ميركل تدافع عن قرارها فتح حدود ألمانيا أمام المهاجرين عام 2015

المؤتمر الصحافي السنوي التقليدي للمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل (إ.ب.أ)
المؤتمر الصحافي السنوي التقليدي للمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل (إ.ب.أ)
TT

ميركل تدافع عن قرارها فتح حدود ألمانيا أمام المهاجرين عام 2015

المؤتمر الصحافي السنوي التقليدي للمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل (إ.ب.أ)
المؤتمر الصحافي السنوي التقليدي للمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل (إ.ب.أ)

دافعت المستشارة أنجيلا ميركل بقوة عن قرارها السماح للاجئين بالدخول إلى ألمانيا قبل خمس سنوات، عندما اندلعت أزمة المهاجرين، بينما استعادت شعبيتها بعد فترة صعبة جداً.
وخلال مؤتمرها الصحافي التقليدي لدى استئناف دورة عملها، أمس (الجمعة)، أجابت ميركل على صحافي سألها إذا كانت نادمة على فتح حدود ألمانيا أمام المهاجرين عام 2015، قائلةً: «كنتُ سأتخذ القرارات الضرورية نفسها»، كما فعلت في ذلك الوقت.
وأشارت ميركل إلى الواجب الإنساني تجاه آلاف السوريين والعراقيين والأفغان الفارين من الحرب والاضطهاد والبؤس، الذين تجمعوا في ذلك الوقت على حدود ألمانيا والنمسا.
وقالت: «هذه هي قناعتي».
لم تتراجع المستشارة مطلقاً عن قرارها، رغم أنه غذى صعود اليمين المتطرف في البلاد وأضعفها سياسياً، في تطورات لم تعرفها ألمانيا وأوروبا من قبل.
وبعد خمسة عشر عاماً في السلطة، وبينما ستسلم العام المقبل مقاليد المستشارية، بات في وسع القائدة البالغة من العمر 66 عاماً أن تنعم باستعادة مكانتها.
وحصلت على 71 في المائة من الآراء المؤيدة أو المؤيدة جداً، وفقاً لآخر مسح أجراه معهد إنفراتست ديماب. ويعود الفضل في ذلك إلى إدارتها «السيادية» لأزمة فيروس «كورونا المستجد»، حسب تقديرات أستاذ العلوم السياسية في جامعة دريسدن هانز فورلندر.
وقال في حوار مع «وكالة الصحافة الفرنسية» إن «الأزمات دائماً ما تكون فرصاً للقادة التنفيذيين لإثبات أنفسهم»، وقد نجحت أنجيلا ميركل في «إيجاد الخطاب الصحيح» بين الحزم و«التعاطف»، لجعل الألمان يقبلون القيود المفروضة على حريتهم والتي تستهدف مكافحة «كوفيد - 19».

«سننجح في ذلك»

قبل خمس سنوات، ربما كانت تفكر أيضاً في استخدام الخطاب الصحيح عندما اعتمدت شعار «سننجح في ذلك»، لتشجيع مواطنيها على مواجهة التحدي المتمثل في تدفق المهاجرين. وبين عامي 2015 و2016، وصل إلى ألمانيا أكثر من مليون شخص.
وإذا فهم الألمان الرسالة جيداً في البداية، فإن الأمور سرعان ما ساءت عندما بات مكتب الهجرة مثقلاً بالضغوط، وحُملت المستشارة المسؤولية عن الوضع «الفوضوي» حتى في صفوف حزبها المحافظ.
وأثارت وقائع مختلفة الشكوك بين الألمان، مثل الاعتداءات الجنسية على نساء نسبت إلى مهاجرين من شمال أفريقيا خلال رأس السنة الجديدة 2016 في كولونيا.
وتمكن حزب «البديل من أجل ألمانيا» المعادي أساساً للمؤسسات الأوروبية، من استغلال المخاوف، من خلال إذكاء الكراهية ضد المهاجرين الذين هم بغالبيتهم مسلمون. وصار شعاره «ميركل يجب أن ترحل».
وتم تشديد سياسة استقبال المهاجرين، وعُوقِبَت المستشارة خلال الانتخابات التشريعية عام 2017، التي شهدت دخول اليمين المتشدد إلى البرلمان لأول مرة منذ نهاية النظام النازي.
وأكدت الانتخابات الأوروبية وفي المناطق في 2018 هذا التراجع.
تخلت أنجيلا ميركل عن رئاسة حزبها، الاتحاد الديمقراطي المسيحي، في نهاية عام 2018، لكنها قالت إنها ستظل مستشارة حتى نهاية ولايتها الرابعة في عام 2021.

