موجة تصعيد احتجاجي في جنوب العراق

تجريف مقار حزبية في الناصرية وحرق مكتب البرلمان في البصرة

متظاهرون يحرقون مكتب مجلس النواب العراقي في البصرة الليلة قبل الماضية (أ.ب)
متظاهرون يحرقون مكتب مجلس النواب العراقي في البصرة الليلة قبل الماضية (أ.ب)
TT

موجة تصعيد احتجاجي في جنوب العراق

متظاهرون يحرقون مكتب مجلس النواب العراقي في البصرة الليلة قبل الماضية (أ.ب)
متظاهرون يحرقون مكتب مجلس النواب العراقي في البصرة الليلة قبل الماضية (أ.ب)

في أحدث موجة تصعيد احتجاجي في جنوب العراق، أقدم ناشطون غاضبون في مدينة الناصرية، مركز محافظة ذي قار الجنوبية، على تجريف مجموعة مبانٍ ومقرات لفصائل وأحزاب سياسية، إلى جانب قيام محتجين بحرق مكتب مجلس النواب في البصرة.
وفيما جاءت موجة التصعيد في الناصرية على خلفية انفجار عبوة ناسفة في ساحة الحبوبي، مساء الجمعة، وتصريحات سابقة ضد جماعات الحراك أدلى بها رئيس الوزراء السابق نوري المالكي، دفع الغضب الناجم عن عمليات الاغتيال التي طالت ناشطين مؤخرا في البصرة بعض المتظاهرين إلى مهاجمة مكتب مجلس النواب وإضرام النار فيه، احتجاجا على ما يعتبرونه تقصيرا من نواب البصرة في البرلمان الاتحادي في الدفاع عن المحافظة وحماية سكانها من العصابات المسلحة التي تستهدف الناشطين. وغالبا ما تشير جماعات الحراك بأصابع الاتهام إلى بعض الفصائل والميليشيات المسلحة الموالية لإيران بالضلوع في عمليات اغتيال الناشطين.
وكان المالكي، هاجم الأسبوع الماضي، جماعات الحراك في الناصرية ووصفهم بـ«الفوضويين» ودعا الحكومة إلى ردعهم، ما عرضه إلى حملة انتقادات شديدة من قبل طيف واسع من الناشطين.
وأظهرت صور و«فيديوهات» انتشرت على نطاق واسع ناشطين وهم يهدمون بالجرافات مقار حزب الدعوة، ومنظمة بدر، وفوج «عصائب أهل الحق»، و«حزب الله»، والحزب الشيوعي، وتيار الحكمة ومنزل رئيس اللجنة الأمنية في مجلس المحافظة المنحل جبار الموسوي.
وتكشف عمليات التجريف الجديدة لمقرات الفصائل والأحزاب، التي سبق أن تم حرقها وهي بالتالي هي غير مشغولة من عناصر الأحزاب، حجم الغضب الشعبي ضد أحزاب السلطة وفصائلها المسلحة. وهذا ما يؤكده الناشط رعد الغزي، ويقول لـ«الشرق الأوسط»: «يبدو أن أحزاب السلطة وفصائلها المسلحة لم تستوعب حتى الآن عملية التحول العميقة التي أحدثتها ثورة تشرين في عقول الناس في الناصرية وبقية المدن، وحجم الغضب الجماهيري ضدهم، أو لعلهم يعرفون ذلك جيدا، لكنهم لا يريدون تصديقه، خاصة وهو يصدر عن معاقلهم الرئيسية في محافظات ومدن الجنوب».
وذكر الغزي أن «عبوة ناسفة انفجرت مساء الجمعة في ساحة الحبوبي وإصابة نحو 15 متظاهرا، أثارت غضب كثيرين ودفعتهم إلى الانتقام عبر تجريم مقار الأحزاب، إضافة إلى تصريحات المالكي السابقة».
أما الناشط والأستاذ في جامعة ذي قار حازم هاشم، فيعزو سبب التوتر الأخير إلى أسباب عديدة منها «استمرار التسويف الحكومي والحزبي لمطالب ثورة تشرين واستفحال تردي الخدمات الأساسية مع ازدياد وتواتر عمليات الاغتيال التصفية في المدن الجنوبية التي وصلت ذروتها في البصرة وتفجير ساحة الحبوبي». ويضيف في حديث لـ«الشرق الأوسط» أن ذلك «ناجم أيضا عن العجز الأمني المعتمد عن تصرفات أذرع الأحزاب العسكرية أدى إلى ردات فعل غاضبة أنتجت تحركا نوعيا من الشباب المحتج صوب تهديم مباني مقرات الأحزاب الإسلامية الرئيسة التي تحكم ذي قار منذ 17 عاماً متواصلة».
ويعتقد هاشم أن «التطور الأخير مؤشر على تفاقم الغضب الشعبي ونذير تطور آخر مع دعوات مقلقة للعنف المسلح بعنوان حماية المتظاهرين ودعوات لتسليحهم بحجة حمايتهم وهو ما سيفضي، في حالة عدم تدخل الأجهزة الأمنية، إلى صدام حتمي». ويرى أن الحكومة تتعامل «بيد رخوة مع التطورات الأخيرة تاركا الجنوب ساحة لتصفية الحسابات والأجندات التي تمهد إلى أجواء تشبه ما حدث قبل سقوط الموصل، في إشارة إلى سقوط المدينة بيد «داعش» عام 2014.
ويحذر الصحافي عدنان طعمة، مما يصفها من «الفوضى غير الخلاقة في الناصرية». ويقول لـ«الشرق الأوسط»: «دائما ثمة يد خفية في التجمعات أو العمل الشعبي الجماهيري، لإثارة فوضى عارمة لتدمير أهداف هذه التظاهرات والتجمعات وحرف مسارها بشكل عنفي غير مسؤول لتنهض قوى هذه اليد الخفية». ويعتقد طعمة أن «ما حدث ويحدث في الناصرية تقف وراءه أياد خفية ورؤوس مؤدلجة خطرة، تدفع بالمدينة إلى درجة الغليان والفوران الشعبي وصولا إلى الغليان الكبير».



