كيف يمكن للبكتريا التي تأكل البكتيريا الفوز في الحرب ضد الجراثيم

تعتبر الأكثر افتراساً ومن بين أشرس صيادي العالم وأكثر فاعلية

كيف يمكن للبكتريا التي تأكل البكتيريا الفوز في الحرب ضد الجراثيم
TT

كيف يمكن للبكتريا التي تأكل البكتيريا الفوز في الحرب ضد الجراثيم

كيف يمكن للبكتريا التي تأكل البكتيريا الفوز في الحرب ضد الجراثيم

تدور مشاهد سلسلة الأفلام المفضلة لدى هنري إ. ويليامز على شريط من الزجاج على بعد ميليمترات قليلة منه.
أمّا المشهد فكان أقرب ما يكون إلى مواجهة سينمائية بين اثنتين من الخلايا البكتيرية: فيبريو كوراليليتيكس، ميكروب بحري كبير على شكل قضيب، وآخر صغير يطارده يدعى هالوباكتريوفوراكس، الذي التصق بالبكتريا الأكبر. وفي محاولة يائسة منه للفرار من مهاجمه، أخذ فيبريو في التلوي والانطلاق في حركة دائرية وأحياناً متعرجة دون جدوى قبل أن يصل نهاية المطاف إلى حالة «توقف صارخ»، حسب وصف الدكتور ويليامز.
بعد ذلك، شرع هالوباكتريوفوراكس في عمله القذر، مع ثقبه الجزء الخارجي لفيبريو وتحركه نحو تمزيق الأجزاء الداخلية منه، حيث سيغرق في أحشاء مضيفه ويستنسخ نفسه عدة مرات قبل أن ينطلق بحرية بحثاً عن وجبته التالية.
من جهته، بدا الدكتور ويليامز، المتخصص في علم الميكروبيولوجي، مبتهجاً وهو يعرض على طلابه مقاطع مصورة لما يدعى البكتيريا المفترسة، مجموعة واسعة من البكتيريا تتضمن هالوباكتريوفوراكس وسرب من الميكروبات الأخرى القاتلة. في الواقع، دائماً ما تكون البكتيريا مثيرة للانبهار.
وعن هذا، قال الدكتور ويليامز: «إنها تخلق في النفس الكثير من الدهشة والانبهار. إنّ الأسود وأسماك القرش والنمور، جميعها حيوانات مفترسة جذبت اهتمامنا، ولكن توجد في الوقت ذاته كائنات أخرى مفترسة أصغر حجماً بكثير ولا تقل ضراوة عن تلك الحيوانات».
تحمل البكتيريا المفترسة إمكانات هائلة رغم صغر حجمها الشديد. حال نشرها في الظروف الصحيحة، فإن بمقدورها المعاونة في التغلب على الميكروبات الضارة في البيئة، أو تطهير الغذاء من الكائنات المسببة للأمراض. ويعتقد بعض الخبراء أنّ البكتيريا المفترسة ربما تعمل ذات يوم كنوع من العلاج الحي بمقدوره المعاونة في التخلص من الجراثيم المقاومة للعقاقير داخل أجساد المرضى الذين لم تجد معهم باقي صور العلاج الأخرى نفعاً.
إلّا أنّه حتى المجتمع الصغير من الباحثين الذين درسوا البكتيريا المفترسة لم يتوصلوا بصورة كاملة بعد لإدراك كيفية اختيار تلك الخلايا البكتيرية لمضيفيها وتدميرها لهم. ولدى التوصل إلى هذه الإجابات، فإنّها قد تكشف نطاقاً واسعاً من سبل التّعامل مع صور من العدوى مستعصية على العلاج، وتسليط الضوء على ديناميكيات الافتراس لدى هذه الكائنات.
في هذا الصدد، أعرب تيرينز ساكي، المتخصص في الميكروبيولوجي الذي يدرس البكتيريا المفترسة في معهد دوف ببلجيكا، عن اعتقاده بأنّه من أجل استغلال هذه الفئة من الميكروبات «كمضادات حيوية حية، يتعين علينا معرفة كيف تنمو. لا يمكننا استخدامها إذا لم نكن مدركين لكيفية عملها».
