واشنطن تستعد لخيار «سناب باك» لإعادة فرض العقوبات على إيران

بعد التصويت في مجلس الأمن على تمديد الحظر الدولي... ومحاولة الأوروبيين الحصول على قرار «يعاقب» طهران

مجلس الأمن
مجلس الأمن
TT

واشنطن تستعد لخيار «سناب باك» لإعادة فرض العقوبات على إيران

مجلس الأمن
مجلس الأمن

انتقلت الولايات المتحدة إلى «الخطة باء» في مساعيها الحثيثة لإعادة فرض العقوبات الدولية تلقائياً على إيران، بموجب مبدأ «سناب باك» المنصوص عليه في القرار 2231، ابتداءً من الأسبوع المقبل، بسبب توقع إخفاق مجلس الأمن في الموافقة على مشروع قرار أميركي يسمح بالتمديد إلى أجل غير محدد لحظر الأسلحة المفروض دولياً على طهران.
ولجأ الجانب الأميركي إلى مبدأ إعادة العقوبات التلقائية الذي يسمح لأي طرف في خطة العمل المشتركة الشاملة (الاتفاق النووي)، وهم الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن، أي الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا وروسيا والصين التي تملك حق النقض (فيتو)، بالإضافة إلى ألمانيا... يسمح بتحريك هذه الآلية إذا أخلت إيران بتعهداتها بموجب الاتفاق، الذي صادق عليه مجلس الأمن بموجب القرار 2231.
وبعد مضيّ الساعات الـ24 المحددة لجلسات مجلس الأمن عبر الفيديو بسبب جائحة «كوفيد - 19»، كان من المتوقع أن يعلن رئيس المجلس للشهر الجاري المندوب الإندونيسي الدائم لدى الأمم المتحدة ديان ترينسايا دجاني، الساعة الخامسة عصر أمس (الجمعة) بتوقيت نيويورك، نتيجة التصويت على مشروع القرار المقتضب الذي اقترحته نظيرته الأميركية كيلي كرافت، على بقية الأعضاء من أجل التمديد إلى أجل غير محدد لحظر الأسلحة المفروض دولياً على إيران.
وقبل التصويت على مشروع القرار، تحركت مجموعة الدول الأوروبية الثلاث في مجلس الأمن، المؤلفة من فرنسا وبريطانيا وألمانيا «بكامل طاقتها» وعملت مع كل أعضاء مجلس الأمن «بحثاً عن حل ملموس وبنّاء يحترم قرارات مجلس الأمن»، وفقاً لما أكده دبلوماسي أوروبي، ملاحظاً في الوقت ذاته أن «الهوّة هائلة بين مواقف الولايات المتحدة من جهة وروسيا والصين من الجهة الأخرى». واستبعد إمكانية سد هذه الهوّة.
ورغم أن الولايات المتحدة خفّفت مشروع قرارها ليقتصر على فقرة عاملة واحدة ليس إلا في محاولة أخيرة لتمديد حظر الأسلحة «إلى أن يقرر مجلس الأمن خلاف ذلك»، وإذا لم تكلل الخطة الأميركية «ألف» بالنجاح، يتوقع دبلوماسيون أن تباشر الولايات المتحدة خطوات عملية لتمديد حظر الأسلحة المفروض على إيران منذ عام 2007. قبل أن تنتهي مفاعيله في 18 أكتوبر (تشرين الأول) المقبل بموجب الاتفاق النووي لعام 2015، بالإضافة إلى إعادة فرض كل العقوبات الأخرى.
ويعتقد دبلوماسيون أن المعركة الأهم ستبدأ الأسبوع المقبل، إذ إن واشنطن تؤكد أنه «من حقها تفعيل آلية (سناب باك) لإعادة فرض العقوبات». غير أن الدول الأخرى الأعضاء في الاتفاق لا توافقها الرأي. وكشف مصدر دبلوماسي آخر لـ«الشرق الأوسط» أن «هناك مسعى أوروبياً يقضي بإعداد مشروع قرار منفصل لفرض عقوبات دولية على إيران فيما يتعلق بالأسلحة، ولا سيما الصواريخ الباليستية، وتصرفات إيران المزعزعة للاستقرار في الشرق الأوسط»، في محاولة لتجنب «خلاف عميق» بين