فرنسا تتخوف من عودة الحجر الكامل

ماكرون يدعو إلى اعتماد استراتيجيات محلية لمواجهة ارتفاع الإصابات

رجل يمشي بالقرب من القصر الملكي في باريس (إ.ب.أ)
رجل يمشي بالقرب من القصر الملكي في باريس (إ.ب.أ)
TT

فرنسا تتخوف من عودة الحجر الكامل

رجل يمشي بالقرب من القصر الملكي في باريس (إ.ب.أ)
رجل يمشي بالقرب من القصر الملكي في باريس (إ.ب.أ)

أخشى ما تخشاه السلطات الفرنسية أن تكون ملزمة بفرض الحجر العام مجدداً، كما حصل في الربيع الماضي، وذلك مع تواتر مؤشرات تبعث على القلق ومع عودة وباء فيروس كورونا إلى الانتشار بشكل واسع، وفق ما تبينه الأرقام في الأيام الأخيرة. وفي حديثه لمجلة «باري ماتش» في عددها ليوم أمس، قال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، إنه «لا يستبعد شيئاً؛ لأن ما نريد أن نتحاشاه هو أن تتخطانا الأحداث».
إلا أن الرئيس الفرنسي سارع إلى القول، إنه «ليس بالإمكان توقف كل شيء في البلاد؛ لأن الخسائر الجانبية لحجر كامل ستكون كبيرة للغاية»؛ ما يعني عملياً أن السلطات السياسية والصحية ستكون حريصة على عدم الوصول إلى هذا التدبير الجذري الذي كلف البلاد مئات المليارات وشل الحركة الاقتصادية، وضاعف أرقام البطالة، وأوقف المدارس والجامعات والمعاهد، وأوصد المؤسسات والشركات، وزاد مديونية الدولة، وضرب النمو الاقتصادي.
وبحسب الرئيس الفرنسي، فإن «درجة الصفر» أي انتفاء المخاطر انتفاءً تاماً «غير موجودة، وبالتالي يتعين علينا أخذ الحيطة وإيجاد الردود (المناسبة) لمواجهة الخوف من (كوفيد – 19)». وعوض الرد الجماعي الشامل الذي يتناول أراضي الجمهورية كافة بشكل موحد، فإن ماكرون يقترح رداً على شاكلة «استراتيجيات محلية» يمكن أن تصل إلى حد الحجر، لكن في مناطق محددة وليس بشكل عام كما حصل سابقاً.
وخلاصة ماكرون هي دعوة مواطنيه لتحمل المسؤولية من خلال اتباع الإرشادات الصحية كارتداء القناع والتزام التباعد الاجتماعي والتزام معايير النظافة...
يستشف من كلام ماكرون والمسؤولين الآخرين (رئيس الحكومة ووزير الصحة) القلق من القادم من الأيام. فالفرنسيون يعيشون آخر أيام عطلتهم الصيفية، ومع بدء سبتمبر (أيلول) سيعودون إلى العمل في مكاتبهم ومصانعهم وشركاتهم، في حين من المنتظر أن يعود التلامذة والطلاب إلى مدارسهم وجامعاتهم. والحال أن الأرقام التي تكشف عنها وزارة الصحة يومياً تتضمن ما من شأنه إثارة القلق بعدما بيّن الشهران الأخيران، أن الفرنسيين تخلوا تدريجياً عن حذرهم السابق.
وأفادت وزارة الصحة بتسجيل 3776 إصابة بفيروس كورونا في الساعات الـ24 الأخيرة؛ ما يرفع عدد الإصابات إلى 16747 إصابة في أسبوع واحد.
ويقول الخبراء، إن السبب لا يعود لكون فرنسا أخذت تمارس الاختبارات على نطاق واسع، بل لأن نسبة الإصابات قد تضاعفت بسبب تفشي الوباء. كما زادت أعداد الداخلين إلى المستشفيات، حيث إنها قاربت الخمسة آلاف. وفي الساعات الأخيرة، أُدخل 162 مصاباً جديداً إلى المستشفيات.
ورغم أن هذه الأرقام لا يمكن مقارنتها بما عرفته فرنسا في عز أزمة الوباء، فإنها تحمل مؤشرات على عودة «كوفيد - 19» إلى السريان بنسب عالية بين السكان. ومن بين المناطق الفرنسية المصابة كافة، تبرز اثنتان: باريس ومنطقتها، ومدينة مرسيليا المتوسطية ومنطقتها.
إزاء هذه التطورات المقلقة، فإن السلطات الحكومية والمحلية تسعى كيفما تيسر إلى تدارك الانتشار السريع للوباء وعودته أقوى فأقوى مع تراجع درجات الحرارة وعودة الأمطار.
من هنا، التركيز على ارتداء القناع في الهواء الطلق بعدما كان المطلوب ارتداءه في الأماكن المغلقة. وآخر ما استجد على هذا الصعيد، أن مدناً رئيسية مثل مدينة نيس، المنتجع الصيفي في «الريفييرا الفرنسية»، أو مدينة تولوز الواقعة جنوب البلاد اتخذت تدابير بفرض القناع في الشوارع والساحات كافة، بعد أن كان الإلزام يتناول المناطق الأكثر ازدحاماً فقط. وآخر ما استجد على صعيد القناع، قرار وزارة الداخلية بفرض ارتدائه على كل أفراد الشرطة، خصوصاً أن الشرطة هي المكلفة مراقبة تقيد الجمهور بهذا التدبير.
يوماً بعد يوم، تُسمع أصوات محذرة، ومن بينها أصوات المعلمين الذين يبدون الخشية من عودة التلامذة إلى الصفوف بعدما خففت وزارة التربية، في شهر يوليو (تموز) الماضي من تدابير الوقاية لتمكين أكثرية التلامذة من العودة إلى الصفوف. وفي الأيام الأخيرة، أخذت تسمع أصوات للمعلمين تطالب بتأخير العودة إلى مقاعد الدراسة، بانتظار أن تعمد الوزارة إلى تحديد التدابير والإجراءات الضرورية لمنع انتشار الوباء بين التلامذة.
وحتى اليوم، ليس هناك من تاريخ محدد لعودة طلاب الجامعات إلى كلياتهم ومعاهدهم، علماً بأنهم حرموا منها منذ الربيع الماضي. أما فيما خص الشركات والمكاتب والأماكن المغلقة، فإن التعليمات تقضي بارتداء القناع أو ما يشبهه طيلة اليوم. لكن المشكلة الكبرى التي ستواجهها السلطات تتعلق بالنقل العام في العاصمة والمدن الكبرى، حيث التباعد بين الأفراد أشبه بالأسطورة، خصوصاً في أوقات الازدحام.
هكذا يبدو الوضع في فرنسا اليوم. ما تغير أن السلطات تعتبر أن ما كان ينقصها في الربيع الماضي «الأقنعة، المطهرات، الاختبارات، أجهزة التنفس الصناعي، وأيضاً الخبرات» أصبح اليوم متوافراً، وبالتالي فإنها تسعى للطمأنة ولتحسيس المواطنين بمسؤولياتهم درءاً لتدابير، إذا أعيد العمل بها، ستكون بالغة السوء نفسياً واجتماعياً، وخصوصاً اقتصادياً.


