حراك «ثورة الفقراء» في سبها يطالب بإقالة «الوفاق» و«المؤقتة»

جانب من مظاهرات احتجاجية في مدينة سبها بجنوب ليبيا (صفحة «حراك ثورة الفقراء»)
جانب من مظاهرات احتجاجية في مدينة سبها بجنوب ليبيا (صفحة «حراك ثورة الفقراء»)
TT

حراك «ثورة الفقراء» في سبها يطالب بإقالة «الوفاق» و«المؤقتة»

جانب من مظاهرات احتجاجية في مدينة سبها بجنوب ليبيا (صفحة «حراك ثورة الفقراء»)
جانب من مظاهرات احتجاجية في مدينة سبها بجنوب ليبيا (صفحة «حراك ثورة الفقراء»)

اتسعت رقعة الاحتجاجات، في مدينة سبها بالجنوب الليبي، للمطالبة بتحسين «الأوضاع المعيشية المتردية» التي يعاني منها المواطنون هناك منذ سنوات، و«إقالة المسؤولين عن إدارة شؤون البلاد»، في وقت تكابد هذه المنطقة حالة من الاستقطاب السياسي بين الأطراف الفاعلة في المشهد راهناً.
وندد المتظاهرون، الذين خرجوا في مسيرات سلمية مساء أول من أمس، في شوارع سبها تحت راية حراك «ثورة الفقراء» بتعرض مناطقهم «للإهمال والنسيان» من قبل الحكومات المتعاقبة على إدارة شؤون البلاد منذ إسقاط نظام الرئيس الراحل معمر القذافي.
وتحدث ميلودي عبد الكريم أحد المشاركين في الحراك، إلى «الشرق الأوسط» عن جانب من أزماتهم التي تبدأ من ارتفاع الأسعار ونقص الوقود وغياب الأمن وانقطاع الكهرباء، وقال: «نحن نطالب بفرض الأمن في مناطقنا من خلال تفعيل الأجهزة الأمنية للقيام بواجبها تجاه المواطنين»، «للأسف لا يوجد الحد الأدنى من الأمن في الجنوب الذي لا يزال يعاني من هجمات الإرهابيين»، قبل أن يلفت إلى «تدني مستوى معيشية سكان الجنوب، في ظل أزمات اقتصادية متلاحقة، بسبب غلاء المعيشة».
وأضاف عبد الكريم الذي يعمل في مزارع النخيل، «حراك ثورة الفقراء يطالب بإسقاط أي مسؤول عن الجنوب سواء في شرق البلاد أو غربها من يتخاذل عن مساعدتنا لا يمثلنا»، «كفانا ما لقينا من حكومتي شرق وغرب». الوفاق برئاسة فائز السراج، والمؤقتة بشرق البلاد برئاسة عبد الله الثني.
والحراك الذي أعلن عن نفسه في الرابع عشر من أغسطس (آب) الجاري، ونظم وقفات احتجاجية وإن كانت بأعداد محدودة، يضم فئات عديدة من مواطني سبها، فضلاً عن أنه يلقى تأييداً في المناطق القريبة مثل مدينة غات.
ووجه القائمون على الحراك نداءً إلى المواطنين في أحياء الناصرية والطيوري والقرضة وسكرة وبردي بسبها للاصطفاف معهم في الساحات للانطلاق منها إلى باقي المناطق، دفاعاً عن مصالحهم، مرددين هتافات: «حال بلادي حال يبكي... المسؤول قاعد متكي»، في إشارة إلى أن القائمين على إدارة شؤون الحكم في ليبيا ارتكنوا إلى مناصبهم ولم يهتموا بمصالح المواطنين.
