رحيل سناء شافع «فيلسوف الفن» المصري

الفنان الراحل سناء شافع (أرشيفية)
الفنان الراحل سناء شافع (أرشيفية)
TT

رحيل سناء شافع «فيلسوف الفن» المصري

الفنان الراحل سناء شافع (أرشيفية)
الفنان الراحل سناء شافع (أرشيفية)

غيب الموت أمس الأربعاء الفنان الدكتور سناء شافع أحد رموز المسرح المصري والملقب بـ«فيلسوف الفن» عن عمر يناهز 77 عاماً، بعد صراع مع المرض.
ونعى الفنان إسماعيل مختار، رئيس البيت الفني للمسرح، الفنان الراحل، قائلاً في بيان صحافي أمس: «ننعى ببالغ الحزن وفاة سناء شافع بعد حياة حافلة بالفن والإبداع، سواء من خلال أعماله كممثل ومخرج في المسرح والدراما والسينما، أو من خلال دوره كأستاذ في أكاديمية الفنون، درس ودرب أجيالاً من الفنانين، أسكنه الله فسيح جناته، وألهم أهله ومحبيه الصبر والسلوان، وإنا لله وإنا إليه راجعون».
سناء شافع المولود في 25 يناير (كانون الثاني) عام 1943. بقرية موشا بمحافظة أسيوط (صعيد مصر)، انتقل إلى القاهرة مع والده، الذي كان من علماء الأزهر الشريف، وأقام معه في حي الجمالية قبل الانتقال إلى منطقة حدائق القبة بعد ذلك، وتعلق بالفن منذ صغره فالتحق بفرقة هواة المسرح بشارع «عماد الدين» ثم التحق بالمعهد العالي للفنون المسرحية.
وبدأ سناء شافع مشواره الفني عبر فرق المسرح، وأخرج مسرحية «دون كيشوت»، ومن أهم أعماله السينمائية دوره في فيلم «حتى لا يطير الدخان» مع الفنان عادل إمام، وفيلم «فوزية البرجوازية»، كما شارك في الدراما التلفزيونية عبر مسلسلات «الزيني بركات» و«ساكن قصادي»، «أنا وانت وبابا في المشمش»، «جمهورية زفتى»، «هارون الرشيد»، «ألف ليلة وليلة»، و«حضرة المتهم أبي»، و«أبو جبل» وغيرها من الأعمال المهمة.
ورغم عدم تقديمه لأدوار البطولة المطلقة في الكثير من الأعمال السينمائية والتلفزيونية فإن أدواره كانت تتميز بالعمق والجدية رغم محدودية ظهوره في بعض مشاهدها. وأطل على جمهوره في موسم رمضان قبل الماضي عبر مسلسل «أبو جبل» مع الفنان المصري مصطفى شعبان، وجسد دور والد زوجته «المحامي المحترم الذي يراعي الأصول»، ونال إشادات عدة من خلال هذا الدور الذي أظهر فيه خبرته المسرحية والسينمائية، حيث برع في تقديم أحد أهم مشاهد العمل عندما علم بخبر تدبير ابنه المحامي الشاب لحادث حرق شقة «حسن» زوج ابنته وتسببه في مقتل أحفاده.
وتخرج على يد الفنان الراحل عدد من الأجيال المسرحية، كما شارك أخيراً في بعض فعاليات وزارة الثقافة المصرية المعنية بالمسرح باعتباره أحد رموز ورواد المسرح المصري وصاحب الخبرات الطويلة.
وعلى غرار بعض الممثلين المصريين، فإن شافع تعرض إلى مقاطعة من والده لسنوات عدة بسبب دخوله مجال الفن، وذكر شافع في حوارات صحافية سابقة أنه تربى تربية أزهرية صارمة، وعاقبه والده بمنع المصروف عنه، وحينما علم بأن والدته تساعده منعها من إرسال أموال له، وروى أن والده ضربه علقة ساخنة حينما سمعه يتحدث مع والدته بصوت عال. وكشف أنه تزوج 9 مرات، إحداهم من سيدة ألمانية وأنجب منها نجله «عبد الله نديم»، بجانب زواجه من الفنانة ناهد جبر، والفنانة ندى بسيوني وأنجب منها ابنته «مايا»، وقال إنه جمع 3 نساء في عصمته أثناء زواجه من الفنانة ناهد جبر.
ونعته زوجته السابقة الفنانة ندى بسيوني، عبر حسابها الرسمي بموقع «تويتر»، أمس قائلة: «ألف رحمة على الدكتور سناء شافع، اللهم اغفر له واجعل مثواه الجنة».
وشارك الفنان الراحل في موسم رمضان الماضي بمسلسل «ليالينا 80» تأليف أحمد عبد الفتاح وإخراج أحمد صالح وبطولة إياد نصار، وصابرين، وغادة عادل، كما ظهر كضيف شرف في مسلسل «القمر آخر الدنيا» مع بشرى وهشام إسماعيل.
وكان الفنان سناء شافع قد تعرض لوعكة صحية منذ فترة، دخل على إثرها المستشفى، وتدهورت حالته الصحية خلال اليومين الماضيين، ليرحل عن عالمنا أمس.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».