البركاني يبلغ غريفيث «نفاد صبر الشرعية» ويلوح بتجميد «استوكهولم»

TT

البركاني يبلغ غريفيث «نفاد صبر الشرعية» ويلوح بتجميد «استوكهولم»

أفادت المصادر اليمنية الرسمية بأن رئيس مجلس النواب (البرلمان)، سلطان البركاني، أبلغ المبعوث الأممي إلى اليمن، مارتن غريفيث، بـ«نفاد صبر الشرعية» إزاء استمرار الميليشيات الحوثية في خرق الهدنة في الحديدة، وتصعيد هجماتها في مختلف الجبهات، لا سيما باتجاه محافظة مأرب.
وجاءت تصريحات البركاني التي وزعها مكتبه على وسائل الإعلام عقب اجتماع افتراضي عقده السبت مع المبعوث غريفيث لمناقشة القضايا والمستجدات التي تشهدها الساحة اليمنية، وجهود الحل السياسي وإحلال السلام الشامل العادل.
كان غريفيث أجرى خلال الأسبوعين الأخيرين تحركات شملت الرياض وأبوظبي في سياق مساعيه لإقناع الشرعية والميليشيات الحوثية بمسودة «إعلان مشترك»، يتضمن وقف إطلاق النار في عموم الجبهات، إلى جانب تضمنه تدابير إنسانية واقتصادية، والإعداد لاستئناف مفاوضات الحل الشامل الذي يحاول إنجازه منذ نحو عامين ونصف العام.
وفي الوقت الذي كانت فيه الجماعة الحوثية قد أعلنت أن وفدها المقيم في سلطنة عمان، برئاسة المتحدث باسمها وزير خارجيتها الفعلي محمد عبد السلام فليتة، قد رفض مقابلة غريفيث خلال أحدث زياراته لمسقط، لجأ المبعوث الأممي خلال تحركاته الأخيرة إلى فتح خط مباشر مع إيران، بصفتها الراعي الرسمي للجماعة الانقلابية، في سياق ما يعتقد أنه محاولة منه للضغط على الجماعة لقبول مسودة «الإعلان المشترك».
وذكرت المصادر اليمنية الرسمية أن رئيس البرلمان سلطان البركاني تطرق في اللقاء الذي عُقد عبر تقنية الاتصال المرئي مع غريفيث إلى «حجم الممارسات والخروق والاعتداءات التي تقوم بها ميليشيا الحوثي الإرهابية وتصعيدها العسكري في مأرب وعدد من المناطق، وما يخلف ذلك من دماء ودمار، كان آخرها جريمة إطلاق صاروخ استهدف أحد مساجد مأرب».
وأكد البركاني للمبعوث الأممي أن الحوثيين غير راغبين في السلام، واتهمهم بأنهم «أعاقوا تنفيذ اتفاق ستوكهولم، ولم يلتزموا بتنفيذ الآليات الجديدة الخاصة بالاتفاق، وحاولوا ابتزاز العالم بعدم إنقاذ خزان نفط (صافر)، وهجماتهم المتكررة على مأرب».
وانتقد رئيس مجلس النواب اليمني -بحسب ما جاء في تصريحاته عقب اللقاء مع غريفيث- ما وصفه بـ«تهاون المجتمع الدولي في اتخاذ مواقف صارمة تجاه الممارسات الإرهابية الحوثية».
وقال: «رغم كل الخروق الحوثية المتكررة، فإن المجتمع الدولي والمبعوث الأممي لم يقوموا بالدور المسؤول لإيقاف الصلف الحوثي، ولا يزالون يغضون الطرف عن الممارسات الحوثية الإرهابية التي تقوض كل جهود إحلال السلام، وتنسف كل المبادرات المطروحة، سواء فيما يخص وقف إطلاق النار أو الجانب الاقتصادي والإنساني أو العملية السياسية برمتها».
وفي حين لوح البركاني بـ«تجميد اتفاق ستوكهولم»، أكد لغريفيث أن «صبر الشرعية قد نفد بعد أن أصبحت تواجه ضغوطاً داخلية شديدة لتجميد العمل باتفاق ستوكهولم أو إلغائه نهائياً، واتخاذ الإجراءات كافة لإيقاف صلف الحوثي وعبثه المستمر».