الجانبين الأميركي والأوروبي على مبدأ «سناب باك»، إذ يعتقد الأوروبيون أن «انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي في مايو (أيار) 2018، أفقدها امتيازات هذا الاتفاق، ومنها تحريك آلية إعادة فرض العقوبات بصورة تلقائية». وأشار إلى أن «الجانب الأوروبي يخشى أيضاً أن تؤدي الخطوة الأميركية، في حال نجاحها، إلى القضاء تماماً على الاتفاق النووي، وبالتالي تحرير النظام الإيراني من التزاماته بموجب القرار 2231». ويعني ذلك أن مجلس الأمن سيجد نفسه قريباً أمام «معركة قانونية تحتاج إلى بعض الوقت لحسمها، ولكنها ستؤدي أيضاً إلى زعزعة قدرة مجلس الأمن وسمعته كأداة لصون السلم والأمن الدوليين».
وفي موازاة التصويت على مشروع تمديد حظر الأسلحة، وزعت إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب ورقة على أعضاء مجلس الأمن تتضمن جدالاً قانونياً حول حق الولايات المتحدة في تحريك آلية إعادة فرض العقوبات تلقائياً. وجاء في نص الورقة التي أعدتها المندوبة الأميركية كيلي كرافت، وحصلت «الشرق الأوسط» على مقتطفات منها، أنه «من المهم للناس (المعنيين) أن يحددوا مواقفهم»، مضيفة أن «صفقة إيران هي تدبير سياسي يتضمن التزامات سياسية غير ملزمة»، مؤكدة أن ذلك «توضَّح من إدارة (الرئيس السابق باراك) أوباما نفسها». وأفادت أن «القرار 2231 لم يحوّل خطة العمل المشتركة الشاملة من اتفاق سياسي غير ملزم رغم أن البعض لديه ادعاءات» خلاف ذلك، مضيفةً أن قيام الولايات المتحدة بإعادة فرض العقوبات على إيران «لم يغيّر حقنا القانوني وواجبنا بموجب القرار 2231». وأورد أن «إحدى النقاط التي أعتقد أنها مهمة لكي يفهم الناس هي أن المشاركين في خطة العمل المشتركة الشاملة أحرار في وقف ممارسة التزاماتهم السياسية غير الملزمة في أي وقت من دون انتهاك القانون الدولي». وشددت على أنه «الآن، عليهم أن يمتثلوا للواجبات الدولية المستقلة عن الصفقة النووية مع إيران، وهذا يتضمن واجباتهم القانونية بموجب القرار 2231». ولفتت إلى أن الولايات المتحدة في امتثال تام لواجباتها القانونية تحت القرار 2231، وهذا يعني تحديداً أن الإجراءات الواردة في الملحق «باء» من القرار تسلم الإلزامية القانونية من خلال الفقرة العاملة رقم «7 باء»، موضحةً أنها «تضع قيوداً على نقل التجهيزات النووية وذات الصلة بالصواريخ إلى إيران، وتضع هدفاً (يتمثل) بتجميد استهدافي للأصول وحظر السفر». وتابعت أن «أولئك الذين يجادلون بأن دولة ما لا يمكنها أن تستفيد من حقوقها القانونية إذا كانت في انتهاك لواجباتها القانونية ذات الصلة، لا يعرفون كيف يقرأون القرار 2231، أو أنهم يطبقون قراءة للنص بطريقة على أساس أو سابقة له». ودعت إلى قراءة الفقرة العاملة الأولى من القرار والتي «توضح بجلاء أن القرار 2231 يصادق على الصفقة النووية مع إيران، ولكنها لا تجعله ملزماً من الناحية القانونية».
وفي المقابل، يفيد دبلوماسي أوروبي بـ«أننا نجد أنفسنا أمام وضع غير مسبوق من الناحية القانونية»، معتبراً أن «السند القانوني الأميركي غير قوي». وليس من الواضح بعد ما إذا كان أي طرف سيطلب رأي الدائرة القانونية لدى الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش.



