الكاظمي يقدم العزاء لأسرة الناشطة رهام يعقوب... ويتعهد ملاحقة الجناة

قال إنه لم يرَ عملاً أمنياً يوازي خطورة «جرائم الاغتيال» في البصرة

الكاظمي خلال زيارته أول من أمس أسرة الناشطة رهام يعقوب في البصرة لتقديم العزاء (مكتب رئيس الوزراء)
الكاظمي خلال زيارته أول من أمس أسرة الناشطة رهام يعقوب في البصرة لتقديم العزاء (مكتب رئيس الوزراء)
TT

الكاظمي يقدم العزاء لأسرة الناشطة رهام يعقوب... ويتعهد ملاحقة الجناة

الكاظمي خلال زيارته أول من أمس أسرة الناشطة رهام يعقوب في البصرة لتقديم العزاء (مكتب رئيس الوزراء)
الكاظمي خلال زيارته أول من أمس أسرة الناشطة رهام يعقوب في البصرة لتقديم العزاء (مكتب رئيس الوزراء)

لم ينتظر رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي الذي عاد، السبت، من زيارة للولايات المتحدة الأميركية، طويلاً قبل أن يقرر الذهاب إلى محافظة البصرة (560 كيلومتراً جنوب البلاد) للوقوف على الخروقات الأمنية وعمليات الاغتيال التي نفذتها عصابات مسلحة ضد ناشطين مؤخراً. وفي ساعة متأخرة من ليل السبت، زار الكاظمي منزل الناشطة رهام يعقوب التي اغتيلت الأربعاء الماضي على يد مسلحين مجهولين وتوعد بمعاقبة الجناة «مهما طال الزمن».
وانتقد الكاظمي خلال اجتماعاته بقادة الأمن، الإجراءات الأمنية في البصرة، وتحدث عن عدم رؤيته لعمل أمني يوازي خطورة جرائم الاغتيال. وذكر بيان لمكتب الكاظمي، أمس، أنه عبر عن «عميق مواساته لعائلة الشهيدة، مؤكداً لهم ولأهالي البصرة أن أمد المعتدين والمجرمين قصير». وقال الكاظمي أمام عائلة الراحلة رهام: «أقسم بدم الشهيدة أن المجرمين لن يفلتوا من العقاب مهما طال الزمن، وإن دماء الشهيدة والشهيد هشام الهاشمي، والشهيد تحسين أسامة لن تذهب هدراً».
وأضاف رئيس الوزراء أن «كلمات الشهيدة قد أدخلت الرعب على قلوب المجرمين الجبانة، وأن أعمالها المجتمعية الخيرية قد أرجفتهم، وجعلتهم يركبون العار، فأي دناءة أشد من هذه البشاعة، لكن فألهم الخائب قد انقلب مندحراً، وتحوّلت الشهيدة الشابة في ربيع عمرها الى أيقونة للبصرة».
وسبق أن قام الكاظمي بزيارة عائلة الخبير الأمني هشام الهاشمي بعد اغتياله أمام منزله ببغداد مطلع يوليو (تموز) الماضي، وتعهد بتقديم الجناة إلى العدالة، الأمر الذي لم يتحقق حتى الآن.
وباتت عمليات الاغتيال التي تطال الناشطين على يد جماعات مجهولة، يعتقد أنها تنتمي إلى جماعات مسلحة موالية لإيران، تثير قلق ومخاوف السلطات الحكومية والمواطنين العراقيين على حد سواء، ودفعت بعض الجهات إلى دعوة الناشطين لحمل السلاح لحماية أنفسهم بدلاً من الاعتماد على الأجهزة الأمنية التي أثبتت فشلاً ذريعاً في الكشف عن الجناة أو إيقاف العمليات في أقل تقدير. كما بات ينظر على نطاق واسع لتلك العمليات بوصفها تنتمي إلى سياق «الاغتيالات السياسية» التي تستهدف القضاء على الحراك الاحتجاجي المناهض لفساد أحزاب السلطة واستهتار الميليشيات المسلحة الذي انطلق مطلع أكتوبر (تشرين الأول) 2019، وما زال متواصلاً، وهناك دعوات حثيثة من قبل جماعات الحراك لإعادة انطلاقه في الذكرى السنوية الأولى مطلع أكتوبر المقبل.
