نظارات غاندي تحقق سعراً استثنائياً في مزاد بريطاني

نظارات المهاتما غاندي على موقع دار المزادات (أ.ف.ب)
نظارات المهاتما غاندي على موقع دار المزادات (أ.ف.ب)
TT

نظارات غاندي تحقق سعراً استثنائياً في مزاد بريطاني

نظارات المهاتما غاندي على موقع دار المزادات (أ.ف.ب)
نظارات المهاتما غاندي على موقع دار المزادات (أ.ف.ب)

بيعت نظارات مستديرة كان يضعها رمز الكفاح من أجل استقلال الهند، ماهاتما غاندي، خلال مزاد في بريطانيا، في مقابل 260 ألف جنيه إسترليني (340 ألف دولار)، على ما أعلنت دار «إيست بريستول» للمزادات أمس.
وبحسب «وكالة الصحافة الفرنسية»، فقد كتبت الدار عبر حسابها على «إنستغرام»، في منشور تضمن تسجيلاً مصوراً عن المزاد الذي أقيم مساء الجمعة: «شاهدوا لحظة بيع نظارات غاندي في مقابل 260 ألف جنيه إسترليني. لقد وجدناها قبل فترة لا تتعدى أربعة أسابيع في علبة البريد التابعة لنا، وقد وضعها رجل كان عمّه قد حصل عليها من غاندي شخصياً. إنها نتيجة رائعة لقطعة رائعة». وكان السعر التقديري لهذه النظارات الدائرية المطلية بالذهب يتراوح بين 10 آلاف جنيه إسترليني و15 ألفاً (13 ألف دولار و20 ألفاً).
وحسب دار المزادات، فقد ترك أحد الأشخاص النظارات في صندوق البريد يوم 31 يوليو (تموز) الماضي، وبعد أيام وجد أحد الموظفين بالدار النظارات في ظرفٍ مغلق، وقال أندرو ستو، وهو أحد مفوضي المزادات، لقناة «سكاي نيوز» الإخبارية: «أمسك زميل لي بالظرف ومزقه، ووجد رسالة عليها عبارة (هذه النظارات كانت لغاندي... اتصلوا بي)».
وبعد الاتصال بالمرسل، وإجراء بعض التحريات والبحث، توصل إلى أن النظارات لها أهمية تاريخية، وروى أنه تحدث هاتفياً بعد ذلك مع المرسل الذي قال له: «إذا كانت النظارات غير مهمة يمكنك إلقاؤها في القمامة»، ولكن ستو رد قائلاً: «أخبرته أني أقدّر لها سعراً يصل إلى 15 ألف جنيه إسترليني، وأعتقد أن ذلك أوقعه من على مقعده».
وحسب الوصف المدرج على الموقع، فالنظارات أعطيت للبائع من قبل عمه الذي حصل عليها من غاندي في عام 1920، ويمضي الشرح: «العم كان يعمل موظفاً لشركة البترول البريطانية في ذلك الوقت، وكان مقره في جنوب أفريقيا ويمكن الافتراض أن غاندي منحه النظارات مكافأة على عمل جيد، أو لشكره لسبب ما». المعروف عن غاندي أنه كان عادة ما يُهدِي نظاراته القديمة للمحتاجين، أو كبادرة عرفان لمن يقدم له المساعدة.



من طهران إلى كابل... حكايات نساء يتحدّيْن الظلم في «البحر الأحمر»

وجوه من فيلم «السادسة صباحاً» (غيتي)
وجوه من فيلم «السادسة صباحاً» (غيتي)
TT

من طهران إلى كابل... حكايات نساء يتحدّيْن الظلم في «البحر الأحمر»

وجوه من فيلم «السادسة صباحاً» (غيتي)
وجوه من فيلم «السادسة صباحاً» (غيتي)

في الدورة الرابعة من مهرجان «البحر الأحمر السينمائي الدولي»، تنافست أعمال استثنائية نقلت قصصاً إنسانية مؤثّرة عن واقع المرأة في إيران وأفغانستان. وسط أجواء الاحتفاء بالفنّ السينمائي بوصفه وسيلةً للتعبير والتغيير، قدَّم فيلما «السادسة صباحاً» للإيراني مهران مديري، و«أغنية سيما» للأفغانية رؤيا سادات، شهادتين بارزتين على تحدّيات النساء في بيئاتهن الاجتماعية والسياسية.

«السادسة صباحاً»... دراما الصراع مع السلطة

يروي الفيلم قصة «سارة»، الشابة الإيرانية التي تتأهّب لمغادرة طهران لإكمال دراستها في كندا. تتحوّل ليلة وداعها مواجهةً مفاجئةً مع «شرطة الأخلاق»؛ إذ يقتحم أفرادها حفلاً صغيراً في منزل صديقتها. يكشف العمل، بأسلوب مشوّق، الضغط الذي تعيشه النساء الإيرانيات في ظلّ نظام تحكمه الرقابة الصارمة على الحرّيات الفردية، ويبرز الخوف الذي يطاردهن حتى في أكثر اللحظات بساطة.

