اعتقال متظاهرين مؤيدين للنظام السابق في سرت وبنغازي

وسط غضب قبيلة القذاذفة وإدانات حقوقية

TT
20

اعتقال متظاهرين مؤيدين للنظام السابق في سرت وبنغازي

قال حقوقيون ليبيون أمس، إن القوات الأمينة بشرق ليبيا اعتقلت عدداً من المتظاهرين المؤيدين لنظام الرئيس الليبي السابق معمر القذافي، في مدينتي سرت وبنغازي، على خلفية تنظيمهم مظاهرات سلمية رفعوا خلالها شعارات مؤيدة له.
وتسود ليبيا أجواء مضطربة وغير مسبوقة شهدت خلالها خروج فئات مختلفة من الشباب للتظاهر تنديداً بتردي الأوضاع المعيشية وانقطاع الكهرباء، وتراجع مستوى الخدمات الحكومية.
وقالت اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان بليبيا أمس، إنها رصدت استمرار حملات الاعتقالات التعسفية والعشوائية بمديني سرت وبنغازي من قبل جهاز الأمن الداخلي، وكتيبة «طارق بن زياد» التابعة للقيادة العامة، على إثر خروجهم في مظاهرة سلمية رفعت شعارات مؤيدة للنظام السابق، وبينما لم يعلق «الجيش الوطني» على هذه الأنباء، نفى مصدر عسكري لـ«الشرق الأوسط»، أن «تكون لقوات الجيش أو كتائبه المسلحة أي علاقة بتوقيف المتظاهرين في تلك المدن».
وبينما أدانت اللجنة الوطنية ما سمته «الانتهاكات الجسيمة» لحقوق الإنسان في المدن الثلاث، طالبت «الجهات المسؤولة عن عمليات الاحتجاز (غير القانوني) والاعتقال العشوائي دون أوامر من الجهات القضائية، بالكشف عن مصير المعتقلين وجميع المخطوفين والمختفين قسرياً وإطلاق سراحهم فوراً».
وتحدثت وسائل إعلام محلية عن أن فرقة متخصصة في عمليات القبض التي أشارت إليها اللجنة الوطنية في بيانها، اعتقلت 16 شخصاً في مدينة سرت، ممن شاركوا في حراك «رشحناك» في العشرين من أغسطس (آب) الحالي، من بينهم قذاف الدم عويدات وعبد الهادي عطية الزياني وميلاد سالم فرحات.
وتداولت مصادر قريبة من قبلية القذاذقة مقتل الشاب ناصر اعويدات القذافي، الذي قالت إنه قضى دهساً بسيارة عسكرية أمام منزله في سرت. ولن تتوفر إحصائيات بأسماء الموقوفين في مدينة بنغازي، أو غيرها من المناطق التي تم توقيف مؤيدين للقذافي الابن بها.
وحراك «رشحناك» يضم موالين للنظام السابق ويروج لدعم سيف الإسلام نجل معمر القذافي للترشح في الانتخابات الرئاسية المقبلة، وسبق له الدعوة للتظاهر في العشرين من الشهر الحالي، لكن الأجهزة الأمنية قبضت على بعض المحتجين خلال الأسبوع الماضي، بحسب القائمين على الحملة، وهو ما دفع اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان إلى مطالبة السلطات في شرق ليبيا بـ«جدية العمل على ضمان حق التعبير عن الرأي والتظاهر السلمي لجميع الآراء والتوجهات السياسية».
وتحدث السفير الليبي السابق في تشاد، قرين صالح، عن تعرض أبناء سرت إلى ما سماه «جريمة دهس بالآليات المصفحة والخطف والسجن بلا مبرر»، وقال نحن نواجه عدواناً خارجياً من المرتزقة من كل حدب وصوب وندفن في عشرات (الشهداء) دفاعاً عن ليبيا وأهلها.
وأضاف صالح «هذه التصرفات الصبيانية لا تهدف إلاّ لمزيد من التوتر داخل كل المدن»، داعياً كل الأجهزة الأمنية أن تبتعد عن هذه التصرفات التي لا تؤدي إلاّ لمزيد من القتل والخطف».
ونوه إلى ضرورة أن تعمل «كل قبائل سرت على تهدية هذه التوترات مهما وقع فيها من تضحيات ولا تسمح إلى أي جهة كانت بخلق الفتن في المدينة وتجنيب المنطق مزيدا من القتل والدمار والخراب».
وأحدثت عملية اعتقال نشطاء من سرت ودهس المواطن ناصر اعويدات، غضبة واسعة في صفوف قبيلة القذاذفة بالمدينة، مطالبين بإطلاق سراح الموقوفين إلى الأجهزة الأمنية والتحقيق في جريمة القتل.
وفي سبها بـ(جنوب البلاد) نددت قبيلة القذاذفة هناك بما يتعرض له المحتجون من مؤيدي القذافي في سرت، مطالبة بـ«وقف هذه الأعمال العدائية ضد المؤيدين لسيف القذافي». وأدانت جمعيات حقوقية عديدة في البلاد، عملية القبض على النشطاء من أنصار سيف الإسلام القذافي، مطالبين بسرعة إطلاق سراحهم.



