التوتر يتصاعد بين إسرائيل وغزة... وعودة الحصار

استمرار القصف وإطلاق البالونات الحارقة ووقف عمّال شركات خدمات الوقود

ازدادت حدة الاشتباكات بين المحتجين الفلسطينيين وعناصر الجيش الإسرائيلي في الخليل أمس (رويترز)
ازدادت حدة الاشتباكات بين المحتجين الفلسطينيين وعناصر الجيش الإسرائيلي في الخليل أمس (رويترز)
TT

التوتر يتصاعد بين إسرائيل وغزة... وعودة الحصار

ازدادت حدة الاشتباكات بين المحتجين الفلسطينيين وعناصر الجيش الإسرائيلي في الخليل أمس (رويترز)
ازدادت حدة الاشتباكات بين المحتجين الفلسطينيين وعناصر الجيش الإسرائيلي في الخليل أمس (رويترز)

في أعقاب فشل الوساطات وعودة السفير القطري، محمد العمادي، من دون أن تسمح له إسرائيل بتوزيع المنحة الشهرية، (30 مليون دولار) في قطاع غزة، أفادت مصادر مطلعة بأن الحدود بينهما تشهد تصاعداً خطيراً للتوتر.
فاستمر إطلاق البالونات الحارقة من القطاع نحو البلدات الإسرائيلية، واستمر القصف الإسرائيلي في العمق الفلسطيني. وأقدمت وزارة الأمن الإسرائيلية، أمس (الجمعة)، على وقف عمل جميع عمال شركات خدمات الوقود مع قطاع غزة. وعاد الأهالي إلى أسوأ أيام الحصار، حيث لا يصل التيار الكهربائي سوى ثلاث أو أربع ساعات في اليوم، وذلك لأول مرة منذ بضع سنوات.
وأوضح مصدر عسكري، أن المسؤولين السياسيين والأمنيين قرروا زيادة الضغط على أهالي غزة، في سبيل الضغط على السياسيين الحاكمين من حركة «حماس». وأكد أن إسرائيل قررت وضع حد للتسهيلات لحركة «حماس»، «التي تريد المال والغذاء والخدمات الصحية كلها مجاناً». لكن مسؤولاً في السلطة الفلسطينية قال، إن هذا التشدد الإسرائيلي جاء عقاباً وتحذيراً لـ«حماس» بعدما أعلنت موافقتها على حضور اجتماع وحدوي لقادة فصائل منظمة التحرير. وأضاف «إن الإسرائيليين يريدون لنا أن نواصل الانقسام؛ لأنه لا يوجد شيء يخدمهم أكثر منه. وكل حراك باتجاه إزالة الانقسام سيواجه بضربات إسرائيلية إلى الطرفين».
وهدد العضو القيادي لـ«حركة الجهاد الإسلامي» في لبنان، إحسان عطايا، بالرد الصارم على الضربات. وقال «التضييق على غزة وخنقها وزيادة معاناة شعبها، سيدفع المقاومة الفلسطينية إلى المواجهة بطريقة عكسية، خاصة أن الاعتداءات الصهيونية الأخيرة التي استهدفت القطاع، كان لها أكثر من هدف، في مقدمتها أن يوهن من عزيمة الشعب الفلسطيني، على اعتبار أن هذا العدو ما زال يستطيع أن يتصرف بشكل همجي دون أن يراعي الظروف الإنسانية التي يعيشها أبناء غزة».
واعتبر نائب المسؤول السياسي لحركة «حماس» في لبنان، جهاد طه، الإجراءات الإسرائيلية ذات خطورة، خاصة لأنها تأتي في وقت تتفاقم فيه أزمة «كورونا». وقال «الأزمات تتوالى على قطاع غزة، خاصة في ظل الحصار المطبق، الذي يقوم به العدو الإسرائيلي من خلال إغلاق المعابر، ومنع دخول المستلزمات الطبية والصحية، لمواجهة فيروس كورونا، الذي ينتشر في مساحات واسعة في القطاع، وبالتالي اختفاء أدوية خاصة ومتعلقة بالأمراض المستعصية التي يعاني منها كثر من الشعب الفلسطيني في غزة».
وأما في إسرائيل فقد خرج أهالي البلدات المحيطة بقطاع غزة في مظاهرات احتجاج على «فقدان القدرة على إدارة سياسة مناسبة تمنع التدهور». وأعلن الجيش الإسرائيلي أنه يستعد لاحتمال مزيد من التصعيد على الجبهة الجنوبية (مع قطاع غزة) خلال الأيام المقبلة.
- الضفة الغربية
وكما في كل أسبوع، شهد أمس (الجمعة) صدامات عدة مع قوات الاحتلال والمستوطنين اليهود، بلغت أوجها في بلدة العيسوية، شرقي القدس المحتلة. وأعلنت سلطات الاحتلال، إصابة جندي إسرائيلي، خلال مواجهات، وقعت الليلة الماضية، بعد أن ألقي عليه لوح رخام من أحد المنازل. وقد جاءت جراحه طفيفة. وقامت قوات الاحتلال طيلة يوم أمس بعملية انتقام، شملت الاعتقالات وأعمال التفتيش الفظة وعدة عمليات تخريب.
