عون اقترح «حكومة أقطاب» لـ«تعويم» باسيل... وقوبل بالرفض

شكري يدعو إلى «وقف التدخلات غير العربية» في لبنان

الرئيس اللبناني ميشال عون مستقبلاً وزير الخارجية الألماني هايكو ماس في بيروت أمس (أ.ف.ب)
الرئيس اللبناني ميشال عون مستقبلاً وزير الخارجية الألماني هايكو ماس في بيروت أمس (أ.ف.ب)
TT

عون اقترح «حكومة أقطاب» لـ«تعويم» باسيل... وقوبل بالرفض

الرئيس اللبناني ميشال عون مستقبلاً وزير الخارجية الألماني هايكو ماس في بيروت أمس (أ.ف.ب)
الرئيس اللبناني ميشال عون مستقبلاً وزير الخارجية الألماني هايكو ماس في بيروت أمس (أ.ف.ب)

كشفت أوساط سياسية بارزة أن رئيس الجمهورية ميشال عون سعى جاهداً، فور استقالة حكومة الرئيس حسان دياب، إلى تسويق فكرة تشكيل «حكومة أقطاب»، في محاولة لإعادة «تعويم» رئيس «التيار الوطني الحر» جبران باسيل؛ لكن فكرته وُئدت في مهدها، وسقطت ليل الاثنين الماضي، وكأنها لم تكن.
وقالت الأوساط السياسية لـ«الشرق الأوسط» إنها تستغرب مبادرة الرئيس عون لتسويق باسيل في محاولة منه لإعادة الاعتبار له، مع أنه كان السبب في تهاوي «العهد القوي»، وقالت إن رفض تعويمه لم يكن محصوراً بقوى المعارضة، وإنما بأطراف رئيسة في «8 آذار» التي تحبذ تشكيل حكومة وحدة وطنية، شرط ألا يكون باسيل في عدادها.
ولفتت الأوساط نفسها إلى أن محاولة باسيل الاستقواء بحليفه «حزب الله» لم تلقَ حماسة، مع أن اللقاء الذي جمعه ليل الاثنين الماضي برئيس المجلس النيابي نبيه بري والمعاون السياسي للأمين العام لـ«حزب الله» السيد حسن نصر الله، حسين خليل، أخذ علماً برغبة رئيس الجمهورية تشكيل حكومة أقطاب.
ورأت أن عون لم يعد في الموقع الذي يسمح له بفرض شروطه كما في السابق لدى تشكيل أي حكومة، واعتبرت أن ترشيح باسيل لسفير لبنان السابق لدى الأمم المتحدة نواف سلام لتولي تشكيل الحكومة الجديدة، ما هو إلا مناورة مكشوفة يتوخى منها ابتزاز زعيم تيار «المستقبل» سعد الحريري الذي كان أول من رشحه لتولي رئاسة الحكومة السابقة، واعترض على ترشيحه باسيل و«حزب الله».
ودعت باسيل إلى أن «يخيط بغير هذه المسلَّة»، وقالت بأنه يخطئ إذا كان يعتقد بأن الأمر يعود له في ترشيح سلام أو الحريري لرئاسة الحكومة الجديدة، وبات عليه أن يتواضع ولو قليلاً، وألا ينكر الواقع السياسي الجديد والأزمات التي أصابت البلد، وهو يتحمل مسؤولية حيال بعضها، لإمعانه في تعطيل جلسات مجلس الوزراء.
ولاحظت «الشرق الأوسط» أن البرنامج الذي أُعد للقاءات وزير الخارجية المصري سامح شكري في خلال زيارته الخاطفة لبيروت، لم يشمل باسيل، رغم أنه استقدم أكثر من وساطة كما أكدت الأوساط السياسية، وعزت السبب إلى أن لا مبرر للقائه ما دام التقى رئيس الجمهورية.
وفي هذا السياق، علمت «الشرق الأوسط» بأن شكري أبلغ عون استعداد القاهرة للمشاركة في التحقيق في انفجار مرفأ بيروت؛ لكنه استمع إليه من دون أن يصدر عنه أي تعليق.
وقالت مصادر لبنانية مواكبة للقاءات شكري بأنه رأى بأن إعادة إنتاج الصيغ السابقة لتشكيل الحكومات لم تعد مقبولة، لاعتماد المحاصصة وغياب المحاسبة والإصلاحات، هذا قبل الانفجار في مرفأ بيروت، فكيف يمكن تسويقها بعد الكارثة التي حلَّت وفي ظل استمرار الحراك الشعبي.
ونصح شكري بضرورة اعتماد رؤية جديدة، والاستفادة من اليد المفتوحة عربياً ودولياً لمساعدة لبنان، ونقل عنه قوله بأن: «المساعدات ستبقى في إطارها الإنساني؛ لأن توفير الدعم الاقتصادي والمالي في حاجة إلى إجراءات كبيرة، أولها الإصلاحات».
وشدد على أن هناك ضرورة لاستعادة الحاضنة العربية للبنان، وهذا يتطلب الوقوف في وجه التدخلات غير العربية في الملف اللبناني؛ لأن هناك ضرورة لخروج لبنان من عزلته، ودعا إلى التزام لبنان سياسة النأي بالنفس، وعدم إلحاقه بسياسة المحاور أو في التجاذبات الخارجية.
ورأى أن هناك ضرورة لتقويم التجارب السابقة التي مرت فيها الحكومات؛ بغية استخلاص العبر؛ لأن لبنان لم يعد يحتمل استنساخ هذه التجارب التي كانت وراء الانهيار الاقتصادي والمالي.
لذلك كان للوزير شكري جولة أفق في العناوين التي تتصدر الأزمة اللبنانية التي بلغت ذروتها مع الكارثة التي أصابت بيروت، من دون أن يغيب عن باله دعوة الذين التقاهم للانفتاح على الدول العربية والمجتمع الدولي، وإنما هذه المرة برؤية سياسية اقتصادية متكاملة، مقرونة بجدية تفتح الباب أمام لبنان ليستعيد ثقة العالم به، مع الإشارة إلى أن تلويح بعض الكتل النيابية بالاستقالة من البرلمان بات بحكم المجمد؛ لأن البلد لا يحتمل أزمة برلمانية تضاف إلى أزمة تشكيل الحكومة.
وعليه، فإن ولادة الحكومة العتيدة يجب أن تأتي على قياس الاستعدادات العربية والدولية لدعمها اقتصادياً، وفي حال أن تركيبتها ستكون كسابقاتها فإن لبنان سيدفع ثمن إضاعة الفرصة.



انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
TT

انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)

بموازاة استمرار الجماعة الحوثية في تصعيد هجماتها على إسرائيل، واستهداف الملاحة في البحر الأحمر، وتراجع قدرات المواني؛ نتيجة الردِّ على تلك الهجمات، أظهرت بيانات حديثة وزَّعتها الأمم المتحدة تراجعَ مستوى الدخل الرئيسي لثُلثَي اليمنيين خلال الشهر الأخير من عام 2024 مقارنة بالشهر الذي سبقه، لكن هذا الانخفاض كان شديداً في مناطق سيطرة الجماعة المدعومة من إيران.

ووفق مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، فقد واجهت العمالة المؤقتة خارج المزارع تحديات؛ بسبب طقس الشتاء البارد، ونتيجة لذلك، أفاد 65 في المائة من الأسر التي شملها الاستطلاع بانخفاض في دخلها الرئيسي مقارنة بشهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي والفترة نفسها من العام الماضي، وأكد أن هذا الانخفاض كان شديداً بشكل غير متناسب في مناطق الحوثيين.

وطبقاً لهذه البيانات، فإن انعدام الأمن الغذائي لم يتغيَّر في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية، بينما انخفض بشكل طفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين؛ نتيجة استئناف توزيع المساعدات الغذائية هناك.

الوضع الإنساني في مناطق الحوثيين لا يزال مزرياً (الأمم المتحدة)

وأظهرت مؤشرات نتائج انعدام الأمن الغذائي هناك انخفاضاً طفيفاً في صنعاء مقارنة بالشهر السابق، وعلى وجه التحديد، انخفض الاستهلاك غير الكافي للغذاء من 46.9 في المائة في نوفمبر إلى 43 في المائة في ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وضع متدهور

على النقيض من ذلك، ظلَّ انعدام الأمن الغذائي في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية دون تغيير إلى حد كبير، حيث ظلَّ الاستهلاك غير الكافي للغذاء عند مستوى مرتفع بلغ 52 في المائة، مما يشير إلى أن نحو أسرة واحدة من كل أسرتين في تلك المناطق تعاني من انعدام الأمن الغذائي.