جدير بالذكر هنا أنّ البكتيريا المفترسة جاء اكتشافها بمحض الصدفة، ذلك أنّ العلماء اكتشفوها عن طريق المصادفة منذ ما يزيد على قرن مضى أثناء تعقبهم لنمط آخر من الميكروبات القاتلة تدعى العاثية، وهي عبارة عن فيروس يمكنه إصابة البكتيريا وقتلها. وأوضح الدكتور ويليامز أنه قبل ذلك: «لم يكن من المعروف أنّه يمكن لبكتريا افتراس بكتريا أخرى على هذا النحو».
في واقع الأمر من المثير للدهشة أن تبقى هذه البكتيريا المفترسة بعيداً عن أعين العلماء طوال كل هذه الفترة الطويلة. المعروف أنّ العشرات من الكائنات تعيش في البحار وتلال التراب، ومن المعتقد أنّها على قدر كاف من القوة يمكنها من تحمل العيش داخل أحشاء الحيوانات، بما في ذلك أحشائنا. وعلى ما يبدو فإنّها منتشرة بكل مكان، من مياه الصرف حتى خياشيم السرطانات.
في هذا الصدد، قالت لورا ويليامز، المعنية بالبكتريا المفترسة في بروفيدنس كوليدج في رود آيلاند: «نجح طلابي في فصل البكتيريا المفترسة عن الترب، ومن القواقع في مجاري المياه العذبة ومن مياه الصرف أسفل المختبر الذي نعمل به. أي مكان به بكتريا، من المحتمل أن تكون به بكتريا مفترسة تحاول التهامها». ويتعرف العلماء على المزيد والمزيد من هذه أنواع هذه البكتيريا المفترسة كل عام ـ في تواز لافت لتنوع العاثيات في العالم.
ومع ذلك، تعتبر العاثيات والبكتريا المفترسة كائنات مختلفة عن بعضها البعض تماماً، ففي الوقت الذي تميل العاثيات نحو استهداف مجموعة ضيقة النطاق من الكائنات المضيفة، تبدو الكثير من أنواع البكتيريا المفترسة أقل ميلاً بكثير نحو انتقاء ضحاياها.
جدير بالذكر أنّ بعض أنواع البكتيريا المفترسة تبدو على استعداد لالتهام العشرات، إن لم يكن المئات، من أنواع البكتيريا، الأمر الذي يمكنها من الازدهار داخل معظم البيئات. وبينما تعمل العاثيات بسرعة، ولديها القدرة على سحق مجموعات بأكملها في غضون ساعات، فإن البكتيريا المفترسة متثاقلة الخطى، وفي بعض الأحيان يستغرق الأمر أسابيع لتنمو في المختبر.
وفي الوقت الذي تتغذى الميكروبات الأخرى على المرق الغني بالمغذيات، تتطلب البكتيريا المفترسة إمداداً مستمراً من الفرائس الحية.
من جهتها، وصفت جوليا جونك، المتخصصة في مجال الميكروبيولوجي وتدرس البكتيريا المفترسة في جامعة كيل في ألمانيا، هذه البكتيريا بأنّها: «مثيرة للضيق».
ومع ذلك، يبدو أسلوب الافتراس لدى هذه البكتيريا مثمراً للغاية، ما يوحي بأنه تطور أكثر عن مرة. اللافت أنّ بعض أنواع هذه البكتيريا المفترسة، مثل ميكافيبريو الشبيهة بالعلقة، تنقض على ضحاياها على نحو يشبه مصاصي الدماء وتتركها في النهاية جثة هامدة جافة. بينما هناك أنواع أخرى، مثل ميكسوكوكوس، تتقن التصويب وتعمل عن بعد، ذلك أنها تطلق سيلاً من الإنزيمات يمكنه التسبب في تحلل الفريسة عن بعد، بل وتتحد بعض خلايا ميكسوكوكوس مع بعضها البعض للمطاردة والهجوم على نحو منسق.
أمّا الأكبر شهرة من حيث الشراسة بين هذه البكتيريا فهي مجموعة تعرف باسم ضمية مشابهة العلقة، وتشترك في أسلوب عملها مع هالوباكتريوفوراكس، ذلك أنّها تخترق الكائنات المضيفة وتقضي عليها من الداخل. ويطلق غالبية الخبراء المعنيين بالبكتريا المفترسة على هذا النوع من البكتيريا الثاقبة «بي إيه إل أو»، اختصاراً لعبارة ضمية مشابهة العلقة والكائنات المشابهة لها.