وألقت المظاهرات التي شهدتها مدن بالعاصمة بظلالها على غالبية مناطق ليبيا، وخصوصاً سبها الجنوبية الواقعة على بعد 660 كيلومتراً، جنوب طرابلس، لكن الأخيرة تعاني منذ سنوات بشكل دائم، وسبق لمشايخ وأعيان فزان، أن اشتكوا في منتصف أبريل (نيسان) من تعرض مدن الجنوب الليبي لـ«التجويع والإقصاء والتهميش» على أيدي الحكومات المتعاقبة، محذرين من تعرض المنطقة إلى «تغيير ديموغرافي ممنهج».
وتعهد منظمو حراك «ثورة الفقراء» بمواصلة التظاهر للحصول على الحقوق والمطالب المشروعة، ومحاربة الفساد، والتصدي لاستنزاف أموال الدولة، ما أدى إلى إفقار المواطنين في بلد غني بثرواته، وتديره حكومتان، لافتين إلى أن نسبة الفقر والبطالة ارتفعت في أوساط الليبيين فاضطر شبابها الفقير للهروب عبر البحر إلى أوروبا، في حين يواجه البعض الآخر عصابات التهريب والمخدرات والجماعات الإرهابية.
وأمام المعاناة التي يتحدث عنها سكان الجنوب منذ سنوات، طالب مشايخ وأعيان فزان بـ«التوزيع العادل للثروة بين الليبيين»، قبل أن يؤكدوا أن ليبيا «تسع الجميع دون إقصاء أو تهميش»، والتمسك بـ«ضرورة عدم استغلال الحاجات الإنسانية للمنطقة، وإدخالها في الصراع السياسي بين الحكومات المتعاقبة».
وقال الدكتور علي قلمة مرصدي، وزير العمل والتأهيل السابق في حكومة «الوفاق» لـ«الشرق الأوسط» إن الجنوب الجنوبي «يعاني إهمالاً كبيراً من جميع الحكومات، ولم يجد طوال هذه السنوات من يهتم به أو يعيد إليه حقوقه»، مشيراً إلى أن المواطنين هناك «ضاقوا ذرعاً بالإهمال الحكومي وما يتعرضون له من ظلم وتمييز، ولا يطالبون إلا بجزء بسيط من حقوقهم المهدرة».
وتمسك المتظاهرون بمطالبهم بعيداً عن التخويف والترهيب، مستكملين هتافهم باللهجة المحلية: ليبيون ليبيون... نحنا مانا مرتزقين... نتداعوا عالنار الحمرا واللي يموت يموت بعمره»، مؤكدين على أنه ليس لديهم في الحراك «أي توجه سياسي أو قبلي أو جهوي، ويرفضون الانقسام ويتمسكون بالمصالحة الوطنية».
وشددوا على أن هدفهم الرئيسي التصدي لكل أنواع الفساد المسيطر على المؤسسات الحكومية والمصارف ومحطات الوقود، ولكل من يتورط في سرقة حقوقهم المشروعة، أو يتلاعب بمقدرات وثروات الوطن والمواطن. كما تظاهر عدد من مواطني مدينة غات الواقعة على مشارف الحدود الليبية الجزائرية، مساء أول من أمس، تضامناً مع الحراك الاحتجاجي في سبها وطرابلس، معربين عن غضبهم مما أسموه «تهميش الجنوب»، وهو ما ينعكس على عدم توفر الخدمات الحكومية، فضلاً عن ارتفاع الأسعار وقلة الوقود وانقطاع الكهرباء.
ويقارن سكان الجنوب الليبي بين حالة الفقر وقلة إمكانياتهم بما تحتويه مناطقهم من ثروة نفطية كبيرة، تضم أكبر حقلي نفط رئيسيين يتمثلان في حقلي الشرارة والفيل، الأول ينتج قرابة ثلث إنتاج البلاد من النفط بمقدار 334 ألف برميل في اليوم، ويضخ الثاني أكثر من 70 ألف برميل يومياً.



