بري: مفاوضات ترسيم الحدود البحرية وصلت إلى خواتيمها وننتظر إجابات إسرائيلية

بري مجتمعاً مع هيل أثناء زيارته بيروت (الوكالة الوطنية)
بري مجتمعاً مع هيل أثناء زيارته بيروت (الوكالة الوطنية)
TT

بري: مفاوضات ترسيم الحدود البحرية وصلت إلى خواتيمها وننتظر إجابات إسرائيلية

بري مجتمعاً مع هيل أثناء زيارته بيروت (الوكالة الوطنية)
بري مجتمعاً مع هيل أثناء زيارته بيروت (الوكالة الوطنية)

أكد رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري أن المفاوضات التي يخوضها مع الأميركيين لترسيم الحدود البحرية الجنوبية «وصلت إلى خواتيمها»، متوقعاً أن يحمل الموفد الأميركي ديفيد شينكر إجابات إسرائيلية بهذا الخصوص قريباً، ومتوقعاً أيضاً انعكاسات إيجابية لهذا الموضوع على الوضع اللبناني.
ورأى الرئيس بري في دردشة مع مجموعة مصغرة من الإعلاميين أن المرشح الجدي الوحيد حتى الآن لترؤس الحكومة المقبلة هو الرئيس سعد الحريري، عادّاً أن الحريري «لا يستطيع أن يقول إنه لا يريد ذلك». ونفى بري أن يكون الحريري وضع شروطاً من بينها حصوله على صلاحيات استثنائية، معلناً أنه أبلغ رئيس الجمهورية العماد ميشال عون بترشيحه الحريري، وكذلك فعل خلال لقائه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون وغيره من المسؤولين الدوليين الذين زاروا لبنان.
وقال بري: «ثمة شروط عديدة؛ على لبنان تلبيتها من أجل الخروج من أزمته، وهي: أولاً الإصلاح. وثانياً الإصلاحات. وثالثاً الإصلاح»، عادّاً أن الإصلاح مطلب خارجي وداخلي وأنه بمثابة كلمة «افتح يا سمسم» لانطلاق صندوق النقد الدولي في مساعدة لبنان، وكذلك بقية دول العالم، كما أنه مطلب داخلي يحظى بشبه إجماع. وعدّ أن الإصلاحات معروفة للجميع، وأولها قطاع الكهرباء المسؤول عن نصف مديونية لبنان.
ورفض بري الدخول في توصيفات حول شكل الحكومة المقبلة، عادّاً أن الأهم هو أن تكون «حكومة قوية تستطيع أن تتخذ قرارات وتنفذها، لأن الفرصة المعطاة للبنان بدأت تنفد ولا مجال للترف أمامها».
ورأى بري أن «الحكومة وكل شيء آخر لا تغني عن عملية جراحية يحتاجها النظام اللبناني». وقال: «أنا لا أريد أن أعدل (اتفاق الطائف)؛ بل تطبيقه، وهذا الاتفاق نص صراحة على تشكيل مجلس للشيوخ بالتزامن مع تأليف أول حكومة على أساس وطني لا طائفي كما تنص المادة (22) من (دستور الطائف)». وأكد أنه «لا خلاص للبنان إلا بأن يمتلك الجميع جرأة وشجاعة الذهاب نحو الدولة المدنية، فخلاص لبنان لا يكون إلا بالإقدام على هذه العملية الجراحية الدستورية». وسأل بري: «إذا كان ذلك مستنداً على قاعدتين أساسيتين هما: الحفاظ على الدستور، وحفظ حقوق الأديان والطوائف؛ فما الذي يمنعنا من القيام بهذا الأمر؟». وأضاف: «من الخطأ أن يعتقد أحد ما أن هذا الطرح ليس أوانه اليوم، بالعكس؛ هذا كان يجب أن يتم قبل عشرين عاماً، وليس خافياً أن موضوع الدولة المدنية كان قد طرح على طاولة الحوار وحظي بموافقة جميع الأطراف، وحينها تم الاستمهال ليومين يعود طرفين أطراف الحوار ليتراجعا لأسباب أجهلها». وأشار رئيس المجلس إلى أن كل ذلك منسجم مع الدستور، خصوصاً المادة (22) منه التي تتحدث عن انتخاب مجلس للنواب وطني، وعن مجلس للشيوخ تتمثل فيه العائلات الروحية وتنحصر صلاحياته في القضايا المصيرية.
وشرح بري أن مفهومه لمجلس نواب وطني، هو قيامه على أساس المناصفة بين المسيحيين والمسلمين، من دون تحديد للكوتة المذهبية، فيما يكون تمثيل الطوائف محصوراً في مجلس الشيوخ الذي تناط به القضايا المصيرية، ومن بينها الأحوال الشخصية.
وكشف بري عن أن مسألة ترسيم الحدود اللبنانية البحرية الجنوبية التي يتولاها شخصياً منذ نحو 11 عاماً «وصلت إلى خواتيمها».
وقال: «نحن على أبواب تحديد موعد للإعلان عن الإطار والآلية التي سيتم على أساسها الترسيم». ونفى وجود أي خلاف مع رئيس الجمهورية حول من يدير الملف، مشيراً إلى أن عون والحريري كلفاه شخصياً إدارة هذا الملف، «وعندما يبدأ الترسيم الفعلي فسيكون الأمر بيد الحكومة والجيش ورئاسة الجمهورية»، موضحاً أن «مجيء الموفد الأميركي ديفيد شينكر إلى بيروت، إذا حصل، فسيكون حاملاً معه إجابات إسرائيلية حول الموضوع»، مؤكداً أن محادثاته مع مساعد وزير الخارجية الأميركي، ديفيد هيل، في هذا الشأن كانت «أكثر من ممتازة».
وعن الحكم الذي ستصدره المحكمة الخاصة بلبنان في قضية اغتيال الرئيس السابق للحكومة رفيق الحريرى ، قال بري ان ما صدر عن عائلة الرئيس الحريري ، وخصوصا من الشيخ سعد الحريري يطمئن بان الامور لن تتطور نحو مشاكل واشكالات في الشارع اللبناني
واضاف:»اعتقد ان هناك حرصا لدى الجميع على عدم زيادة الغلواء في البلاد»



هل يشغل الشرع مقعد سوريا في الجامعة العربية؟

مقرّ جامعة الدول العربية في القاهرة (الشرق الأوسط)
مقرّ جامعة الدول العربية في القاهرة (الشرق الأوسط)
TT

هل يشغل الشرع مقعد سوريا في الجامعة العربية؟

مقرّ جامعة الدول العربية في القاهرة (الشرق الأوسط)
مقرّ جامعة الدول العربية في القاهرة (الشرق الأوسط)

تزامناً مع الاستعداد لزيارة وفد من جامعة الدول العربية إلى دمشق خلال أيام، أثيرت تساؤلات بشأن ما إذا كان قائد الإدارة السورية الجديدة أحمد الشرع سيشغل مقعد بلاده في اجتماعات الجامعة المقبلة.

وأعلن الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية، السفير حسام زكي، في تصريحات متلفزة مساء الأحد، أنه «سيزور العاصمة السورية دمشق خلال أيام على رأس وفد من الأمانة العامة للجامعة لعقد لقاءات من الإدارة السورية الجديدة وأطراف أخرى؛ بهدف إعداد تقرير يقدم للأمين العام، أحمد أبو الغيط، وللدول الأعضاء بشأن طبيعة التغيرات في سوريا».

وكانت «الشرق الأوسط» كشفت قبل أيام عن عزم وفد من الجامعة على زيارة دمشق بهدف «فتح قناة اتصال مع السلطات الجديدة، والاستماع لرؤيتها»، وفقاً لما صرح به مصدر دبلوماسي عربي مطلع آنذاك.

وخلال تصريحاته، عبر شاشة «القاهرة والناس»، أوضح زكي أنه «قبل نحو ثلاثة أيام تواصلت الجامعة العربية مع الإدارة السورية الجديدة لترتيب الزيارة المرتقبة».