مقالات ذات صلة

«الصحة العالمية»: انتشار أمراض الجهاز التنفسي في الصين وأماكن أخرى متوقع

آسيا أحد أفراد الطاقم الطبي يعتني بمريض مصاب بفيروس كورونا المستجد في قسم كوفيد-19 في مستشفى في بيرغامو في 3 أبريل 2020 (أ.ف.ب)

«الصحة العالمية»: انتشار أمراض الجهاز التنفسي في الصين وأماكن أخرى متوقع

قالت منظمة الصحة العالمية إن زيادة حالات الإصابة بأمراض الجهاز التنفسي الشائعة في الصين وأماكن أخرى متوقعة

«الشرق الأوسط» (لندن )
صحتك جائحة «كورونا» لن تكون الأخيرة (رويترز)

بعد «كوفيد»... هل العالم مستعد لجائحة أخرى؟

تساءلت صحيفة «غارديان» البريطانية عن جاهزية دول العالم للتصدي لجائحة جديدة بعد التعرض لجائحة «كوفيد» منذ سنوات.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك ما نعرفه عن «الميتانيوفيروس البشري» المنتشر في الصين

ما نعرفه عن «الميتانيوفيروس البشري» المنتشر في الصين

فيروس مدروس جيداً لا يثير تهديدات عالمية إلا إذا حدثت طفرات فيه

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
صحتك فيروس رئوي قد يتسبب بجائحة عالمية play-circle 01:29

فيروس رئوي قد يتسبب بجائحة عالمية

فيروس تنفسي معروف ازداد انتشاراً

د. هاني رمزي عوض (القاهرة)
الولايات المتحدة​ أحد الأرانب البرية (أرشيفية- أ.ف.ب)

الولايات المتحدة تسجل ارتفاعاً في حالات «حُمَّى الأرانب» خلال العقد الماضي

ارتفعت أعداد حالات الإصابة بـ«حُمَّى الأرانب»، في الولايات المتحدة على مدار العقد الماضي.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

الأمطار الغزيرة تقطع الكهرباء عن آلاف الأستراليين

شجرة سقطت جراء الأحوال الجوية السيئة في فايف دوك بسيدني (إ.ب.أ)
شجرة سقطت جراء الأحوال الجوية السيئة في فايف دوك بسيدني (إ.ب.أ)
TT

الأمطار الغزيرة تقطع الكهرباء عن آلاف الأستراليين

شجرة سقطت جراء الأحوال الجوية السيئة في فايف دوك بسيدني (إ.ب.أ)
شجرة سقطت جراء الأحوال الجوية السيئة في فايف دوك بسيدني (إ.ب.أ)

انقطعت الكهرباء عن عشرات الآلاف من الأشخاص في ولاية نيو ساوث ويلز الأسترالية اليوم (السبت) بعد أن جلب نظام ضغط منخفض رياحاً مدمرة وأمطاراً غزيرة، مما أثار تحذيرات من حدوث فيضانات، وفقاً لوكالة «رويترز».

وقالت شركة الكهرباء «أوسجريد» على موقعها الإلكتروني صباح اليوم إن الكهرباء انقطعت عن نحو 28 ألف شخص في سيدني، عاصمة الولاية وأكبر مدينة في أستراليا، كما انقطعت الكهرباء عن 15 ألف شخص في مدينة نيوكاسل القريبة ومنطقة هانتر.

وكشف جهاز خدمات الطوارئ بالولاية على موقعه الإلكتروني أنه تلقى ألفين و825 اتصالاً طلباً للمساعدة منذ أمس (الجمعة)، معظمها يتعلق بأشجار متساقطة وممتلكات تضررت بسبب الرياح.

وذكرت هيئة الأرصاد الجوية في البلاد أن تحذيرات من الفيضانات والرياح المدمرة والأمطار الغزيرة صدرت في العديد من أجزاء الولاية، مضيفة أن من المحتمل أن تهب رياح تصل سرعتها إلى 100 كيلومتر في الساعة فوق المناطق الجبلية.

وأشارت وسائل إعلام محلية إلى أن هذه التحذيرات تأتي بعد أن تسببت العواصف في الأسبوع الماضي في سقوط الأشجار وخطوط الكهرباء وتركت 200 ألف شخص من دون كهرباء في نيو ساوث ويلز.