أزمة جديدة تعترض «عملية السلام» في تركيا

أكراد خلال مظاهرة في فرنسا فبراير الماضي للمطالبة بإطلاق سراح زعيم حزب «العمال الكردستاني» عبد الله أوجلان (أ.ف.ب)
أكراد خلال مظاهرة في فرنسا فبراير الماضي للمطالبة بإطلاق سراح زعيم حزب «العمال الكردستاني» عبد الله أوجلان (أ.ف.ب)
TT

أزمة جديدة تعترض «عملية السلام» في تركيا

أكراد خلال مظاهرة في فرنسا فبراير الماضي للمطالبة بإطلاق سراح زعيم حزب «العمال الكردستاني» عبد الله أوجلان (أ.ف.ب)
أكراد خلال مظاهرة في فرنسا فبراير الماضي للمطالبة بإطلاق سراح زعيم حزب «العمال الكردستاني» عبد الله أوجلان (أ.ف.ب)

تواجه «عملية السلام» في تركيا، التي تستوجب حلّ حزب «العمال الكردستاني» ونزع أسلحته، أزمة جديدة بسبب الخلاف حول سرية لقاء عقده وفد برلماني مع زعيم الحزب عبد الله أوجلان في سجن إيمرالي غرب البلاد.

وتفجّرت خلافات بين نواب حزب «العدالة والتنمية» الحاكم وحزب «الشعب الجمهوري»، أكبر أحزاب المعارضة، خلال اجتماع لجنة «التضامن الوطني والأخوة والديمقراطية» في البرلمان، المعنية باقتراح الإطار القانوني لنزع السلاح وعملية السلام، التي خُصّصت الخميس للاستماع لتقرير حول لقاء الوفد بأوجلان.

تقرير مجتزأ

وأعلن نواب حزب «الديمقراطية والمساواة للشعوب»، المؤيد للأكراد، أن التقرير الذي قُدّم خلال الجلسة، والذي لخّص محضر لقاء الوفد مع أوجلان في سجن إيمرالي في 24 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، أخرج المحضر من سياقه، واجتزأه لينحرف عن المضمون الذي أراده أوجلان.

نواب حزب «الديمقراطية والمساواة للشعب» الأعضاء في اللجنة البرلمانية (حساب الحزب في «إكس»)

وقال النواب الخمسة، غولستان كيليتش كوتشيغيت وميرال دانيش بيشتاش وحقي صاروهان أولوتش وجلال فرات وجنكيز تشيشيك، في بيان، إنه جرى استخدام جمل خارجة عن السياق، واقتباسات غير كاملة تفتح الباب أمام تكهنات عديدة.

وجاء في البيان أن «نشر محتوى الاجتماع بين أوجلان، الفاعل الرئيسي في عملية السلام والمجتمع الديمقراطي، ووفد اللجنة بشكل مجتزأ، مع تفسيرات ناقصة وذاتية، يُخاطر في المقام الأول بتضييق نطاق الدور (التاريخي) لأوجلان في هذه العملية وفتحه للنقاش، وهذا يتعارض مع النهج والوعود والتعريفات والمسؤوليات الأساسية للعملية المستمرة منذ أكثر من عام».

وطالب البيان -الذي نشره الحزب على حسابه في منصّة «إكس»- بنشر محضر الاجتماع مع أوجلان ومشاركته مع جميع أعضاء اللجنة البرلمانية والجمهور بطريقة «وافية وموضوعية وكاملة وصادقة»، ووضع آلية شفافة لضمان دقة المعلومات العامة.

وقال مسؤولون في الحزب إن التقرير أُعدّ بالطريقة التي أرادها حزب «العدالة والتنمية» الحاكم، لكن «عملية السلام والمجتمع الديمقراطي هي عملية «جادة وتاريخية»، ويجب أن تُدار بشكل «موضوعي وشفاف، ولا يخضع للتفسيرات الشخصية».

صدام بين الحكومة والمعارضة

وخلال اجتماع اللجنة للاستماع إلى التقرير، احتجّ نواب من حزب «الشعب الجمهوري»، متسائلين عما إذا كان «جهاز المخابرات قد أعدّ التقرير»، وهل سيعمل نواب البرلمان تحت «رقابة جهاز المخابرات الوطني؟». وطالبوا بعرض محضر الاجتماع كاملاً.

جانب من اجتماع اللجنة البرلمانية لوضع الإطار القانوني لعملية السلام في تركيا (البرلمان التركي - «إكس»)

وقال نواب المعارضة إنه «يتم إخفاء (تفاصيل التقرير) ليس فقط عن الجمهور، بل حتى عن البرلمان». وردّ نائب حزب «العدالة والتنمية»، محمد شاهين على هذه الانتقادات بالقول: «لو أردتم أن تعرفوا ما جرى بالكامل، كان عليكم المشاركة في الوفد الذي زار إيمرالي».