من ناحيته، قال دانييل قدوري، المتخصص في الميكروبيولوجي في جامعة روتغرز الذي يدرس البكتيريا المفترسة منذ عام 2003 إنّه بوجه عام تعتبر البكتيريا المفترسة «آلات قتل على قدر عال من الكفاءة». وأضاف: «في المرة الأولى التي رأيتها، قلت في نفسي: «هذه أكثر الكائنات الحية إثارة للاهتمام على الإطلاق»».
بمجرد أن تتخذ بكتريا مفترسة من فريسة لها موطناً، لا يقف في طريقها شيء. وبينما تميل المضادات الحيوية والعاثيات لاستهداف أجزاء محددة للغاية من تشريح البكتيريا، فإنّ البكتيريا المفترسة كائنات حادة وشرهة، ولا يمكن للميكروب أن يطور مقاومة لها بسهولة.
وحتى قبل الانقضاض على فرائسها، تعتبر ضمية مشابهة العلقة والكائنات المشابهة لها أعداء يحسب لهم ألف حساب، ذلك أن لديها قدرة الاستشعار الكيميائي الذي يسمح لها بـ«شم» فريستها ودفع نفسها نحو الأمام من خلال تدوير ذيل يسمى السوط. في هذا الصدد، أوضح الدكتور قدوري أنه «يمكنها السباحة 100 ضعف أطوال أجسامها في الثانية، وهذا أسرع عن الفهد».
في دراسات الحيوانات، أظهرت البكتيريا المفترسة إمكانات واعدة في استهداف الجراثيم المسببة للأمراض مثل سالمونيلا ويرسينيا الطاعونية، والتي تسبب الطاعون. كان الدكتور قدوري ونانسي كونيل، المتخصصة في علم الوراثة الميكروبية بمركز جونز هوبكينز للأمن الصحي، قد حقنا ضمية مشابهة العلقة في رئة فئران وشاهدا كيف أنّها التهمت فريستها. كما أظهرت التجارب التي جرت على دجاج وأسماك نتائج مشجعة.
اللافت أنّ البكتيريا المفترسة لا تبدي اهتماماً بالخلايا غير الميكروبية، ولا يبدو أنّها تثير جهاز المناعة، حتى عندما جرى وضعها مباشرة على مقلة عين أرنب. ويوحي ذلك أنّ البكتيريا المفترسة ربما يكون من الآمن استخدامها في الأشخاص، حسبما قال الدكتور قدوري. وأضاف: «حقنا حيوانات بكميات كبيرة من البكتيريا المنافسة ولم نعاين قط رد فعل العدواني من جانب جهاز المناعة».
إلّا أنّ هذه البكتيريا المفترسة لا تزدهر سوى في حضور فريستها، لذلك تسعى للقضاء على مجموعات كاملة من الميكروبات بنفسها. ونظراً لكونها ميكروبات هي الأخرى، فإنه سيجري طردها خارج الجسم نهاية، الأمر من جانب خلايا المناعة، والتي لا يوجد لدى هذه البكتيْرْيا «أي دفاعات في مواجهتها على الإطلاق»، حسبما ذكرت كونيل.
وعليه، فإن البكتيريا المفترسة ليست مرشحة قوية لعلاج العدوى التي انتشرت بالفعل في أرجاء الجسم. إلّا أنّه حال التعامل معها على النحو الصحيح، فإن البكتيريا المفترسة يمكن التحايل عليها بحيث تعمل بالتنسيق مع استجابة من جهاز المناعة للقضاء على الأهداف المطلوبة. كما أن بمقدورها التشارك مع عناصر علاجية أخرى مثل المضادات الحيوية أو حتى جرعة خفيفة من العاثيات.
وعن هذا، قال قدوري: «إنّنا بحاجة للشروع في التفكير في اتباع توجهات كلية، فهذه البكتيريا عنصر آخر في الترسانة التي نملكها».
أما الدكتور ساكي فقال إنّه مع مزيد من الدراسات، يمكن للبكتريا المفترسة أن تغير يوماً ما «كيف نقدم الرعاية الأساسية». وأعرب عن أمله في توفير مزيد من العلاجات لوطنه الأصلي، سورينام.