ويظهر من خلال الوفد الأمني الذي رافق رئيس الوزراء الكاظمي إلى البصرة، حجم القلق الذي تعيشه السلطات العراقية جراء اتساع دائرة الاغتيالات ضد الناشطين في البصرة وغيرها من المحافظات، حيث اصطحب الكاظمي خلال الزيارة، وزيري الدفاع والداخلية ورئيس هيئة «الحشد الشعبي» ورئيس جهاز مكافحة الإرهاب ورئيس جهاز الأمن الوطني ومستشار الأمن الوطني، ورئيس أركان الجيش ونائب قيادة العمليات المشتركة، فضلاً عن وكلاء وزارتي الداخلية والدفاع.
وطبقاً لبيان صادر عن مكتبه، فإن الكاظمي عقد في ساعة متأخرة من مساء السبت «اجتماعاً طارئاً مع القيادات الأمنية والعسكرية في مقر قيادة عمليات البصرة، وذلك على خلفية الأحداث الأمنية الأخيرة التي شهدتها محافظة البصرة». وعبّر الكاظمي عن «أسفه للخروقات الأمنية التي شهدتها محافظة البصرة مؤخراً، وأن حضوره إلى البصرة مباشرة بعد السفر هو لأمر استثنائي، فالبصرة ذات أهمية بالغة، ولا مجال للقبول بأي إخفاقات أمنية في توفير الحماية لها ولأبنائها». وشدد على «رفضه أي أخطاء أمنية تصدر، سواء عن القادة الأمنيين، أو من العناصر الأمنية، وأن من يخطئ ويخفق في أدائه الأمني ستتم محاسبته، وعدم قبوله لأي قائد يخفق في عمله، والذي يخفق لا يجد مكاناً له». واعتبر الكاظمي أن «عمليات الاغتيال الأخيرة في البصرة تشكل خرقاً أمنياً خطيراً لا يمكن التهاون إزاءه، لكننا في الوقت نفسه لم نرَ عملاً أمنياً في المحافظة يوازي خطورة هذا النوع من الجرائم». وأشار الكاظمي إلى «وجود جماعات خارجة عن القانون تحاول منذ فترة ترهيب أهل البصرة، وهي تشكل تهديداً لاستقرار وأمن العراقيين جميعاً، كما أشار إلى خطورة السلاح المنفلت واستمرار النزاعات العشائرية».
من جانبها، أعلنت شرطة البصرة، أمس، عن نتائج حملة أمنية وصفتها بـ«الكبرى» لملاحقة متهمين مطلوبين للقضاء، في عدد من مناطق المحافظة. وذكرت قيادة الشرطة في بيان، أن قواتها «نفذت أوامر قبض بحق مطلوبين للعدالة في كل أنحاء المحافظة، وقد أسفرت العمليات عن إلقاء القبض على متهمين اثنين مطلوبين قضائياً، وفق المادة الرابعة من قانون مكافحة الإرهاب وإلقاء القبض على 304 متهمين مطلوبين قضائياً، وفق مواد جنائية مختلفة، كما تم ضبط 12 بندقية كلاشنيكوف وبندقية واحدة نوع RBK وبندقيتين من نوع GC وأعتدة مختلفة و3 مسدسات». وأضافت أن «مواد مخدرة وأدوات تعاطي مخدرات وحبوباً مخدرة قد ضبطت وتمت إحالتهم إلى القضاء لينالوا جزاءهم العادل».
من جهة أخرى، تواصلت الاحتجاجات الغاضبة والمطلبية في عدد من المحافظات العراقية، ففي محافظة ذي قار الجنوبية التي أقدم المتظاهرون فيها، أول من أمس، على تجريف مقرات الأحزاب والفصائل المسلحة، تظاهر العشرات من عوائل ضحايا المظاهرات في الناصرية، أمس، أمام محكمة الاستئناف في الناصرية للمطالبة بالإسراع في محاكمة المتهمين بقتل المتظاهرين.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.