غليان في شرق المتوسط وإردوغان يتوعد اليونان بـ«الخراب»

فشل وساطة ألمانيا... ومناورات أوروبية قبالة سواحل قبرص والناتو يدعو للحوار

سفن حربية يونانية تشارك في المناورات العسكرية مع فرنسا وإيطاليا وقبرص في شرق المتوسط (أ.ف.ب)
سفن حربية يونانية تشارك في المناورات العسكرية مع فرنسا وإيطاليا وقبرص في شرق المتوسط (أ.ف.ب)
TT

غليان في شرق المتوسط وإردوغان يتوعد اليونان بـ«الخراب»

سفن حربية يونانية تشارك في المناورات العسكرية مع فرنسا وإيطاليا وقبرص في شرق المتوسط (أ.ف.ب)
سفن حربية يونانية تشارك في المناورات العسكرية مع فرنسا وإيطاليا وقبرص في شرق المتوسط (أ.ف.ب)

تزايدت حدة التوتر والتصريحات المتبادلة بين كل من تركيا واليونان وفرنسا بعد يوم واحد فقط من جولة لوزير الخارجية الألماني هايكو ماس زار خلالها كلا من أثينا وأنقرة في مسعى لجلبهما إلى طاولة الحوار. وكشفت تصريحات حادة أطلقها الرئيس التركي رجب طيب إردوغان أمس (الأربعاء) وإعلان اليونان عن مناورات عسكرية مشتركة مع فرنسا وإيطاليا وقبرص في البحر المتوسط عن فشل مباحثات ماس التي أجراها أول من أمس.
بينما دعا حلف شمال الأطلسي (ناتو) إلى تخفيف التوتر والتوجه إلى الحوار. جدد إردوغان التأكيد على أن بلاده لن تقدم أي تنازل في الدفاع عن مصالحها المرتبطة بالنفط والغاز في شرق المتوسط، داعياً اليونان إلى تجنّب أي خطأ يمكن أن يؤدي إلى «خرابها». كما حذر من أن تركيا لم تعد هي الدولة التي يمكن اختبار صبرها. وقال إردوغان: «لن نقدم أي تنازل إطلاقاً على ما يخصنا... وندعو نظراءنا إلى تجنّب أي خطأ يفتح المجال أمام خرابهم... الجميع سيرى أن تركيا ليست بلدا يمكن اختبار صبره... إذا قلنا فسنفعل ومستعدون لدفع الثمن». وأكد إردوغان، في كلمة بمناسبة ذكرى مرور 949 على معركة «ملاذكرد» بين الدولة السلجوقية والإمبراطورية البيزنطية، تمسك تركيا بحقوقها في بحر إيجة والبحرين الأسود والمتوسط واستعدادها للقيام بكل ما يلزم سياسيا وعسكريا واقتصاديا للحصول على حقوقها.
وقبل إطلاق إردوغان تهديداته، أعلنت وزارة الدفاع اليونانية انطلاق مناورات مشتركة مع كل من قبرص وفرنسا وإيطاليا على السواحل القبرصية في شرق البحر المتوسط، ستستمر حتى الغد الجمعة.
وقالت وزارة الدفاع اليونانية، في بيان، إن الدول الأربع، الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، اتفقت على «تعزيز الوجود البحري والجوي في شرق البحر المتوسط، من خلال مبادرتها الرباعية للتعاون من أجل تعزيز الأمن والاستقرار في المنطقة بشكل عام ولضمان حرية الملاحة».
من جانبها حذرت وزيرة الدفاع الفرنسية، فلورنس بارلي، أمس، من تحول منطقة شرق المتوسط إلى بؤرة توتر بسبب «أفعال تركيا الاستفزازية» وانتهاكاتها في مياه المتوسط، مؤكدة أن الأولوية للحوار والتعاون حتى يصبح شرق المتوسط منطقة استقرار واحترام للقانون الدولي؛ مشددة على أنه لا ينبغي أن تكون المنطقة ساحة لـ«أطماع البعض». وأعلنت مشاركة فرنسا في مناورة عسكرية مع قبرص واليونان وإيطاليا في شرق المتوسط.
