ردود فعل متباينة بعد تعاقد عمرو دياب مع «نتفليكس» على بطولة مسلسل

عمرو دياب  -  عمرو دياب (انستغرام)
عمرو دياب - عمرو دياب (انستغرام)
TT

ردود فعل متباينة بعد تعاقد عمرو دياب مع «نتفليكس» على بطولة مسلسل

عمرو دياب  -  عمرو دياب (انستغرام)
عمرو دياب - عمرو دياب (انستغرام)

أثار إعلان منصة «نتفليكس» العالمية مساء أول من أمس، بشأن إنتاج مسلسل غنائي للفنان المصري الشهير عمرو دياب، ردود فعل واسعة جداً في مصر وبعض الدول العربية، وتباينت الآراء وردود الأفعال ما بين مؤيدين لفكرة عودة «الهضبة» للظهور مرة أخرى كممثل بعد فترة غياب دامت نحو 27 عاماً، وآخرين يرون أن العودة الدرامية غير مضمونة النجاح، في ظل تركيز دياب على مشروعه الغنائي خلال السنوات الطويلة الماضية.
وقدم عمرو دياب عدداً قليلاً من الأعمال الدرامية، خلال مشواره الفني، بدأها بمسلسل «ينابيع النهر» مع مديحة كامل، وهالة صدقي، وصلاح السعدني في منتصف ثمانينات القرن الماضي، وقام بغناء تتر بداية ونهاية المسلسل، الذي تزامن عرضه مع انطلاقته في مجال الغناء وبداية شهرته المحلية.
وتوالت أعماله الدرامية بعد «ينابيع النهر» فشارك كضيف شرف في فيلم «السجينتان» مع إلهام شاهين، بينما قدم أولى بطولاته السينمائية في مطلع تسعينيات القرن الماضي عبر فيلم «العفاريت» مع مديحة كامل، ثم تبعه ببطولة الفيلم الغنائي «آيس كريم في جليم» مع سيمون في عام 1992، فيما كان آخر أعماله السينمائية فيلم «ضحك ولعب وجد وحب» عام 1993، بمشاركة النجم المصري العالمي الراحل عمر الشريف والفنانة يسرا.
ويرى السيناريست والشاعر الدكتور مدحت العدل، أنه «من حق عمرو دياب استغلال نجوميته في الغناء لصنع عمل فني عالمي، لا سيما أن خلود الفنان يتم عبر أعماله الدرامية والسينمائية». ويضيف لـ«الشرق الأوسط»: «عمرو دياب جدير بثقة المنصة العالمية، وإذا تم توظيف إمكانياته الفنية في مكانها الصحيح، حتماً ستكون ثمرة التعاون إيجابية جداً»، مشيراً إلى أن تجربته في فيلم «آيس كريم في جليم» تأكد قدراته الجيدة في مجال التمثيل، مؤكداً أن «السيناريو والحوار سيكونان عاملين أساسيين لنجاح تجربة دياب»، داعياً إياه إلى «تقديم الكثير من الأعمال الدرامية خلال الفترة المقبلة، لأن تعاونه مع المنصات الرقمية بأعمال فنية قصيرة تناسب مشواره الفني، وتساهم في ترسيخ شهرته وقاعدته الجماهيرية».