قتيل في غارة إسرائيلية على جنوب لبنان

مقتل مواطن في قصف إسرائيلي على جنوب لبنان (أ.ف.ب)
مقتل مواطن في قصف إسرائيلي على جنوب لبنان (أ.ف.ب)
TT

قتيل في غارة إسرائيلية على جنوب لبنان

مقتل مواطن في قصف إسرائيلي على جنوب لبنان (أ.ف.ب)
مقتل مواطن في قصف إسرائيلي على جنوب لبنان (أ.ف.ب)

أعلنت وزارة الصحة اللبنانية، اليوم (الأحد)، مقتل مواطن في قصف إسرائيلي على جنوب لبنان.

وقال مركز عمليات طوارئ الصحة، التابع لوزارة الصحة العامة، في بيان صحافي اليوم، إن «غارة للعدو الإسرائيلي على طريق الصوانة - خربة سلم أدت إلى استشهاد مواطن».

ووفق «الوكالة الوطنية للإعلام»، «استهدف الطيران المسيّر المُعادِي بـ3 صواريخ سيارة بين الصوانة وخربة سلم».

يأتي ذلك بعد يوم من مقتل 3 مواطنين في سلسلة غارات إسرائيلية على جنوب وشرق لبنان.


اتهامات يمنية للحوثيين بهيكلة القضاء لتمكين المنتمين لسلالة زعيمهم

الجماعة الحوثية تسيطر على كامل قرارات مجلس القضاء الأعلى والهيئات التابعة له بصنعاء (إعلام حوثي)
الجماعة الحوثية تسيطر على كامل قرارات مجلس القضاء الأعلى والهيئات التابعة له بصنعاء (إعلام حوثي)
TT

اتهامات يمنية للحوثيين بهيكلة القضاء لتمكين المنتمين لسلالة زعيمهم

الجماعة الحوثية تسيطر على كامل قرارات مجلس القضاء الأعلى والهيئات التابعة له بصنعاء (إعلام حوثي)
الجماعة الحوثية تسيطر على كامل قرارات مجلس القضاء الأعلى والهيئات التابعة له بصنعاء (إعلام حوثي)

ضمن مساعيها الحثيثة للسيطرة المطلقة على مؤسسات السلك القضائي، اتهمت أوساط يمنية الحوثيون بشروعهم في تنفيذ إجراءات قرأها مختصون بأنها تقويض للنزاهة واستقلال مؤسسة العدالة اليمنية التي تعرَّضت لتهشيم متواصل على يد الجماعة.

جاء ذلك غداة تعيين 83 معمَّماً موالياً للجماعة في عدد من المحاكم تحت اسم «التأهيل المهني»، فيما تستعد لفحص الأصول العائلية للقضاة غير الموالين لها، تمهيداً لإقصائهم، في خطوات.

وكشفت مصادر مطلعة في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن الجماعة الحوثية تنوي اتخاذ إجراءات تحت مبرّر «إصلاح القضاء»، عبر بحث شامل للتحقُّق من تاريخ عائلات القضاة غير المنتمين أو الموالين لها، للتأكد من أحقيتهم بتولي المناصب والوظائف القضائية، تحت مبررات النقاء السلالي وعدم مزاولة أسلافهم لأي مهن لا تتناسب ومكانة القضاء.

وأشارت المصادر إلى أن الجماعة كانت قد مهَّدت لهذه الإجراءات من خلال ديباجة تعديلات قانون السلطة القضائية التي أقرتها، منتصف العام الماضي، الذي يأتي استلهاماً لممارسات أسلافهم من العائلات التي حكمت البلاد طوال القرون الماضية، حتى بداية العقد السابع من القرن الماضي، وفق تصنيف استعلائي يحدد قيمة الأفراد وفقاً لانتماءاتهم العائلية والمهن التي يزاولونها.

قادة حوثيون في بوابة مبنى مجلس القضاء الأعلى الذي تسيطر عليه الجماعة بصنعاء (إعلام حوثي)

وحديثاً، أقرَّت الجماعة الحوثية، عبر «هيئة التفتيش القضائي» التابعة لـ«مجلس القضاء الأعلى» الخاضع لسيطرتها، توزيع عددٍ من المشاركين في دورة تدريبية تأهيلية، الذين تطلق عليهم «فقهاء الشريعة»، للتدريب في عدد من المحاكم، تمهيداً لتعيينهم فيها، وذلك استناداً إلى ما أقدمت عليه، منتصف العام الماضي، بتعديل قانون السلطة القضائية عبر البرلمان غير الشرعي الخاضع لسيطرتها في صنعاء.

ورغم الجدل الكبير الذي شهدته إجراءات إقرار تعديلات قانون السلطة القضائية، والمعارضة الواسعة له في الأوساط القانونية والقضائية داخل مناطق سيطرة الجماعة؛ أقرت الجماعة تلك التعديلات، وأوهمت كلاً من نادي القضاة ونقابة المحامين، عبر مجلس القضاء، أنها ستعمل على تجميد النصوص التي كانت سبباً في ذلك الجدل.