جاء ذلك في الوقت الذي تستعد فيه تركيا لإجراء مناورات بحرية، وسط تصاعد التوترات في شرق البحر المتوسط. وتصاعد التوتر بعد ساعات من زيارة وزير الخارجية الألماني هايكو ماس إلى كل من اليونان وتركيا. ودعا ‏السكرتير العام للناتو، ينس ستولتنبرغ، تركيا واليونان إلى خفض التوتر والجلوس للحوار، معربا عن دعمه للوساطة الألمانية بين تركيا واليونان.
وكان ماس أكد من أنقرة أن تركيا لديها نية للحوار بشأن التوتر شرق المتوسط، واصفا الوضع في المنطقة بأنه «خطير للغاية» وليس في صالح الاتحاد الأوروبي ولا اليونان ولا تركيا. وأكد أنه لا يمكن حل الخلافات شرق المتوسط بوسائل عسكرية، بل يتعين حلها بالطرق الدبلوماسية، حتى لوكان ذلك صعبا واستغرق وقتا.
وكان إردوغان استبق مهمة وزير الخارجية الألماني، قائلا إن «تركيا لن تتراجع متهما اليونان بنشر الفوضى بالمتوسط». وعقب مباحثاته مع ماس، حذر وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو، اليونان من الإقدام على أي «خطوات خاطئة» في شرق المتوسط، مؤكداً أن تركيا ستكون لها بالمرصاد وستفعل ما يقتضيه الموقف، محملا اليونان وقبرص المسؤولية عن التوتر في شرق المتوسط، وقال: «ندعو اليونان لعدم الانخداع بما تقوله الدول التي تحاول الدفع بها في مواجهة الأسطول التركي، فنحن جيران ونعرف التقاسم العادل». وأضاف جاويش أوغلو أن تركيا لن تعترف، مطلقا، باتفاقية مصر واليونان، قائلا إن اليونان هي من تخرق الاتفاقيات ولا تفي بوعودها.
في السياق ذاته، أكد رئيس الوزراء اليوناني، كيرياكوس ميتسوتاكيس، أمس، عزم حكومته تقديم مشروع قانون قريبا لتمديد المياه الإقليمية لليونان في البحر الأيوني من 6 إلى 12 ميلا بحريا بموجب الاتفاقية مع إيطاليا، كما أشاد بأهمية اتفاقية الحدود البحرية مع مصر.
وقال ميتسوتاكيس، أمام البرلمان، إن اليونان ستمارس بالتالي «حقا سياديا غير قابل للتصرف» بما يتماشى مع المادة 3 من اتفاقية قانون البحار.
وأشاد بالاتفاقية مع مصر مؤكدا أن «لها أهمية تاريخية وسياسية كبيرة». واتهم رئيس حزب «الديمقراطية والتقدم» التركي المعارض، علي باباجان، حكومة بلاده بالفشل في إدارة سياساتها الخارجية، مدللاً على ذلك بالعداء الذي تسبب فيه إردوغان مع مصر. وقال باباجان، الذي كان وزيرا لخارجية تركيا في حقبة شهدت ازدهارا للعلاقات مع مصر، إن الحكومة التركية فاشلة في إدارة السياسة الخارجية». من كان يصدق أن مصر تتفق مع اليونان ضدنا... من كان يتخيل أن اتفاقا بين مصر واليونان سيكون في غير صالح تركيا. نشعر بالعزلة في العديد من القضايا.
وعندما نكون وحدنا نظهر مخطئين حتى وإن كنا على حق». إلى ذلك، هاجم مساعد وزير الخارجية الأميركي للشؤون الأوروبية والأوروآسيوية، فيليب ريكر، بشدة، الرئيس التركي رجب طيب إردوغان.
وقال إن «سياسة تركيا في بحر إيجة وشرق المتوسط تهدد وحدة حلف الناتو... أبلغنا تركيا مرارا وتكرارا أن تحليقها فوق الأراضي اليونانية، وأنشطة التنقيب في المياه قبالة قبرص، وتوقيعها على مذكرة تفاهم لترسيم الحدود البحرية مع ليبيا، ونيتها المعلنة للتنقيب عن المواد الهيدروكربونية، جميعها أساليب استفزازية، وتزيد التوترات في المنطقة».



