ترتفع مبيعات أحمر الشفاه خلال الأوقات الاقتصادية العصيبة، أو هكذا يسير منطق «مؤشر أحمر الشفاه» الذي جرى التعارف عليه لقياس إنفاق المستهلك.
يشير المؤشر إلى أنه عندما تصبح الكماليات باهظة الثمن بعيدة المنال، فإن أحمر الشفاه هو البديل ميسور الكلفة.
لم يصمد هذا المؤشر الاقتصادي خلال فترة الركود الحالي الناجم عن وباء «كورونا»؛ حيث تراجعت مبيعات مستحضرات التجميل بنسبة تصل إلى 30 في المائة على مستوى العالم، العام الجاري، وفقاً لتقرير مايو (أيار) الصادر عن شركة «مكينزي آند كومباني»، وكان أكثر مستحضرات التجميل تأثراً هو أحمر الشفاه.
وبحسب التقرير نفسه، فقد انخفضت مبيعات «أمازون» للعناية بالشفاه ولون الشفاه بنسبة 15 في المائة عن العام السابق، وذلك خلال الأسابيع الأربعة المنتهية في 11 أبريل (نيسان)، وهو أكبر انخفاض مقارنة بأي فئة أخرى.
مبيعات أحمر الشفاه في طريقها للتراجع بدرجة كبيرة عن أرقام 2019 خلال الفترة من يناير (كانون الثاني) ويونيو (حزيران)؛ حيث بيع أحمر الشفاه بما قيمته 135.7 مليون دولار فقط لعلامات التجميل المرموقة، مقارنة بـ541.5 مليون دولار خلال عام 2019 بأكمله.
قلة من الناس يذهبون إلى أي مكان يتطلب مكياجاً، وفي حال ذهبوا فإنهم يرتدون قناعاً يغطي أفواههم. لكن هذا ليس السبب الوحيد لفقد مؤشر أحمر الشفاه بريقه.
اعتمد «مؤشر أحمر الشفاه» عام 2001 من قبل ليونارد لودر، الرئيس التنفيذي لشركة مستحضرات التجميل «أيستي لاودر»، وقد استوحى المؤشر بعد ارتفاع مبيعات أحمر الشفاه لشركته خلال فترة الركود في ذلك العام.
يتتبع البعض الفكرة أبعد من ذلك إلى ازدهار مبيعات المكياج خلال فترة الكساد الكبير. فقد أيدت دراسة أجريت عام 2012 الفكرة على الرغم من أن مؤلفيها أرجعوا هذا السلوك إلى «رغبة المرأة في اجتذاب رفقاء للمساعدة في تدبير الموارد».
بغض النظر عن الأسباب المنطقية، يبدو مؤشر أحمر الشفاه حقيقياً، أو على الأقل ربما كان كذلك وقت استحداثه؛ لكن في السنوات الأخيرة، كشف الصحافيون والاقتصاديون زيف المقياس؛ لأن البيانات ببساطة لم تؤكد ذلك. ففي عام 2009 - وهو العام الذي تلا بداية الركود العظيم - تراجعت مبيعات أحمر الشفاه بنسبة 10 في المائة تقريباً، وفقاً لمجلة «فورتيون»، بدلاً من الارتفاع كما توقع المؤشر.
وأشارت بعض التحليلات إلى أن طلاء الأظافر، أو «الماسكارا»، أو أقنعة الوجه، أو إزالة الشعر، أصبحت أكثر شيوعاً باعتبارها عمليات انتعاش غير مكلفة أثناء الانكماش الاقتصادي. يعتبر هذا صحيحاً؛ خصوصاً خلال فترة الوباء؛ حيث أصبح أحمر الشفاه أقل أهمية من أي وقت مضى. فالأموال التي يستخدمها الناس في الرعاية الذاتية أصبحت الآن أكثر تنوعاً بدرجة كبيرة؛ بحيث يصعب الاستناد إلى مؤشر واحد للوضع الاقتصادي. ولذلك فإن الإنفاق على بعض المنتجات الأخرى مثل البقالة الرخيصة والوجبات السريعة، قد يكون أكثر وضوحاً.
لذلك، ربما حان الوقت الآن لمحللي السوق للسماح لمؤشر أحمر الشفاه بالتلاشي. قد يكون الإنفاق الاستهلاكي الإجمالي مقياساً أقل جاذبية؛ لكنه مؤشر اقتصادي أفضل في الوقت الحالي.
- خدمات «تريبيون ميديا»