الفيلم، الذي أخرجه مهران مديري، المعروف بسخريته اللاذعة، يجمع بين التوتّر النفسي والإسقاطات الاجتماعية. وتُشارك في بطولته سميرة حسنبور ومهران مديري نفسه الذي يظهر بدور مفاوض شرطة يضيف أبعاداً مرعبة ومعقَّدة إلى المشهد، فيقدّم دراما تشويقية.

لقطة من فيلم «أغنية سيما» المُقدَّر (غيتي)

«أغنية سيما»... شهادة على شجاعة الأفغانيات

أما فيلم «أغنية سيما»، فهو رحلة ملحمية في زمن مضطرب من تاريخ أفغانستان. تدور الأحداث في سبعينات القرن الماضي، حين واجهت البلاد صراعات سياسية وآيديولوجية بين الشيوعيين والإسلاميين. يتبع العمل حياة «ثريا»، الشابة الشيوعية التي تناضل من أجل حقوق المرأة، وصديقتها «سيما»، الموسيقية الحالمة التي تبتعد عن السياسة.

الفيلم، الذي أخرجته رؤيا سادات، يستعرض العلاقة المعقَّدة بين الصديقتين في ظلّ انقسام آيديولوجي حاد، ويُظهر كيف حاولت النساء الأفغانيات الحفاظ على شجاعتهن وكرامتهن وسط دوامة الحرب والاضطهاد. بأداء باهر من موزداح جمال زاده ونيلوفر كوخاني، تتراءى تعقيدات الهوية الأنثوية في مواجهة المتغيّرات الاجتماعية والسياسية.

من خلال هذين الفيلمين، يقدّم مهرجان «البحر الأحمر» فرصة فريدة لفهم قضايا المرأة في المجتمعات المحافظة والمضطربة سياسياً. فـ«السادسة صباحاً» و«أغنية سيما» أكثر من مجرّد فيلمين تنافسيَّيْن؛ هما دعوة إلى التأمُّل في الكفاح المستمرّ للنساء من أجل الحرّية والمساواة، مع الإضاءة على دور الفنّ الحاسم في رفع الصوت ضدّ الظلم.

في هذا السياق، يقول الناقد السينمائي الدكتور محمد البشير لـ«الشرق الأوسط»، إنّ فيلم «السادسة صباحاً» ينساب ضمن وحدة زمانية ومكانية لنقد التسلُّط الديني لا السلطة الدينية، واقتحام النيات والمنازل، وممارسة النفوذ بمحاكمة الناس، وما تُسبّبه تلك الممارسات من ضياع مستقبل الشباب، مثل «سارة»، أو تعريض أخيها للانتحار. فهذه المآلات القاسية، مرَّرها المخرج بذكاء، وبأداء رائع من البطلة سميرة حسنبور، علماً بأنّ معظم الأحداث تدور في مكان واحد، وإنما تواليها يُشعر المُشاهد بأنه في فضاء رحب يحاكي اتّساع الكون، واستنساخ المكان وإسقاطه على آخر يمكن أن يعاني أبناؤه التسلّط الذي تعيشه البطلة ومَن يشاركها ظروفها.

على الصعيد الفنّي، يقول البشير: «أجاد المخرج بتأثيث المكان، واختيار لوحات لها رمزيتها، مثل لوحة الفتاة ذات القرط اللؤلؤي للهولندي يوهانس فيرمير، ورسومات مايكل أنجلو على سقف كنيسة سيستينا في الفاتيكان، وغيرها من الرموز والاختيارات المونتاجية، التي تبطئ اللقطات في زمن عابر، أو زمن محدود، واللقطات الواسعة والضيقة».

يأتي ذلك تأكيداً على انفتاح مهرجان «البحر الأحمر السينمائي»، ومراهنته على مكانته المرتقبة في قائمة المهرجانات العالمية، وترحيبه دائماً بكل القضايا المشروعة.

ونَيل «أغنية سيما» و«السادسة صباحاً» وغيرهما من أفلام هذه الدورة، التقدير، وتتويج «الذراري الحمر» للتونسي لطفي عاشور بجائزة «اليُسر الذهبية»، لتقديمه حادثة واقعية عن تصفية خلايا إرهابية شخصاً بريئاً... كلها دليل على أهمية صوت السينما التي أصبحت أهم وسيلة عصرية لمناصرة القضايا العادلة متى قدّمها مُنصفون.

وأظهر المهرجان الذي حمل شعار «للسينما بيت جديد» التزامه بدعم الأفلام التي تحمل قضايا إنسانية عميقة، مما يعزّز مكانته بوصفه منصةً حيويةً للأصوات المبدعة والمهمَّشة من مختلف أنحاء العالم.