وبينما أشار زكي إلى أن البعض قد يرى أن الجامعة العربية تأخرت في التواصل مع الإدارة السورية الجديدة، أكد أن «الجامعة ليست غائبة عن دمشق، وإنما تتخذ مواقفها بناءً على قياس مواقف جميع الدول الأعضاء»، لافتاً إلى أنه «منذ سقوط نظام بشار الأسد لم يحدث سوى اجتماع واحد للجنة الاتصال العربية المعنية بسوريا منتصف الشهر الماضي».

وأوضح الأمين العام المساعد أن «الجامعة العربية طلبت بعد ذلك بأسبوع اجتماعاً مع الإدارة السورية الجديدة»، وقال: «نقدّر الضغط الكبير على الإدارة الجديدة، وربما عدم وجود خبرات أو أفكار كافية لملاحقة مثل هذه الطلبات».

وعقدت لجنة الاتصال الوزارية العربية المعنية بسوريا اجتماعاً بمدينة العقبة الأردنية، في 14 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، أكدت خلاله الوقوف إلى جانب الشعب السوري في هذه المرحلة الانتقالية.

وحول الهدف من الزيارة، قال زكي: «هناك دول عربية تواصلت مع الإدارة الجديدة، لكن باقي أعضاء الجامعة الـ22 من حقهم معرفة وفهم ما يحدث، لا سيما أنه ليس لدى الجميع القدرة أو الرغبة في التواصل». وأضاف أن «الزيارة أيضاً ستتيح الفرصة للجانب السوري لطرح رؤيته للوضع الحالي والمستقبل».

ولن تقتصر زيارة وفد الجامعة إلى سوريا على لقاء الإدارة الجديدة، بل ستمتد لأطراف أخرى فصَّلها زكي بقوله: «سنلتقي أي أطراف من المجتمع المدني والقيادات الدينية والسياسية». لكنه في الوقت نفسه نفى إمكانية لقاء «قسد»، وقال «(قسد) وضعها مختلف، كما أنها بعيدة عن العاصمة، حيث ستقتصر الزيارة على دمشق».

ومنذ إطاحة نظام بشار الأسد، في الثامن من ديسمبر (كانون الأول) الماضي، تسعى الإدارة السورية الجديدة إلى طمأنة الدول العربية والمجتمع الدولي. وفي هذا السياق، تواصلت دول عربية عدة مع الإدارة الجديدة، سواء عبر زيارات رسمية أو وفود برلمانية واستخباراتية أو اتصالات هاتفية.

وهو ما وصفه رئيس وحدة الدراسات العربية والإقليمية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور محمد عز العرب، بـ«الانفتاح العربي». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «اختيار وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني للسعودية أولى محطاته الخارجية يعدّ تأكيداً على رغبة دمشق في تعميق علاقتها العربية، لا سيما مع حاجتها إلى دعمها من أجل رفع العقوبات عن البلاد وإعادة إعمارها».

وأكد عز العرب أن «زيارة وفد الجامعة العربية المرتقبة إلى دمشق ستعمّق العلاقات العربية - السورية، في سياق انفتاح متبادل بين الجانبين».

واتفق معه أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة الدكتور أحمد يوسف أحمد، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «الجامعة العربية تتحرك بما يتلاءم مع توجهات أعضائها أو على الأقل الدول الوازنة فيها».

هذا الانفتاح العربي يأتي إيماناً بأن «سوريا دولة كبيرة ومهمة»، بحسب الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية، الذي قال: «سوريا تحتاج إلى كل الدعم العربي السياسي والمادي»، مضيفاً: «قد يكون الوضع غير مرضٍ للبعض، ويمكن تفهم هذا، لكن الشأن السوري أمر مرتبط بالسوريين أنفسهم إلى أن يبدأ في التأثير على دول قريبة».

وأضاف: «سوريا تمر بمرحلة جديدة، لكتابة التاريخ بأيدي مواطنيها، وعلى الدول العربية مدّ يد العون لها».

وبشأن شغل الشرع مقعد سوريا في الجامعة، قال زكي إن «القرار بيد الدول العربية وليس الأمانة العامة»، موضحاً أنه «لو كانت سوريا غير ممثلة ومقعدها شاغر كان من الممكن بحث عودتها الآن وربما وضع بعض المطالب لتحقيق ذلك».

وأضاف: «الواقع يقول إن سوريا موجودة في الجامعة وتشغل مقعدها، أما من يمثلها في هذا المقعد فهو أمر سوري في الأساس. عند تغيير الحكم في أي دولة يمثل الحكم الجديد بلده في المنظمة». لكن زكي أشار في الوقت نفسه إلى أن «هناك أموراً تتعلق بتمثيل شخص معين للدولة، وهنا قد يكون الأمر مرتبطاً بمجلس الأمن، حيث إن هناك قرارات تخصّ التنظيم الذي يرأسه الشرع لا بد من التعامل معها بشكل سريع وسلس».

وقال: «سوريا دولة كبيرة وما يحدث لها يعني العرب، ونظام الحكم الحالي غير النمطي قد لا يسهل الانفتاح عليه، لكن في النهاية دولة بهذه التركيبة لا يمكن أن تترك من جانب العرب».

وأقرّ مجلس وزراء الخارجية العرب في اجتماع طارئ عقد في القاهرة في 7 مايو (أيار) 2023 عودة سوريا لمقعدها بالجامعة، منهياً قراراً سابقاً بتعليق عضويتها صدر في نوفمبر (تشرين الثاني) 2011، بعد 8 أشهر من اندلاع الاحتجاجات في سوريا.

بدوره، قال الكاتب والباحث السياسي السوري، غسان يوسف، لـ«الشرق الأوسط» إن «الإدارة الحالية هي التي تقود العملية السياسية في سوريا، وهي سلطة الأمر الواقع، وأي اجتماع في الجامعة العربية سيحضره من يمثل هذه الإدارة لأنه ليس هناك بديل آخر الآن».

بينما أكد أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة إن «شغل الشرع لمقعد بلاده يتطلب اعترافاً من الجامعة العربية بالإدارة الجديدة، فالتواصل الذي حدث حتى الآن لا يعني بالضرورة اعترافاً به». وأشار إلى أن «الأمر قد يرتبط أيضاً بقرارات مجلس الأمن بهذا الشأن وما إذا كان سيسقط تكييف (الإرهاب) عن (هيئة تحرير الشام)».

لكن أحمد أشار إلى أن «الانفتاح العربي الحالي قد يحل المسألة، لا سيما مع وجود سوابق تاريخيّة اعترفت فيها الجامعة بحكم انتقالي كما حدث في العراق عام 2003».

وفي سبتمبر (أيلول) عام 2003 أعلنت الجامعة العربية، عقب اجتماع على مستوى وزراء الخارجية، الموافقة على شغل مجلس الحكم الانتقالي العراقي مقعد بلاده في الجامعة بصورة مؤقتة إلى حين قيام حكومة شرعية في بغداد.

وأعرب عز العرب عن اعتقاده أن «الفترة المقبلة ستشهد رفعاً للعقوبات الدولية عن سوريا، وتعزيزاً لشرعية الإدارة الجديدة».

وبينما أكد غسان يوسف أن «العقوبات لم ترفع عن سوريا حتى الآن»، أبدى تفاؤلاً بـ«إمكانية تغير الوضع مع عقد مؤتمر الحوار الوطني في سوريا الذي سيعطي مشروعية للحكومة».

وكانت «هيئة تحرير الشام» تُعرف سابقاً باسم «جبهة النصرة»، الجناح الرسمي لتنظيم «القاعدة» في سوريا، حتى قطعت علاقتها به عام 2016. ومنذ مايو (أيار) 2014، أُدرجت الجماعة على قائمة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لعقوبات تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، كما أن قائدها أحمد الشرع، وكان وقتها يكنى «أبو محمد الجولاني» مدرج على القائمة منذ يوليو (تموز) 2013.