إلحاق مهاجرين أفارقة بمعسكرات تجنيد حوثية

المهاجرون يتعرّضون للانتهاكات في مناطق سيطرة الحوثيين (الأمم المتحدة)
المهاجرون يتعرّضون للانتهاكات في مناطق سيطرة الحوثيين (الأمم المتحدة)
TT

إلحاق مهاجرين أفارقة بمعسكرات تجنيد حوثية

المهاجرون يتعرّضون للانتهاكات في مناطق سيطرة الحوثيين (الأمم المتحدة)
المهاجرون يتعرّضون للانتهاكات في مناطق سيطرة الحوثيين (الأمم المتحدة)

ألحقت جماعة الحوثيين مئات المهاجرين الأفارقة في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء بمعسكراتها التي تقيمها للتعبئة العسكرية، ضمن حملات تجنيد تستهدف جميع الفئات؛ استعداداً لإشراكهم فيما تسميه الجماعة «معركة الجهاد المقدس» لتحرير فلسطين.

ودفعت الجماعة الحوثية في الأيام الأخيرة بأكثر من 220 مهاجراً أفريقياً، بينهم أطفال وكبار سن للالتحاق بدورات عسكرية سرية أُقيمت في مناطق عدة في صنعاء وريفها تحت اسم دورات «طوفان الأقصى»، حسب ما ذكرته مصادر يمنية مطلعة لـ«الشرق الأوسط».

أفارقة استقطبهم الحوثيون في صنعاء (إعلام محلي)

ويسعى الحوثيون إلى تدعيم صفوفهم بمقاتلين جُدد، عبر تنفيذ عمليات ملاحَقة وخطف واستقطاب وغسل أدمغة وإجبار على الالتحاق بدورات طائفية وعسكرية.