وحاول عمرو دياب خلال سنوات ابتعاده عن التمثيل تنفيذ أكثر من عمل درامي وبرامج تلفزيونية ولكنه تراجع عن ذلك، وفق روايات بعض المؤلفين والمنتجين المصريين. وتقول الناقدة ماجدة خير الله التي شاركت في فيلم «العفاريت» مع دياب: «عمرو دياب يريد أن يكون في المقدمة طوال الوقت» وتضيف لـ«الشرق الأوسط»: «ليس كل مطرب ناجح بإمكانه أن يكون ممثلاً ناجحاً، وعمرو قدم ثلاثة أفلام تراوحت في مستواها بين الجيد، والناجح جداً، والذي لم يحقق نجاحاً على غرار فيلم «ضحك ولعب وجد وحب» على حد قولها.
ووصفت خير الله خبر إعلان دياب عن تقديم مسلسل بـ«القنبلة» التي يطلقها من حين لآخر... وأضافت: «دياب الأول في الغناء والتمثيل في الكليبات الفنية، أما موهبته في التمثيل فتأتي في المرتبة الثانية أو الثالثة، لذلك أتوقع عدم اكتمال المشروع لأنه يحب أن يكون دائماً في المرتبة الأولى».
وأبدى عمرو دياب سعادة بالغة وحماسة كبيرة، إذ قام بمشاركة خبر عودته من خلال الصفحة الرسمية للمنصة العالمية «نتفليكس» على «فيسبوك» وعلى جميع صفحاته الرسمية بمواقع التواصل الاجتماعي، وعلق قائلاً: «أنا أشد المؤمنين بأن الفن لغة عالمية، وقد استطعنا أن نبني من خلال الغناء جسوراً من التواصل والمحبة مع العديد من الثقافات المختلفة، ومن خلال نتفليكس العالمية سنقدم عملاً تحت شعار (صنع في مصر)».
من جهته، يرى الناقد الفني المصري معتمد عبد الغني أن «الفنان عمرو دياب نجم غناء يفتقد لموهبة التمثيل»، ويضيف لـ«الشرق الأوسط»: «في كليباته المصورة يعتمد على حركات راقصة واحدة، ومشاركته في بعض الأعمال الدرامية والسينمائية والفنية السابقة كانت باهتة عكس اختياراته وتجاربه في سوق الغناء».
وأشار عبد الغني إلى أن عمرو دياب اكتشف ذلك بذكاء في منتصف تسعينات القرن الماضي، بعد فيلم «ضحك ولعب وجد وحب»، إذ ركز على المشروع الغنائي فقط، ورغم خسارته لتأريخ أغانيه على شريط السينما مثل عبد الحليم حافظ، وتامر حسني منافسه الحالي، فإنه استطاع البقاء على القمة ولم يتأثر بتغير أذواق الجمهور مثل باقي أبناء جيله».
واعتبر معتمد أن جمهور عمرو دياب ينتظره في الدراما لثقتهم في ذكائه الفني، وعمرو يؤجل هذه العودة منذ سنوات، ربما لتخوفه من تكرار إخفاقات تجاربه التمثيلية الأولى، وأكثر من جهة إنتاجية سبق وأعلنت تعاونها معه دون تفاصيل ثم انسحب.
وتوقع عبد الغني أن يسبق ظهور عمرو دياب كممثل مع شبكة كبيرة مثل «نتفليكس» حصوله على ورش تمثيل متطورة، واختيار قصة تناسبه، مع نجوم دراما يدعمون مغامرته التي لن يخسر شيئاً إذا لم يخضها.
ويطل عمرو على الجمهور المصري بشكل مكثف حالياً عبر بث أغنية «يا بلدنا يا حلوة» على الشاشات المصرية، وهي الأغنية التي يتعاون فيها مع إحدى شركات الاتصالات بمصر. وحققت رواجاً ومشاهدات كبيرة بالآونة الأخيرة.