شهر من الضربات الأميركية يكبّد الحوثيين مئات العناصر

أفراد من البحرية الأميركية يجهّزون الذخيرة لتنفيذ عمليات ضد الحوثيين (الجيش الأميركي)
أفراد من البحرية الأميركية يجهّزون الذخيرة لتنفيذ عمليات ضد الحوثيين (الجيش الأميركي)
TT
20

شهر من الضربات الأميركية يكبّد الحوثيين مئات العناصر

أفراد من البحرية الأميركية يجهّزون الذخيرة لتنفيذ عمليات ضد الحوثيين (الجيش الأميركي)
أفراد من البحرية الأميركية يجهّزون الذخيرة لتنفيذ عمليات ضد الحوثيين (الجيش الأميركي)

دخلت الضربات التي تنفذها الولايات المتحدة الأميركية على مواقع ومخابئ الحوثيين في اليمن شهرها الثاني دون توقف، وتمكنت خلال الشهر الأول من تدمير مخازن أسلحة سرية ومنصات لإطلاق الصواريخ، واصطياد قيادات عسكرية من الصف الثاني، مع استمرارها في ملاحقة قيادات الصف الأول.

وعلى الرغم من التعتيم الشديد الذي تفرضه الجماعة الحوثية على خسائرها جراء هذه الضربات، فإن حسابات كثير من أُسر الضحايا على مواقع التواصل الاجتماعي، وصورهم في شوارع المدن، وعلى السيارات عند تشييعهم، كشفت عن جانب كبير من هذه الخسائر، مع تمكن المقاتلات الأميركية من اصطياد قيادات عسكرية وأمنية في كثير من الجبهات، خصوصاً في صعدة وحجة والحديدة والجوف والبيضاء وصنعاء.

ووفق تقدير مصادر وثيقة الاطلاع في مناطق سيطرة الجماعة تحدثت إليها «الشرق الأوسط»، فإن أكثر من 300 شخص قد لقوا حتفهم خلال الشهر الأول من هذه الغارات، بينهم قيادات الصف الثاني في التشكيلات العسكرية ومشرفون على الجبهات ومقاتلون.

ضربات أميركية عنيفة أضاءت الأفق في غرب صنعاء (إ.ب.أ)
ضربات أميركية عنيفة أضاءت الأفق في غرب صنعاء (إ.ب.أ)

ووفق هذه المصادر، فقد خسرت الجماعة 68 عنصراً في صنعاء، و75 بالحديدة، وأكثر من 80 في محافظة صعدة؛ المعقل الرئيسي للحوثيين، وأكثر من 43 بمحافظة الجوف، ونحو 39 عنصراً في محافظة البيضاء.

واعتمدت المصادر في بياناتها على صور الضحايا التي توضع على السيارات في أكثر من محافظة، وعلى تعازي عائلات في مواقع التواصل الاجتماعي، والجنازات التي تُنظم في أكثر من منطقة.

