مبادرة «الانبعاث من الرماد»... قميص قطني لامتصاص دمار الانفجار

المصمم زهير مراد أطلقها ونجوم العالم لبوا النداء

مبادرة «الانبعاث من الرماد»... قميص قطني لامتصاص دمار الانفجار
TT

مبادرة «الانبعاث من الرماد»... قميص قطني لامتصاص دمار الانفجار

مبادرة «الانبعاث من الرماد»... قميص قطني لامتصاص دمار الانفجار

ما إن أطلق المصمم اللبناني زهير مراد مبادرة «الانبعاث من الرماد»، وهي قميص قطني أسود صنّع خصيصاً لتمويل إعادة إعمار بيروت، حتى لبّى النداء عدد من نجوم الفن العربي والعالمي.
انطلقت الحملة مع نشر مراد صورة عبر حسابه على «إنستغرام» مرتدياً قطعة «تي شيرت» قطنية سوداء كُتبت عليها عبارة «Rise from Ashes (الانبعاث من الرماد)»، وخلفها رسم لطائر فارداً جناحيه. وطلب من متابعيه على حسابه في «إنستغرام» ويفوق عددهم 5.5 مليون مستخدم، أن يساعدوا أبناء بيروت. وأمل من فنانين أصدقاء كثر في العالم أن يلبسوا التصميم لتشجيع متابعيهم على شراء القميص. وكتب مراد يقول: «انضموا إليّ لمساعدة أهالي بيروت الذين خسروا كثيراً من جراء انفجار. ريع هذا القميص المحدود الصنع يعود بأكمله لمساندتهم بالتعاون مع جمعية (فرح العطاء) التي تعمل على الأرض مباشرة لتأمين الحاجات الإنسانية لأهل بيروت».
وتقول آندريه؛ مساعدة مراد، في حديث لـ«الشرق الأوسط»: «بات الجميع يعرف اليوم الخسائر الكبيرة التي تكبدها المصمم زهير مراد جراء دمار مشغله بفعل الانفجار. ولكنّه رغم كل شيء لم ينس مصائب لبنانيين كثر شاهد منازلهم المحطمة، وهم يعيشون في العراء». وتتابع: «راح يفكر بطريقة تسهم في مساندتهم ومساعدتهم. ومن على موقع إلكتروني اختار مراد هذا التصميم لقميص بسيط وطلب تصنيعه في أميركا. وبذلك كان في استطاعة أي شخص شراؤه (أون لاين) إلا في لبنان. فبسبب القيود التي يضعها (مصرف لبنان) على أموال اللبنانيين يتعذر عليهم استخدام بطاقات الاعتماد عبر الإنترنت».
تكلفة القميص تبلغ 25.99 دولار أميركي، وارتداه دعماً لمتضرري انفجار بيروت نجوم عرب أمثال يسرا وليلى علوي وسيرين عبد النور وسلافة معمار... وغيرهن. ومن النجوم العالميين الذين نشروا صوراً لهم عبر مواقعهم الإلكترونية وهم يرتدون قميص «الانبعاث من الرماد» جنيفر لوبيز وشانينا شايك ومحمد حديد وألكسندرا أمبروزيو... وغيرهم.
ونشرت الممثلة يسرا عبر حسابها على «تويتر» صورة لها ترتدي القميص وعلّقت تقول: «أنا انضممت إلى مبادرة زهير مراد من أجل مساعدة المتضررين من انفجار بيروت. ولتساندوا هذه المدينة وأهلها احصلوا على قميصكم أنتم أيضاً».
وكان انفجار المرفأ في بيروت الذي حدث في 4 أغسطس (آب) الحالي قد أتى على عدد من دور الأزياء في بيروت، ومن بينها دار زهير مراد للتصميم. وأعلن مراد أن خسائره مادية ومعنوية، وأن «هذه الأخيرة لا يمكن تعويضها؛ لأنها تحمل ذكرياته وبداياته».
التفاعل الذي أحدثه القميص على مواقع التواصل الاجتماعي فاجأ المصمم زهير مراد بحيث بلغ عدد مشتريه نحو 30 ألف شخص منذ اليوم الأول لإطلاق المبادرة.
لم يحدّد وقت معين لإيقاف حملة «الانبعاث من الرماد» التي أطلقها المصمم زهير مراد، سيما أنّ مشاهير العالم لا يزالون يتفاعلون معها بعد مرور 3 أسابيع على إطلاقها. وتبقى غصة بعض اللبنانيين الراغبين في المساهمة في هذه المبادرة هي العنوان السلبي الوحيد الذي يشوبها. وترى نسبة منهم أن القيود المصرفية التي فرضت عليهم تمنعهم من المساهمة في هذه المبادرة وأنّهم في المقابل يسجلون تبرعاتهم حسب قيمة القميص لجمعية «فرح العطاء».



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».