وأشار إلى التنازلات التي قدمتها الشرعية لوضع خيارات السلام موضع التنفيذ، وقال: «الطرف الآخر (الحوثيون) لم يبدِ أي نوايا تجاه السلام، وإنما يزداد صلفاً وعنفاً واستهتاراً بكل المرجعيات والقرارات الدولية، وكل رغبات السلام والنوايا الحسنة لدى الشرعية، ودول التحالف، بقيادة المملكة العربية السعودية».
وطالب رئيس البرلمان اليمني المبعوث الدولي بالتعامل بإيجابية كاملة مع التنازلات التي تقدمها الشرعية بغية تحقيق السلام في اليمن، وإدانة الطرف المعيق وإعلان ذلك للرأي العام المحلي والعالمي.
وكشف البركاني، في تصريحاته التي أعقبت لقاءه الافتراضي بغريفيث، أنه استعرض مع الأخير «الخطوات الخاصة بتنفيذ اتفاق الرياض»، وقال: «إن الأيام المقبلة ستشهد تقدماً في تنفيذ بقية البنود المتعلقة بالشق العسكري والأمني، وتشكيل الحكومة، وتهيئة العاصمة المؤقتة عدن لعودة الهيئات القيادية ومؤسسات الدولة المختلفة لممارسة مهامها، والارتباط بالمواطنين وقضاياهم، وتوفير الخدمات لهم وتطبيع الأوضاع».
ونسبت المصادر الرسمية لغريفيث أنه عبر عن أمله في استكمال الخطوات الخاصة بتنفيذ بقية البنود الخاصة باتفاق الرياض، ووضعها موضع التنفيذ في جميع الجوانب، مشيداً بدور المملكة العربية السعودية للوصول إلى الاتفاق وتنفيذه، مؤكداً أن الأمم المتحدة تتابع ذلك باهتمام.
ونقلت وكالة «سبأ» تأكيد المبعوث الأممي أنه يواصل لقاءاته مع الأطراف كافة والخبراء والمختصين والمهتمين للخروج بصيغة نهائية لمشروع الإعلان المشترك خلال الفترة المقبلة،
مقدراً التعاطي الإيجابي للشرعية، ودورها الفاعل وتعاونها للوصول إلى عملية سلام شامل تنهي معاناة اليمنيين. كما نقلت إشارته إلى أن الأمم المتحدة «تعمل وفقاً للقرارات الدولية، وما يفرضه عليها دورها الأممي من الوصول إلى اتفاق شامل يستوعب ملاحظات وتعديلات الأطراف كافة، وصولاً إلى مشروع نهائي للحل السياسي».
وكان المبعوث الأممي صرح قبل أيام بأنه عقد لقاءً وصفه بـ«البناء» مع كبير مساعدي وزير الخارجية الإيراني، علي أصغر خاجي، حيث تبادل مع الأخير «وجهات النظر حول الجهود للتوصل إلى وقف إطلاق نار في اليمن، وخلق جوّ مواتٍ لاستئناف العملية السياسية».
وفي الوقت الذي يطمح فيه المبعوث غريفيث إلى اقتناص موافقة الشرعية والحوثيين على «الإعلان المشترك» قبل نهاية العام الحالي، كان عقد في وقت سابق اجتماعاً افتراضياً مع سفراء دول مجموعة الخمس، لمناقشة المحادثات مع الأطراف اليمنية حول وقف إطلاق النار، والتدابير الاقتصادية والإنسانية، واستئناف العملية السياسية، وقال إن «التضامن والدعم المستمر الذي يبديه المجتمع الدولي لعملية السلام في اليمن أمر بالغ الأهمية».
وإذ لم يتمكن غريفيث من لقاء الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي في المرة الأخيرة بسبب سفره لتلقي العلاج في أحد المشافي الأميركية، كانت مصادر يمنية مطلعة أفادت لـ«الشرق الأوسط» بأن قيادة الشرعية قدمت «ملاحظات جوهرية» على مسودة غريفيث، لا سيما فيما يتعلق بممارسة المهام السيادية في الجوانب الاقتصادية، وما يتعلق باستئناف الرحلات إلى مطار صنعاء، وكذلك دخول السفن إلى موانئ الحديدة.


