مسرحية «السيرة الهلامية» تحارب «الثأر» في صعيد مصر

من إنتاج «مسرح الطليعة» وتدور في إطار كوميدي غنائي

مسرحية «السيرة الهلامية» تحارب «الثأر» في صعيد مصر
TT

مسرحية «السيرة الهلامية» تحارب «الثأر» في صعيد مصر

مسرحية «السيرة الهلامية» تحارب «الثأر» في صعيد مصر

بمعالجة كوميدية وغنائية محلية، اختتمت مسرحية «السيرة الهلامية» المقتبسة من مسرحية «هاملت» لشكسبير، عروضها على خشبة المسرح المكشوف بدار الأوبرا المصرية مساء أول من أمس، ضمن موسم النشاط الفني الصيفي لدار الأوبرا.
المسرحية التي يتقاطع عنوانها مع «السيرة الهلالية» استبدلت بكلمة «الهلالية» «الهلامية» لمحاربة حوادث العنف والثأر بجنوب مصر، عبر أجواء معاصرة وساخرة خلال فقرات المعرض.
وطلبت الدكتورة إيناس عبد الدايم وزيرة الثقافة، من جمهور العرض المسرحي الوقوف دقيقة حداد حزنا على رحيل الفنان والمخرج القدير سناء شافع الذي وافته المنية مساء أول من أمس، وقالت إن «مسرح الدولة مستمر في تقديم المعالجات الإبداعية للعديد من قضايا المجتمع بهدف خلق طاقات إيجابية تنعكس على الوعي والإدراك العام خصوصاً الشباب والأجيال الجديدة».
وأشارت إلى أن «عرض «السيرة الهلامية» تناول قضية الثأر والانتقام التي تعد أحد الموروثات السلبية في صعيد مصر، وأبرز خطورتها في قالب غنائي كوميدي، مشيدة بأداء أبطاله، والتزام الجمهور بالتدابير الاحترازية لمنع انتشار فيروس كورونا، مثمنة الإقبال على الفعاليات المتنوعة التي انطلقت مع عودة الأنشطة إلى وزارة الثقافة بعد أشهر من الإغلاق التام.
«السيرة الهلامية» من إنتاج «فرقة مسرح الطليعة»، وإخراج محمد الصغير وبطولة محمد إبراهيم، رأفت سعيد، محمود المصري، حسن عبد الله، رامي عبد المقصود، بلال علي، مصطفى السعيد، مها حمدي، محمود سليمان، وديكور مصطفى حامد، وأزياء هبة مجدي، ومن تأليف الحسن محمد.
ورغم المأساة التي يحتويها النص الأصلي، فإن مؤلف المسرحية المصرية نجح في نقل فكرة النص إلى بيئة أخرى تنتمي إلى الجنوب المصري لتدور فيها الأحداث حول فكرة الثأر في الصعيد، ولكن بشكل كوميدي ساخر، فيما تدور أحداث النص الأصلي عن أمير دنماركي، يعاني من العديد من الأزمات على المستوى النفسي والاجتماعي بعد قتل عمه لأبيه الملك، وزواجه من أمه.
وتقدم شخصية «هاملت» في العرض المصري كمهرج أو شاب آبله، ويعتمد في معالجته الفنية لنص شكسبير الشهير، وتتضمن المسرحية فقرات ارتجالية تتناول بصورة ساخرة العديد من المواقف التي يعيشها الجمهور في حياته اليومية، ما يمنح العرض روحا متجددة في كل ليلة عرض، كما يتميز العرض المصري بتقديم مقطوعات موسيقية متنوعة مباشرة وليست مسجلة، من أشهر المسلسلات والأفلام والأغاني المصرية الشهيرة، كما تتضمن مجموعة من الحكايات والأغاني التراثية المأخوذة عن «السيرة الهلالية» التي تعد واحدة من أشهر السير الشعبية العربية التي ظلت تتوارثها الأجيال على مدار قرون طويلة، وتروي رحلة قبيلة «بني هلال» من جنوب شبه الجزيرة العربية إلى الشمال عبوراً بمصر ثم وصولاً للمغرب العربي، وتتنوع موضوعاتها بين البطولة والثأر والحب.
واستأنف مسرح «الطليعة» التابع للبيت الفني للمسرح، نشاطه الفني بعد أشهر من التوقف بسبب جائحة «كورونا» في بداية الشهر الحالي، عبر تقديم العرض المسرحي «حريم النار»، المأخوذ عن نص «بيت برنارد ألبا»، للكاتب الإسباني فدريكو جارسيا لوركا، وتم معالجة أحداثه لتقدم عن الجنوب المصري، حيث يناقش قضايا المرأة في الصعيد ومعاناتها مع العادات والتقاليد أيضا، وتشارك في بطولته عايدة فهمي، منال زكي، عبير لطفي، نشوى إسماعيل، نسرين يوسف، وغيرهن، تأليف شاذلي فرح، وإخراج محمد مكي.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».