ورفض حزب «الشعب الجمهوري» إرسال أحد نوابه ضمن وفد اللجنة البرلمانية إلى إيمرالي، عادّاً أنه كان يمكن عقد الاجتماع عبر دائرة اتصال تلفزيونية مغلقة لتجنب الحساسيات التي تثيرها زيارة أوجلان.

رئيس حزب «الشعب الجمهوري» أوزغور أوزيل (حساب الحزب في «إكس»)

وانتقد رئيس الحزب، أوغور أوزيل، ما جرى خلال اجتماع اللجنة، مطالباً بالشفافية في كل ما يتعلق بهذه العملية. وقال أوزيل، في مقابلة تلفزيونية، تعليقاً على رفض ذهاب نواب حزبه إلى إيمرالي: «إذا ذهبنا فسنذهب بصراحة، وسنتحدث بصراحة، وسنعود بصراحة، ولن نخفي شيئاً»، متسائلاً عن أسباب إخفاء محضر الاجتماع، وعدم إطلاع نواب اللجنة البرلمانية والرأي العام عليه.

«الكردستاني» يتمسك بموقفه

وفي خضم هذا التوتر، انتقد متحدث الشؤون الخارجية في منظومة اتحاد مجتمعات كردستان، زاغروس هيوا، عمل اللجنة البرلمانية واكتفاء الحكومة التركية بـ«التصريحات فقط، دون اتخاذ خطوات حقيقية في إطار عملية السلام، على الرغم من اتخاذ حزب (العمال الكردستاني) العديد من الخطوات الأحادية».

وقال هيوا، في تصريحات نقلتها وسائل إعلام تركية الجمعة: «إننا لم نكن يوماً مسؤولين عن تخريب عملية السلام، وإن الدولة هي التي اتخذت القرار في عام 2015 بإنهاء العملية السابقة. ولهذا السبب، بدأوا بتجربة أساليب جديدة، ولم يتضح بعد ما إذا كانوا قد غيّروا حقّاً عقليتهم وسياساتهم تجاه الأكراد، أم أنهم يستعدون لموجة جديدة من الهجمات».

متحدث الشؤون الخارجية في منظومة اتحاد مجتمعات كردستان زاغروس هيوا (إعلام تركي)

وقال هيوا إن «المفاوضات لم تبدأ بعد»، وإن لقاء أعضاء من اللجنة البرلمانية مع أوجلان في إيمرالي هي «عملية حوار».

وتابع: «لكي تبدأ المفاوضات، يجب أن يلتقي الطرفان على قدم المساواة، وأهم عنصر في هذه المفاوضات هي حرية أوجلان»، الذي وصفه بـ«كبير مفاوضي حزب (العمال الكردستاني)».

وأضاف: «يجب أن تراعي هذه العملية الاندماج الديمقراطي للأكراد وحركة الحرية الكردية في جمهورية تركيا، وتضمن مشاركتهم الحرة في الحياة السياسية الديمقراطية، لكن ذلك لا يمكن أن يتحقق في ظل الدستور الحالي الذي ينكر وجود الأكراد، بل جميع المجموعات العرقية في تركيا».


إيران تطلق صواريخ خلال مناورات بحرية قرب مضيق هرمز

إطلاق صاروخ إيراني خلال مناورات عسكرية في مكان غير معلن بإيران 20 أغسطس 2025 (رويترز)
إطلاق صاروخ إيراني خلال مناورات عسكرية في مكان غير معلن بإيران 20 أغسطس 2025 (رويترز)
TT

إيران تطلق صواريخ خلال مناورات بحرية قرب مضيق هرمز

إطلاق صاروخ إيراني خلال مناورات عسكرية في مكان غير معلن بإيران 20 أغسطس 2025 (رويترز)
إطلاق صاروخ إيراني خلال مناورات عسكرية في مكان غير معلن بإيران 20 أغسطس 2025 (رويترز)

أفاد التلفزيون الإيراني الرسمي بأن إيران أطلقت صواريخ ضخمة في بحر عمان وبالقرب من مضيق هرمز الاستراتيجي خلال اليوم الثاني من مناورات بحرية.

وأضاف التقرير، أن «الحرس الثوري» شبه العسكري أطلق الصواريخ من عمق البر الرئيسي في إيران، وأصاب أهدافاً في بحر عمان ومنطقة مجاورة بالقرب من مضيق هرمز في تدريبات بدأت الخميس، وفق ما نقلته وكالة «أسوشييتد برس».