تعتيم شديد

وذكرت المصادر أن عدم تأكيد مصرع أي من قيادات الصف الأول يرجع إلى الطريقة التي يتبعها الحوثيون عبر التعتيم الشديد على المواقع المستهدفة، ومنع السكان من الاقتراب منها، والتحكم في الصور ومقاطع الفيديو التي تُنشر بعد أن تخضع لعمليات مونتاج لدى جهاز الدعاية الحوثي، الذي يشرف عليه خبراء من «حزب الله»، ويتولون إدارة الجوانب الفنية والإعلامية بشكل كامل.

وبالاستناد إلى تجارب سابقة، فقد أكدت المصادر أن الحوثيين سيقرّون في وقت لاحق بخسائرهم في الصف القيادي الأول، كما حدث مع القيادي البارز طه المداني، الذي لقي حتفه خلال عملية تحرير مدينة عدن التي قادها «تحالف دعم الشرعية»، ومع ذلك أخفت الجماعة نبأ مصرعه وآخرين نحو عام كامل.

واشنطن استهدفت مواقع حوثية لتخزين الأسلحة وإخفاء قيادات (إعلام محلي)
واشنطن استهدفت مواقع حوثية لتخزين الأسلحة وإخفاء قيادات (إعلام محلي)

ورأت هذه المصادر في تنامي حملة الاعتقالات للسكان، خصوصاً في محافظة صعدة، دليلاً على أن الضربات قد وصلت إلى مواقع حساسة وتمكنت من اصطياد قيادات مهمة في صفوف الجماعة، إلا إن القبضة الأمنية على المحافظة، والتحكم فيمن يدخل إليها ومن يغادرها، يساعدانها على إخفاء تلك الخسائر.

ومع أن قطاعاً عريضاً من اليمنيين كانوا يتوقعون أن تتكرر تجربة استهداف قيادة الصف الأول لـ«حزب الله» اللبناني مع قيادة الحوثيين ويستعجلون ذلك، إلا إن مصادر عسكرية يمنية ذكرت لـ«الشرق الأوسط» أن مراكز اختباء قادة الجماعة الحوثية تختلف عن تلك الأماكن التي كانت قيادة «حزب الله» اللبناني تستخدمها.

احترازات أمنية

وطبقاً للمصادر، فإن الحوثيين يحُكمون قبضة أمنية مطلقة على سكان محافظة صعدة، ويستفيدون من التضاريس الجبلية للمحافظة لإنشاء مخازن للأسلحة ومراكز للقيادة والسيطرة، كما أن هذه القيادات تلتزم احترازات أمنية مشددة، حيث تتنقل هذه القيادات من 3 إلى 4 مرات عند توجهها إلى أي مكان، مع تغيير خط السير في كل مرة، وكذلك السيارات التي يستخدمونها وأفراد الحراسة.

الغارات الأميركية تلاحق قادة الحوثيين في صنعاء (أ.ب)
الغارات الأميركية تلاحق قادة الحوثيين في صنعاء (أ.ب)

وكشفت المصادر العسكرية عن أن الضربات الأميركية «دمّرت مخازن أسلحة سرية في صعدة ومحافظة صنعاء، ومنصات لإطلاق الصواريخ والطائرات المسيّرة، وخلقت حالة من الرعب في أوساط قادة الحوثيين الذين اختفوا عن الأنظار خشية الاستهداف، وغابوا عن مواقع التواصل الاجتماعي، كما باتوا يخشون تبليغ السكان عن مواقع اختبائهم في الأحياء السكنية بمدينة صنعاء، رغم حرصهم على إخفاء هوياتهم والتنكر عند تنقلاتهم المحدودة».

ووفق هذه الرؤية، فإن الجماعة الحوثية، وإلى جانب تدمير مخازن أسلحتها ومنصات إطلاق الصواريخ، خسرت أيضاً جزءاً كبيراً من شبكة الاتصالات التي كانت تُستخدم في توجيه منظومة الأسلحة الجوية، فقد ركزت الضربات الأميركية على مواقع مختارة لهذه الشبكة في صنعاء وعمران والبيضاء وإب وحجة. وجزمت المصادر بأن من شأن ذلك أن يقيّد قدرتهم على استخدام المسيّرات والصواريخ الباليستية.