مقالات ذات صلة

بعد توقفها... عودة خدمة «نتفليكس» لمعظم المستخدمين في أميركا

يوميات الشرق شعار منصة البث المباشر «نتفليكس» (رويترز)

بعد توقفها... عودة خدمة «نتفليكس» لمعظم المستخدمين في أميركا

كشف موقع «داون ديتيكتور» لتتبع الأعطال، عن أن منصة البث المباشر «نتفليكس» عادت إلى العمل، اليوم (السبت)، بعد انقطاع استمرّ نحو 6 ساعات.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
يوميات الشرق الممثل كيليان مورفي يعود إلى شخصية تومي شلبي في فيلم «The Immortal Man» (نتفليكس)

عصابة آل شلبي عائدة... من باب السينما هذه المرة

يعود المسلسل المحبوب «Peaky Blinders» بعد 6 مواسم ناجحة، إنما هذه المرة على هيئة فيلم من بطولة كيليان مورفي المعروف بشخصية تومي شلبي.

كريستين حبيب (بيروت)
يوميات الشرق مسلسل «Monsters» يعيد إلى الضوء جريمة قتل جوزيه وكيتي مينينديز على يد ابنَيهما لايل وإريك (نتفليكس)

قتلا والدَيهما... هل يُطلق مسلسل «نتفليكس» سراح الأخوين مينينديز؟

أطلق الشقيقان مينينديز النار على والدَيهما حتى الموت عام 1989 في جريمة هزت الرأي العام الأميركي، وها هي القصة تعود إلى الضوء مع مسلسل «وحوش» على «نتفليكس».

كريستين حبيب (بيروت)
يوميات الشرق ليلي كولينز بطلة مسلسل «إميلي في باريس» (رويترز)

لماذا تفجر «إميلي في باريس» مواجهة دبلوماسية بين فرنسا وإيطاليا؟

انفتحت جبهة جديدة في التاريخ الطويل والمتشابك والمثير للحقد في بعض الأحيان للعلاقات بين إيطاليا وفرنسا، والأمر يدور هذه المرة حول مسلسل «إميلي في باريس».

«الشرق الأوسط» (باريس- روما)
يوميات الشرق His Three Daughters فيلم درامي عائلي تميّزه بطلاته الثلاث (نتفليكس)

عندما يُطبخ موت الأب على نار صراعات بناته

يخرج فيلم «His Three Daughters» عن المألوف على مستوى المعالجة الدرامية، وبساطة التصوير، والسرد العالي الواقعية. أما أبرز نفاط قوته فنجماته الثلاث.

كريستين حبيب (بيروت)

100 عامٍ من عاصي الرحباني

عاصي الرحباني وفيروز (تويتر)
عاصي الرحباني وفيروز (تويتر)
TT

100 عامٍ من عاصي الرحباني

عاصي الرحباني وفيروز (تويتر)
عاصي الرحباني وفيروز (تويتر)

في الرابع من شهر الخِصب وبراعم اللوز والورد، وُلد عاصي الرحباني. كانت البلادُ فكرةً فَتيّة لم تبلغ بعد عامها الثالث. وكانت أنطلياس، مسقط الرأس، قريةً لبنانيةً ساحليّة تتعطّر بزهر الليمون، وتَطربُ لارتطام الموج بصخور شاطئها.
لو قُدّر له أن يبلغ عامه المائة اليوم، لأَبصر عاصي التحوّلات التي أصابت البلاد وقُراها. تلاشت الأحلام، لكنّ «الرحباني الكبير» ثابتٌ كحقيقةٍ مُطلَقة وعَصي على الغياب؛ مقيمٌ في الأمس، متجذّر في الحاضر وممتدّةٌ جذوره إلى كل الآتي من الزمان.


عاصي الرحباني خلال جلسة تمرين ويبدو شقيقه الياس على البيانو (أرشيف Rahbani Productions)

«مهما قلنا عن عاصي قليل، ومهما فعلت الدولة لتكريمه قليل، وهذا يشمل كذلك منصور وفيروز»، يقول المؤلّف والمنتج الموسيقي أسامة الرحباني لـ«الشرق الأوسط» بمناسبة مئويّة عمّه. أما الصحافي والباحث محمود الزيباوي، الذي تعمّق كثيراً في إرث الرحابنة، فيرى أن التكريم الحقيقي يكون بتأليف لجنة تصنّف ما لم يُنشر من لوحاته الغنائية الموجودة في إذاعتَي دمشق ولبنان، وتعمل على نشره.
يقرّ أسامة الرحباني بتقصير العائلة تجاه «الريبرتوار الرحباني الضخم الذي يحتاج إلى تضافر جهود من أجل جَمعه»، متأسفاً على «الأعمال الكثيرة التي راحت في إذاعة الشرق الأدنى». غير أنّ ما انتشر من أغانٍ ومسرحيات وأفلام، على مدى أربعة عقود من عمل الثلاثي الرحباني عاصي ومنصور وفيروز، أصبح ذخيرةً للقرون المقبلة، وليس للقرن الرحباني الأول فحسب.