صورة نشرتها قوات «الحرس الثوري» 5 ديسمبر 2025 تظهر قارباً نفاثاً يشارك في مناورة عسكرية بالمياه قبالة سواحل جنوب إيران (إ.ب.أ)

وحدد الصواريخ بأنها صواريخ كروز، طراز قدر 110- وقدر380- وغدير، يصل مداها إلى ألفي كيلومتر. وأضاف أن «الحرس الثوري» أطلق أيضاً صاروخاً باليستياً هو 303، من دون أن يدل بمزيد من التفاصيل.

وأظهرت لقطات تلفزيونية إطلاق الصواريخ وإصابة أهدافها.

صورة تم توزيعها 5 ديسمبر 2025 من قِبل «الحرس الثوري» الإيراني تظهِر صاروخاً يتم إطلاقه أثناء تدريب عسكري في المياه قبالة ساحل جنوب إيران (إ.ب.أ)

والمناورات هي الثانية في أعقاب الحرب بين إسرائيل وإيران في يونيو (حزيران)، التي أسفرت عن مقتل نحو 1100 شخص في إيران، من بينهم قادة عسكريون وعلماء نوويون. وأسفرت الهجمات الصاروخية من قِبل إيران عن مقتل 28 شخصاً في إسرائيل.


تقرير: «خيبة أمل» في «الموساد» جراء اختيار نتنياهو لرومان غوفمان رئيساً للجهاز

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (يسار) يعقد مشاورات مع سكرتيره العسكري اللواء رومان غوفمان (د.ب.أ)
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (يسار) يعقد مشاورات مع سكرتيره العسكري اللواء رومان غوفمان (د.ب.أ)
TT

تقرير: «خيبة أمل» في «الموساد» جراء اختيار نتنياهو لرومان غوفمان رئيساً للجهاز

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (يسار) يعقد مشاورات مع سكرتيره العسكري اللواء رومان غوفمان (د.ب.أ)
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (يسار) يعقد مشاورات مع سكرتيره العسكري اللواء رومان غوفمان (د.ب.أ)

قُوبل قرار رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بتعيين سكرتيره العسكري، رومان غوفمان، رئيساً جديداً لـ«الموساد» بخيبة أمل داخل الجهاز، وفقاً لما قاله مسؤولون حاليون وسابقون على الرغم من أن كثيرين قالوا إن الاختيار لم يكن مفاجئاً، بحسب صحيفة «يديعوت أحرونوت» الإسرائيلية.

وقال المسؤولون إن نتنياهو تجاوز مرشحي «الموساد» المدعومين منه لتعيين رومان غوفمان، مما أثار مخاوف بشأن افتقاره للخبرة الاستخباراتية واحتمالية استقالته، بينما يقول حلفاؤه إن ولاءه وحكمته وفكره العدواني تناسب منصبه.

وبعد أن اختار نتنياهو شخصاً من خارج جهاز «الشاباك»، وهو ديفيد زيني، لقيادته في وقت سابق من هذا العام، توقع كبار مسؤولي «الموساد» أن يتبع نفس النهج: اختيار شخصيات من خارج الجهاز يراها عدوانية وموالية ومتوافقة آيديولوجياً معه.

ويقول المنتقدون إن هذه الخطوة تعكس معركة نتنياهو الأوسع ضد ما يسميه «النخب» و«الدولة العميقة»، ويقول المؤيدون إن غوفمان موثوق به، وكتوم، ومخلص.

وزعم بعض المسؤولين المطلعين على عملية التعيين أن غوفمان خضع لـ«مقابلة» غير رسمية مع زوجة نتنياهو، سارة، قبل اتخاذ القرار- وهو ادعاء نفاه مكتب رئيس الوزراء ووصفه بأنه «كاذب تماماً».

من اليسار إلى اليمين: وزير الدفاع يسرائيل كاتس والسكرتير العسكري لرئيس الوزراء اللواء رومان غوفمان وبنيامين نتنياهو ورئيس ديوان مكتبه تساحي برافرمان والقائم بأعمال رئيس جهاز الأمن العام (الشاباك) يظهرون بمركز قيادة خلال الغارات في قطر (الشاباك)

وأشار آخرون إلى إتقانه للغة الروسية ولغته الإنجليزية المحدودة، مما قد يُعقّد التواصل الدبلوماسي، مع أن حلفاءه يجادلون بأن إتقان اللغة الإنجليزية ليس جوهرياً في مهام «الموساد» الأساسية وتوقع العديد من كبار مسؤولي الدفاع موجة استقالات داخل الجهاز عقب الإعلان.