وفي بلدة سلوان، جنوبي المسجد الأقصى، أدى عشرات المقدسيين، صلاة الجمعة، في خيمة الاعتصام؛ احتجاجاً على تصاعد عمليات هدم منازلهم قبل سلطات الاحتلال الإسرائيلي، وإجبارهم على هدمها ذاتياً في كثير من الأحيان. وعبّر المشاركون في الصلاة عن غضبهم نتيجة ما ترتكبه سلطات الاحتلال من جرائم واعتداءات بحق المقدسيين، من خلال التضييق عليهم واعتقالهم وهدم منازلهم، خاصة في سلوان، مشددين على ضرورة التكاتف والوحدة للتصدي لهذه السياسة. وعقب الصلاة، نظّم المشاركون وقفة في الخيمة، ضد سياسة الهدم التي طالت عشرات المنازل والمنشآت في مدينة القدس المحتلة، رافعين اللافتات والشعارات المنددة، وسط انتشار كثيف لعناصر شرطة الاحتلال في المكان.
وقال رئيس الهيئة الإسلامية العليا في القدس، خطيب المسجد الأقصى المبارك، عكرمة صبري، خلال خطبة الجمعة، إن «سلوان وسائر الأحياء المقدسيين باتت مهددة بالهدم والاستيلاء، ولا بد من الوعي في مواجهة مخططات الاحتلال الذي يسعى للاستيلاء على الأراضي وتهجير المواطنين، واستهداف المنازل والأحياء المجاورة للمسجد الأقصى المبارك، خاصة بلدة سلوان، لتنفيذ مخططات ومشاريع استيطانية. وأعلن نائب محافظ القدس عبد الله صيام، أن نحو 18 ألف منزل في مدينة القدس المحتلة، مهدد بالهدم، وأن ملفات هذه المنازل الفلسطينية المهددة بالهدم في أدراج محاكم الاحتلال، رغم أن هناك حاجة إلى أكثر من 15 ألف وحدة سكنية لأبناء القدس، سيما جيل الشباب. وتعتمد سلطات الاحتلال تنفيذ سياسة هدم المنازل بالقدس، من أجل تنفيذ مخططاتها الاستيطانية بصمت، والتخلص من الوجود الفلسطيني فيها. ومنذ بداية العام الحالي، أصدرت 650 أمر هدم إداري وقضائي لمنازل ومنشآت لمقدسيين، منها ما هو محدد المدة للهدم وآخر غير محدد.
وفي بلدة عصيرة الشمالية في الضفة الغربية، أفاق الأهالي ليجدوا أن مستوطنين يهوداً تسللوا فجراً إلى بلدتهم وأضرموا النار بإحدى المركبات، وخطوا شعارات عنصرية معادية للعرب مثل «الموت للعرب» و«الدم اليهودي لا يذهب هدراً».
وفي كفر قدوم، قرب قلقيلية، أصيب شاب بالرصاص المعدني في الذراع خلال قمع جيش الاحتلال للمسيرة الأسبوعية المناهضة للاستيطان والتي خرجت تنديداً بجرائم الاحتلال بحق أبناء البلدة والتي كان آخرها زرع عبوات ناسفة على جانبي أحد الشوارع. وأفاد الناطق الإعلامي في إقليم قلقيلية منسق المقاومة الشعبية في كفر قدوم مراد شتيوي، بأن جنود الاحتلال اعتدوا على المشاركين في المسيرة بعد دقائق من انطلاقها من مسجد عمر بن الخطاب باستخدام الأعيرة المعدنية المغلفة بالمطاط. وأكد شتيوي، أن البلدة شهدت مؤخراً حادثاً غريباً وخطيراً تمثل بقيام جنود من وحدة ناحال بزراعة عبوات ناسفة انفجرت إحداها وأصابت شاباً بجروح في يده وعينه، مشيراً إلى أنه لأول مرة تشهد البلدة حدثاً كهذا منذ انطلاق المسيرة.
وفي قرية حارس قرب سلفيت، وللأسبوع الرابع عشر على التوالي، منعت قوات الاحتلال الإسرائيلي، أمس، المواطنين من إقامة صلاة الجمعة فوق أراضيهم المهددة بالمصادرة المحاذية لمستوطنه «رفافا» المقامة على أراضيهم غرب سلفيت. وقام جنود الاحتلال بالاعتداء على المشاركين ورشّ غاز الفلفل على وجوه المشاركين أثناء محاولتهم المرور عبر الحاجز. وفي قرية العرقة غرب جنين، اعتقلت قوات الاحتلال، فجر أمس، الشاب نائل محمد نايف يحيى عقب مداهمة منزل ذويه والعبث بمحتوياته.



الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)

كثّفت الجماعة الحوثية استهدافها مدرسي الجامعات والأكاديميين المقيمين في مناطق سيطرتها بحملات جديدة، وألزمتهم بحضور دورات تعبوية وزيارات أضرحة القتلى من قادتها، والمشاركة في وقفات تنظمها ضد الغرب وإسرائيل، بالتزامن مع الكشف عن انتهاكات خطيرة طالتهم خلال فترة الانقلاب والحرب، ومساعٍ حثيثة لكثير منهم إلى الهجرة.

وذكرت مصادر أكاديمية في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن مدرسي الجامعات العامة والخاصة والموظفين في تلك الجامعات يخضعون خلال الأسابيع الماضية لممارسات متنوعة؛ يُجبرون خلالها على المشاركة في أنشطة خاصة بالجماعة على حساب مهامهم الأكاديمية والتدريس، وتحت مبرر مواجهة ما تسميه «العدوان الغربي والإسرائيلي»، ومناصرة فلسطينيي غزة.

وتُلوّح الجماعة بمعاقبة مَن يتهرّب أو يتخلّف من الأكاديميين في الجامعات العمومية، عن المشاركة في تلك الفعاليات بالفصل من وظائفهم، وإيقاف مستحقاتهم المالية، في حين يتم تهديد الجامعات الخاصة بإجراءات عقابية مختلفة، منها الغرامات والإغلاق، في حال عدم مشاركة مدرسيها وموظفيها في تلك الفعاليات.

أكاديميون في جامعة صنعاء يشاركون في تدريبات عسكرية أخضعهم لها الحوثيون (إعلام حوثي)

وتأتي هذه الإجراءات متزامنة مع إجراءات شبيهة يتعرّض لها الطلاب الذين يجبرون على حضور دورات تدريبية قتالية، والمشاركة في عروض عسكرية ضمن مساعي الجماعة لاستغلال الحرب الإسرائيلية على غزة لتجنيد مقاتلين تابعين لها.

انتهاكات مروّعة

وكان تقرير حقوقي قد كشف عن «انتهاكات خطيرة» طالت عشرات الأكاديميين والمعلمين اليمنيين خلال الأعوام العشرة الماضية.

وأوضح التقرير الذي أصدرته «بوابة التقاضي الاستراتيجي»، التابعة للمجلس العربي، بالتعاون مع الهيئة الوطنية للأسرى والمختطفين، قبل أسبوع تقريباً، وغطّي الفترة من مايو (أيار) 2015، وحتى أغسطس (آب) الماضي، أن 1304 وقائع انتهاك طالت الأكاديميين والمعلمين في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية التي اتهمها باختطافهم وتعقبهم، ضمن ما سمّاها بـ«سياسة تستهدف القضاء على الفئات المؤثرة في المجتمع اليمني وتعطيل العملية التعليمية».

أنشطة الجماعة الحوثية في الجامعات طغت على الأنشطة الأكاديمية والعلمية (إكس)

ووثّق التقرير حالتي وفاة تحت التعذيب في سجون الجماعة، وأكثر من 20 حالة إخفاء قسري، منوهاً بأن من بين المستهدفين وزراء ومستشارين حكوميين ونقابيين ورؤساء جامعات، ومرجعيات علمية وثقافية ذات تأثير كبير في المجتمع اليمني.

وتضمن التقرير تحليلاً قانونياً لمجموعة من الوثائق، بما في ذلك تفاصيل جلسات التحقيق ووقائع التعذيب.

ووفق تصنيف التقرير للانتهاكات، فإن الجماعة الحوثية نفّذت 1046 حالة اختطاف بحق مؤثرين، وعرضت 124 منهم للتعذيب، وأخضعت اثنين من الأكاديميين و26 من المعلمين لمحاكمات سياسية.

وتشمل الانتهاكات التي رصدها التقرير، الاعتقال التعسفي والإخفاء القسري والتعذيب الجسدي والنفسي والمحاكمات الصورية وأحكام الإعدام.

عشرات الأكاديميين لجأوا إلى طلب الهجرة بسبب سياسات الإقصاء الحوثية وقطع الرواتب (إكس)

وسبق أن كشف تقرير تحليلي لأوضاع الأكاديميين اليمنيين عن زيادة في طلبات العلماء والباحثين الجامعيين للهجرة خارج البلاد، بعد تدهور الظروف المعيشية، واستمرار توقف رواتبهم، والانتهاكات التي تطال الحرية الأكاديمية.

وطبقاً للتقرير الصادر عن معهد التعليم الدولي، ارتفعت أعداد الطلبات المقدمة من باحثين وأكاديميين يمنيين لصندوق إنقاذ العلماء، في حين تجري محاولات لاستكشاف الطرق التي يمكن لقطاع التعليم الدولي من خلالها مساعدة وتغيير حياة من تبقى منهم في البلاد إلى الأفضل.

إقبال على الهجرة

يؤكد المعهد الدولي أن اليمن كان مصدر غالبية الطلبات التي تلقّاها صندوق إنقاذ العلماء في السنوات الخمس الماضية، وتم دعم أكثر من ثلثي العلماء اليمنيين داخل المنطقة العربية وفي الدول المجاورة، بمنحة قدرها 25 ألف دولار لتسهيل وظائف مؤقتة.

قادة حوثيون يتجولون في جامعة صنعاء (إعلام حوثي)

لكن تحديات التنقل المتعلقة بالتأشيرات وتكلفة المعيشة والاختلافات اللغوية الأكاديمية والثقافية تحد من منح الفرص للأكاديميين اليمنيين في أميركا الشمالية وأوروبا، مقابل توفر هذه الفرص في مصر والأردن وشمال العراق، وهو ما يفضله كثير منهم؛ لأن ذلك يسمح لهم بالبقاء قريباً من عائلاتهم وأقاربهم.

وخلص التقرير إلى أن العمل الأكاديمي والبحثي داخل البلاد «يواجه عراقيل سياسية وتقييداً للحريات ونقصاً في الوصول إلى الإنترنت، ما يجعلهم يعيشون فيما يُشبه العزلة».

وأبدى أكاديمي في جامعة صنعاء رغبته في البحث عن منافذ أخرى قائمة ومستمرة، خصوصاً مع انقطاع الرواتب وضآلة ما يتلقاه الأستاذ الجامعي من مبالغ، منها أجور ساعات تدريس محاضرات لا تفي بالاحتياجات الأساسية، فضلاً عن ارتفاع الإيجارات.

إجبار الأكاديميين اليمنيين على المشاركة في الأنشطة الحوثية تسبب في تراجع العملية التعليمية (إكس)

وقال الأكاديمي الذي طلب من «الشرق الأوسط» التحفظ على بياناته خوفاً على سلامته، إن الهجرة ليست غاية بقدر ما هي بحث عن وظيفة أكاديمية بديلة للوضع المأساوي المعاش.

ويقدر الأكاديمي أن تأثير هذه الأوضاع أدّى إلى تدهور العملية التعليمية في الجامعات اليمنية بنسبة تتجاوز نصف الأداء في بعض الأقسام العلمية، وثلثه في أقسام أخرى، ما أتاح المجال لإحلال كوادر غير مؤهلة تأهيلاً عالياً، وتتبع الجماعة الحوثية التي لم تتوقف مساعيها الحثيثة للهيمنة على الجامعات ومصادرة قرارها، وصياغة محتوى مناهجها وفقاً لرؤية أحادية، خصوصاً في العلوم الاجتماعية والإنسانية.

وفي حين فقدت جامعة صنعاء -على سبيل المثال- دورها التنويري في المجتمع، ومكانتها بصفتها مؤسسة تعليمية، تُشجع على النقد والتفكير العقلاني، تحسّر الأكاديمي اليمني لغياب مساعي المنظمات الدولية في تبني حلول لأعضاء هيئة التدريس، سواء في استيعابهم في مجالات أو مشروعات علمية، متمنياً ألا يكون تخصيص المساعدات لمواجهة المتطلبات الحياتية للأكاديميين غير مشروط أو مجاني، وبما لا يمس كرامتهم.