ووفقاً للمصادر، فإن مئات المهاجرين الأفارقة المستهدفين بعملية التجنيد الأخيرة هُم ممن جرى القبض عليهم قبل فترة، ونقلهم على دفعات من محافظة صعدة المعقل الرئيسي للجماعة إلى معسكرات تدريب تعبوية وعسكرية أُنشئت بعيداً عن متابعة المنظمات الدولية ورقابتها.

واتهمت المصادر جماعة الحوثي بالقيام بمساومة أعداد من المهاجرين بين الالتحاق بصفوفها للقتال أو ترحيلهم قسراً إلى مناطق سيطرة الحكومة اليمنية. وذكرت أن ذلك الاستهداف يُعد ترجمة لتوجيهات كان أصدرها زعيم الجماعة الحوثية، تحضّ على إنشاء معسكرات تعبئة المهاجرين.

وجاءت هذه الممارسات متوازية مع إقرار الجماعة بشنّ حملات تعقب ومطاردة للمهاجرين الأفارقة في محافظة صعدة أسفرت خلال شهر واحد عن اعتقال 1694 شخصاً من مناطق عدة بالمحافظة، واقتيادهم إلى مراكز احتجاز، بعضها يتبع ما تُسمّى «مصلحة الهجرة»، وفق ما بثّه مركز الإعلام الأمني الحوثي.

مهاجرون أفارقة في إحدى المناطق اليمنية (إكس)

كما أقرت الجماعة الحوثية، عبر تقارير أخرى صادرة عن أجهزتها الأمنية في صنعاء، بتنفيذها، منذ مطلع العام الحالي، حملات تعقب وملاحَقة وخطف، أسفرت عن اعتقال ما يزيد على 3480 مهاجراً في صعدة ونقلهم إلى صنعاء.

انتهاك مستمر

يأتي الاستهداف الحوثي للمهاجرين الأفارقة مع استمرار تعرّض المئات منهم لشتى صنوف الانتهاك والابتزاز، وفق ما ذكرته مصادر حقوقية وتقارير دولية.

وتبرّر الجماعة الحوثية عملياتها الاستهدافية المستمرة ضد اللاجئين بسبب ما تزعمه من «خطورتهم على المجتمع»؛ حيث ترحّلهم من معقلها الرئيسي في صعدة، ومن مدن أخرى، وتجميعهم في مراكز تابعة لها في صنعاء، ثم إلحاقهم بمعسكرات تجنيد واستخدامهم في مهام تجسسية وتهريب ممنوعات.

وسبق أن اتّهم ناشطون يمنيون الجماعة الحوثية باستحداث معسكرين تدريبيين جديدين؛ أحدهما بمحافظة صعدة، وآخر قرب مزارع «الجر» غرب مديرية عبس التابعة لمحافظة حجة؛ حيث تستقطب الجماعة إليهما مئات المهاجرين الأفارقة الواصلين تباعاً إلى الأراضي اليمنية؛ بهدف إلحاقهم بجبهات القتال، واستخدامهم بمهام استخباراتية وتنفيذ مخططات استهدافية.

المهاجرون الأفارقة يتدفقون إلى الأراضي اليمنية عبر شبكات التهريب (الأمم المتحدة)

وكانت الحكومية اليمنية ندّدت غير مرة باستمرار الجماعة الحوثية في تجنيد اللاجئين الأفارقة للقتال في صفوفها، وعدّت ذلك جريمة حرب وانتهاكاً للقوانين الدولية والمواثيق الإنسانية.

وفي تقرير سابق لها، اتّهمت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات الحوثيين بإخفائهم قسرياً نحو 2406 يمنيين من مختلف الفئات والأعمار، مضافاً إليهم 382 لاجئاً أفريقياً في 17 محافظة، في الفترة من 1 يناير (كانون الثاني) 2017 حتى منتصف العام الماضي.