ألقت أحداث ويسكنسن وإعصار لورا بظلالهما على أنشطة المؤتمر الجمهوري الوطني، فأعرب المشاركون عن تعاطفهم مع المناطق التي ضربها الإعصار، وانتقدوا بشدة أعمال الشغب في «الولايات تحت سلطة الديمقراطيين». وسارع نائب الرئيس الأميركي مايك بنس إلى تعديل خطاب قبوله ترشيح الحزبي الرسمي في اللحظة الأخيرة، ليتطرق فيه إلى أحداث ويسكنسن وأعمال الشغب، محذراً من فوز المرشح الديمقراطي جو بايدن في الانتخابات، ومعتمداً سياسة التخويف فقال: «الحقيقة المرّة هي أنكم لن تكونوا بأمان في ظل حكم جو بايدن لأميركا». ولم يتحدث بنس عن تفاصيل أحداث منطقة كينوشا في ويسكنسن، فتجنب ذكر جاكوب بلايك الرجل الأسود الذي أطلق عليه رجال الشرطة النار، أو كايل ريتينهاوس المراهق الأبيض الذي أطلق النار على المتظاهرين وأودى بحياة اثنين منهم. عوضاً عن ذلك، كرر بنس وصف ترمب برئيس القانون والأمن وقال: «سأكون واضحاً، على العنف أن يتوقف، سواء في مينيابوليس أو بورتلاند أو كينوشا. سوف نفرض الأمن والقانون في شوارع البلاد لنحمي الأميركيين من كل جنس ولون».
وشن بنس هجوماً مكثفاً على بايدن، وانتقده لعدم التطرق إلى أعمال الشغب في البلاد في مؤتمر الديمقراطيين، كما وصفه «بحصان طروادة لليسار المتشدد»، مهاجما سجله في السياسة الداخلية والخارجية. بنس الذي ألقى بخطابه على منصة قلعة مكهنري التاريخية في مدينة بالتيمور الأميركية، قال إن بايدن يهدد «الحياة والحرية» وإنه سيقود البلاد باتجاه الاشتراكية في حال فوزه، وذلك في تكرار لتهديدات المشاركين في المؤتمر الذين لم يوفروا فرصة إلا وقالوا بأن فوز بايدن سيؤدي إلى تحول الولايات المتحدة إلى نظام اشتراكي. وأشاد بنس في خطابه المباشر بجهود الإدارة في مكافحة فيروس «كورونا»، وختم على وقع تصفيق الحضور بالتعهد بأن «٤ أعوام إضافية من حكم ترمب وبنس ستجعل أميركا رائعة مجدداً ومجدداً...».
ومباشرة بعد انتهاء خطابه، فاجأ الرئيس الأميركي الحضور بظهوره على المنصة مع السيدة الأولى. ولم يلق ترمب بأي خطاب في ظهوره هذا، كي لا يسرق الأضواء من بنس، أو من خطابه في الليلة الأخيرة من المؤتمر. فتوجه عوضاً عن ذلك نحو المشاركين الذين اكتظوا للترحيب به من دون أقنعة، أو أي تباعد اجتماعي. ويقول المنتقدون إن المشاهد التي عكسها المؤتمر الجمهوري تسعى إلى تضليل الأميركيين حيال الفيروس، فغياب الأقنعة وعدم فرض التباعد الاجتماعي، يعكس صورة مختلفة عن الواقع، مفادها أن الأمور عادت إلى ما كانت عليه قبل الفيروس.
ويعول الجمهوريون من خلال تركيزهم على هذه الزاوية التفاؤلية من ملف «كورونا» على تغيير رأي الناخب الأميركي المتشائم من الفيروس وجهود الإدارة في مكافحته، إضافة إلى تحسين أرقام ترمب في استطلاعات الرأي. ولعلّ أكبر تحد تواجهه حملة ترمب يكمن في استقطاب أصوات «نساء الضواحي» الجمهوريات.
فقد تراجعت شعبيته بشكل كبير في صفوفهن مقارنة بالعام 2016 بسبب تعاطيه مع الفيروس. لهذا فقد سيطرت على الليلة الثالثة من المؤتمر الجمهوري وجوه نسائية متعددة، من السيدة الثانية كارن بنس، إلى المتحدثة باسم البيت الأبيض كايلي مكنايني مروراً بزوجة ابن ترمب لارا، ووصولاً إلى مستشارته كيلي آن كونوي. وطغى على خطاب هذه الشخصيات النسائية الطابع الشخصي، فتحدثت مكنايني عن مواجهتها لمرض السرطان، ودعم ترمب لها خلال إجرائها عملية استئصال الثديين. فيما سعت كونوي إلى إقناع النساء المترددات بأن ترمب هو الرئيس الأفضل لمستقبل أولادهن، أما لارا ترمب فتحدثت بشغف عن الرئيس الأميركي ودعمه للنساء، كما اعتبرت أن انتخابات هذا العام ستكون خياراً ما بين «الحفاظ على أميركا أو التحول إلى الاشتراكية».
وسيكون من المثير للاهتمام متابعة استطلاعات الرأي في الأيام المقبلة، لتحديد ما إذا كان الجمهوريون نجحوا في مساعيهم لاستقطاب أصوات النساء. وهذه ليست بالمهمة السهلة إذ تظهر كل الأرقام السابقة فارقاً شاسعاً في دعم النساء لكل من بايدن وترمب ووصل هذا الفارق إلى ٢٠ نقطة لصالح بايدن في استطلاع لصحيفة «واشنطن بوست»، إضافة إلى هذه المشاركة النسائية الكبيرة في المؤتمر، تأمل حملة ترمب أن تنجح إيفانكا ترمب التي تتحدث في الليلة الأخيرة إلى جذب بعض الأصوات النسائية المترددة.
ورغم محاولة حملة ترمب استقطاب الناخبين المترددين من خلال بعض أنشطة المؤتمر، فإنه من الواضح أن تركيزها منصب على قاعدة ترمب الشعبية. فغياب وجوه معروفة من الحزب الجمهوري عن المؤتمر هو خير دليل على الانقسام الحاصل بين قاعدة ترمب من جهة وقاعدة الجمهوريين التقليدية من جهة أخرى.
وتجسد هذا في استطلاع للرأي أجرته صحيفة «وول ستريت جورنال» بالتعاون مع شبكة (إن بي سي)، إذ أظهر الاستطلاع أن مناصري ترمب موالون له شخصياً، ويُعرّف 49 في المائة منهم عن أنفسهم بأنهم داعمون لترمب فيما يقول 37 في المائة إنهم يدعمون الحزب الجمهوري. وتصل شعبية الرئيس الأميركي إلى 99 في المائة في صفوف «جمهوريي ترمب» مقابل 69 في المائة في صفوف «جمهوريي الحزب».
وقد عزز هذه النظرية عدم مشاركة وجوه بارزة من الحزب الجمهوري في أنشطة المؤتمر، كالرئيس السابق جورج بوش الابن، ومرشح الحزب السابق ميت رومني، كما اختارت أرملة المرشح جون مكاين الحديث في المؤتمر الديمقراطي بدلاً من الجمهوري. وأتى إعلان مجموعة كبيرة من العاملين في إدارة بوش الابن، وحملة رومني ومكاين الانتخابيتين عن دعم بايدن بدلاً من ترمب ليسلط الضوء على هذا الانقسام. وقال هؤلاء في بيان: «يجب أن نتحرك ونخرج من قوقعتنا ونصوت لجو بايدن. آن الأوان لنصوت بضمير حتى يستطيع جو بايدن قيادة هذه البلاد نحو المستقبل».
أحداث ويسكنسن تخيم على مؤتمر الجمهوريين
بنس: بايدن حصان طروادة لليسار المتشدد
أحداث ويسكنسن تخيم على مؤتمر الجمهوريين
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة