الكونغرس يدعو إلى الوقوف بوجه مساعي إيران والصين في لبنان

هيل: ولّى زمن تقديم المساعدات من دون محاسبة وشفافية

هيل والسفيرة الأميركية دوروثي شيا في مرفأ بيروت بعد الانفجار (رويترز)
هيل والسفيرة الأميركية دوروثي شيا في مرفأ بيروت بعد الانفجار (رويترز)
TT

الكونغرس يدعو إلى الوقوف بوجه مساعي إيران والصين في لبنان

هيل والسفيرة الأميركية دوروثي شيا في مرفأ بيروت بعد الانفجار (رويترز)
هيل والسفيرة الأميركية دوروثي شيا في مرفأ بيروت بعد الانفجار (رويترز)

دعت مجموعة من أعضاء مجلس الشيوخ الديمقراطيين والجمهوريين الإدارة الأميركية إلى ترؤس الجهود الدولية لمساعدة الشعب اللبناني بعد تفجيرات بيروت، والوقوف في وجه المساعي الإيرانية والصينية في لبنان، فيما قال وكيل وزارة الخارجية الأميركي للشؤون السياسية ديفيد هيل إن واشنطن تعاملت في السابق مع حكومات لبنانية تضم أعضاء من «حزب الله» وإنها ستنظر في الأمر حال تكرار ذلك.
وحثت مجموعة من أعضاء مجلس الشيوخ في رسالة إلى وزير الخارجية مايك بومبيو حصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منها، البيت الأبيض على العمل لتأمين فرص إصلاحات في لبنان، محذرين من أن إيران والصين ستستغلان الفراغ القائم لبسط سيطرتهما على البلاد.
وتحث الرسالة التي كتبها الديمقراطيون جين شاهين وكريس مرفي وتيم كاين والجمهوريان جيمس لانكفورت وديفيد بردو، الإدارة الأميركية على وضع خطة طويلة الأمد لتطبيق إصلاحات في البلاد «يحتاج إليها اللبنانيون الذين يعانون في ظل اقتصاد منهار وسوء إدارة من قبل الحكومة اللبنانية».
وتقول الرسالة، التي وجهها المشرعون كذلك إلى القائم بأعمال «الوكالة الأميركية للتنمية الدولية» جون بارسا: «إن عدم الثقة بتقديم المساعدات مباشرة إلى الحكومة اللبنانية بسبب الفساد المستشري فيها، هو خير دليل على أهمية أن تتعاطى الولايات المتحدة والمجتمع الدولي مع أزمة الحكم في لبنان التي أوصلتنا إلى هنا. هذا التفجير كان نتيجة لنظام حكم فاسد فشل مراراً وتكراراً في تأمين أبسط الخدمات للشعب اللبناني. لبنان بحاجة إلى زعماء يتعهدون بإصلاحات اقتصادية وشفافية ومحاربة الفساد لإعادة إعماره. من مصلحة الولايات المتحدة أن يكون لبنان مستقراً وآمناً. إيران تتوق إلى استغلال هذه الفاجعة لبسط سيطرتها، ونحن نعلم أن التمويل الصيني في لبنان لن يتطلب أي إصلاحات ضرورية في هذا الوقت الحساس. لذلك فنحن ندعوكم لقيادة جهود حثيثة طويلة الأمد لتحقيق الإصلاحات اللازمة لمساعدة اللبنانيين».
أما هيل فعقد مؤتمراً صحافياً في واشنطن عبر الهاتف حضرته «الشرق الأوسط»، تحدث فيه عن زيارته إلى لبنان الأسبوع الماضي. وقال هيل إن «زمن تقديم مزيد من الأموال لقيادة لبنانية تثري نفسها وتتجاهل الإرادة الشعبية قد ولّى؛ ما لم تغير من سلوكها وسياساتها، الأمر الذي كنا نطالب به منذ سنوات». وأضاف هيل أن «لبنان وصل إلى الحضيض بعد الانفجار المأساوي الذي ضرب مرفأ بيروت وتسبب في قتل المئات وجرح الآلاف وتشريد مئات الآلاف وتدمير مناطق واسعة من بيروت». وقال إن «الولايات المتحدة سارعت إلى تقديم 18 مليون دولار من المساعدات الإنسانية، إضافة إلى غيرها من الدول، لأن الانفجار الكبير الذي حصل في المرفأ، لم يدع مجالاً للتردد أمام هول الكارثة الإنسانية التي حلت». وأوضح أن نائب رئيس «الوكالة الأميركية للتنمية الدولية» جون بارسا الذي زار لبنان «قبل وصولي لتنسيق تلك المساعدات وتطويرها، التقى بممثلين ومسؤولين من هيئات المجتمع المدني وليس من الحكومة اللبنانية الغائبة كلياً سواء عن أعمال المسح أو إزالة الركام أو إعادة الإعمار» بحسب قوله. وأضاف أن «الشعب اللبناني يرى حكاماً يستخدمون النظام لإثراء أنفسهم ويتجاهلون المطالب الشعبية». وقال: «لقد انتهت تلك الحقبة، ولم يعد هناك مزيد من المال لذلك، لقد وصلوا إلى الحضيض، وأعتقد أن القيادة عاجلاً أم آجلاً، ستقدر حقيقة أن الوقت قد حان للتغيير». وأضاف: «إذا لم يحدث ذلك؛ فأنا على قناعة بأن المتظاهرين سيكثفون ضغوطهم»، معدداً قائمة بالتغييرات المطلوبة من السياسيين؛ على رأسها إجراء إصلاحات مالية واقتصادية، وإنهاء الفساد المستشري، وتحسين الشفافية، ومعالجة مشكلة الكهرباء، وإجراء تدقيق مع البنك المركزي.
وقال هيل إنه أجرى مباحثات مع المسؤولين اللبنانيين داخل السلطة وخارجها ومع ممثلين عن الحراك الشعبي، و«أبلغتهم أنه لا يمكن للإصلاح أن يأتي من الخارج، وأن على القادة اللبنانيين التحلي بالإرادة السياسية والالتزام بالقيام بهذه الإصلاحات».
وأضاف أن «ما حدث في مرفأ بيروت أمر سيئ بما فيه الكفاية، وهو يكشف من نواحٍ كثيرة دلائل على مشكلات أكبر في لبنان». وتابع: «القادة اللبنانيون يتجاهلون مسؤولياتهم بشأن تلبية احتياجات الناس ويقاومون هذا النوع من الإصلاحات الجذرية والأساسية التي تحتاجها البلاد». وأضاف أن «مهمة تشكيل حكومة لبنانية قادرة على تحقيق ذلك هي على عاتق اللبنانيين أنفسهم من دون تدخل أجنبي»، مشدداً في الوقت نفسه على أن «تقديم المساعدات في المرحلة المقبلة مرهون بالإصلاحات الضرورية التي تتعارض مع مصالح كل الأطراف التي تريد بقاء الوضع الراهن في لبنان على حاله، بما فيها (حزب الله) الذي يعدّ اليوم جزءاً كبيراً من المشكلة».
وأضاف أن «الانفجار الذي وقع في الرابع من الشهر الحالي وما سببه من أضرار بشرية ومادية، نموذج لعقود من الفساد وعدم تحمل المسؤولية والمحاسبة التي مارستها الحكومات السابقة حتى الآن».



انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
TT

انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)

بموازاة استمرار الجماعة الحوثية في تصعيد هجماتها على إسرائيل، واستهداف الملاحة في البحر الأحمر، وتراجع قدرات المواني؛ نتيجة الردِّ على تلك الهجمات، أظهرت بيانات حديثة وزَّعتها الأمم المتحدة تراجعَ مستوى الدخل الرئيسي لثُلثَي اليمنيين خلال الشهر الأخير من عام 2024 مقارنة بالشهر الذي سبقه، لكن هذا الانخفاض كان شديداً في مناطق سيطرة الجماعة المدعومة من إيران.

ووفق مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، فقد واجهت العمالة المؤقتة خارج المزارع تحديات؛ بسبب طقس الشتاء البارد، ونتيجة لذلك، أفاد 65 في المائة من الأسر التي شملها الاستطلاع بانخفاض في دخلها الرئيسي مقارنة بشهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي والفترة نفسها من العام الماضي، وأكد أن هذا الانخفاض كان شديداً بشكل غير متناسب في مناطق الحوثيين.

وطبقاً لهذه البيانات، فإن انعدام الأمن الغذائي لم يتغيَّر في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية، بينما انخفض بشكل طفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين؛ نتيجة استئناف توزيع المساعدات الغذائية هناك.

الوضع الإنساني في مناطق الحوثيين لا يزال مزرياً (الأمم المتحدة)

وأظهرت مؤشرات نتائج انعدام الأمن الغذائي هناك انخفاضاً طفيفاً في صنعاء مقارنة بالشهر السابق، وعلى وجه التحديد، انخفض الاستهلاك غير الكافي للغذاء من 46.9 في المائة في نوفمبر إلى 43 في المائة في ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وضع متدهور

على النقيض من ذلك، ظلَّ انعدام الأمن الغذائي في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية دون تغيير إلى حد كبير، حيث ظلَّ الاستهلاك غير الكافي للغذاء عند مستوى مرتفع بلغ 52 في المائة، مما يشير إلى أن نحو أسرة واحدة من كل أسرتين في تلك المناطق تعاني من انعدام الأمن الغذائي.

ونبّه المكتب الأممي إلى أنه وعلى الرغم من التحسُّن الطفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، فإن الوضع لا يزال مزرياً، على غرار المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة، حيث يعاني نحو نصف الأسر من انعدام الأمن الغذائي (20 في المائية من السكان) مع حرمان شديد من الغذاء، كما يتضح من درجة استهلاك الغذاء.

نصف الأسر اليمنية يعاني من انعدام الأمن الغذائي في مختلف المحافظات (إعلام محلي)

وبحسب هذه البيانات، لم يتمكَّن دخل الأسر من مواكبة ارتفاع تكاليف سلال الغذاء الدنيا، مما أدى إلى تآكل القدرة الشرائية، حيث أفاد نحو ربع الأسر التي شملها الاستطلاع في مناطق الحكومة بارتفاع أسعار المواد الغذائية كصدمة كبرى، مما يؤكد ارتفاع أسعار المواد الغذائية الاسمية بشكل مستمر في هذه المناطق.

وذكر المكتب الأممي أنه وبعد ذروة الدخول الزراعية خلال موسم الحصاد في أكتوبر (تشرين الأول) ونوفمبر، الماضيين، شهد شهر ديسمبر أنشطةً زراعيةً محدودةً، مما قلل من فرص العمل في المزارع.

ولا يتوقع المكتب المسؤول عن تنسيق العمليات الإنسانية في اليمن حدوث تحسُّن كبير في ملف انعدام الأمن الغذائي خلال الشهرين المقبلين، بل رجّح أن يزداد الوضع سوءاً مع التقدم في الموسم.

وقال إن هذا التوقع يستمر ما لم يتم توسيع نطاق المساعدات الإنسانية المستهدفة في المناطق الأكثر عرضة لانعدام الأمن الغذائي الشديد.

تحديات هائلة

بدوره، أكد المكتب الإنمائي للأمم المتحدة أن اليمن استمرَّ في مواجهة تحديات إنسانية هائلة خلال عام 2024؛ نتيجة للصراع المسلح والكوارث الطبيعية الناجمة عن تغير المناخ.

وذكر أن التقديرات تشير إلى نزوح 531 ألف شخص منذ بداية عام 2024، منهم 93 في المائة (492877 فرداً) نزحوا بسبب الأزمات المرتبطة بالمناخ، بينما نزح 7 في المائة (38129 فرداً) بسبب الصراع المسلح.

نحو مليون يمني تضرروا جراء الفيضانات منتصف العام الماضي (الأمم المتحدة)

ولعبت آلية الاستجابة السريعة متعددة القطاعات التابعة للأمم المتحدة، بقيادة صندوق الأمم المتحدة للسكان، وبالشراكة مع برنامج الأغذية العالمي و«اليونيسيف» وشركاء إنسانيين آخرين، دوراً محورياً في معالجة الاحتياجات الإنسانية العاجلة الناتجة عن هذه الأزمات، وتوفير المساعدة الفورية المنقذة للحياة للأشخاص المتضررين.

وطوال عام 2024، وصلت آلية الاستجابة السريعة إلى 463204 أفراد، يمثلون 87 في المائة من المسجلين للحصول على المساعدة في 21 محافظة يمنية، بمَن في ذلك الفئات الأكثر ضعفاً، الذين كان 22 في المائة منهم من الأسر التي تعولها نساء، و21 في المائة من كبار السن، و10 في المائة من ذوي الإعاقة.

وبالإضافة إلى ذلك، تقول البيانات الأممية إن آلية الاستجابة السريعة في اليمن تسهم في تعزيز التنسيق وكفاءة تقديم المساعدات من خلال المشاركة النشطة للبيانات التي تم جمعها من خلال عملية الآلية وتقييم الاحتياجات.