وتجاوز نتنياهو المرشحين الذين أوصى بهم مدير الموساد المنتهية ولايته، ديفيد برنياع، واختار غوفمان بدلاً منه، الذي لم يرتقِ في دوائر الاستخبارات الإسرائيلية. وقال المطلعون على تفكير رئيس الوزراء إن قراره كان مدفوعاً بولائه وحكمته ووصفه مسؤول دفاعي كبير سابق بأنه «مخلص بشدة لنتنياهو» ووصف التعيين بأنه «محير».

ويقول زملاؤه إن غوفمان ضابط جاد ومنضبط وقارئ نهم للتاريخ والاستراتيجيات العسكرية.

ولفت بعض مسؤولي الأمن السابقين إلى أنه قد يكون متهوراً أيضاً، وأشاروا إلى قضية من فترة عمله قائداً للفرقة 210 «باشان»، حيث زُعم أنه أذن باستخدام شاب مدني يبلغ من العمر 17 عاماً، يُدعى أوري ألماكايس، في عملية غير مصرح بها وهي قضية أدت لاحقاً إلى اعتقال المراهق واحتجازه لفترة طويلة قبل إسقاط التهم عنه.

بنيامين نتنياهو ومدير «الموساد» ديفيد برنياع في القدس (د.ب.أ)

وقال ضابط كبير سابق في الاستخبارات العسكرية إنه على الرغم من أن غوفمان «شخص ماكر وشجاع»، فإنه يفتقر إلى الخلفية الاستخباراتية العملياتية المتوقعة عادةً من مدير الموساد.

وأضاف المسؤول: «إنه يتحدث الروسية والعبرية فقط، ولا ينطق بكلمة إنجليزية واحدة لقد شغل منصب لواء لمدة عام واحد فقط ولم يسبق له إدارة منظمة بهذا الحجم».

وفي المقابل، رفضت مصادر مقربة من نتنياهو بشدة الانتقادات لتعيين غوفمان، واصفةً إياه بالتعيين الممتاز، وقالوا إن إتقانه للغة الروسية وفهمه الإقليمي جعلاه لا يُقدر بثمن في مهمات حساسة في موسكو، وأشاروا إلى أنه أصبح، بصفته السكرتير العسكري، أقرب مستشار أمني لنتنياهو، وأضافوا أنه لعب دوراً في عمليات سرية مهمة، بما في ذلك اغتيالات لكبار شخصيات «حزب الله»، ومهام موجهة ضد إيران خلال الصراع معها في وقت سابق من هذا العام.

ويصف المسؤولون الذين عملوا معه من كثب غوفمان بأنه مفكر عدواني وغير تقليدي «ويقاتل بسكين بين أسنانه ويتفوق في الخداع، ويُحاط بالمعلومات الحساسة، وهي سمات يعتبرونها أساسية للموساد»، وقال أحدهم: «إنه المساعد الأمني ​​الأكثر ثقة لرئيس الوزراء. ليس رئيس الأركان، ولا وزير الدفاع - بل كان غوفمان».

وفي حين يشير البعض إلى قلة لغته الإنجليزية كمصدر قلق، يجادل مؤيدوه بأن ساحات الموساد الرئيسية - إيران وسوريا ولبنان - لا تتطلب إتقان اللغة الإنجليزية بينما تعتبر لغته الروسية ميزة نظراً لعلاقات موسكو مع إيران وغيرها من الجهات المعادية.

وكان رئيس الأركان إيال زامير التقى بغوفمان هذا الأسبوع وهنأه، قائلاً إن الجيش سيدعمه في انتقاله إلى المنصب، وأكد «الموساد» أن برنياع تحدث مع غوفمان وتمنى له النجاح، فيما ذكر نتنياهو أنه اختار غوفمان بعد مقابلات مع عدد من المرشحين، وأشاد بـ«قدراته المهنية الاستثنائية»، مشيراً إلى دوره في مواجهة هجوم حركة «حماس» في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023، عندما غادر منزله لقتال مسلحي «حماس» وأصيب بجروح بالغة.