«فوتي احفظي، قومي سجّلي»
«كان بركاناً يغلي بالعمل... يكتب بسرعة ولا يتوقف عند هاجس صناعة ما هو أجمل، بل يترك السرد يمشي كي لا ينقطع الدفق»، هكذا يتذكّر أسامة عمّه عاصي. وفي بال الزيباوي كذلك، «عاصي هو تجسيدٌ للشغف وللإنسان المهووس بعمله». لم يكن مستغرباً أن يرنّ الهاتف عند أحد أصدقائه الساعة الثالثة فجراً، ليخرج صوت عاصي من السمّاعة قارئاً له ما كتب أو آخذاً رأيه في لحنٍ أنهاه للتوّ.
ووفق ما سمعه الزيباوي، فإن «بعض تمارين السيدة فيروز وتسجيلاتها كان من الممكن أن يمتدّ لـ40 ساعة متواصلة. يعيد التسجيل إذا لم يعجبه تفصيل، وهذا كان يرهقها»، رغم أنه الزوج وأب الأولاد الأربعة، إلا أن «عاصي بقي الأستاذ الذي تزوّج تلميذته»، على حدّ وصف الزيباوي. ومن أكثر الجمل التي تتذكّرها التلميذة عن أستاذها: «فوتي احفظي، قومي سَجّلي». أضنى الأمر فيروز وغالباً ما اعترفت به في الحوارات معها قبل أن تُطلقَ تنهيدةً صامتة: «كان ديكتاتوراً ومتطلّباً وقاسياً ومش سهل الرِضا أبداً... كان صعب كتير بالفن. لمّا يقرر شي يمشي فيه، ما يهمّه مواقفي».


عاصي وفيروز (تويتر)
نعم، كان عاصي الرحباني ديكتاتوراً في الفن وفق كل مَن عاصروه وعملوا معه. «كل العباقرة ديكتاتوريين، وهذا ضروري في الفن»، يقول أسامة الرحباني. ثم إن تلك القسوة لم تأتِ من عدم، فعاصي ومنصور ابنا الوَعر والحرمان.
أثقلت كتفَي عاصي منذ الصغر همومٌ أكبر من سنّه، فتحمّلَ وأخوه مسؤولية العائلة بعد وفاة الوالد. كان السند المعنوي والمادّي لأهل بيته. كمعطفٍ ردّ البردَ عنهم، كما في تلك الليلة العاصفة التي استقل فيها دراجة هوائية وقادها تحت حبال المطر من أنطلياس إلى الدورة، بحثاً عن منصور الذي تأخّر بالعودة من الوظيفة في بيروت. يروي أسامة الرحباني أنها «كانت لحظة مؤثرة جداً بين الأخوين، أبصرا خلالها وضعهما المادي المُذري... لم ينسيا ذلك المشهد أبداً، ومن مواقفَ كتلك استمدّا قوّتهما».
وكما في الصِبا كذلك في الطفولة، عندما كانت تمطر فتدخل المياه إلى المدرسة، كان يظنّ منصور أن الطوفان المذكور في الكتاب المقدّس قد بدأ. يُصاب بالهلَع ويصرخ مطالباً المدرّسين بالذهاب إلى أخيه، فيلاقيه عاصي ويحتضنه مهدّئاً من رَوعه.

«سهرة حبّ»... بالدَين
تعاقبت مواسم العزّ على سنوات عاصي الرحباني. فبعد بدايةٍ متعثّرة وحربٍ شرسة ضد أسلوبه الموسيقي الثائر على القديم، سلك دروب المجد. متسلّحاً بخياله المطرّز بحكايا جدّته غيتا و«عنتريّات» الوالد حنّا عاصي، اخترع قصصاً خفتت بفعلِ سحرِها الأصواتُ المُعترضة. أما لحناً، فابتدعَ نغمات غير مطابقة للنظريات السائدة، و«أوجد تركيبة جديدة لتوزيع الموسيقى العربية»، على ما يشرح أسامة الرحباني.


