تطوير لقاح لكورونا... الأهداف السياسية قد تطغى على الاعتبارات الصحية

نموذج للقاح يجري تطويره في الصين (رويترز)
نموذج للقاح يجري تطويره في الصين (رويترز)
TT

تطوير لقاح لكورونا... الأهداف السياسية قد تطغى على الاعتبارات الصحية

نموذج للقاح يجري تطويره في الصين (رويترز)
نموذج للقاح يجري تطويره في الصين (رويترز)

يثير قرار روسيا إطلاق لقاح ضد فيروس كورونا قبل أن تُثبت الاختبارات الحاسمة مدى سلامته وفعاليته، مخاوف من أن تطغى اعتبارات السياسة على معايير الصحة العامة في إطار السعي للبحث عن لقاح.
وأفادت وكالة «بلومبرغ» للأنباء بأن خطة الدولة الروسية لإطلاق عملية التلقيح الجماعية في أسرع وقت قبل حلول أكتوبر (تشرين الأول) المقبل، قد تؤدي إلى الضغط على الحكومات الأخرى للاستعجال وتجاوز خطوات علمية رئيسية، مما قد يعرض من يحصل على اللقاح للخطر. كما أن أي انتكاسة للقاح الروسي قد تلحق ضرراً بالثقة في اللقاحات عموماً.
وتعتبر محاولة إنهاء أزمة سببت وفاة أكثر من 750 ألف شخص حول العالم محفوفة بالأخطار. ومع ذلك، تمضي إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب قدما في عملية «وارب سبيد» الرامية إلى إنتاج 300 مليون جرعة من اللقاح بحلول يناير (كانون الثاني) 2021. وفي موازاة ذلك، هناك تعبئة ضخمة جارية في الصين من
أجل الحصول على لقاح.
ولا شك في أن إعلان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في 11 أغسطس (آب) عن إيجاد لقاح شكّل منعطفاً جديداً، خصوصاً أنه قال إن اللقاح «يعمل بشكل فعال نوعاً ما، مؤكداً أنه «اجتاز كل الاختبارات اللازمة».
من ناحية أخرى، حذّر بول أوفيت مدير مركز التعليم بشأن اللقاحات، واختصاصي الأمراض المعدية بمستشفى الأطفال في فيلادلفيا، من أن أي تحرك لإطلاق لقاح بناء على أدلة محدودة قد تكون له عواقب وخيمة. وقال: «قد يتسبب ذلك في أن يقول القادة الآخرون: أنظروا، لقد فعلوها، وهذا جيد بمقدار كافٍ. وإذا كان ذلك جيدا بالنسبة لهم، فإننا لا نريد أن نخسر. نريد أن نحمي مواطنينا أيضاً»، كما أوردت وكالة الأنباء الألمانية.
ونفى مسؤولون روس المخاوف بشأن السلامة والوتيرة التي تتحرك بها البلاد. وقالوا إن غيرة الغرب تثير الانتقادات بشأن اللقاح، الذي يحمل اسم «سبوتنيك في»، في إشارة إلى أول قمر صناعي في العالم، والذي أطلقه الاتحاد السوفياتي إلى الفضاء عام 1957.
وكشفت السلطات الروسية أنها تخطط لأن يكون العاملون في قطاع الصحة وغيرهم من الفئات المعرضة للخطر، أول من يحصل على اللقاح، وذلك بحلول نهاية الشهر الجاري، مع إعطائه للمتطوعين الذين سيخضعون للمراقبة عن كثب.
واللافت أن اللقاح الذي أعلن عنه بوتين ليس الوحيد في روسيا، فقد بدأت الشهر الماضي التجارب السريرية على لقاح ثان طوّره مختبر «فيكتور» في نوفوسيبيرسك.
وفي الولايات المتحدة، قال ترمب إن لقاحاً قد يكون جاهزا قبل حلول موعد الانتخابات الرئاسية في الثالث من نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل. لكن كبير خبراء الأمراض المعدية في البلاد أنتوني فاوتشي، قال إن وصول اللقاحات إلى عدد كبير من المواطنين لن يحصل قبل العام 2021.
ولا يبحث السياسيون عن اللقاح من أجل الفرار من الوباء فحسب، بل من الممكن أن يستخدمه البعض لمحاولة تحسين صورتهم القيادية، والتخلص من الانتقادات التي كانت توجه لأدائهم السابق.
وبالنسبة لرئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون، على سبيل المثال، فهي فرصة ليظهر أن المملكة المتحدة التي خرجت من الاتحاد الأوروبي (بريكست)، يمكنها تطوير لقاحات أسرع من دول الاتحاد الأوروبي.
كذلك، قد يساعد إنتاج لقاح صيني الرئيس شي جينبينغ في محو الصورة السيئة التي نجمت عن تفشي الفيروس انطلاقا من بلاده.
كما يحتاج ترمب إلى مفاجأة إيجابية لقلب نتائج استطلاعات الرأي، في الوقت الذي تتصدر فيه بلاده دول العالم من حيث أعداد الوفيات.
ويقول ستيفن موريسون، مدير مركز سياسات الصحة العالمية التابع لمركز الدراسات الاستراتيجية والدولية، إن بوتين «يحتاج إلى فوز
كبير»، لافتاً إلى أن «اقتصاده يعاني في ظل تفشي مرض كوفيد، وبسبب تراجع أسواق النفط».