على الطريق الصحيح؟

بعد خمس سنوات، يعتبر الخبراء نتائج سياسة الهجرة الألمانية مشجعة بشكل عام. ووجد نصف اللاجئين البالغين عملاً، وفق المكتب المسؤول عن التوظيف.
وتعلق جمعية «برو أزيل» الألمانية المدافعة عن حقوق المهاجرين، بالقول إن ألمانيا التي تعاني تركيبتها السكانية من الشيخوخة «صارت أكثر تنوعاً وأكثر حيوية وشباباً»، فيما تمزِّق حزب البديل من أجل ألمانيا الخلافات الداخلية.
ومع ذلك، تدين الجمعية «عدم اكتراث» الحكومة راهناً، وتتهمها بإبطاء استقبال القاصرين الذين يعيشون في مخيمات على الجزر اليونانية. فمشكلات الهجرة التي تقدمت عليها أزمة «كوفيد - 19» ما زالت قائمة.
وتذكر المحاكمة الجارية لأحد النازيين الجدد المتهم بقتل مسؤول إقليمي منتخب مؤيد لاستقبال اللاجئين في عام 2019 بالتطرُّف الذي لوحظ في أوساط اليمين المتشدد في ألمانيا.
وإذا توقف تدفق المهاجرين، فإن ذلك يعود قبل كل شيء إلى اتفاقٍ هشّ أُبرم في عام 2016 مع تركيا بهدف منعهم من الإبحار إلى أوروبا، مقابل حصول أنقرة على مساعدات مالية.
وأشارت المستشارة الجمعة إلى أن تبني سياسة هجرة أوروبية موحدة كان إحدى أولويات الرئاسة الألمانية للاتحاد الأوروبي، وأنه لا يزال هناك كثير من العمل الذي يتعين القيام به.
وقالت: «لكن يمكننا تحقيق ذلك، إذا أردنا».


مقالات ذات صلة

أطفال عائدون إلى سوريا الجديدة بعد سنوات لجوء في تركيا

المشرق العربي سوريون مقيمون في تركيا ينتظرون لدخول سوريا عند بوابة معبر جيلفي غوزو الحدودي في الريحانية في 12 ديسمبر 2024 بعد الإطاحة بنظام الأسد (أ.ف.ب)

أطفال عائدون إلى سوريا الجديدة بعد سنوات لجوء في تركيا

تعود كثير من العائلات السورية اللاجئة في تركيا إلى الديار بعد سقوط الأسد، ويعود أطفال إلى وطنهم، منهم من سيدخل سوريا للمرة الأولى.

«الشرق الأوسط» (دمشق)
أوروبا المستشار الألماني أولاف شولتس (د.ب.أ)

المستشار الألماني لا يرغب في إعادة اللاجئين السوريين المندمجين جيداً

حتى عقب سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، أعرب المستشار الألماني أولاف شولتس عن عدم رغبته في إعادة أي لاجئ سوري مندمج بشكل جيد في ألمانيا.

«الشرق الأوسط» (برلين)
أوروبا لاجئون سوريون في تركيا يسيرون نحو المعبر الحدودي بعد الإطاحة بنظام بشار الأسد (د.ب.أ)

ألمانيا تطالب باتباع نهج أوروبي مشترك في عودة اللاجئين السوريين

طالبت وزيرة الداخلية الألمانية نانسي فيزر باتخاذ نهج أوروبي مشترك بشأن العودة المحتملة للاجئين السوريين.

«الشرق الأوسط» (برلين)
العالم العربي دول أوروبية تعلق البت في طلبات اللجوء المقدمة من سوريين (أ.ف.ب)

دول أوروبية تعلق طلبات اللجوء المقدمة من سوريين بعد الإطاحة بالأسد

علقت دول أوروبية كثيرة التعامل مع طلبات اللجوء المقدمة من سوريين بعد استيلاء المعارضة على دمشق وهروب الرئيس بشار الأسد إلى روسيا بعد 13 عاماً من الحرب الأهلية.