من ناحية أخرى، لا تعتبر البكتيريا المفترسة أسلحة دمار شامل فقط وحصراً، ففي ألمانيا تعكف الدكتورة جونك على سلسلة من المشروعات الرامية لتسليط الضوء على مهارات صنع السلام التي تملكها الميكروبات داخل مجتمع البكتيريا المعقد التي تعيش في الأحشاء.
وقالت إن بعض الأدلة توحي بأنّ «الأفراد الأصحاء عادة ما تشكل البكتيريا المفترسة جزءا من الميكروبات الموجودة بداخلهم». إلّا أنّها استطردت أنّ العلماء لا يزالون لا يعرفون سوى القليل عن دورها، لكن المحتمل أنها تحافظ على النظام داخل الأمعاء وتضمن عدم تسبب كائن ما في حالة من الفساد.
ويوحي عمل الدكتورة جونك بأن الأشخاص الذين يعانون اضطرابات في الجهاز الهضمي مثل مرض كرون ربما فقدوا هذا التوازن الدقيق. وعليه، فإن إعادة هذه البكتيريا المفترسة إلى المنظومة البيولوجية داخلهم ربما يعين في استعادة التوازن. وقالت: «أتصور أنّه في ظل ظروف مثالية، يمكننا الاستعانة بضمية مشابهة العلقة والكائنات المشابهة لها كبروبيوتيك».
ومن المحتمل أن تكون هناك ديناميكية مشابهة في الطبيعة، حيث تركز جل اهتمام الدكتور ويليامز، من جامعة فلوريدا إيه آند إم. حتى الكميات شديدة الضآلة من البكتيريا المفترسة باستطاعتها إعادة هيكلة العضوية الميكروبية لعينة من ماء البحر على نحو كامل. وقال: «إنها دائماً حاضرة، وتتولى إدارة كامل مجموعات بعض أنواع البكتيريا».
الملاحظ أنّ بعض النصوص الدراسية للميكروبيولوجي تشير إلى أهمية بعض الكائنات الدقيقة المفترسة مثل العاثيات والطلائعيات، مجموعة من ميكروات معظمها وحيدة الخلية شبيهة بتلك الموجودة في الحيوانات. في المقابل، ظلت البكتيريا المفترسة في الجزء الأكبر منها خارج دائرة الاهتمام، رغم أنّها على ما يبدو على الأقل على ذات القدر من الفاعلية. وربما يجعل هذا من تلك الكائنات أصغر الكائنات التي تتعرض للظلم على وجه الكوكب. وعن هذا، قال الدكتور ويليامز: «كان من الصعب دفع الناس للتعامل معها بجدية».
ورغم أنّه حتى الآن لم يجر ابتكار علاج واسع النطاق يعتمد على البكتيريا المفترسة، فإنّ الخبراء يعتبرونها أقيم عناصر عالم البيولوجيا الأساسية.
في بلجيكا، يحاول الدكتور ساكي ومعاونته، غيرالدين لالو فهم كيفية نمو ضمية مشابهة العلقة وانقسامها داخل أنماط أخرى من البكتيريا. وقالت الدكتورة لالو: «لا نعاين مثل هذا الأمر كثيراً».
جدير بالذكر في هذا الصدد أنّ البكتيريا العادية عادة ما تتكاثر من خلال الاستطالة لفترة وجيزة ثم تنقسم إلى شطرين. في المقابل نجد أن ضمية مشابهة العلقة تلف نفسها في خيوط طويلة تشبه الإسباغيتي، من ثمّ تنقسم إلى خلايا متعددة، مثل خط تجميع روابط النقانق.
في هذا الصدد، ذكرت الدكتورة لالو أنّه «في بعض الحالات تصل إلى 16». وشرحت أنّ «هذا يختلف تماماً عما نعرفه عن كيفية تكاثر البكتيريا». وأشارت إلى أنّ هذه الاستراتيجية شديدة النشاط ربما تفيد ضمية مشابهة العلقة كثيراً. وقالت: «بمجرد أن تصبح في الداخل، تصبح في حماية من البيئة والظروف القاسية».