مقالات ذات صلة

طارق صالح يدعو إلى تجاوز الخلافات والاستعداد ليوم الخلاص الوطني

المشرق العربي عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح خلال الاجتماع (سبأ)

طارق صالح يدعو إلى تجاوز الخلافات والاستعداد ليوم الخلاص الوطني

دعا عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح إلى ما أسماه «وحدة المعركة»، والجاهزية الكاملة والاستعداد لتحرير العاصمة اليمنية صنعاء من قبضة الميليشيات الحوثية.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
المشرق العربي جانب من اجتماع سابق في عمّان بين ممثلي الحكومة اليمنية والحوثيين خاص بملف الأسرى والمحتجزين (مكتب المبعوث الأممي)

واشنطن تفرض عقوبات على عبد القادر المرتضى واللجنة الحوثية لشؤون السجناء

تعهَّدت واشنطن بمواصلة تعزيز جهود مساءلة مرتكبي الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في اليمن، بمَن فيهم «مسؤولو الحوثيين».

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي من عرض عسكري ألزم الحوثيون طلبة جامعيين على المشاركة فيه (إعلام حوثي)

حملة حوثية لتطييف التعليم في الجامعات الخاصة

بدأت الجماعة الحوثية فرض نفوذها العقائدي على التعليم الجامعي الخاص بإلزامه بمقررات طائفية، وإجبار أكاديمييه على المشاركة في فعاليات مذهبية، وتجنيد طلابه للتجسس.

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني (سبأ)

​وزير الإعلام اليمني: الأيام المقبلة مليئة بالمفاجآت

عقب التطورات السورية يرى وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني أن المنطقة مقبلة على مرحلة جديدة تحمل الأمل والحرية

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي خلال عام أُجريت أكثر من 200 ألف عملية جراحية في المستشفيات اليمنية (الأمم المتحدة)

شراكة البنك الدولي و«الصحة العالمية» تمنع انهيار خدمات 100 مستشفى يمني

يدعم البنك الدولي مبادرة لمنظمة الصحة العالمية، بالتعاون مع الحكومة اليمنية، لمنع المستشفيات اليمنية من الانهيار بتأثيرات الحرب.

محمد ناصر (تعز)

تقرير أممي: تدهور الأراضي الزراعية سيفقد اليمن 90 مليار دولار

اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
TT

تقرير أممي: تدهور الأراضي الزراعية سيفقد اليمن 90 مليار دولار

اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)

وضع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي سيناريو متشائماً لتأثير تدهور الأراضي الزراعية في اليمن إذا ما استمر الصراع الحالي، وقال إن البلد سيفقد نحو 90 مليار دولار خلال الـ16 عاماً المقبلة، لكنه وفي حال تحقيق السلام توقع العودة إلى ما كان قبل الحرب خلال مدة لا تزيد على عشرة أعوام.

وفي بيان وزعه مكتب البرنامج الأممي في اليمن، ذكر أن هذا البلد واحد من أكثر البلدان «عُرضة لتغير المناخ على وجه الأرض»، ولديه أعلى معدلات سوء التغذية في العالم بين النساء والأطفال. ولهذا فإنه، وفي حال استمر سيناريو تدهور الأراضي، سيفقد بحلول عام 2040 نحو 90 مليار دولار من الناتج المحلي الإجمالي التراكمي، وسيعاني 2.6 مليون شخص آخر من نقص التغذية.

اليمن من أكثر البلدان عرضة لتغير المناخ على وجه الأرض (إعلام محلي)

وتوقع التقرير الخاص بتأثير تدهور الأراضي الزراعية في اليمن أن تعود البلاد إلى مستويات ما قبل الصراع من التنمية البشرية في غضون عشر سنوات فقط، إذا ما تم إنهاء الصراع، وتحسين الحكم وتنفيذ تدابير التنمية البشرية المستهدفة.

وفي إطار هذا السيناريو، يذكر البرنامج الأممي أنه، بحلول عام 2060 سيتم انتشال 33 مليون شخص من براثن الفقر، ولن يعاني 16 مليون شخص من سوء التغذية، وسيتم إنتاج أكثر من 500 مليار دولار من الناتج الاقتصادي التراكمي الإضافي.

تحذير من الجوع

من خلال هذا التحليل الجديد، يرى البرنامج الأممي أن تغير المناخ، والأراضي، والأمن الغذائي، والسلام كلها مرتبطة. وحذّر من ترك هذه الأمور، وقال إن تدهور الأراضي الزائد بسبب الصراع في اليمن سيؤثر سلباً على الزراعة وسبل العيش، مما يؤدي إلى الجوع الجماعي، وتقويض جهود التعافي.

وقالت زينة علي أحمد، الممثلة المقيمة لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي في اليمن، إنه يجب العمل لاستعادة إمكانات اليمن الزراعية، ومعالجة عجز التنمية البشرية.

تقلبات الطقس تؤثر على الإنسان والنباتات والثروة الحيوانية في اليمن (إعلام محلي)

بدورها، ذكرت منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (فاو) أن النصف الثاني من شهر ديسمبر (كانون الأول) الحالي يُنذر بظروف جافة في اليمن مع هطول أمطار ضئيلة في المناطق الساحلية على طول البحر الأحمر وخليج عدن، كما ستتقلب درجات الحرارة، مع ليالٍ باردة مع احتمالية الصقيع في المرتفعات، في حين ستشهد المناطق المنخفضة والساحلية أياماً أكثر دفئاً وليالي أكثر برودة.

ونبهت المنظمة إلى أن أنماط الطقس هذه قد تؤدي إلى تفاقم ندرة المياه، وتضع ضغوطاً إضافية على المحاصيل والمراعي، وتشكل تحديات لسبل العيش الزراعية، وطالبت الأرصاد الجوية الزراعية بضرورة إصدار التحذيرات في الوقت المناسب للتخفيف من المخاطر المرتبطة بالصقيع.

ووفق نشرة الإنذار المبكر والأرصاد الجوية الزراعية التابعة للمنظمة، فإن استمرار الظروف الجافة قد يؤدي إلى تفاقم ندرة المياه، وزيادة خطر فترات الجفاف المطولة في المناطق التي تعتمد على الزراعة.

ومن المتوقع أيضاً - بحسب النشرة - أن تتلقى المناطق الساحلية والمناطق الداخلية المنخفضة في المناطق الشرقية وجزر سقطرى القليل جداً من الأمطار خلال هذه الفترة.

تقلبات متنوعة

وبشأن تقلبات درجات الحرارة وخطر الصقيع، توقعت النشرة أن يشهد اليمن تقلبات متنوعة في درجات الحرارة بسبب تضاريسه المتنوعة، ففي المناطق المرتفعة، تكون درجات الحرارة أثناء النهار معتدلة، تتراوح بين 18 و24 درجة مئوية، بينما قد تنخفض درجات الحرارة ليلاً بشكل حاد إلى ما بين 0 و6 درجات مئوية.

وتوقعت النشرة الأممية حدوث الصقيع في مناطق معينة، خاصة في جبل النبي شعيب (صنعاء)، ومنطقة الأشمور (عمران)، وعنس، والحدا، ومدينة ذمار (شرق ووسط ذمار)، والمناطق الجبلية في وسط البيضاء. بالإضافة إلى ذلك، من المتوقع حدوث صقيع صحراوي في المناطق الصحراوية الوسطى، بما في ذلك محافظات الجوف وحضرموت وشبوة.

بالسلام يمكن لليمن أن يعود إلى ما كان عليه قبل الحرب (إعلام محلي)

ونبهت النشرة إلى أن هذه الظروف قد تؤثر على صحة الإنسان والنباتات والثروة الحيوانية، وسبل العيش المحلية في المرتفعات، وتوقعت أن تؤدي الظروف الجافة المستمرة في البلاد إلى استنزاف رطوبة التربة بشكل أكبر، مما يزيد من إجهاد الغطاء النباتي، ويقلل من توفر الأعلاف، خاصة في المناطق القاحلة وشبه القاحلة.

وذكرت أن إنتاجية محاصيل الحبوب أيضاً ستعاني في المناطق التي تعتمد على الرطوبة المتبقية من انخفاض الغلة بسبب قلة هطول الأمطار، وانخفاض درجات الحرارة، بالإضافة إلى ذلك، تتطلب المناطق الزراعية البيئية الساحلية التي تزرع محاصيل، مثل الطماطم والبصل، الري المنتظم بسبب معدلات التبخر العالية، وهطول الأمطار المحدودة.

وفيما يخص الثروة الحيوانية، حذّرت النشرة من تأثيرات سلبية لليالي الباردة في المرتفعات، ومحدودية المراعي في المناطق القاحلة، على صحة الثروة الحيوانية وإنتاجيتها، مما يستلزم التغذية التكميلية والتدخلات الصحية.