك عبد الله العالمي للحوار «كايسيد»، أن برامجهم النوعية تستثمر في مستقبل أكثر سلاماً بجمعها شخصيات دينية وثقافية لتعزيز الحوار والتفاهم وسط عالم يعاني من الانقسامات.

واحتفى المركز بتخريج دفعة جديدة من برنامج «الزمالة» من مختلف المجموعات الدولية والعربية والأفريقية في مدينة لشبونة البرتغالية، بحضور جمع من السفراء والممثلين الدبلوماسيين المعتمدين لدى جمهورية البرتغال.

وعدّ الحارثي، البرنامج، «منصة فريدة تجمع قادة من خلفيات دينية وثقافية متنوعة لتعزيز الحوار والتفاهم، وهو ليس مجرد رحلة تدريبية، بل هو استثمار في مستقبل أكثر سلاماً»، مبيناً أن منسوبيه «يمثلون الأمل في عالم يعاني من الانقسامات، ويثبتون أن الحوار يمكن أن يكون الوسيلة الأقوى لتجاوز التحديات، وتعزيز التفاهم بين المجتمعات».

جانب من حفل تخريج دفعة 2024 من برنامج «الزمالة الدولية» في لشبونة (كايسيد)

وجدَّد التزام «كايسيد» بدعم خريجيه لضمان استدامة تأثيرهم الإيجابي، مشيراً إلى أن «البرنامج يُزوّد القادة الشباب من مختلف دول العالم بالمعارف والمهارات التي يحتاجونها لبناء مجتمعات أكثر شموليةً وتسامحاً».

وأضاف الحارثي: «تخريج دفعة 2024 ليس نهاية الرحلة، بل بداية جديدة لخريجين عازمين على إحداث تغيير ملموس في مجتمعاتهم والعالم»، منوهاً بأن «الحوار ليس مجرد وسيلة للتواصل، بل هو أساس لبناء مستقبل أكثر وحدة وسلاماً، وخريجونا هم سفراء التغيير، وسنواصل دعمهم لتحقيق رؤيتهم».

بدورها، قالت ويندي فيليبس، إحدى خريجات البرنامج من كندا، «(كايسيد) لم يمنحني فقط منصة للتعلم، بل فتح أمامي آفاقاً جديدة للعمل من أجل بناء عالم أكثر عدلاً وسلاماً»، مضيفة: «لقد أصبحت مستعدة لمواجهة التحديات بدعم من شبكة متميزة من القادة».

الدكتور زهير الحارثي يتوسط خريجي «برنامج الزمالة الدولية» (كايسيد)

وحظي البرنامج، الذي يُمثل رؤية «كايسيد» لبناء جسور الحوار بين أتباع الأديان والثقافات، وتعزيز التفاهم بين الشعوب؛ إشادة من الحضور الدولي للحفل، الذين أكدوا أن الحوار هو الوسيلة المُثلى لتحقيق مستقبل أفضل للمجتمعات وأكثر شمولية.

يشار إلى أن تدريب خريجي «برنامج الزمالة الدولية» امتد عاماً كاملاً على ثلاث مراحل، شملت سان خوسيه الكوستاريكية، التي ركزت على تعزيز مبادئ الحوار عبر زيارات ميدانية لأماكن دينية متعددة، ثم ساو باولو البرازيلية وبانكوك التايلاندية، إذ تدربوا على «كيفية تصميم برامج حوار مستدامة وتطبيقها»، فيما اختُتمت بلشبونة، إذ طوّروا فيها استراتيجيات لضمان استدامة مشاريعهم وتأثيرها الإيجابي.