رحيل شويكار يجدد المطالبة بمتحف لمقتنيات نجوم مصر

محمد فؤاد المهندس لـ «الشرق الأوسط» : والدي توفي حزناً على احتراق متعلقاته

جانب من متحف المركز القومي للمسرح والموسيقى
جانب من متحف المركز القومي للمسرح والموسيقى
TT

رحيل شويكار يجدد المطالبة بمتحف لمقتنيات نجوم مصر

جانب من متحف المركز القومي للمسرح والموسيقى
جانب من متحف المركز القومي للمسرح والموسيقى

جدد رحيل الفنانة المصرية الكبيرة شويكار مطالبة بعض الفنانين والمتابعين بإنشاء متحف رسمي يضم مقتنيات نجوم الفن المصري لا سيما بعد ضياع وحرق متعلقات بعض الفنانين الراحلين على غرار أحمد زكي وفؤاد المهندس وغيرهما. ورغم وجود متحف حالي تابع للمركز القومي للمسرح والموسيقى بحي الزمالك وسط القاهرة، فإن فنانين ونقادا يرون أنه لا يليق بشهرة الفنانين الكبار، وأكدوا أنه يحتاج إلى توسعة وتطوير في سيناريو وطريقة العرض لاجتذاب الجمهور.
ويتوق الجمهور دائما لرؤية مقتنيات الفنانين الذين أثروا الحياة العامة والسينما والدراما والمسرح، ويوجد في وسط القاهرة متحف يخلد اسم «كوكب الشرق» أم كلثوم، بقصر المانسترلي بروضة المنيل، بالإضافة إلى متحف «موسيقار الأجيال» محمد عبد الوهاب، بمبنى المعهد العالي للموسيقى العربية بمدينة الجيزة.
وطالب عدد كبير من المهتمين بتوثيق حياة الفنانين المصريين بجمع أزياء وشهادات تقدير وجوائز الفنانة الراحلة شويكار باعتبارها شخصية عامة عاشت حياة فنية ثرية، وتقول منة الله نافع، ابنة الفنانة شويكار: «والدتي كانت تقول دائماً... ما تملكه شويكار ملك لجمهورها الذي ساندها حتى حققت كل طموحاتها الفنية»، وتضيف: «حفظ مقتنيات والدتي في متحف أمر جميل، وأتمنى أن يصبح ذلك أمراً اعتياديا ومتعارفا عليه، ويُسأل فيها الفنان وهو على قيد الحياة ويراه بنفسه».
وترى منة الله أنه لو أتيح للفنان رؤية مقتنياته وجوائزه وهي معروضه للجمهور في متحف سيكون في قمة السعادة وسيشعر بأنه ما زال قادراً على العطاء ولو بشكل مختلف، مشيرة إلى أنها تدرس تخليد اسم شويكار عبر تدشين متحف يحمل اسمها، أو وضع مقتنياتها في متحف فني جماعي يراعي كافة إجراءات السلامة والحفاظ على متعلقاتها».
دعوات الحفاظ على مقتنيات كبار الفنانين المصريين زادت بشكل لافت عقب تعرض شقة الفنان الراحل فؤاد المهندس (صاحب أشهر ثنائي فني مع الفنانة الراحلة شويكار) خلال القرن الماضي، للحرق عام 2006. وعن ذلك يقول محمد فؤاد المهندس، نجل الفنان الراحل: «تمنيت عرض مقتنيات والدي، ولكن لم يتبق منها شيء بعد الحريق الشهير، الذي قضى على جميع مقتنياته في شهر يوليو (تموز) عام 2006، وكان هذا الحادث سببا في حزنه ووفاته بعدها بشهرين فقط». ويضيف لـ«الشرق الأوسط»: «فكرة إنشاء متحف فني يضم قطعا ترجع لشخصية شهيرة أمر ممتع لجميع الأطراف الأسرة والجمهور، فالفنان ملك لهما على حد سواء، ورغم احتراق كافة متعلقات والدي، فإنه باق في الذاكرة بفنه وأعماله».
وحرص عدد من الفنانين المصريين على إهداء الكثير من مقتنياتهم لوزارة الثقافة المصرية لعرضها للجمهور في متحف يضم عدداً من مقتنيات النجوم كنوع من رد الجميل والعرفان لهم ولذويهم، بحسب وزارة الثقافة المصرية.
الفنان ياسر صادق، رئيس المركز القومي للمسرح والموسيقى يقول لـ«الشرق الأوسط» «لدينا متحف بالفعل تابع للمركز، يضم مقتنيات بعض رموز الفن على غرار سميحة أيوب، ومديحة حمدي، ونتواصل حالياً مع أسر الفنانين محمود الجندي، توفيق الدقن، زوزو نبيل، عمر الحريري، سعيد طرابيك، لجمع مقتنياتهم، لعرضها في المتحف الحالي مع دراسة توسعة المتحف».
وطرحت الدكتورة إيناس عبد الدايم، وزيرة الثقافة المصرية مبادرة لجمع أكبر قدر ممكن من مقتنيات الفنانين لعرضها للجمهور في متحف كبير، في أعقاب الضجة التي أثيرت بشأن مقتنيات الفنان الراحل أحمد زكي بعد وفاة ابنه الشاب ووريثه الوحيد هيثم أحمد زكي في نوفمبر (تشرين الثاني) العام الماضي، وانتقال ملكية مقتنيات أحمد زكي إلى شقيق هيثم من الأم».
وذكر صادق أن «إنشاء متحف جديد أو تطوير المتحف الحالي يحتاج إلى تكلفة مالية كبيرة»، لافتاً إلى تنظيم معارض مؤقتة لبعض مقتنيات الفنانين الراحلين بمسارح الدولة أثناء العروض المسرحية».
وتؤكد الفنانة الشابة سارة طرابيك أرملة الفنان الراحل سعيد طرابيك لـ«الشرق الأوسط» تقديمها بعض مقتنيات الراحل لمتحف المركز القومي للمسرح والموسيقى، وعبرت عن سعادتها بهذه الخطوة.
بدورها، تقول الفنانة ميريت الحريري ابنة الفنان الراحل عمر الحريري، لـ«الشرق الأوسط»: «أهديت بعض مقتنيات والدي للمركز القومي للمسرح بالتعاون مع الفنان ياسر صادق وماضي الدقن (رئيس مجلس إدارة جمعية أبناء فناني مصر) لاقتناعنا بالمشروع لأنه يخلد أسماءهم، وأتمنى أن يجتمع أبناء الفنانين على إتمام تلك المبادرة ولكن للأسف فقد بعضهم عددا من المقتنيات».



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».