سابقة خطرة

استنكر قضاة ومحامون وناشطون في صنعاء الإجراءات الجديدة للجماعة الحوثية بتوزيع منتسبي الدورات التأهيلية من المعممين الموالين لها على المحاكم، وعدّتها سلوكاً يهدف إلى تغيير جوهر ومضمون المؤسسات القضائية وسلطاتها، وتحويلها إلى كيانات تابعة للجماعة سلوكاً ولهيئاتها السياسية إدارياً.

محمد علي الحوثي ابن عم زعيم الجماعة أحد المسيطرين على مفاصل القضاء (أ.ف.ب)

وأوضحوا لـ«الشرق الأوسط» أن ما أقدمت عليه الجماعة، عبر ما يُسمى هيئة التفتيش القضائي، يُعدّ سابقة تشرعن لإجراء تعيينات غير قانونية أو دستورية في المؤسسات القضائية، وإلغاء مبادئ وسياسات التدرج لمنتسبي السلك القضائي، وتتيح تعيين أفراد في مناصب قضائية عليا دون حصولهم على الكفاءة والخبرة واتسامهم بالنزاعة والاستقلالية.

وبينوا أن الدساتير والقوانين في مختلف الدول التي تحترم القضاء واستقلاليته ونزاهته تمنح الأفراد حق الانتماء إلى السلك القضائي بناء على مؤهلاته، ومن خلال الخبرة التي يكتسبها والكفاءة التي يبديها والنزاهة التي يتصف بها يحصل على الترقية والتدرج في المناصب، بما يعزز من هيبة هذه المؤسسة ويعزز ثقة المجتمع بعدالتها.

واستغرب القانونيون والحقوقيون الذين طلبوا عدم الكشف عن هوياتهم حرصاً على سلامتهم، من جرأة الجماعة الحوثية على استخدام أسلوب التجريب في مؤسسات القضاء التي تُعدّ أهم المؤسسات التي لا يجوز استخدام التجريب فيها في أي منصب أو وظيفة، لما في ذلك من إخلال بمعايير الكفاءة والتأهيل والنزاهة.

الحوثيون يسيطرون بشكل كامل على القضاء والانتهاكات طالت حتى المحامين المدافعين عن معتقلي الرأي (إكس)

وخلال الأعوام الأخيرة تعرض عدد من القضاة في مناطق سيطرة الجماعة لانتهاكات متعددة، تضمنت الإقصاء والفصل والإحالة إلى محاكمات غير عادلة وإجراءات عقابية غير قانونية، وصولاً إلى الاعتداءات والاختطاف والقتل.

تطييف ممنهج

من جهته، يعرّف المركز الأميركي للعدالة قرارات الجماعة الحوثية الخاصة بالتعيينات في المحاكم بـالطائفية والممنهجة، ضمن سلوكها لإحكام السيطرة على الجهاز القضائي في مناطق نفوذها.

وقال المركز، وهو مؤسسة حقوقية أنشأها ناشطون يمنيون في ولاية ميشيغان، في بيان له، إن القرار الصادر عن الجهة التابعة لمجلس القضاء الأعلى الخاضع للحوثيين يكشف عن توجّهٍ خطير لتقويض استقلال القضاء وتحويله إلى أداة عقائدية تخدم مشروع الجماعة، بما يمثل «حلقة جديدة في مسلسل تسييس العدالة اليمنية».

مساعِ حوثية لتولية الموالين للجماعة في مختلف مفاصل الأجهزة القضائية (إعلام محلي)

ونبه إلى أن ذلك يسلب المحاكم ما تبقى من استقلالها، ويحوّلها إلى أذرع تنفيذية بيد الجماعة، محذراً من موجة جديدة من الانتهاكات لحقوق المتقاضين، وتكريس سياسة الإفلات من العقاب.

وانتقد المركز مبرر «التأهيل المهني»، الذي اتخذته الجماعة غطاءً لإدخال خريجين من مساقات دينية بحتة إلى بنية القضاء، دون أي تأهيل قانوني، ورأى في ذلك «هندسة ممنهجة لمؤسسة العدالة لإحلال عناصر موالية بدل القضاة المهنيين».

ودعا الأمم المتحدة ومفوضيتها السامية لحقوق الإنسان إلى التدخل العاجل وفتح تحقيق في الانتهاكات التي تطال القضاء في مناطق سيطرة الحوثيين، والعمل على إعادة هيكلة السلطة القضائية بإشراف وطني مستقل.


