أليكسي نافالني، الناشط في مكافحة الفساد وأبرز المعارضين السياسيين في روسيا منذ ما يقرب من عقد، يتمتع بشخصية جذابة ومصمم على تحدي قبضة فلاديمير بوتين على السلطة، على الرغم من تكرار سجنه وحتى إصابة صحته بالوهن.
وقد أُدخل العناية المركزة في مستشفى في سيبيريا، اليوم (الخميس)، بعد أن قال مؤيدوه إنه أصيب بتسمم، بحسب ما نقلته الوكالة الفرنسية للأنباء.
وقد مُنع المحامي البالغ من العمر 44 عاماً الذي تلقى تعليمه في جامعة ييل، من الظهور على شاشات التلفزيون الحكومي ومن الترشح في مواجهة بوتين خلال الانتخابات الرئاسية التي جرت في 2018.
تعرض نافالني مراراً للسجن والاعتداء الجسدي، لكنه تعهد بالمضي قدماً في جهوده. وحظي نافالني بقاعدة جماهيرية شابة جذبتها تسجيلات فيديو تكشف عن الفساد بين النخب ولديه أكثر من مليوني متابع على «تويتر».
وقد لفت الانتباه بخطابه غير المتهاون وعباراته المتهكمة، مثل تسمية حزب روسيا المتحدة الحاكم باسم «حزب المحتالين واللصوص». في عام 2011، قاد المدون المناهض للفساد مظاهرات حاشدة عندما خرج عشرات الآلاف إلى شوارع موسكو للاحتجاج على التزوير في الانتخابات البرلمانية.
بعد ذلك بعامين، ترشح الأب لطفلين لمنصب رئيس بلدية موسكو وحل ثانياً بعد حليف بوتين سيرغي سوبيانين. في 2017، اتهم رئيس الوزراء آنذاك ديمتري ميدفيديف بالفساد الهائل في فيلم وثائقي على موقع «يوتيوب». وكانت تلك الشرارة التي أطلقت موجة جديدة من الاحتجاجات في جميع أنحاء البلاد قابلتها الشرطة بالعنف والاعتقالات الجماعية. في العام نفسه، اضطر إلى السفر إلى إسبانيا لإجراء عملية جراحية بعد أن كاد يفقد البصر في إحدى عينيه جراء هجمات الشوارع الكثيرة التي تعرض لها.
واجه نافالني سلسلة من القضايا القانونية التي يرى أنصاره أنها عقاب له على نشاطه. في عام 2013، أُدين في قضية اختلاس تتعلق بصفقة أخشاب وحُكم عليه بالسجن لمدة خمس سنوات مع وقف التنفيذ؛ ما حرمه من الترشح لمنصب عام.
في عام 2014، حُكم عليه مرة أخرى مع وقف التنفيذ، وسُجن شقيقه أوليغ لثلاث سنوات ونصف السنة في قرار وصفه النشطاء بأنه «احتجاز رهائن».
قال نافالني، إنه كوّن معرفته بالحملات السياسية من خلال مشاهدة المسلسل التلفزيوني الأميركي «هاوس أوف كاردز» (ورق اللعب) وسمى ذات مرة بين أبطاله المفضلين الممثل الهوليوودي الذي تحول إلى العمل السياسي أرنولد شوارزنيغر.
قام نافالني بجولة في روسيا قبل انتخابات 2018، في حملة على النمط الأميركي لحشد مؤيديه. ولكن مع سيطرة الكرملين المحكمة على وسائل الإعلام، ما زال يمثل شخصية هامشية بالنسبة للكثير من الروس الذين يعرفونه من خلال الصورة الرسمية له على أنه عميل للغرب ومجرم مُدان.
ورفض بوتين نطق اسم نافالني علناً، وبدلاً من ذلك أشار إليه على أنه «الشخص الذي ذكرته»، من بين عبارات مموهة أخرى، عندما سُئل مباشرة عن زعيم المعارضة.
- ثروات النخب
مع منعه من الظهور في وسائل الإعلام الرسمية، ظل نافالني يعمل على الكشف عن ثروات النخب الروسية، وبث نتائج تحقيقاته إلى ملايين الروس على وسائل التواصل الاجتماعي ويوتيوب.
وقد ساعد نافالني وفريقه، من خلال البحث في سجلات الأراضي وملفات الشركات الخارجية، في الكشف عن القصور والثروات المخفية لكبار المسؤولين.
ومن بين أكثر ما يلفت النظر فيما كشف عنه نافالني تفاصيل عن المنازل الفخمة لحلفاء بوتين في روسيا وخارجها - بما في ذلك قصر مجهز بغرفة تخزين واسعة مكيفة لمعاطف الفرو.
لكن على الرغم من قدرته على تأجيج الاستياء بين الشباب من أبناء الطبقة الوسطى في المدن إلى حد كبير، فإنه بعيد عن كونه شخصية معارضة تحظى بالإجماع؛ إذ ينتقد البعض موقفه المناهض للهجرة.
وقد حقق أكبر نجاح له مؤخراً في الانتخابات المحلية العام الماضي، عندما تكبدت الأحزاب الموالية لبوتين خسائر بسبب خطة «التصويت الذكي» التي طرحها نافالني بعد منع حلفائه من خوض الانتخابات.
أدى هذا التكتيك - الذي دعا الناخبين إلى دعم مرشح المعارضة الوحيد الذي من المرجح أن يهزم الحزب الحاكم - إلى تراجع المشرعين المدعومين من الكرملين من 38 من أصل 45 مقعداً في مجلس مدينة موسكو إلى 25.
أليكسي نافالني... معارض تحدى قبضة بوتين حتى أصيب بالتسمم
أليكسي نافالني... معارض تحدى قبضة بوتين حتى أصيب بالتسمم
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة