منطقة اليورو تسجل أسوأ نتائج في تاريخها

تراجع الواردات يحسن الميزان التجاري

أكدت «يوروستات» أمس أن منطقة اليورو سجلت أسوأ نتائج في تاريخها في الناتج المحلي والتوظيف (رويترز)
أكدت «يوروستات» أمس أن منطقة اليورو سجلت أسوأ نتائج في تاريخها في الناتج المحلي والتوظيف (رويترز)
TT

منطقة اليورو تسجل أسوأ نتائج في تاريخها

أكدت «يوروستات» أمس أن منطقة اليورو سجلت أسوأ نتائج في تاريخها في الناتج المحلي والتوظيف (رويترز)
أكدت «يوروستات» أمس أن منطقة اليورو سجلت أسوأ نتائج في تاريخها في الناتج المحلي والتوظيف (رويترز)

أكدت وكالة الإحصاء الأوروبية (يوروستات)، الجمعة، أن اقتصاد منطقة العملة الأوروبية الموحدة (اليورو) انكمش بنسبة 12.1 في المائة خلال الربع الثاني من العام الحالي. وكانت «يوروستات» قد أعلنت الانكماش غير المسبوق في الناتج المحلي الإجمالي لمنطقة اليورو للمرة الأولى في نهاية يونيو (حزيران) الماضي، ثم أكدت الوضع الاقتصادي القاتم خلال تقديرات ثانية أعلنت عنها الجمعة.
ورغم أن البيانات الخاصة بمنطقة اليورو لم تتغير، فإن الوكالة عدلت بشكل طفيف تقديراتها بشأن الناتج المحلي الإجمالي للاتحاد الأوروبي، حيث ذكرت في يوليو (تموز) أنه انكمش بنسبة 11.9 في المائة، في حين كشفت تقديرات الجمعة انكماشه بنسبة 11.7 في المائة.
ويعود الانكماش الاقتصادي إلى حد كبير إلى إجراءات احتواء جائحة كورونا، حيث فرضت الدول في مختلف أنحاء العالم قيوداً للوقاية من الفيروس مثل الإغلاق وتقييد حركة السفر.
ومن جهة أخرى، قفز فائض تجارة منطقة اليورو مع بقية العالم في يونيو إلى 21.2 مليار يورو (25 مليار دولار)؛ إذ فاق انخفاض واردات التكتل من السلع تراجع الصادرات في ظل هبوط عالمي للتجارة بسبب جائحة «كوفيد – 19»، وقال مكتب «يوروستات» أيضاً، إن التكتل شهد أيضاً في الربع الثاني من 2020 أسوأ هبوط مسجل على الإطلاق للتوظيف.
وقال «يوروستات» الجمعة، إن فائض تجارة يونيو كان أعلى مقارنة مع مستواه قبل عام حين سجل التكتل فائضاً إيجابياً بواقع 19.4 مليار يورو. وتفوق القراءة إلى حد كبير توقعات السوق بفائض 12.6 مليار يورو.
والفائض يزيد على مثلي المسجل في مايو (أيار) حين سجل التكتل فائضاً بقيمة 9.4 مليار يورو. والتحسن على أساس سنوي ناجم عن انخفاض الواردات 12.2 في المائة؛ مما عوض وزيادة تراجع الصادرات 10 في المائة بحسب ما أظهرته تقديرات «يوروستات».
وسجل الاتحاد الأوروبي، الأكبر حجماً، والمؤلف من 27 دولة، فائضاً بقيمة 20.7 مليار يورو في يونيو، أيضاً بسبب انخفاض أكبر في الواردات مقارنة مع الصادرات.
وفي بيان منفصل، قال «يوروستات»، إن التوظيف بمنطقة اليورو في الفترة من أبريل (نيسان) إلى يونيو انخفض 2.8 في المائة مقارنة مع الربع السابق، وهو أشد انخفاض منذ بدء جمع البيانات في 1995.
وطرحت جائحة فيروس كورونا المستجد على الحكومات الأوروبية الكثير من الأسئلة الصعبة، بدءاً من السؤال عن ضرورة غلق المدارس، وحتى السؤال عن الشركات التي يجب التدخل لإنقاذها.
والآن مع استمرار إعادة فتح الاقتصادات والتخلي عن إجراءات الإغلاق التي سبق فرضها للحد من انتشار الفيروس، يواجه الساسة سؤالاً صعباً جديداً، وهو هل يجب الإبقاء على برامج دعم أجور العاملين في الشركات الخاصة؟
فهذه البرامج ساعدت العمال في الاحتفاظ من الناحية النظرية بوظائفهم، ولم يتم تسريحهم في ذروة إجراءات الإغلاق، لكن تكلفة هذه البرامج على الخزانة العامة كانت باهظة، لكن إلغاء هذه البرامج تدريجياً سوف يسفر عن بطالة جماعية.
وبرى فرديناندو غويغليانو، المحلل الاقتصادي في «بلومبرغ»، أن التعامل مع هذه المشكلة يحتاج إلى مزيج من القبضة الحديدية والقفاز المخملي، مضيفاً أنه لا يجب أن تتوهم الحكومات قدرتها على حماية كل الوظائف في اقتصاداتها، فبعض الشركات وبخاصة في مجالات تجارة التجزئة والترفيه عرضة لمخاطر التغير في عادات المستهلكين، حتى قبل جائحة فيروس كورونا. ولكن على صناع السياسات في أوروبا توفير الوسائل اللازمة لمساعدة العاطلين الجدد، في ظل معدلات البطالة العالية المتوقعة. كما تحتاج الحكومات إلى التأكد من قدرتها على التراجع عن قرارات تقليص برامج دعم أجور عمال الشركات إذا تقرر إغلاق الاقتصادات مجدداً بسبب موجة ثانية من العدوى بالفيروس.
ويرى غويغليانو، أن أسواق العمل في أوروبا تمر بمرحلة حرجة للغاية. ففي بريطانيا على سبيل المثال ظل معدل البطالة خلال الربع الثاني من العام الحالي عند مستوى 3.9 في المائة فقط؛ وذلك لأن الشركات احتفظت بعمالها بفضل الدعم الحكومي السخي للأجور، كما أن الأشخاص الذين لا يعملون قد لا يبحثون عن وظيفة، وبالتالي لا يتم اعتبارهم ضمن العاطلين.



ترمب يدرس خصخصة خدمة البريد وسط خسائر مالية ضخمة

يقوم أحد عمال البريد الأميركي بتفريغ الطرود من شاحنته في مانهاتن أثناء تفشي فيروس كورونا (رويترز)
يقوم أحد عمال البريد الأميركي بتفريغ الطرود من شاحنته في مانهاتن أثناء تفشي فيروس كورونا (رويترز)
TT

ترمب يدرس خصخصة خدمة البريد وسط خسائر مالية ضخمة

يقوم أحد عمال البريد الأميركي بتفريغ الطرود من شاحنته في مانهاتن أثناء تفشي فيروس كورونا (رويترز)
يقوم أحد عمال البريد الأميركي بتفريغ الطرود من شاحنته في مانهاتن أثناء تفشي فيروس كورونا (رويترز)

يبدي الرئيس المنتخب دونالد ترمب اهتماماً بالغاً بخصخصة خدمة البريد الأميركية في الأسابيع الأخيرة، وهي خطوة قد تُحْدث تغييرات جذرية في سلاسل الشحن الاستهلاكي وتوريد الأعمال، وربما تؤدي إلى مغادرة مئات الآلاف من العمال الفيدراليين للحكومة.

ووفقاً لثلاثة مصادر مطلعة، ناقش ترمب رغبته في إصلاح الخدمة البريدية خلال اجتماعاته مع هاوارد لوتنيك، مرشحه لمنصب وزير التجارة والرئيس المشارك لفريق انتقاله الرئاسي. كما أشار أحد المصادر إلى أن ترمب جمع، في وقت سابق من هذا الشهر، مجموعة من مسؤولي الانتقال للاستماع إلى آرائهم بشأن خصخصة مكتب البريد، وفق ما ذكرت صحيفة «واشنطن بوست».

وأكد الأشخاص الذين طلبوا عدم الكشف عن هويتهم نظراً للطبيعة الحساسة للمحادثات، أن ترمب أشار إلى الخسائر المالية السنوية لمكتب البريد، مشدداً على أن الحكومة لا ينبغي أن تتحمل عبء دعمه. ورغم أن خطط ترمب المحددة لإصلاح الخدمة البريدية لم تكن واضحة في البداية، فإن علاقته المتوترة مع وكالة البريد الوطنية تعود إلى عام 2019، حيث حاول حينها إجبار الوكالة على تسليم كثير من الوظائف الحيوية، بما في ذلك تحديد الأسعار، وقرارات الموظفين، والعلاقات العمالية، وإدارة العلاقات مع أكبر عملائها، إلى وزارة الخزانة.

وقال كيسي موليغان، الذي شغل منصب كبير الاقتصاديين في إدارة ترمب الأولى: «الحكومة بطيئة جداً في تبنِّي أساليب جديدة، حيث لا تزال الأمور مرتبطة بعقود من الزمن في تنفيذ المهام. هناك كثير من خدمات البريد الأخرى التي نشأت في السبعينات والتي تؤدي وظائفها بشكل أفضل بكثير مع زيادة الأحجام، وخفض التكاليف. لم نتمكن من إتمام المهمة في فترتنا الأولى، ولكن يجب أن نتممها الآن».

وتُعد خدمة البريد الأميركية واحدة من أقدم الوكالات الحكومية، حيث تأسست عام 1775 في عهد بنيامين فرنكلين، وتم تعزيزها من خلال التسليم المجاني للمناطق الريفية في أوائل القرن العشرين، ثم أصبحت وكالة مكتفية ذاتياً مالياً في عام 1970 بهدف «ربط الأمة معاً» عبر البريد. وعلى الرغم من التحديات المالية التي يفرضها صعود الإنترنت، فإن الخدمة البريدية تظل واحدة من أكثر الوكالات الفيدرالية شعبية لدى الأميركيين، وفقاً لدراسة أجراها مركز «بيو» للأبحاث عام 2024.

ومع مطالبات الجمهوريين في الكونغرس وآخرين في فلك ترمب بخفض التكاليف الفيدرالية، أصبحت الخدمة البريدية هدفاً رئيسياً. وأفاد شخصان آخران مطلعان على الأمر بأن أعضاء «وزارة كفاءة الحكومة»، وهي لجنة غير حكومية يقودها رواد الأعمال في مجال التكنولوجيا إيلون ماسك وفيفيك راماسوامي، أجروا أيضاً محادثات أولية بشأن تغييرات كبيرة في الخدمة البريدية.

وفي العام المالي المنتهي في 30 سبتمبر (أيلول)، تكبدت الخدمة البريدية خسائر بلغت 9.5 مليار دولار، بسبب انخفاض حجم البريد وتباطؤ أعمال شحن الطرود، على الرغم من الاستثمارات الكبيرة في المرافق والمعدات الحديثة. وتواجه الوكالة التزامات تقدّر بنحو 80 مليار دولار، وفقاً لتقريرها المالي السنوي.

من شأن تقليص الخدمات البريدية أن يغير بشكل جذري صناعة التجارة الإلكترونية التي تقدر قيمتها بتريليون دولار، ما يؤثر في الشركات الصغيرة والمستهلكين في المناطق الريفية الذين يعتمدون على الوكالة بشكل كبير. وتُعد «أمازون»، أكبر عميل للخدمة البريدية، من بين أكبر المستفيدين، حيث تستخدم الخدمة البريدية لتوصيل «الميل الأخير» بين مراكز التوزيع الضخمة والمنازل والشركات. كما أن «التزام الخدمة الشاملة» للوكالة، الذي يتطلب منها تسليم البريد أو الطرود بغض النظر عن المسافة أو الجوانب المالية، يجعلها غالباً الناقل الوحيد الذي يخدم المناطق النائية في البلاد.

وقد تؤدي محاولة خصخصة هذه الوكالة الفيدرالية البارزة إلى رد فعل سياسي عنيف، خصوصاً من قبل الجمهوريين الذين يمثلون المناطق الريفية التي تخدمها الوكالة بشكل غير متناسب. على سبيل المثال، غالباً ما يستدعي المسؤولون الفيدراليون من ولاية ألاسكا المسؤولين التنفيذيين في البريد للوقوف على أهمية الخدمة البريدية لاقتصاد الولاية.

وفي رده على الاستفسارات حول خصخصة الوكالة، قال متحدث باسم الخدمة البريدية إن خطة التحديث التي وضعتها الوكالة على مدى 10 سنوات أدت إلى خفض 45 مليون ساعة عمل في السنوات الثلاث الماضية، كما قللت من الإنفاق على النقل بمقدار 2 مليار دولار. وأضاف المتحدث في بيان أن الوكالة تسعى أيضاً للحصول على موافقة تنظيمية لتعديل جداول معالجة البريد، وتسليمه لتتوافق بشكل أكبر مع ممارسات القطاع الخاص.

كثيراً ما كانت علاقة ترمب مع وكالة البريد الأميركية متوترة، فقد سخر منها في مناسبات عدة، واصفاً إياها في المكتب البيضاوي بأنها «مزحة»، وفي منشور على وسائل التواصل الاجتماعي، وصفها بأنها «صبي التوصيل» لشركة «أمازون».

وفي الأيام الأولى لجائحة فيروس «كورونا»، هدد ترمب بحرمان الخدمة البريدية من المساعدات الطارئة ما لم توافق على مضاعفة أسعار الطرود 4 مرات. كما أذن وزير خزانته، ستيفن منوشين، بمنح قرض للوكالة فقط مقابل الحصول على وصول إلى عقودها السرية مع كبار عملائها.

وقبيل انتخابات عام 2020، ادعى ترمب أن الخدمة البريدية غير قادرة على تسهيل التصويت بالبريد، في وقت كانت فيه الوكالة قد مُنعت من الوصول إلى التمويل الطارئ الذي كان يحظره. ومع ذلك، في النهاية، تمكنت الخدمة البريدية من تسليم 97.9 في المائة من بطاقات الاقتراع إلى مسؤولي الانتخابات في غضون 3 أيام فقط.

وعند عودته إلى منصبه، قد يكون لدى ترمب خيارات عدة لممارسة السيطرة على وكالة البريد، رغم أنه قد لا يمتلك السلطة لخصخصتها بشكل أحادي. حالياً، هناك 3 مقاعد شاغرة في مجلس إدارة الوكالة المكون من 9 أعضاء. ومن بين الأعضاء الحاليين، هناك 3 جمهوريين، اثنان منهم تم تعيينهما من قبل ترمب. ولدى بايدن 3 مرشحين معلقين، لكن من غير المرجح أن يتم تأكيدهم من قبل مجلس الشيوخ قبل تنصيب ترمب.

ومن المحتمل أن يتطلب تقليص «التزام الخدمة الشاملة» بشكل كبير - وهو التوجيه الذي أوصى به المسؤولون خلال فترة ولاية ترمب الأولى - قانوناً من الكونغرس. وإذا تم إقرار هذا التشريع، فإن الخدمة البريدية ستكون ملزمة على الفور تقريباً بتقليص خدمات التوصيل إلى المناطق غير المربحة وتقليص عدد موظفيها، الذين يقدَّر عددهم بنحو 650 ألف موظف.

وقد تؤدي محاولات قطع وصول الوكالة إلى القروض من وزارة الخزانة، كما حاولت إدارة ترمب في السابق، إلى خنق الخدمة البريدية بسرعة، ما يعوق قدرتها على دفع رواتب موظفيها بشكل دوري وتمويل صيانة مرافقها ومعداتها. وقال بول ستيدلر، الذي يدرس الخدمة البريدية وسلاسل التوريد في معهد ليكسينغتون اليميني الوسطي: «في النهاية، ستحتاج الخدمة البريدية إلى المال والمساعدة، أو ستضطر إلى اتخاذ تدابير قاسية وجذرية لتحقيق التوازن المالي في الأمد القريب. وهذا يمنح البيت الأبيض والكونغرس قوة هائلة وحرية كبيرة في هذا السياق».

وقد حذر الديمقراطيون بالفعل من التخفيضات المحتملة في خدمة البريد. وقال النائب جيري كونولي (ديمقراطي من فرجينيا)، أحد الداعمين الرئيسيين للوكالة: «مع مزيد من الفرص أمامهم، قد يركزون على خصخصة الوكالة، وأعتقد أن هذا هو الخوف الأكبر. قد يكون لذلك عواقب وخيمة، لأن القطاع الخاص يعتمد على الربحية في المقام الأول».

كما انتقدت النائبة مارغوري تايلور غرين (جمهورية من جورجيا)، رئيسة اللجنة الفرعية للرقابة في مجلس النواب، الخدمة البريدية في منشور على وسائل التواصل الاجتماعي، وكتبت: «هذا ما يحدث عندما تصبح الكيانات الحكومية ضخمة، وسوء الإدارة، وغير خاضعة للمساءلة».

وفي وقت سابق من هذا الأسبوع، تعرضت الوكالة لانتقادات شديدة، حيث خضع المدير العام للبريد، لويس ديغوي، لاستجواب حاد من الجمهوريين في جلسة استماع يوم الثلاثاء. وحذر رئيس لجنة الرقابة في مجلس النواب، جيمس كومر (جمهوري من كنتاكي)، ديغوي من أن الكونغرس في العام المقبل قد يسعى لإصلاح الخدمة البريدية.

وسأل الجمهوريون مراراً وتكراراً عن استعادة التمويل لأسطول الشاحنات الكهربائية الجديد للوكالة، والخسائر المالية المتزايدة، وعن الإجراءات التنفيذية التي قد يتخذها ترمب لإخضاع الخدمة.

وقال كومر: «انتهت أيام عمليات الإنقاذ والمساعدات. الشعب الأميركي تحدث بصوت عالٍ وواضح. أنا قلق بشأن الأموال التي تم تخصيصها للمركبات الكهربائية، والتي قد يجري استردادها. أعتقد أن هناك كثيراً من المجالات التي ستشهد إصلاحات كبيرة في السنوات الأربع المقبلة... هناك كثير من الأفكار التي قد تشهد تغييرات كبيرة، وإن لم تكن مفيدة بالضرورة لخدمة البريد».