الحوثيون يوهمون أتباعهم بإنجازات أمنية لتجاوز الاختراق الإسرائيلي

زعيم الحوثيين ادعى تعبئة وتدريب أكثر من مليون شخص على القتال خلال عامين (إ.ب.أ)
زعيم الحوثيين ادعى تعبئة وتدريب أكثر من مليون شخص على القتال خلال عامين (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يوهمون أتباعهم بإنجازات أمنية لتجاوز الاختراق الإسرائيلي

زعيم الحوثيين ادعى تعبئة وتدريب أكثر من مليون شخص على القتال خلال عامين (إ.ب.أ)
زعيم الحوثيين ادعى تعبئة وتدريب أكثر من مليون شخص على القتال خلال عامين (إ.ب.أ)

أكدت مصادر أمنية وسياسية يمنية أن الجماعة الحوثية تسعى جاهدة إلى تجاوز تداعيات الاختراق الأمني الأميركي - الإسرائيلي الذي أدى إلى مقتل عدد من قياداتها وتدمير بعض مخابئها السرية، عبر الترويج لإنجازات أمنية «وهمية»، وافتعال حملات اعتقال واقتحام لمكاتب منظمات إغاثية أممية ودولية في مناطق سيطرتها.

وقالت ثلاثة مصادر أمنية وسياسية لـ«الشرق الأوسط» إن إعلان الجماعة، السبت، عن «تفكيك خلية تعمل لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل» بزعم أنها ساعدت في استهداف مخابئ ومعسكرات قيادات حوثية، من بينهم رئيس الحكومة غير المعترف بها وتسعة وزراء ورئيس أركان قواتهم، «هدفه الأساسي استعادة ثقة أنصارها في قدراتها المخابراتية، التي تضررت بشدة بعد الضربات الأخيرة».

وذكرت المصادر أن الضربات الدقيقة التي نفذتها الولايات المتحدة وإسرائيل ضد مواقع ومخابئ سرية، خصوصاً في محافظة صعدة، حيث يُعتقد أن أحدها كان يُستخدم من قبل زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي، هزّت ثقة أتباع الميليشيا في جهازها الأمني.

الحوثيون يواصلون حشد المسلحين القبليين لإظهار قوتهم (رويترز)

وأشارت المصادر إلى أن تلك الهجمات، التي بلغت ذروتها حين استهدفت اجتماعاً حكومياً سرياً، دفعت الحوثيين إلى تكثيف أنشطتهم الأمنية منذ أكثر من شهرين «خشية انفجار شعبي في مناطق سيطرتهم».

وقالت المصادر إن إعلان الحوثيين الأخير حول «الخلية المزعومة» التي تضم تسعة أشخاص مجهولي الهوية، جاء ضمن حملة «رد اعتبار» لأجهزة المخابرات الحوثية التي لطالما استخدمتها الجماعة أداة قمع وتخويف، وروّجت لكونها «لا تُخترق».

وبحسب ما ذكرته المصادر، فإن الصورة الأسطورية التي رسمها الحوثيون عن جهازهم الأمني انهارت بعد الضربات الأميركية والإسرائيلية الأخيرة.

تلميع نجل مؤسس الحوثية

أفادت المصادر بأن الجماعة الحوثية المتحالفة مع إيران تحاول الآن تلميع علي حسين الحوثي، نجل مؤسسها ورئيس ما يسمى جهاز استخبارات الشرطة، تمهيداً لتعيينه وزيراً للداخلية خلفاً لعبد الكريم الحوثي، عمّ زعيم الجماعة، الذي تتكهن المصادر بأنه توفي أو أُصيب بجروح بالغة خلال الضربة الإسرائيلية التي استهدفت الاجتماع الحكومي في صنعاء.

ووفقاً للمصادر نفسها، فإن عبد الملك الحوثي منح ابن أخيه صلاحيات موسعة تشمل كل الأجهزة الأمنية، بما فيها «الأمن والمخابرات» و«الأمن الوقائي»، ليشرف بنفسه على حملات اعتقال واسعة طالت عشرات من موظفي الأمم المتحدة ومئات المعلمين والأطباء والناشطين في محافظات إب وذمار وصنعاء، بتهمة «التجسس لصالح الخارج».