على الضفة الأخرى من الأطلسي، يعكف الدكتور ويليامز، من بروفيدنس كوليدج، على دراسة «الوجه الآخر للعملة»، الفريسة. الملاحظ أنّ كل مجموعة من البكتيريا المفترسة لها مجموعة من الأهداف، لكن من غير الواضح حتى الآن ما إذا كان الاختيار يعود إلى معايير خاصة بالمفترس أم بمستوى قدرة المقاومة لدى الفريسة. وتوصّل بعض طلاب الدكتور ويليامز إلى أنّ أنواع بعينها من البكتيريا القولونية ربما تبدي مقاومة أكبر عن غيرها لأسباب لا تزال مجهولة.
وستبقى بعض هذه التساؤلات للجيل القادم من المهتمين بالبكتريا المفترسة للإجابة عنها. وحتى اليوم، لا يزال الدكتور ويليامز يفكر كثيراً في المرة الأولى التي سمع فيها عن هذه الميكروبات أثناء منتدى جامعي منذ خمسة عقود. وقال إنّ هذه الذكرى تحفزه للحديث بحماس إلى طلابه. وقال: «لا أزال أجد الحديث عن هذه البكتيريا على ذات القدر من الإثارة».
* خدمة «نيويورك تايمز»



بارود «النار بالنار» موهبة صاعدة لفتت المشاهد

عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
TT

بارود «النار بالنار» موهبة صاعدة لفتت المشاهد

عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)

منذ الحلقة الأولى لمسلسل «النار بالنار» لفت تيم عزيز المشاهد في دور (بارود). فهو عرف كيف يتقمص شخصية بائع اليانصيب (اللوتو) بكل أبعادها. فألّف لها قالباً خاصاً، بدأ مع قَصة شعره ولغة جسده وصولاً إلى أدائه المرفق بمصطلحات حفظها متابع العمل تلقائياً.
البعض قال إن دخول تيم عزيز معترك التمثيل هو نتيجة واسطة قوية تلقاها من مخرج العمل والده محمد عبد العزيز، إلا أن هذا الأخير رفض بداية مشاركة ابنه في العمل وحتى دخوله هذا المجال. ولكن المخرج المساعد له حسام النصر سلامة هو من يقف وراء ذلك بالفعل. ويقول تيم عزيز لـ«الشرق الأوسط»: «حتى أنا لم أحبذ الفكرة بداية. لم يخطر ببالي يوماً أن أصبح ممثلاً. توترت كثيراً في البداية وكان همي أن أثبت موهبتي. وفي اليوم الخامس من التصوير بدأت ألمس تطوري».
يحدثك باختصار ابن الـ15 سنة ويرد على السؤال بجواب أقصر منه. فهو يشعر أن الإبحار في الكلام قد يربكه ويدخله في مواقف هو بغنى عنها. على بروفايل حسابه الإلكتروني «واتساب» دوّن عبارة «اخسر الجميع واربح نفسك»، ويؤكد أن على كل شخص الاهتمام بما عنده، فلا يضيع وقته بما قد لا يعود ربحاً عليه معنوياً وفي علاقاته بالناس. لا ينكر أنه بداية، شعر بضعف في أدائه ولكن «مو مهم، لأني عرفت كيف أطور نفسي».
مما دفعه للقيام بهذه التجربة كما يذكر لـ«الشرق الأوسط» هو مشاركة نجوم في الدراما أمثال عابد فهد وكاريس بشار وجورج خباز. «كنت أعرفهم فقط عبر أعمالهم المعروضة على الشاشات. فغرّني الالتقاء بهم والتعاون معهم، وبقيت أفكر في الموضوع نحو أسبوع، وبعدها قلت نعم لأن الدور لم يكن سهلاً».
بنى تيم عزيز خطوط شخصيته (بارود) التي لعبها في «النار بالنار» بدقة، فتعرف إلى باعة اليناصيب بالشارع وراقب تصرفاتهم وطريقة لبسهم وأسلوب كلامهم الشوارعي. «بنيت الشخصية طبعاً وفق النص المكتوب ولونتها بمصطلحات كـ(خالو) و(حظي لوتو). حتى اخترت قصة الشعر، التي تناسب شخصيتي، ورسمتها على الورق وقلت للحلاق هكذا أريدها».