مقالات ذات صلة

متحور جديد لـ«كورونا» في مصر؟... نفي رسمي و«تخوف سوشيالي»

شمال افريقيا «الصحة» المصرية تنفي رصد أمراض فيروسية أو متحورات مستحدثة (أرشيفية - مديرية الصحة والسكان بالقليوبية)

متحور جديد لـ«كورونا» في مصر؟... نفي رسمي و«تخوف سوشيالي»

نفت وزارة الصحة المصرية رصد أي أمراض بكتيرية أو فيروسية أو متحورات مستحدثة مجهولة من فيروس «كورونا».

محمد عجم (القاهرة)
الولايات المتحدة​ أظهر المسح الجديد تراجعاً في عدد الأطفال الصغار المسجلين في الدور التعليمية ما قبل سن الالتحاق بالمدارس في أميركا من جراء إغلاق الكثير من المدارس في ذروة جائحة كورونا (متداولة)

مسح جديد يرصد تأثير جائحة «كورونا» على أسلوب حياة الأميركيين

أظهر مسح أميركي تراجع عدد الأجداد الذين يعيشون مع أحفادهم ويعتنون بهم، وانخفاض عدد الأطفال الصغار الذين يذهبون إلى الدور التعليمية في أميركا.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
شمال افريقيا الزحام من أسباب انتشار العدوى (تصوير: عبد الفتاح فرج)

مصر: تطمينات رسمية بشأن انتشار متحور جديد لـ«كورونا»

نفى الدكتور محمد عوض تاج الدين مستشار الرئيس المصري لشؤون الصحة والوقاية وجود أي دليل على انتشار متحور جديد من فيروس «كورونا» في مصر الآن.

أحمد حسن بلح (القاهرة)
العالم رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)

الاتجار بالبشر يرتفع بشكل حاد عالمياً...وأكثر من ثُلث الضحايا أطفال

ذكر تقرير للأمم المتحدة -نُشر اليوم (الأربعاء)- أن الاتجار بالبشر ارتفع بشكل حاد، بسبب الصراعات والكوارث الناجمة عن المناخ والأزمات العالمية.

«الشرق الأوسط» (فيينا)

روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

TT

روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)

وجّه الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (الناتو) مارك روته، الخميس، تحذيراً قوياً بشأن ضرورة «زيادة» الإنفاق الدفاعي، قائلاً إن الدول الأوروبية في حاجة إلى بذل مزيد من الجهود «لمنع الحرب الكبرى التالية» مع تنامي التهديد الروسي، وقال إن الحلف يحتاج إلى التحول إلى «عقلية الحرب» في مواجهة العدوان المتزايد من روسيا والتهديدات الجديدة من الصين.

وقال روته في كلمة ألقاها في بروكسل: «نحن لسنا مستعدين لما ينتظرنا خلال أربع أو خمس سنوات»، مضيفاً: «الخطر يتجه نحونا بسرعة كبيرة»، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

وتحدّث روته في فعالية نظمها مركز بحثي في بروكسل تهدف إلى إطلاق نقاش حول الاستثمار العسكري.

جنود أميركيون من حلف «الناتو» في منطقة قريبة من أورزيسز في بولندا 13 أبريل 2017 (رويترز)

ويتعين على حلفاء «الناتو» استثمار ما لا يقل عن 2 في المائة من إجمالي ناتجهم المحلي في مجال الدفاع، لكن الأعضاء الأوروبيين وكندا لم يصلوا غالباً في الماضي إلى هذه النسبة.

وقد انتقدت الولايات المتحدة مراراً الحلفاء الذين لم يستثمروا بما يكفي، وهي قضية تم طرحها بشكل خاص خلال الإدارة الأولى للرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب.

وأضاف روته أن الاقتصاد الروسي في «حالة حرب»، مشيراً إلى أنه في عام 2025، سيبلغ إجمالي الإنفاق العسكري 7 - 8 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد - وهو أعلى مستوى له منذ الحرب الباردة.

وبينما أشار روته إلى أن الإنفاق الدفاعي ارتفع عما كان عليه قبل 10 سنوات، عندما تحرك «الناتو» لأول مرة لزيادة الاستثمار بعد ضم روسيا شبه جزيرة القرم من طرف واحد، غير أنه قال إن الحلفاء ما زالوا ينفقون أقل مما كانوا ينفقونه خلال الحرب الباردة، رغم أن المخاطر التي يواجهها حلف شمال الأطلسي هي «بالقدر نفسه من الضخامة إن لم تكن أكبر» (من مرحلة الحرب الباردة). واعتبر أن النسبة الحالية من الإنفاق الدفاعي من الناتج المحلي الإجمالي والتي تبلغ 2 في المائة ليست كافية على الإطلاق.

خلال تحليق لمقاتلات تابعة للـ«ناتو» فوق رومانيا 11 يونيو 2024 (رويترز)

وذكر روته أنه خلال الحرب الباردة مع الاتحاد السوفياتي، أنفق الأوروبيون أكثر من 3 في المائة من ناتجهم المحلي الإجمالي على الدفاع، غير أنه رفض اقتراح هذا الرقم هدفاً جديداً.

وسلَّط روته الضوء على الإنفاق الحكومي الأوروبي الحالي على معاشات التقاعد وأنظمة الرعاية الصحية وخدمات الرعاية الاجتماعية مصدراً محتملاً للتمويل.

واستطرد: «نحن في حاجة إلى جزء صغير من هذه الأموال لجعل دفاعاتنا أقوى بكثير، وللحفاظ على أسلوب حياتنا».