«الشرق الأوسط» (دمشق)
المشرق العربي عائلة سورية متوجهة إلى بوابة باب الهوى وتبدو على ملامحهم السعادة بالعودة إلى بلادهم (أ.ب)

تركيا تدين التوغل الإسرائيلي وتؤكد تصديها لأي محاولة لتقسيم سوريا

ندَّدت تركيا بالتوغل الإسرائيلي في سوريا بعد سقوط نظام بشار الأسد، وشدّدت على دعمها سيادتها ووحدتها وسلامة أراضيها، في حين اتخذت إجراءات لتسريع عودة السوريين

سعيد عبد الرازق (أنقرة)

«كايسيد»: نستثمر في مستقبل أكثر سلاماً

الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)
الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)
TT

«كايسيد»: نستثمر في مستقبل أكثر سلاماً

الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)
الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)

أكد الدكتور زهير الحارثي، أمين عام مركز الملك عبد الله العالمي للحوار «كايسيد»، أن برامجهم النوعية تستثمر في مستقبل أكثر سلاماً بجمعها شخصيات دينية وثقافية لتعزيز الحوار والتفاهم وسط عالم يعاني من الانقسامات.

واحتفى المركز بتخريج دفعة جديدة من برنامج «الزمالة» من مختلف المجموعات الدولية والعربية والأفريقية في مدينة لشبونة البرتغالية، بحضور جمع من السفراء والممثلين الدبلوماسيين المعتمدين لدى جمهورية البرتغال.

وعدّ الحارثي، البرنامج، «منصة فريدة تجمع قادة من خلفيات دينية وثقافية متنوعة لتعزيز الحوار والتفاهم، وهو ليس مجرد رحلة تدريبية، بل هو استثمار في مستقبل أكثر سلاماً»، مبيناً أن منسوبيه «يمثلون الأمل في عالم يعاني من الانقسامات، ويثبتون أن الحوار يمكن أن يكون الوسيلة الأقوى لتجاوز التحديات، وتعزيز التفاهم بين المجتمعات».

جانب من حفل تخريج دفعة 2024 من برنامج «الزمالة الدولية» في لشبونة (كايسيد)

وجدَّد التزام «كايسيد» بدعم خريجيه لضمان استدامة تأثيرهم الإيجابي، مشيراً إلى أن «البرنامج يُزوّد القادة الشباب من مختلف دول العالم بالمعارف والمهارات التي يحتاجونها لبناء مجتمعات أكثر شموليةً وتسامحاً».

وأضاف الحارثي: «تخريج دفعة 2024 ليس نهاية الرحلة، بل بداية جديدة لخريجين عازمين على إحداث تغيير ملموس في مجتمعاتهم والعالم»، منوهاً بأن «الحوار ليس مجرد وسيلة للتواصل، بل هو أساس لبناء مستقبل أكثر وحدة وسلاماً، وخريجونا هم سفراء التغيير، وسنواصل دعمهم لتحقيق رؤيتهم».

بدورها، قالت ويندي فيليبس، إحدى خريجات البرنامج من كندا، «(كايسيد) لم يمنحني فقط منصة للتعلم، بل فتح أمامي آفاقاً جديدة للعمل من أجل بناء عالم أكثر عدلاً وسلاماً»، مضيفة: «لقد أصبحت مستعدة لمواجهة التحديات بدعم من شبكة متميزة من القادة».

الدكتور زهير الحارثي يتوسط خريجي «برنامج الزمالة الدولية» (كايسيد)

وحظي البرنامج، الذي يُمثل رؤية «كايسيد» لبناء جسور الحوار بين أتباع الأديان والثقافات، وتعزيز التفاهم بين الشعوب؛ إشادة من الحضور الدولي للحفل، الذين أكدوا أن الحوار هو الوسيلة المُثلى لتحقيق مستقبل أفضل للمجتمعات وأكثر شمولية.

يشار إلى أن تدريب خريجي «برنامج الزمالة الدولية» امتد عاماً كاملاً على ثلاث مراحل، شملت سان خوسيه الكوستاريكية، التي ركزت على تعزيز مبادئ الحوار عبر زيارات ميدانية لأماكن دينية متعددة، ثم ساو باولو البرازيلية وبانكوك التايلاندية، إذ تدربوا على «كيفية تصميم برامج حوار مستدامة وتطبيقها»، فيما اختُتمت بلشبونة، إذ طوّروا فيها استراتيجيات لضمان استدامة مشاريعهم وتأثيرها الإيجابي.