واثق من نفسه يقول تيم عزيز إنه يتمنى يوماً ما أن يصبح ممثلاً ونجماً بمستوى تيم حسن. ولكنه في الوقت نفسه لا يخفي إعجابه الكبير بالممثل المصري محمد رمضان. «لا أفوت مشاهدة أي عمل له فعنده أسلوبه الخاص بالتمثيل وبدأ في عمر صغير مثلي. لم أتابع عمله الرمضاني (جعفر العمدة)، ولكني من دون شك سأشاهد فيلمه السينمائي (هارلي)».
لم يتوقع تيم عزيز أن يحقق كل هذه الشهرة منذ إطلالته التمثيلية الأولى. «توقعت أن أطبع عين المشاهد في مكان ما، ولكن ليس إلى هذا الحد. فالناس باتت تناديني باسم بارود وتردد المصطلحات التي اخترعتها للمسلسل».
بالنسبة له التجربة كانت رائعة، ودفعته لاختيار تخصصه الجامعي المستقبلي في التمثيل والإخراج. «لقد غيرت حياتي وطبيعة تفكيري، صرت أعرف ماذا أريد وأركّز على هدف أضعه نصب عيني. هذه التجربة أغنتني ونظمت حياتي، كنت محتاراً وضائعاً أي اختصاص سأدرسه مستقبلاً».
يرى تيم في مشهد الولادة، الذي قام به مع شريكته في العمل فيكتوريا عون (رؤى) وكأنه يحصل في الواقع. «لقد نسيت كل ما يدور من حولي وعشت اللحظة كأنها حقيقية. تأثرت وبكيت فكانت من أصعب المشاهد التي أديتها. وقد قمنا به على مدى يومين فبعد نحو 14 مشهداً سابقاً مثلناه في الرابعة صباحاً صورنا المشهد هذا، في التاسعة من صباح اليوم التالي».
أما في المشهد الذي يقتل فيه عمران (عابد فهد) فترك أيضاً أثره عنده، ولكن هذه المرة من ناحية الملاحظات التي زوده بها فهد نفسه. «لقد ساعدني كثيراً في كيفية تلقف المشهد وتقديمه على أفضل ما يرام. وكذلك الأمر بالنسبة لكاريس بشار فهي طبعتني بحرفيتها. كانت تسهّل علي الموضوع وتقول لي (انظر إلى عيني). وفي المشهد الذي يلي مقتلها عندما أرمي الأوراق النقدية في الشارع كي يأخذها المارة تأثرت كثيراً، وكنت أشعر كأنها في مقام والدتي لاهتمامها بي لآخر حد»
ورغم الشهرة التي حصدها، فإن تيم يؤكد أن شيئاً لم يتبدل في حياته «ما زلت كما أنا وكما يعرفني الجميع، بعض أصدقائي اعتقد أني سأتغير في علاقتي بهم، لا أعرف لماذا؟ فالإنسان ومهما بلغ من نجاحات لن يتغير، إذا كان معدنه صلباً، ويملك الثبات الداخلي. فحالات الغرور قد تصيب الممثل هذا صحيح، ولكنها لن تحصل إلا في حال رغب فيها».
يشكر تيم والده المخرج محمد عبد العزيز لأنه وضع كل ثقته به، رغم أنه لم يكن راغباً في دخوله هذه التجربة. ويعلق: «استفدت كثيراً من ملاحظاته حتى أني لم ألجأ إلا نادراً لإعادة مشهد ما. لقد أحببت هذه المهنة ولم أجدها صعبة في حال عرفنا كيف نعيش الدور. والمطلوب أن نعطيها الجهد الكبير والبحث الجدّي، كي نحوّل ما كتب على الورق إلى حقيقة».
ويشير صاحب شخصية بارود إلى أنه لم ينتقد نفسه إلا في مشاهد قليلة شعر أنه بالغ في إبراز مشاعره. «كان ذلك في بداية المسلسل، ولكن الناس أثنت عليها وأعجبت بها. وبعدما عشت الدور حقيقة في سيارة (فولسفاكن) قديمة أبيع اليانصيب في الشارع، استمتعت بالدور أكثر فأكثر، وصار جزءاً مني».
تيم عزيز، الذي يمثل نبض الشباب في الدراما اليوم، يقول إن ما ينقصها هو تناول موضوعات تحاكي المراهقين بعمره. «قد نجدها في أفلام أجنبية، ولكنها تغيب تماماً عن أعمالنا الدرامية العربية».