وتمثل هذه الخطوة - حسب المصادر - بداية مرحلة جديدة يسعى فيها الحوثي إلى إنهاء الازدواجية بين الأجهزة الأمنية تحت قيادته المباشرة.

نجل مؤسس الحوثيين أشرف على اعتقال موظفي الأمم المتحدة والمدنيين (إعلام محلي)

ويرى الباحث اليمني المتخصص في شؤون الحوثيين، عدنان الجبرني، أن الإعلان الحوثي الأخير «لا يحمل جديداً»، سواء في البيان الرسمي أو مقطع الاعترافات الذي بثته القناة الحوثية (قناة المسيرة)، مشيراً إلى أن «السيناريو نفسه تكرر مراراً منذ عام 2020، مع اختلاف الأسماء فقط». وعدّ الجبرني أن إسناد البيان إلى نجل مؤسس الجماعة «يشير إلى إعداد وتجهيز بديل محتمل في هرم القيادة الأمنية».

سياسيون يمنيون - بدورهم - سخروا من الاتهامات التي أوردتها الجماعة حول «رصد مواقعها وتحركات مسؤوليها»، مؤكدين أن الولايات المتحدة وإسرائيل تمتلكان قدرات تكنولوجية فائقة وأقماراً اصطناعية وطائرات استطلاع لا تحتاج إلى «عناصر تجسس بشرية» كما يزعم الحوثيون. وأشاروا إلى أن الجماعة «تكرر التهم ذاتها في كل أزمة، مع تغيير أسماء المتهمين فقط».

ورجّح هؤلاء السياسيون أن تكون حملة الاعتقالات الجديدة تعبيراً عن مخاوف عميقة داخل الجماعة بعد «الفشل الأمني الذريع» الذي تكبّدته، ومحاولة استباقية لمنع أي انتفاضة شعبية نتيجة تفاقم الأوضاع المعيشية وانقطاع المساعدات الإنسانية الدولية. وأكدوا أن الحوثيين «يختلقون تهم التجسس لتبرير القمع، وترهيب الشارع الغاضب».

محاولة لاحتواء الفوضى

تعليقاً على المزاعم الحوثية حول إنجازهم الأمني رأى وزير الإعلام في الحكومة اليمنية معمر الإرياني أن ذلك «لا يخرج عن نهج الجماعة المألوف في صناعة روايات مفبركة وتلفيق اعترافات قسرية، والتضحية بالمواطنين البسطاء لتحقيق أهداف سياسية وأمنية».

وقال إن الخطوة تأتي «في إطار صراع الأجنحة داخل الجماعة، ومحاولة من أحد أطرافها لتسويق إنجاز أمني مزعوم، وانتزاع الملف الأمني من جهاز الأمن والمخابرات الذي يقوده عبد الحكيم الخيواني».

الحوثيون أقروا بمقتل رئيس أركانهم محمد الغماري ويتكتمون على مصير قادة آخرين (إ.ب.أ)

وأوضح الإرياني أن الهدف الآخر لهذا الإعلان «هو التغطية على حالة الانكشاف الأمني غير المسبوقة التي يعيشها الحوثيون، ومحاولة رفع معنويات عناصرهم المنهارة بعد الضربات الدقيقة التي استهدفت مواقعهم وقياداتهم في صنعاء وصعدة وعمران». وأضاف أن الاختراق وصل إلى المستويات العليا في هرم الجماعة، بما في ذلك الدائرة المقربة من زعيمها عبد الملك الحوثي.

وأشار الوزير اليمني إلى أن الجماعة تستخدم مثل هذه البيانات «لتبرير حملات القمع والتنكيل التي تشنّها يومياً ضد السكان في مناطق سيطرتها، تحت ذريعة التخابر مع الخارج»، مؤكداً أن الهدف الحقيقي هو إحكام القبضة الأمنية على المواطنين بعد تصاعد الغضب الشعبي من سياساتها المدمّرة، وتردي الأوضاع المعيشية.

وأكد الإرياني أن الجماعة الحوثية، بعد سلسلة الضربات التي شلّت بنيتها العسكرية والأمنية، «تعيش حالة من الارتباك والهلع، وتحاول تعويض خسائرها المعنوية عبر مسرحيات إعلامية لا تنطلي على أحد».