ونبّه المكتب الأممي إلى أنه وعلى الرغم من التحسُّن الطفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، فإن الوضع لا يزال مزرياً، على غرار المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة، حيث يعاني نحو نصف الأسر من انعدام الأمن الغذائي (20 في المائية من السكان) مع حرمان شديد من الغذاء، كما يتضح من درجة استهلاك الغذاء.

نصف الأسر اليمنية يعاني من انعدام الأمن الغذائي في مختلف المحافظات (إعلام محلي)

وبحسب هذه البيانات، لم يتمكَّن دخل الأسر من مواكبة ارتفاع تكاليف سلال الغذاء الدنيا، مما أدى إلى تآكل القدرة الشرائية، حيث أفاد نحو ربع الأسر التي شملها الاستطلاع في مناطق الحكومة بارتفاع أسعار المواد الغذائية كصدمة كبرى، مما يؤكد ارتفاع أسعار المواد الغذائية الاسمية بشكل مستمر في هذه المناطق.

وذكر المكتب الأممي أنه وبعد ذروة الدخول الزراعية خلال موسم الحصاد في أكتوبر (تشرين الأول) ونوفمبر، الماضيين، شهد شهر ديسمبر أنشطةً زراعيةً محدودةً، مما قلل من فرص العمل في المزارع.

ولا يتوقع المكتب المسؤول عن تنسيق العمليات الإنسانية في اليمن حدوث تحسُّن كبير في ملف انعدام الأمن الغذائي خلال الشهرين المقبلين، بل رجّح أن يزداد الوضع سوءاً مع التقدم في الموسم.

وقال إن هذا التوقع يستمر ما لم يتم توسيع نطاق المساعدات الإنسانية المستهدفة في المناطق الأكثر عرضة لانعدام الأمن الغذائي الشديد.

تحديات هائلة

بدوره، أكد المكتب الإنمائي للأمم المتحدة أن اليمن استمرَّ في مواجهة تحديات إنسانية هائلة خلال عام 2024؛ نتيجة للصراع المسلح والكوارث الطبيعية الناجمة عن تغير المناخ.

وذكر أن التقديرات تشير إلى نزوح 531 ألف شخص منذ بداية عام 2024، منهم 93 في المائة (492877 فرداً) نزحوا بسبب الأزمات المرتبطة بالمناخ، بينما نزح 7 في المائة (38129 فرداً) بسبب الصراع المسلح.

نحو مليون يمني تضرروا جراء الفيضانات منتصف العام الماضي (الأمم المتحدة)

ولعبت آلية الاستجابة السريعة متعددة القطاعات التابعة للأمم المتحدة، بقيادة صندوق الأمم المتحدة للسكان، وبالشراكة مع برنامج الأغذية العالمي و«اليونيسيف» وشركاء إنسانيين آخرين، دوراً محورياً في معالجة الاحتياجات الإنسانية العاجلة الناتجة عن هذه الأزمات، وتوفير المساعدة الفورية المنقذة للحياة للأشخاص المتضررين.

وطوال عام 2024، وصلت آلية الاستجابة السريعة إلى 463204 أفراد، يمثلون 87 في المائة من المسجلين للحصول على المساعدة في 21 محافظة يمنية، بمَن في ذلك الفئات الأكثر ضعفاً، الذين كان 22 في المائة منهم من الأسر التي تعولها نساء، و21 في المائة من كبار السن، و10 في المائة من ذوي الإعاقة.

وبالإضافة إلى ذلك، تقول البيانات الأممية إن آلية الاستجابة السريعة في اليمن تسهم في تعزيز التنسيق وكفاءة تقديم المساعدات من خلال المشاركة النشطة للبيانات التي تم جمعها من خلال عملية الآلية وتقييم الاحتياجات.