صورة تجمع عاصي ومنصور الرحباني وفيروز بالموسيقار محمد عبد الوهاب وفريد الأطرش، بحضور بديعة مصابني وفيلمون وهبي ونجيب حنكش (أرشيف Rahbani Productions)
كان عاصي مستعداً للخسارة المادية من أجل الربح الفني. يحكي محمود الزيباوي أنه، ولشدّة مثاليته، «سجّل مسرحية (سهرة حب) مرتَين ولم تعجبه النتيجة، فاقترض مبلغاً من المال ليسجّلها مرة ثالثة». ويضيف أن «أساطير كثيرة نُسجت حول الرحابنة، لكن الأسطورة الحقيقية الوحيدة هي جمال عملهم».
ما كانت لتكتمل أسطورة عاصي، لولا صوت تلك الصبية التي دخلت قفصَه الذهبي نهاد حدّاد، وطارت منه «فيروز».
«أدهشته»، يؤكّد الزيباوي؛ ويستطرد: «لكنّ أحداً منهما لم يعرف كيف يميّز بين نهاد حداد وفيروز»... «هي طبعاً المُلهِمة»، يقول أسامة الرحباني؛ «لمح فيها الشخصية التي لطالما أراد رسمَها، ورأى امرأةً تتجاوب مع تلك الشخصية»، ويضيف أن «عاصي دفع بصوت فيروز إلى الأعلى، فهو في الفن كان عنيفاً ويؤمن بالعصَب. كان يكره الارتخاء الموسيقي ويربط النجاح بالطبع الفني القوي، وهذا موجود عند فيروز».


زفاف عاصي الرحباني ونهاد حداد (فيروز) عام 1955 (تويتر)

دماغٌ بحجم وطن
من عزّ المجد، سرقت جلطة دماغيّة عاصي الرحباني عام 1972. «أكثر ما يثير الحزن أن عاصي مرض وهو في ذروة عطائه وإبداعه، وقد زادت الحرب اللبنانية من مرضه وصعّبت العمل كثيراً»، وفق الزيباوي. لم يكن القلق من الغد الغامض غريباً عليه. فهو ومنذ أودى انفجارٌ في إحدى الكسّارات بحياة زوج خالته يوسف الزيناتي، الذي كان يعتبره صياداً خارقاً واستوحى منه شخصيات لمسرحه، سكنته الأسئلة الحائرة حول الموت وما بعدَه.
الدماغ الذي وصفه الطبيب الفرنسي المعالج بأنه من أكبر ما رأى، عاد ليضيء كقمرٍ ليالي الحصّادين والعاشقين والوطن المشلّع. نهض عاصي ورجع إلى البزُق الذي ورثه عن والده، وإلى نُبله وكرمه الذي يسرد أسامة الرحباني عنهما الكثير.
بعد المرض، لانت قسوة عاصي في العمل وتَضاعفَ كرَمُه المعهود. يقول أسامة الرحباني إن «أقصى لحظات فرحه كانت لحظة العطاء». أعطى من ماله ومن فِكرِه، وعُرف بيدِه الموضوعة دائماً في جيبِه استعداداً لتوزيع النقود على المحتاجين في الشارع. أما داخل البيت، فتجسّد الكرَم عاداتٍ لطيفة وطريفة، كأن يشتري 20 كنزة متشابهة ويوزّعها على رجال العائلة وشبّانها.
خلال سنواته الأخيرة ومع احتدام الحرب، زاد قلق عاصي الرحباني على أفراد العائلة. ما كان يوفّر مزحة أو حكاية ليهدّئ بها خوف الأطفال، كما في ذلك اليوم من صيف 1975 الذي استُهدفت فيه بلدة بكفيا، مصيَف العائلة. يذكر أسامة الرحباني كيف دخل عاصي إلى الغرفة التي تجمّع فيها أولاد العائلة مرتعدين، فبدأ يقلّد الممثلين الأميركيين وهم يُطلقون النار في الأفلام الإيطالية، ليُنسيَهم ما في الخارج من أزيز رصاص حقيقي. وسط الدمار، بنى لهم وطناً من خيالٍ جميل، تماماً كما فعل وما زال يفعل في عامِه المائة، مع اللبنانيين.


عاصي الرحباني (غيتي)