الاتجار بالبشر يرتفع بشكل حاد عالمياً...وأكثر من ثُلث الضحايا أطفال

رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)
رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)
TT

الاتجار بالبشر يرتفع بشكل حاد عالمياً...وأكثر من ثُلث الضحايا أطفال

رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)
رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)

ذكر تقرير للأمم المتحدة -نُشر اليوم (الأربعاء)- أن الاتجار بالبشر ارتفع بشكل حاد، بسبب الصراعات والكوارث الناجمة عن المناخ والأزمات العالمية.

ووفقاً للتقرير العالمي بشأن الاتجار بالأشخاص والصادر عن مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة، فإنه في عام 2022 -وهو أحدث عام تتوفر عنه بيانات على نطاق واسع- ارتفع عدد الضحايا المعروفين على مستوى العالم 25 في المائة فوق مستويات ما قبل جائحة «كوفيد- 19» في عام 2019. ولم يتكرر الانخفاض الحاد الذي شهده عام 2020 إلى حد بعيد في العام التالي، وفقاً لما ذكرته وكالة «رويترز» للأنباء.

وقال التقرير: «المجرمون يتاجرون بشكل متزايد بالبشر لاستخدامهم في العمل القسري، بما في ذلك إجبارهم على القيام بعمليات معقدة للاحتيال عبر الإنترنت والاحتيال الإلكتروني، في حين تواجه النساء والفتيات خطر الاستغلال الجنسي والعنف القائم على النوع»، مضيفاً أن الجريمة المنظمة هي المسؤولة الرئيسية عن ذلك.

وشكَّل الأطفال 38 في المائة من الضحايا الذين تمت معرفتهم، مقارنة مع 35 في المائة لأرقام عام 2020 التي شكَّلت أساس التقرير السابق.

وأظهر التقرير الأحدث أن النساء البالغات ما زلن يُشكِّلن أكبر مجموعة من الضحايا؛ إذ يُمثلن 39 في المائة من الحالات، يليهن الرجال بنسبة 23 في المائة، والفتيات بنسبة 22 في المائة، والأولاد بنسبة 16 في المائة.

وفي عام 2022؛ بلغ إجمالي عدد الضحايا 69 ألفاً و627 شخصاً.

وكان السبب الأكثر شيوعاً للاتجار بالنساء والفتيات هو الاستغلال الجنسي بنسبة 60 في المائة أو أكثر، يليه العمل القسري. وبالنسبة للرجال كان السبب العمل القسري، وللأولاد كان العمل القسري، و«أغراضاً أخرى» بالقدر نفسه تقريباً.

وتشمل تلك الأغراض الأخرى الإجرام القسري والتسول القسري. وذكر التقرير أن العدد المتزايد من الأولاد الذين تم تحديدهم كضحايا للاتجار يمكن أن يرتبط بازدياد أعداد القاصرين غير المصحوبين بذويهم الذين يصلون إلى أوروبا وأميركا الشمالية.

وكانت منطقة المنشأ التي شكلت أكبر عدد من الضحايا هي أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى بنسبة 26 في المائة، رغم وجود كثير من طرق الاتجار المختلفة.

وبينما يمكن أن يفسر تحسين الاكتشاف الأعداد المتزايدة، أفاد التقرير بأن من المحتمل أن يكون مزيجاً من ذلك ومزيداً من الاتجار بالبشر بشكل عام.

وكانت أكبر الزيادات في الحالات المكتشفة في أفريقيا جنوب الصحراء وأميركا الشمالية ومنطقة غرب وجنوب أوروبا، وفقاً للتقرير؛ إذ كانت تدفقات الهجرة عاملاً مهماً في المنطقتين الأخيرتين.