طلاب «الفنون الجميلة» يستدعون مشروعات تخرج رواد مصر

«الجيش الأبيض» عنوان مشروع تخرج الشاب حمدي نور (الشرق الأوسط)
«الجيش الأبيض» عنوان مشروع تخرج الشاب حمدي نور (الشرق الأوسط)
TT

طلاب «الفنون الجميلة» يستدعون مشروعات تخرج رواد مصر

«الجيش الأبيض» عنوان مشروع تخرج الشاب حمدي نور (الشرق الأوسط)
«الجيش الأبيض» عنوان مشروع تخرج الشاب حمدي نور (الشرق الأوسط)

عبر مُبادرة افتراضية يستدعي مجموعة من الطلاب والخريجين الجدد بكلية الفنون الجميلة بحي الزمالك، مشروعات تخرج جيل الرواد من الفنانين خريجي الكلية، لنشرها على مواقع التواصل الاجتماعي بهدف تفعيل التواصل الفني بين الأجيال لمساعدة الطلاب على الاستفادة من أعمال فنية شكلت انطلاقة الكثير من الفنانين المشاهير، بجانب تطوير الرؤية الفنية للخريجين الجدد الذين حُرموا من حفل مناقشة وعرض مشروعات تخرجهم، هذا العام، بسبب جائحة «كورونا»، وهو بمثابة «كرنفال» سنوي ينتظره الطلاب كافة منذ بدء دراستهم.
وحددت مُبادرة «من الذاكرة» مجموعة من الأهداف العامة تسعى إلى تحقيقها من خلال نشر مشروعات تخرج أجيال كثيرة من خريجي كلية الفنون الجميلة بجامعة حلوان عبر مواقع التواصل الاجتماعي، أبرزها إتاحة هذه الأعمال للطلاب الجدد كي يمكنهم الاستفادة فنياً من رؤى فنية صاغها أساتذتهم وجيل الرواد؛ مما يساعدهم على تطوير رؤيتهم الفنية، وفتح آفاق أوسع للتواصل الفني بين الأجيال المختلفة.
نشر صور مشروعات التخرج حوّل صفحة «كلية الفنون الجميلة»، وهي صفحة خاصة على مواقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك» تضمّ تجمعاً كبيراً من الطلاب والخريجين الجدد، إلى معرض فني متنوع، وبدأت المبادرة بنشر مشروعات تخرج دفعة العام الحالي، أعقبها العودة إلى الوراء لنشر المشروعات القديمة بتسلسل زمني؛ إذ تمكنوا حتى الآن من الحصول على نسخ فوتوغرافية لمشروعات تخرج حتى عام 2008، التي ستُنشر تباعاً، بينما يسعون إلى الحصول على مشروعات السنوات السابقة.
الفنان الشاب محمد العوضي، مؤسس المبادرة، خريج دفعة 2017، يقول لـ«الشرق الأوسط»، إن «المُبادرة بدأت بنشر مشروعات تخرج دفعة العام الحالي لأنهم حُرموا من (الكرنفال) الفني السنوي الذي يصاحب عرض ومناقشة المشروعات بسبب فيروس كورونا، وقد حددنا تسلسلاً زمنياً من الأحدث إلى الأقدم، حيث نقوم بنشر مشروعات تخرج السنوات الأحدث ثم الأقدم، ونسعى للحصول على المشروعات القديمة من أرشيف الكلية من خلال التواصل مع الأساتذة».
كما بدأ القائمون على المبادرة التواصل مع عدد من الأستاذة والفنانين لإقناعهم بنشر أعمالهم الفنية على صفحات التواصل الاجتماعي لإتاحة فرصة للطلاب كي يشاهدوها لتطوير رؤيتهم الفنية، ويضيف العوضي، أن «معظم الطلاب الجدد لم يروا أعمال الفنانين القدامى من جيل الرواد أو الأساتذة، ونحن نسعى إلى أن تكون أعمال التخرج متاحة في العالم الافتراضي، وهو أمر سيساهم كثيراً في تنمية مهارات الأجيال الجديدة من خلال دراسة هذه الأعمال».
وتعد كلية الفنون الجميلة من أعرق وأقدم الكليات الفنية في مصر والعالم، ومن أشهر خريجيها رائد النحت الفنان محمود مختار، الذي التحق بها عند تأسيسها عام 1908، وكان اسمها مدرسة الفنون الجميلة، وفي عام 1923 - 1924 نُقلت من مقرها في درب الجماميز إلى ميدان السيدة زينب، من ثمّ تغير اسمها عام 1927 إلى «المدرسة التحضيرية للفنون الجميلة»، وشكّل العام التالي بداية مرحلة جديدة للكلية العريقة، حيث تحولت إلى مدرسة عليا تحت اسم «المدرسة العليا للفنون الجميلة»، وتنقل مقرها بين أحياء كثيرة من شبرا إلى الجيزة، بينما استقرت بمقرها الحالي في حي الزمالك الراقي منذ عام 1935، وعقب ثورة يوليو (تموز) 1952 تغير اسمها إلى «كلية الفنون الجميلة».
البحث عن مشروعات التخرج القديمة أنشأ تقاطعاً بين جيلي الرواد والأساتذة الحاليين بالكلية، فعندما اطلع الطلاب على مشروعات عام 2008، وهو أقدم عام تمكنوا من الوصول إليه حتى الآن، اكتشفوا أن أربعة من طلاب الدفعة هم الآن مدرسون مساعدون بالكلية، بينهم الدكتور إيهاب كشكوشة، المدرس المساعد بكلية الفنون الجميلة بالزمالك، الذي يقول لـ«الشرق الأوسط» إن «المبادرة تشكل بداية مهمة لما يجب أن يحدث، فلا بد من جمع مشروعات التخرج طوال سنوات تاريخ الكلية العريق وتوثيقها وحفظها، كي تكون متاحة للأجيال الجديدة، فمعظم الطلاب لا يطلعون على مشروعات تخرج سوى من الأعوام الأخيرة، بينما دراسة المشروعات القديمة وربط مفرداتها الفنية بالسياق الزمني والتاريخي والمفاهيم الثقافية والمجتمعية السائدة وقتها سيكون مهماً جداً، ليس بالنسبة للطلاب فقط، وإنما لتاريخ الفن نفسه».
ويضيف كشكوشة «بسبب الإجراءات الوقائية الخاصة بفيروس كورونا لم يتمكن طالب دفعة العام الحالي من معايشة الأجواء الكرنفالية الاحتفالية خلال عرض مشروعات تخرجهم؛ إذ اضطرت الكلية إلى مناقشة المشروعات مع كل طالب على حدة أمام لجنة التقييم، وتم تقسيمهم إلى مجموعات.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».